مأساة «يعجز اللسان عن وصفها» من الغوطة إلى إدلب ودير الزور

موظفة دولية تروي لـ {الشرق الأوسط} معاينات على الأرض في سوريا

موظف في «الهلال الأحمر السوري» يتسلم المساعدات الإغاثية على الأرض («الشرق الأوسط»)
موظف في «الهلال الأحمر السوري» يتسلم المساعدات الإغاثية على الأرض («الشرق الأوسط»)
TT

مأساة «يعجز اللسان عن وصفها» من الغوطة إلى إدلب ودير الزور

موظف في «الهلال الأحمر السوري» يتسلم المساعدات الإغاثية على الأرض («الشرق الأوسط»)
موظف في «الهلال الأحمر السوري» يتسلم المساعدات الإغاثية على الأرض («الشرق الأوسط»)

كشف مسؤولون وموظفون دوليون لـ«الشرق الأوسط»، أن الأزمة الإنسانية التي تشهدها سوريا ازدادت خطورة عما كان عليه الحال طوال السنوات السبع من الحرب، متحدثين عن «معاناة يعجز اللسان عن وصفها» في الغوطة الشرقية حيث يرزح الآن أكثر من ربع مليون من السوريين تحت حصار خانق متواصل تفرضه قوات نظام الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه، ومن «حزب الله» وغيره من الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، بدعم من سلاح الجو الروسي.
وانعكس الأمر على حرمانهم من أن تصل إليهم أي مساعدات منذ نحو ثلاثة أشهر.
غير أن هؤلاء عينة فحسب من زهاء 6.5 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإغاثية التي تصل عملياً إلى أقل من نصفهم فقط، بما في ذلك محافظة إدلب، حيث يحتدم القتال في الوقت الراهن، في ظل وضع مأسوي ودمار هائل في دير الزور.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة فرحان حق لـ«الشرق الأوسط»، إنه «كما حذرنا مجلس الأمن، رأينا في الأسابيع الأخيرة سلسلة من عمليات التصعيد الخطيرة والمقلقة، بما في ذلك داخل مناطق خفض التصعيد، بالإضافة إلى التدخل العسكري من جهات متعددة»، مضيفاً أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أبلغ مجلس الأمن أن ما يحصل الآن لحظة لا تقل عنفاً وخطورة عما رآه طوال مهمته كمبعوث خاص.
وأضاف: «نحن قلقون للغاية من تصاعد النشاط العسكري والتوترات في كل أنحاء سوريا»، داعياً مجدداً كل الأطراف إلى «وقف الأعمال العدائية، على الأقل لمدة شهر، من أجل السماح بإيصال المساعدات الإنسانية وإجلاء الناس الذين يحتاجون إلى المساعدة الطبية». وذكر بأن «كل الهجمات التي تستهدف المناطق المدنية والمنشآت المدنية تشكل انتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان»، مطالباً بـ«وجوب وقفها على الفور».
وفي إطار السعي إلى تقديم صورة وافية للوضع الإنساني على الأرض، كشفت المسؤولة الإعلامية لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا مروة عوض لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد انقطاع استمر 78 يوماً متواصلة، تمكنت قافلة إغاثية مؤلفة من تسع شاحنات، سبع منها من برنامج التغذية العالمي واثنتان من منظمات دولية أخرى، محمَّلَة مواد غذائية وصحية منقذة للحياة وكافية لنحو 7200 شخص لمدة شهر واحد (ثلاثة أشهر للأطفال)، من الدخول إلى منطقة النشابية في الغوطة الشرقية التي يعيش فيها زهاء 272 ألف نسمة تحت الحصار»، موضحة أن «نسبة المستفيدين من هذه المساعدات تبلغ 2.5 في المائة فقط». وإذ اعتبرت أن «هذا التطور إيجابي ومرحب به»، استدركت أنه «غير كافٍ على الإطلاق لتلبية الحاجات الملحة في المناطق المحاصرة». وكشفت أن لدى البرنامج خطةً لإدخال مساعدات في المستقبل عبر عشر قوافل. غير أنها تحدثت عن «مشكلة أولى تتصل بالحصول على الموافقات الضرورية من الجهات الرسمية السورية، ومشكلة ثانية ترتبط بأمن المنطقة»، موضحة أن البرنامج «يحصل أحياناً على الموافقة ولكن لا يمكنه تطبيق هذه الموافقة بسبب عدم وجود وقف للأعمال العدائية». وقالت: «حصلنا قبل شهرين على موافقة ورقية لإدخال مساعدات إلى الغوطة الشرقية، ولكن كل محاولات الدخول باءت بالفشل بسبب استمرار القتال والقصف في المناطق المستهدفة».
