اتفاق هندي إيراني على دخول أفغانستان من بوابة الاقتصاد

15 مذكرة تعاون بتوقيع مودي وروحاني

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الإيراني حسن روحاني خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الإيراني حسن روحاني خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي أمس (أ.ف.ب)
TT

اتفاق هندي إيراني على دخول أفغانستان من بوابة الاقتصاد

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الإيراني حسن روحاني خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الإيراني حسن روحاني خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي أمس (أ.ف.ب)

صرح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الإيراني حسن روحاني بأنّهما سيعملان على تعزيز التعاون الثنائي فيما يتعلق باستعادة السلام والاستقرار في أفغانستان التي مزقتها الحروب عبر تعزيز التعاون الاقتصادي.
وأقامت الهند أمس، مراسم استقبال رسمية للرئيس الإيراني حسن روحاني في باحة قصر الرئاسة بالعاصمة نيودلهي، بعدما وصل الخميس، في زيارة تستمر ثلاثة أيام للهند سعيا وراء فرص للاستثمار.
وكان الرئيس الهندي رام نات كوفيند ورئيس الوزراء ناريندرا مودي في استقبال روحاني عند وصوله لقصر الرئاسة الذي يعود للحقبة البريطانية. وبعد أن وضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري للمهاتما غاندي التقى روحاني وزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج ثم عقد اجتماعا مع مودي.
وشدد مودي وروحاني مجددا خلال مؤتمر صحافي مشترك في نيودلهي أمس على العمل من أجل تحقيق الأمن والازدهار، وقد صرح مودي قائلا: «سيبذل البلدان الجهود لتحسين أمن الطاقة والتواصل الإقليمي في دولة أفغانستان غير الساحلية ومنطقة آسيا الوسطى، من خلال تطوير ميناء تشابهار الإيراني والطرق البرّية وخطوط السكك الحديدية». كما أنّه ثمّن الطريقة التي أعرب بها روحاني عن قيادة بلاده لمشروع تطوير ميناء تشابهار الاستراتيجي الذي بُني بجهود مشتركة في جنوب شرقي إيران، قائلا إنّ ذلك الميناء من شأنه أن يغيّر من لعبة العلاقات التجارية في أنحاء المنطقة وحول العالم كذلك، في إشارة إلى شروع الهند بالفعل في تصدير البضائع والسلع عن طريقه إلى أفغانستان عبر المدينة الساحلية الإيرانية.
ووقعت إيران والهند على 15 وثيقة للتعاون المشترك، طبقا لما ذكرته وكالة الأنباء «إرنا» اليوم السبت. وتشمل مذكرات التفاهم التي وقعها روحاني ومودي العديد من المجالات، من بينها إلغاء الازدواج الضريبي وإلغاء تأشيرات الدخول للدبلوماسيين، والتعاون في المجالين الزراعي ومكافحة الإغراق التجاري وإدارة المرحلة الأولي لميناء تشابهار، واسترجاع المجرمين،، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
بدوره، قال روحاني إنّ ميناء تشابهار من شأنه تعزيز العلاقات التاريخية بين إيران والهند، وأن يكون جسرا يربط شبه القارة الهندية بأفغانستان وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية، داعيا في مؤتمر صحافي مشترك مع مودي إلى «تسوية النزاعات الإقليمية من خلال الوسائل الدبلوماسية والمبادرات السياسية، إذ إن القرن الحالي ينتمي إلى آسيا، حيث تلعب نيودلهي وطهران دورا مهما للغاية».
وسيكون المشروع، الذي تبلغ الاستثمارات فيه 85 مليون دولار، ويبعد مسافة 90 كيلومترا فقط عن ميناء جوادار الباكستاني الذي يجري تطويره بمساعدة الصين، مسارا للنقل بين الهند وإيران وأفغانستان دون المرور بباكستان.
ودعا روحاني إلى أفغانستان «دولة سعيدة وآمنة»، مضيفا أنّ إيران والهند ستعملان معا للتعامل مع الأوضاع في ملفات إقليمية متعددة.
قال روحاني إن بلاده ملتزمة بمتطلبات الاتفاق النووي الذي وقعته مع ست قوى عالمية عام 2015 لكبح برنامجها النووي. وتابع روحاني قائلا في نيودلهي «سنلتزم بما هو مطلوب منا... من السخف المساومة على اتفاق بعد التوقيع عليه» وفقا لـ«رويترز».
وبموجب الاتفاق الموقع مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وافقت إيران على تقييد أنشطتها النووية مقابل رفع كثير من العقوبات التي كانت مفروضة عليها.
وتابع روحاني أنه «إذا انتهكت الولايات المتحدة هذا الاتفاق... فسترون أن أميركا ستندم على هذا القرار». وأضاف أن بلاده تلتزم دوما بعقود اتفاقاتها ما دام الطرف الآخر لم ينتهكها.
ووقعت الهند وإيران على تسع اتفاقيات في مجالات الأمن والتجارة وتجنب الازدواج الضريبي والتعاون الزراعي وتأجير الموانئ والطب، والطاقة. وبحث الزعيمان التطورات الإقليمية خلال الاجتماع المشترك وأصدرا طابعا بريديا مشتركا احتفالا بالمناسبة.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الهندي إنّ العديد من العراقيل قد أُزيلت على طريق تعضيد العلاقات الاقتصادية الثنائية بين البلدين، مما أسفر عن القيام بالكثير من مشاريع الاستثمار المشتركة التي آتت ثمارها مع تسريع النمو على مسار العلاقات المتبادلة، مضيفاً أن «الشركات الهندية على استعداد لتعزيز الاستثمارات في مجالات التعاون المشترك بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي».
في السياق، قال آجاي ساهاي، المدير العام لاتحاد منظمات الصادرات الهندية: «هناك اهتمام قوي بالاستثمار في مجال البتروكيماويات وخطوط السكك الحديدية في إيران. ويرجع ذلك إلى مشروع ميناء تشابهار وإمكاناته الكبيرة في توسيع نظام السكك الحديدية الإيرانية الذي تسعى إليه شركة رايتس، وهي الفرع الاستشاري الهندي المنبثق عن الهيئة الهندية للسكك الحديدية. كما تتطلع شركات النفط الهندية كذلك للعمل والتعاون مع الجانب الإيراني».
بينما أفاد بريمال أوداني، رئيس شركة كايتي الهندية لصناعة الملابس والرئيس الأسبق لمجلس ترويج صادرات الملابس الهندية، بأنّ «إيران بلد مزدهر بصورة نسبية بسبب عائدات النفط، بالإضافة إلى التعداد السكاني الكبير الذي يحظى بطلب كبير على المنتجات الخارجية، بصرف النظر عن إتاحة الفرص للوصول إلى منطقة آسيا الوسطى وعلى نطاق واسع». وأضاف: «على الرغم من الزيادة البطيئة في الصادرات الهندية من المنسوجات المصنعة، فإن الشركات الهندية لم تتمكن من استغلال إمكانية الوصول إلى الأسواق في مجال صناعة المستحضرات الدوائية». وتعكس الإحصاءات الرسمية أن الصادرات الهندية قد انخفضت بنسبة 50 في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية لتصل إلى 2.37 مليار دولار.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.