الحمد الله: المال والمعابر والقضاء والموظفون مفتاح المصالحة

«حماس» تهاجمه وتطلب من المانحين تحويل الأموال إلى غزة مباشرة وليس لحكومته

صبي يدرس على ضوء الشموع بسبب انقطاع التيار الكهربائي في غزة (أ.ف.ب)
صبي يدرس على ضوء الشموع بسبب انقطاع التيار الكهربائي في غزة (أ.ف.ب)
TT

الحمد الله: المال والمعابر والقضاء والموظفون مفتاح المصالحة

صبي يدرس على ضوء الشموع بسبب انقطاع التيار الكهربائي في غزة (أ.ف.ب)
صبي يدرس على ضوء الشموع بسبب انقطاع التيار الكهربائي في غزة (أ.ف.ب)

حدد رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، أربعة شروط لعمل حكومته في قطاع غزة، وهي التمكين المالي والسيطرة على المعابر والتمكين القضائي والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى أعمالهم.
وقال الحمد الله، في حفل تدشين خطوط مياه في شمال الضفة أمس، إن «التمكين المالي للحكومة، والسيطرة الكاملة على المعابر، وفرض النظام العام وسيادة القانون وتمكين السلطة القضائية من تسلم مهامها في قطاع غزة، والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى عملهم، هو المطلوب للتحول بالمصالحة إلى فعل وحدوي مسؤول وجاد ينهي عذابات شعبنا في غزة، ويستنهض وحدتنا ومنعتنا وقدرتنا على مواجهة مخططات تشتيت قضيتنا الوطنية والمساس بحقوقنا العادلة، والتصدي للقرارات الأميركية الظالمة وللانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة».
وجاءت شروط الحمد الله في وقت تشهد فيه المصالحة جمودا شبه شامل. وفيما تشترط الحكومة على «حماس» تمكينها بما يشمل تسليمها الجباية المالية والسماح للموظفين القدامى بالعودة قبل أي خطوات أخرى، تشترط «حماس» على الحكومة استيعاب موظفيها والتدخل المباشر لدعم القطاعات المختلفة ورفع الإجراءات «العقابية» عن غزة. ويعيش قطاع غزة أسوأ مراحله منذ عقد بعد فرض حصار عليه، إذ تراجعت القدرة الاقتصادية للسكان، وارتفعت نسب البطالة والفقر بشكل كبير مع انعدام وجود مقومات الحياة الأساسية.
واتهم الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري السلطة وقيادة «فتح» بتعطيل المصالحة. وقال في تصريحات بثتها صحيفة «فلسطين» المحسوبة على «حماس»، إن السلطة هربت من الاستحقاقات المنوطة بها، كما اتهم الحكومة بالتهرب من دورها في غزة. وقال أبو زهري، إن «كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب الفلسطيني في مواجهة حالة الظلم التي تمارسها الحكومة»، لافتا إلى أن «حماس» ستتفاعل مع كل الجهات من أجل وضع الحكومة أمام مسؤولياتها والإجابة عن سؤال «ماذا بعد؟». وتابع أن «الحكومة تبحث عن ذرائع لتبرير جرائمها اللاإنسانية بحق أهل غزة، وهي تصطنع الذرائع مرة تلو الأخرى، وكلما استجابت حماس لذريعة استحدثت الحكومة ذريعة أخرى». وأردف أن «الحكومة تمارس دورا إجراميا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتحاول التغطية عليه بتصريحات فارغة المضمون وادعاءات كاذبة، وهذا لم يعد ينطلي على أحد».
ونبّه إلى أن الحكومة باتت تستخدم ما سمته «أسطوانة جديدة» بدعوة العالم إلى تجنيد الأموال لإنقاذ غزة، بينما في الحقيقة أن الحكومة، بحسب رأيه، هي المسؤولة عن عذابات أهلها. ودعا العالم إلى تقديم دعم مباشر لغزة، «لأن المال الذي تقدمه الأطراف المانحة يذهب كله لرام الله وتحرم منه غزة».
وجاءت تصريحات أبو زهري قبل نحو شهر من مؤتمر دولي للمانحين يعقد في بروكسل (في 20 الشهر المقبل) قال عنه الحمد الله إنه معد «لتأمين التمويل اللازم لتنفيذ مشروع المحطة المركزية لتحلية مياه البحر في غزة بتكلفة 650 مليون دولار، والذي يعد الأكبر في المنطقة، والحل الوحيد لإنقاذ قطاع غزة من الكارثة الإنسانية التي تحدق به».
وعن لقاء وفد «حماس» مع التيار الذي يقوده النائب محمد دحلان المفصول من حركة «فتح»، ذكر أبو زهري أن اللقاء ركز على موضوع واحد وهو الوضع الإنساني الكارثي بغزة وكيفية العمل على التخفيف من معاناة سكان القطاع.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.