القطاع السياحي التونسي في انتظار 8 ملايين سائح

مع عودة رحلات «توماس كوك»

TT

القطاع السياحي التونسي في انتظار 8 ملايين سائح

توقعت السلطات التونسية أن تستقبل تونس خلال الموسم السياحي الجديد أكثر من 8 ملايين سائح، وتحقق عائدات أكبر مما حققه القطاع خلال الموسم المنقضي.
واعتمدت سلمى اللومي، وزيرة السياحة التونسية، في هذه التوقعات على عدد من المؤشرات الإيجابية، التي ظهرت في بداية السنة الحالية، على غرار تنظيم وكالة السياحة «توماس كوك» رحلات لسياح من إنجلترا إلى مناطق سياحية تونسية لأول مرة منذ نحو سنتين، ورفع اليابان حظر السفر عن مواطنيها إلى الوجهة السياحية التونسية.
وجددت اللومي تأكيدها على أن وزارة السياحة وكافة الأجهزة التابعة لها ستعمل على أن تكون سنة 2018 سنة الإقلاع الفعلي للقطاع، وتثبيت تونس كوجهة سياحية آمنة على شاطئ المتوسط.
واجتذبت تونس خلال موسم 2017 ما لا يقل عن 7 ملايين سائح، وهو ما وفر عائدات بنحو 2.8 مليار دينار تونسي (1.13 مليار دولار)، وكانت التوقعات الأولية تشير إلى أن عدد السياح سيكون نحو 6.5 مليون سائح فقط.
ومن المنتظر، وفق توقعات وزارة السياحة التونسية، أن يرتفع عدد السياح الروس خلال الموسم السياحي الحالي من 600 ألف سائح إلى 623 ألفاً، والسوق الفرنسية من 550 ألف سائح إلى 650 ألفاً، كما توقعت صعود عدد السياح البولونيين من 8 آلاف إلى 70 ألف سائح، ومن المنتظر أن تعرف السوق السياحية التشيكية تحسناً ملحوظاً من خلال تزايد عدد السياح من 65 ألفاً إلى 90 ألف سائح.
وبرجوع وكالات الأسفار الأوروبية المعروفة، ومن بينها «توماس كوك» و«توي»، وهما تمسكان لوحدهما بنحو 50 في المائة من السوق السياحية في أوروبا، تكون الوجهة السياحية التونسية قد انفرجت أبواب الانتعاش أمامها. ومن المنتظر كذلك أن توجه وكالة «توماس كوك» قرابة 30 ألف سائح إنجليزي، وما لا يقل عن 50 ألف سائح ألماني إلى تونس. وبمحافظة السوق السياحية التونسية على نحو 2.5 مليون سائح من الجزائر، يكون الرقم المتوقع، والمقدر بنحو 8 ملايين سائح، قابلاً للتحقق.
وفي هذا السياق، أكد بسّام الورتاني، المندوب الجهوي للسياحة بمنطقة الحمامات (شمال شرقي تونس)، على أن مطار النفيضة الحمامات الدولي استقبل رحلتين جويتين سياحيتين من الوجهة البريطانية عن طريق متعهد الأسفار العالمي «توماس كوك»، بعد توقف دام نحو ثلاث سنوات. وقال إن 440 سائحاً وصلوا يوم الاثنين 13 فبراير (شباط) الحالي، وتمّت برمجة 3 رحلات سياحية أسبوعياً. وأشار إلى أن عدد الرحلات سيرتفع بداية من شهر مايو (أيار) المقبل، ليبلغ 7 رحلات في الأسبوع، على حد تقديره.
وبالتوازي مع عودة السياح البريطانيين، وإعادة تصنيف عدد من الوحدات الفندقية بالمناطق السياحية الكبرى، نظمت وزارة السياحة التونسية حملات ترويج ودعاية لصالح السياحة التونسية في عدد من الدول، من بينها الصين، خصوصاً بعد إعفاء مواطنيها من تأشيرات الدخول منذ سنة 2017.
وتشير البيانات الأخيرة عن القطاع إلى تعافي السياحة التونسية، بعد سنوات من التأثر سلباً بالاضطرابات الأمنية الناتجة عن أعمال إرهابية.
وتحتاج البلاد لإيرادات النشاط السياحي بشكل مُلح في ظل تراجع احتياطات النقد الأجنبي إلى مستويات تغطي نحو 84 يوماً فقط من الواردات، وهو أدنى مستوى لها في 15 عاماً.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.