حرب تجارية تقودها أميركا ضد واردات الصلب والألمنيوم

البعض يحذّر من المعاملة بالمثل

حرب تجارية تقودها أميركا ضد واردات الصلب والألمنيوم
TT

حرب تجارية تقودها أميركا ضد واردات الصلب والألمنيوم

حرب تجارية تقودها أميركا ضد واردات الصلب والألمنيوم

أوصت وزارة التجارة الأميركية، الرئيس دونالد ترمب بفرض قيود صارمة على واردات الصلب والألمنيوم من الصين ودول أخرى، تتراوح بين فرض رسوم جمركية وحصص للواردات.
وقال وزير التجارة الأميركي، ويلبور روس، أول من أمس، إن واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة تفرض تهديداً أمنياً على البلاد. وأعلن نتيجة دراسة لوزارة التجارة مفادها أن «الكميات وظروف استيراد الصلب والألمنيوم تهدد بإضعاف الأمن القومي».
واقترح روس فرض رسوم بنسبة 24% على واردات الصلب، وبنسبة 7.7% على الألمنيوم، من بين خيارات أخرى انتظاراً لقرار رئاسي بهذا الشأن.
وتأتي مقترحات وزارة التجارة بناءً على مراجعات قامت بها تتعلق بالأمن القومي لهاتين الصناعتين، وردّت وزارة التجارة الصينية على ذلك بقولها إن ما توصلت إليه هذه المراجعات «لا أساس له من الصحة» ولا يتفق مع الحقائق، وأن الصين ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها إذا أثر القرار النهائي عليها.
وحثت وزارة التجارة الصينية، الولايات المتحدة على ضبط النفس في استخدام أدوات الحماية التجارية، واحترام قواعد التجارة المتعددة الأطراف، والقيام بإسهام إيجابي في النظام الاقتصادي والتجاري العالمي.
كان ترمب قد أجاز إجراء هذه المراجعات بمقتضى قانون للتجارة يرجع إلى عام 1962 لم يجر تفعيله منذ 2001، والذي يمنح الرئيس سلطات لاتخاذ إجراء ضد واردات تقوض الأمن القومي الأميركي.
ومن شأن هذا الإجراء أن يستفيد منه منتجو المعادن الأميركيون لكنه سيكلّف المستهلكين الأميركيين، وربما يضر بمصنّعين كشركات صناعة السيارات التي تعتمد على إمدادات مستوردة.
وسيكون أمام ترمب حتى 11 أبريل (نيسان) كي يعلن قراره بشأن القيود على واردات الصلب، وحتى 20 من الشهر نفسه لاتخاذ قرار بشأن القيود على الألمنيوم.
وأشار وزير التجارة الأميركي إلى أن ترمب سيكون له القرار النهائي، بما في ذلك احتمال استثناء دول معينة، مثل شركاء أميركا في حلف شمال الأطلسي، من أي قيود.
واعتبر تقرير لموقع «بيزنس إنسايدر» أن استجابة الرئيس ترمب لتوصيات وزارة التجارة ستمثل تجاوزاً لخط أحمر غير معلن في التجارة العالمية، لم يتم تجاوزه منذ الحرب العالمية الثانية.
«هذا لأن الإدارة (الأميركية) تستحضر الأمن القومي لتبرير الرسوم، وهو ما قد يضر حلفاءنا ومنافسينا بصورة عشوائية»، كما تضيف الصحيفة. معتبرة أن الخطوة الأميركية المرتقبة تفتح الباب لممارسات كانت تكافحها منظمة التجارة العالمية وقد تمهد «للبدء في حرب تجارية».
وعلقت بأن «الأمن القومي يمكن أن يستخدم لتبرير أي فعل تقريباً عندما تكون العلاقات متوترة، والخبراء يتخوفون من أن... الدول قد تستخدمه بعضها ضد بعض وربما ضدنا».
وقال لي برانستيتر، أستاذ الاقتصاد بـ«كارنيجي ميلون»، لـ«بيزنس إنسايدر»، إن توصيات وزارة التجارة حال تنفيذها «ستكون سابقة يمكن استخدامها ضدنا خصوصاً من قبل الصينيين».
وقد تمثل الرسوم المفروضة على الصلب على وجه التحديد ضرراً على حلفاء أميركا، كما تقول «بيزنس إنسايدر»، مشيرة إلى أن نصيب الأسد في واردات الصلب الأميركية يأتي من بلدان مثل كندا والبرازيل وليس من الصين.
وتستحضر «بيزنس إنسايدر» تجربة جورج بوش الابن في حماية قطاع الصلب، وكيف لقيت مقاومة دولية عنيفة، حيث فرض في 2002 رسوماً على واردات الصلب بنسبة 30% والتي استمرت 20 شهراً فقط بعد أن قام منتجو الصلب حول العالم، من البرازيل والصين، إلى الاتحاد الأوروبي، بالتحالف معاً وقدموا شكوى لمنظمة التجارة العالمية ضد هذا الإجراء.
لكن في المقابل هناك أصوات تدافع عن توجه ترمب الحمائي في الولايات المتحدة، وقبل أيام نشرت «يو إس نيوز» مقالاً يشرح ضرورة حماية صناعة الصلب في البلاد بمناسبة المراجعات التي كانت وزارة التجارة تجريها ولم تكن قد أعلنت نتائجها آنذاك.
وقال كاتب المقال إيفان باي: «في ولايتي انخفض إنتاج الصلب 7% خلال العام الماضي... التأثير ليس مقتصراً على إنديانا»، مشيراً إلى أن صناعة الصلب في البلاد تواجه «أزمة وجودية» بسبب فائض الإنتاج العالمي الناتج عن دعم الحكومات لتلك الصناعة.
وقال الكاتب إن هناك «فيضاً من الواردات من فيتنام، وتركيا، والبرازيل، وأخرى، خفّضت (deflated) الأسعار عالمياً إلى نقطة لا يستطيع المنتجون الأميركيون منافستها. لقد فقدت صناعة الصلب أكثر من 10 آلاف وظيفة منذ 2014 متضمنة 8000 في الفترة من 2016 - 2017 فقط».
وأشار الكاتب إلى أن واردات البلاد من الصلب تزيد بصفة سنوية بنسبة 15%، ومصانع الصلب المحلية تعمل بأقل من 75% من طاقتها المحلية، بينما المعدل الصحي هو أن تعمل على الأقل بنسبة 85% من طاقتها.
وهناك أكثر من مليون وظيفة تعتمد على صناعة الصلب في الولايات المتحدة، كما يقول مقال «يو إس نيوز»، مضيفاً أن «حماية معيشتهم... يجب أن تكون من أولويات رئيسنا».
ونشرت «سي إن إن موني» تقريراً، أمس، عن الرابحين والخاسرين من التعريفات المقترحة، راصدةً ارتفاع أسهم الصلب الأميركية في جلسة الجمعة الماضية بشكل فوري بعد تصريحات وزارة التجارة، وصعود سهم أكبر مصنع للصلب «نوكور» بنسبة 4%، بينما زادت أسهم «يو إس ستيل» و«إيه كيه ستيل» بنسبة 10%. وزادت أسهم الألمنيوم أيضاً في نفس الجلسة، حيث ارتفع سهم «سنشري ألمنيوم»، أكبر منتج أميركي في هذا المجال، بنسبة 8%، وزادت أسعار المعدن نفسه بنسبة 2% على وقع هذه الأنباء.
لكن وقع الأخبار كان سيئاً بالطبع على الشركات المستخدمة للصلب والألمنيوم مثل صناعة السيارات، وقال التقرير: «حتى شركات البيرة، التي تستخدم الألمنيوم لصناعة ملايين العبوات المعدنية، قد تتعرض للضرر».
وأشارت «سي إن إن موني» إلى أن أكثر من 20 من مصنّعي الصلب والصناعات والمؤسسات المرتبطة بهذه الصناعة كتبوا رسالة لترمب في 2 فبراير (شباط) الماضي، مطالبين إياه باتخاذ «خطوة قوية» لدعم الصناعة المحلية.
وجاء في الرسالة «لقد حان الوقت لفعل رئاسي لحماية طاقة الصلب الفائضة وواردات الصلب المرتفعة من تقويض أمننا القومي وجدوى الصناعة الأميركية».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
TT

