رئيس الوزراء السوداني يدعو حاملي السلاح إلى «الجنوح للسلم»

جهاز الأمن يحذّر «المتلاعبين بأمن الناس وعيشهم»

مواطنون ينتظرون الإفراج عن سجناء سياسيين من سجن في الخرطوم ليل الأحد (رويترز)
مواطنون ينتظرون الإفراج عن سجناء سياسيين من سجن في الخرطوم ليل الأحد (رويترز)
TT

رئيس الوزراء السوداني يدعو حاملي السلاح إلى «الجنوح للسلم»

مواطنون ينتظرون الإفراج عن سجناء سياسيين من سجن في الخرطوم ليل الأحد (رويترز)
مواطنون ينتظرون الإفراج عن سجناء سياسيين من سجن في الخرطوم ليل الأحد (رويترز)

جدد رئيس الوزراء السوداني بكري حسن صالح الدعوة إلى حاملي السلاح والرافضين للحوار مع حكومته، للانخراط فيما أطلق عليه «مسيرة السلام» التي انتظمت في البلاد، فيما طالب الاتحاد الأوروبي وأحزاب المعارضة بإطلاق سراح مزيد من المعتقلين السياسيين.
ووجه بكري حسن صالح الذي يشغل أيضاً منصب النائب الأول للرئيس عمر البشير، الدعوة إلى حاملي السلاح ومن سماهم «الممانعين للاحتكام لصوت العقل»، إلى الانخراط في مسيرة الحوار والجنوح للسلم. وقال: «الوطن يسعنا جميعاً». وأوضح صالح الذي كان يتحدث إلى خريجي كلية أمنية بالخرطوم أمس، أن السودان خطا «خطوات متقدمة نحو ترسيخ دعائم السلم والاستقرار، رغم التحديات». وأكد عزم حكومته إحكام أسس الدولة المدنية وسياساتها، مستفيداً في ذلك من «رؤى مؤتمر الحوار الوطني».ومنذ أعوام تحاورت قوى سياسية مع الحكومة، وتوصلت إلى اقتسام السلطة، وكونت العام الماضي حكومة «وحدة وطنية»، وابتدع لأول مرة منصب رئيس الوزراء برئاسة صالح، بمشاركة أحزاب وحركات مسلحة. لكن القوى السياسية والحركات المسلحة الرئيسية اعتبرته حواراً بلا مستحقات ورفضت المشاركة فيه.
بدورها، رحبت بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان بالإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين، وطالبت الحكومة السودانية بالإفراج الفوري عن بقية المحتجزين السياسيين. وطالب سفراء الاتحاد الأوروبي في بيان أمس، بـ«الإفراج الفوري عن المحتجزين السياسيين المتبقين»، ودعوا إلى رفع حالة الطوارئ المعلنة في بعض ولايات البلاد منذ أشهر، وضمان حرية الصحافة والتجمع والتظاهر السلمي.
من جهتها، رحبت قوى سياسية معارضة بإطلاق بعض المعتقلين، وطالبت بإطلاق سراح مئات قالت إنهم ما زالوا رهن الاعتقال في السجون. وقالت «الجبهة الثورية» التي تتكون من حركات مسلحة وقوى سياسية، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن «الحرية حق أصيل وليس منّة من أحد». وطالبت بإلغاء القوانين المقيدة للحريات والتوقف عن الاعتداء على المظاهرات السلمية، والاعتقال التعسفية، و«جميع أوجه انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية»، وفقاً للبيان.
من جهته، رحّب حزب «الأمة» القومي المعارض بالإفراج عن عشرات المعتقلين السياسيين، وقال إنها خطوة إيجابية لصالح المعتقلين وأسرهم، لكنه وصفها بأنها «مقدمة لعملية تخديرية جديدة لامتصاص السخط الشعبي». وأكد البيان الصادر باسم الحزب، أمس، استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وقال إن «الأزمة السياسية والاقتصادية لم تبارح مكانها، بل زاد تعقيدها بسبب سياسات الفساد والاستبداد وغياب أفق الحل لدى النظام». ورأى الحزب أن ضغوط منظمات حقوق الإنسان وصمود المعتقلين والضغوط الشعبية، أجبرت النظام على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وتعهد الحزب بمواصلة ما أطلق عليه في البيان «المقاومة والنضال من أجل خلاص الوطن». وتابع: «نؤكد عدم مشروعية الاعتقال، وخطأ سياسات التجويع، كما أن مسيرة التحرير والخلاص، بقدر ما أنها محفوفة بالمخاطر والتضحية، فإنها موعودة بالنصر المؤزر».
بدوره، تعهد مدير عام جهاز الأمن صلاح عبد الله «قوش» بالحسم مع «العابثين» بأمن واستقرار البلاد، مؤكداً استعداد جهازه لملاحقة من أطلق عليهم «المتلاعبين بأمن الناس وعيشهم، من الجشعين والمضاربين في الأسواق ومهربي السلع». وتعهد قوش في كلمته لخريجي الكلية الأمنية بالخرطوم أمس، بأن جهاز الأمن سيستخدم التفويض القانوني الممنوح لجهازه لملاحقة «المتلاعبين بأمن ومعاش الناس». وأضاف: «الجهاز لن يهدأ له بال حتى تعود الأمور إلى نصابها الطبيعي».
وأطلق جهاز الأمن أول من أمس عشرات المعتقلين السياسيين الذين تم احتجازهم على خلفية احتجاجات الغلاء وارتفاع أسعار الخبز، ودعا الصحافيين لحضور إطلاق السراح وأبلغهم بأن جميع المعتقلين أطلق سراحهم. لكن أسر معتقلين وقوى معارضة أكدت أن العشرات منهم ما زالوا قيد الاعتقال، وأبرزهم سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، ونائب رئيس حزب «الأمة» إبراهيم الأمين، ورئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، والصحافيون كمال كرار، وحاج الموز، ومحمد جادين، إضافة إلى آخرين تقدر المعارضة عددهم بالمئات.
وكان الرئيس عمر البشير قد أعاد تعيين الفريق صلاح قوش مديراً لجهاز الأمن والمخابرات، خلفاً لمديره السابق الفريق محمد عطا المولى، بعد تسع سنوات من إعفائه من ذات المنصب، ثم اتهامه بالضلوع في محاولة انقلابية أخضع على ضوئها للاعتقال، والتقديم للمحاكمة، ثم أفرج عنه بعفو رئاسي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.