ورأت أن «السؤال عن هذه الحال بالتحديد، أمر سياسي ينبغي أن يجيب عليه مجلس الأمن. نحن معنيون حصراً بإيصال المساعدات وبمراقبة الوضع الإنساني على الأرض».
دوامة النزوح في إدلب
وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية تقدر أن هناك ما يصل إلى 6.5 ملايين شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي، ويحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في سوريا، إلا أن البرنامج كان يرسل مساعدات إلى أربعة ملايين شخص في 14 محافظة حتى نهاية عام 2017. غير أن عدد المستفيدين انخفض إلى ثلاثة ملايين شخص في مطلع السنة الحالية لأسباب متعلقة بأزمات أخرى في المنطقة. وهذا يعني أن المساعدات تصل إلى أقل من نصف المحتاجين إليها في الوقت الراهن.
وقالت عوض إن «7800 شخص ينزحون يومياً في سوريا هرباً من الاقتتال أو من انعدام الأمن أو بسبب عدم وجود مساعدات»، مشددة على أن «عدم إيصال المساعدات يعني أن الناس سيواصلون النزوح». وأضافت: «نحاول الوصول إلى كل المناطق الساخنة»، وهي أولاً الغوطة الشرقية ثم إدلب حيث نزح الشهر الماضي أكثر من ربع مليون شخص من جنوب شرقي المحافظة حيث تقع منطقة سنجار التي تشهد الكثير من الاقتتال الداخلي وعمليات القصف الجوي، وكذلك مدينة عفرين التي يوجد فيها ما يصل إلى 30 ألفاً من المحاصرين، ويتوجهون إلى شمال المحافظة وتحديداً إلى منطقة الدانة حيث توجد مخيمات تصل إليها المساعدات».
نحو دير الزور
في مهمة هي الأولى للأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة، توجَّه فريق من برنامج الغذاء العالمي أخيراً من طريق البر إلى مدينة دير الزور بعدما صار الدخول إليها ممكناً بسبب انتهاء الحصار عليها في سبتمبر (أيلول) 2017. وأفادت عوض بأن «المنظمات الدولية كانت تنفذ عمليات إسقاط جوية خمس مرات أسبوعياً للمساعدات الإغاثية إلى دير الزور، وذلك من ارتفاع 17 ألف قدم، بسبب الخوف من التعرض لأي حادث»، موضحة أنه بين أبريل (نيسان) 2016 وأغسطس (آب) 2017، جرى تنفيذ 309 عمليات إسقاط جوي للمساعدات بتكاليف باهظة.
وقالت إن الهدف من الزيارة إلى المدينة «هو توثيق الأوضاع الإنسانية»، مضيفة أن الفريق «زار المناطق القابلة للسكن في غرب المدينة، وهي حي الجورة وحي القصور وشارع الوادي حيث تقع السوق الرئيسية. هناك يعيش وفق التقديرات الرسمية أكثر من 100 ألف شخص، ويفيد السكان المحليون بأن العدد يصل إلى 200 ألف. ثم زار أيضاً المناطق المدمرة تماماً في شرق المدينة وهي حي جبيلة وشارع سينما فؤاد المقفر تماماً». وعندما عاينت شخصاً يجمع الخردة سألته عما يفعل، فأجاب أنه يحاول جمع ما أمكنه من الحديد لبيعه ولإعالة أسرته. وأكدت أن «هناك حاجة ماسة إلى إدخال المساعدات بصورة شهرية إلى المدينة إلى مناطق الريف وصولاً إلى البوكمال والميادين، حيث تنتشر البطالة على نطاق واسع».
تستعيد مروة عوض رحلة الطريق من دمشق إلى حماة، ومن حماة إلى تدمر التي يبدو فيها الدمار واضحاً، وصولاً إلى دير الزور حيث يعم الخراب. تأسى كما تقول لأن الحرب «دمرت الناس وخربت نسيج المجتمع في سوريا».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.