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يخفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، هذا الأسبوع، مع إشارات إلى وتيرة معتدلة للتيسير النقدي في عام 2025.

وحصل الدولار على دعم إضافي من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية، حيث يثق المتداولون في خفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، يوم الأربعاء، مع توقعات بأن يتراجع البنك عن مزيد من الخفض في يناير (كانون الثاني) المقبل، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ورغم تجاوز التضخم هدف البنك المركزي السنوي البالغ 2 في المائة، صرَّح صُناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي» بأن الارتفاعات الأخيرة في الأسعار تُعدّ جزءاً من المسار الصعب لخفض ضغوط الأسعار، وليست انعكاساً لانخفاض الأسعار. ومع ذلك يحذر المحللون من أن «الفيدرالي» قد يتوخى الحذر من تجدد التضخم مع تولي ترمب منصبه في يناير.

وقال جيمس كنيفوتون، كبير تجار النقد الأجنبي في «كونفيرا»: «أظهر الاقتصاد الأميركي مرونة أمام أسعار الفائدة المرتفعة، مما يعني أن احتمال زيادة التضخم إذا انتعش الاقتصاد سيكون قضية يجب أن يعالجها الاحتياطي الفيدرالي». وأضاف: «هناك قلق من أن السياسات الاقتصادية للإدارة المقبلة قد تكون تضخمية، لكن، كما أشار محافظ بنك كندا، في وقت سابق من هذا الشهر، لا يمكن أن تستند القرارات إلى السياسات الأميركية المحتملة، وربما يتبع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا النهج نفسه».

واستقرّ مؤشر الدولار الأميركي، الذي يتتبع العملة مقابل اليورو والجنيه الاسترليني والين وثلاث عملات رئيسية أخرى، عند 106.80، بحلول الساعة 06:05 (بتوقيت غرينتش)، بعد أن بلغ 107.18، يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وزادت العملة الأميركية بنسبة 0.1 في المائة إلى 153.87 ين، بعد أن سجلت 153.91 ين، في وقت سابق، وهو أعلى مستوى لها منذ 26 نوفمبر. كما ارتفع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.22 في المائة إلى 1.2636 دولار، بعدما سجل أدنى مستوى له منذ 27 نوفمبر عند 1.2607 دولار. في حين ارتفع اليورو بنسبة 0.2 في المائة إلى 1.0518 دولار، بعد أن هبط إلى 1.0453 دولار في نهاية الأسبوع الماضي، وهو أضعف مستوى له منذ 26 نوفمبر، متأثراً بخفض وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لفرنسا بشكل غير متوقع، يوم الجمعة.