خلافات رافقت حسم الكتل السنية مرشحيها للانتخابات العراقية

TT

خلافات رافقت حسم الكتل السنية مرشحيها للانتخابات العراقية

مع الموعد الأخير الذي حددته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات للكيانات والتحالفات الانتخابية بتسليم أسماء مرشحيها للشروع بتدقيقها، أقفلت بعض التحالفات السنية أبوابها على وقع خلافات تفجرت في اللحظات الأخيرة أو انتهت في اللحظات الأخيرة، مما يعكس حجم القلق والمخاوف التي يعيشها الجميع في ظل معركة انتخابية يتوقع لها أن تكون الأشرس بالقياس إلى الدورات الانتخابية الثلاث التي أجراها العراق منذ عام 2006 وإلى اليوم.
واستبعد إياد علاوي، زعيم ائتلاف الوطنية رئيس الوزراء الأسبق، الأمين العام لحزب الوطن مشعان الجبوري، السياسي البارز النائب عن محافظة صلاح الدين، في اللحظات الأخيرة قبل إقفال أبواب التحالفات. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال الجبوري إن «عملية استبعادي في اللحظات الأخيرة من قبل إياد علاوي وشطب اسمي من قائمة المرشحين تمت بطلب من صالح المطلك وبعض مرشحي القائمة، بسبب تسميتي للمتورطين بمجزرة سبايكر التي ارتكبها تنظيم داعش وبعض أبناء قبائل المحافظة يوم احتلال المحافظة في الثاني عشر من شهر يونيو (حزيران) 2014». وأضاف الجبوري أن «المطلك وبعض المرشحين الآخرين أبلغوا علاوي أنهم سينسحبون في حال بقاء اسمي ضمن القائمة، الأمر الذي دفع علاوي في عملية غدر واضحة إلى استبعادي».
وكان الجبوري أعلن انضمامه إلى تحالف علاوي بعد انسحابه من تحالف «الفتح» الذي يرأسه أمين عام منظمة بدر هادي العامري، لعدم رضاه عن تحالف الأخير مع ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، قبل أن يعلن العامري انسحابه هو الآخر من تحالف العبادي.
تحالف «القرار الانتخابي» الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية، أسامة النجيفي، حسم، هو الآخر، خياراته في اللحظات الأخيرة أيضا، حين منح التسلسل رقم واحد في العاصمة بغداد لرجل الأعمال والسياسي العراقي المثير للجدل خميس الخنجر. وكان الناطق باسم التحالف الدكتور ظافر العاني نفى في بيان رسمي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، انسحاب أي حزب أو شخصية منه، لكن مصدرا من داخل التحالف أبلغ «الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، عن تفجر خلافات بين بعض أعضاء التحالف بشأن تسلسل رقم واحد في بغداد، كاشفا أن «الخلاف انحصر بين طلال الزوبعي وأحمد المساري وآخرين، ولكن تمت تسوية الأمر، بحيث عاد الجميع إلى خيمة التحالف، وهو أمر طبيعي في مثل هذه الأمور، ولكن المشكلة تكمن في قيام بعض وسائل الإعلام، وهي معروفة التوجهات بتضخيم الخلاف، ومحاولة صب مزيد من الزيت عليه لحسابات تخصها»، موضحا أن «الجميع في النهاية أدرك أن هناك مؤامرة على هذا التحالف بوصفه التحالف الأقوى بين الكتل السنية، وتسعى عدة جهات بعضها من داخل المكون وأخرى من خارجه لغرض تفتيته».
إلى ذلك، أكد أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق وشقيق زعيم تحالف «القرار الانتخابي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تحالفهم «هو الآن الأكثر تماسكا بين كل التحالفات». وأضاف أن «ما حصل هو خلاف بين أفراد من الأحزاب الموجودة داخل القرار حول التسلسل في بعض المحافظات، وهذا شيء طبيعي جدا». وأوضح أن «وسائل الإعلام أعطت الموضوع أكبر من حجمه، وأخرجت تصريحات لم تصدر عن قيادات تحالف القرار ضد بعضهم»، مبينا أنه «خلال ساعات عقدت لقاءات مكثفة بين القيادات، وكشفت كل الحقائق، واتضح الحجم الصغير للاختلاف في وجهات النظر حول التسلسل، وتمت تسويته بسرعة، وانتهى كل شيء». وحول ما أثير عن قصة الخلاف حول رقم واحد في بغداد بين بعض قيادات التحالف قال النجيفي إنه «تم الاتفاق على أن يعطى التسلسل رقم واحد في العاصمة بغداد للشيخ خميس الخنجر والرقم واحد في نينوى للسيد أسامة النجيفي».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.