ليبيا: تعديل في حكومة السراج يطيح وزير الداخلية

الجيش الوطني يدك معاقل المتطرفين في درنة

أطفال يحملون العلم الليبي في شوارع طرابلس عشية ذكرى مرور سبع سنوات على إطاحة القذافي (أ.ف.ب)
أطفال يحملون العلم الليبي في شوارع طرابلس عشية ذكرى مرور سبع سنوات على إطاحة القذافي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: تعديل في حكومة السراج يطيح وزير الداخلية

أطفال يحملون العلم الليبي في شوارع طرابلس عشية ذكرى مرور سبع سنوات على إطاحة القذافي (أ.ف.ب)
أطفال يحملون العلم الليبي في شوارع طرابلس عشية ذكرى مرور سبع سنوات على إطاحة القذافي (أ.ف.ب)

أجرى فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس، تعديلا وزاريا محدودا عين بموجبه عبد السلام عاشور وزيرا للداخلية، بدلا من سلفه العقيد العارف الخوجة. وفي غضون ذلك قال مسؤول بارز في مجلس النواب الليبي إن خطة بعثة الأمم المتحدة لإجراء انتخابات في ليبيا قبل نهاية العام الجاري باتت «معرضة للخطر والانهيار».
وفي هذا السياق، قال طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المتواجد بمدينة طبرق، لـ«الشرق الأوسط» إن الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تخطط لها البعثة الأممية، «قد لا تتم هذا العام»، معتبرا أن حكم المحكمة الدستورية العليا في العاصمة طرابلس، التي أبطلت طعونا قانونية من محاكم أدنى ضد مسودة الدستور مما يمهد الطريق لتنظيم استفتاء محتمل عليها، والمضي نحو إجراء انتخابات، «مسيّس ومعيب، وغير دستوري بالمرة».
وكانت المحكمة قد قضت الثلاثاء الماضي بعدم اختصاص القضاء الإداري بالنظر في قضايا مرفوعة ضد الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ما يعني ضرورة موافقة مجلس النواب على عرض مشروع الدستور المرتقب على الاستفتاء الشعبي، الذي يعتبره المبعوث الأممي غسان سلامة خطوة أساسية في جهود بسط الاستقرار في ليبيا، وذلك بعد سنوات من الفوضى عقب انتفاضة عام 2011.
وتصر الأمم المتحدة ومبعوثها سلامة على إجراء الانتخابات بدعم صريح من مجلس الأمن الدولي بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، كما أعلنت عدة دول غربية عن رغبة ملحة في ضرورة إجراء الانتخابات، وقامت بتقديم دعم مالي للعملية الانتخابية المقبلة، لكن من دون وجود خريطة واضحة.
وبخصوص العراقيل التي تعوق نجاح الانتخابات قالت فيديريكا سايني فاسانوتي، من معهد بروكينغز في واشنطن، أمس لوكالة الصحافة الفرنسية «حين تكون هناك 20 مليون قطعة سلاح بأيدي الليبيين، وعددهم ستة ملايين نسمة، فكيف يمكن تصور نجاح الانتخابات؟» في ليبيا، مشددة على أن «الانتخابات هي ذروة الديمقراطية، وليس البداية».
إلى ذلك، أعلن المجلس الرئاسي لحكومة السراج عن إعفاء العارف الخوجة من مهام منصبه كوزير للداخلية، وتعيين عميد عبد السلام عاشور بدلا منه في الحكومة، التي ما زال البرلمان يرفض الاعتراف بشرعيتها.
وأصدرت حكومة السراج، مساء أول من أمس، قرار تعيين عاشور ضمن سلسلة تعديلات وزارية، كانت قد أعلنت منذ بضعة شهور عن اعتزامها إجراءها على تركيبة الحكومة، التي تدير طرابلس، والتي تشكلت عقب اتفاق الصخيرات المبرم بالمغرب نهاية عام 2015.
ولم يذكر القرار أسباب إعفاء الخوجة من منصبه، علما بأنه كان قد نفى في السابق اعتزامه تقديم الاستقالة بسبب وضعه الصحي، الذي يمنعه من استمرار مزاولته منصبه بشكل دائم، حسبما قالت مصادر حكومية.
وتولى عاشور، وهو عقيد سابق في جهاز الأمن، إدارة البحث الجنائي بمدينة الزاوية عام 2003. قبل أن ينضم إلى لجنة إعادة تنظيم جهاز المباحث العامة سنة 2013، ثم تولى لاحقا منصب وكيل وزارة الداخلية ورئيس هيئة السلامة الوطنية خلال العام الماضي.
من جهة ثانية، قال مدير مكتب المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، إنه اجتمع بمقره في الرجمة خارج بنغازي مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورير والوفد المرافق له. ونقلت وكالة «الأنباء الليبية» عنه قوله، إن الاجتماع ناقش عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا وأماكن النزاع فيها، لافتا إلى أن مورير أكد احترام الجيش الليبي لعمل اللجنة وتسهيل مهامها.
ميدانيا، وقبل ساعات من الإعلان عن إعادة تشكيل غرفة العمليات الأمنية المركزية لبنغازي الكبرى، تحت إمرة رئيس الأركان العامة الفريق عبد الرازق الناظوري، دكت مدافع الجيش الوطني الليبي مساء أمس، مواقع للجماعات المتطرفة في معقلها بمدينة درنة بشرق البلاد. وقالت غرفة عمليات عمر المختار لتحرير درنة التابعة للجيش إنه تم قصف موقع للجماعات الإرهابية المتطرفة على مشارف مدينة درنة، مشيرة في بيان لها إلى أن الإصابات كانت مباشرة، ونتج عنها تدمير الموقع بالكامل وسيارتين مسلحتين.
وعلى صعيد غير متصل، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قيامها بإجلاء أكثر من ألف لاجئ من ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في عملية تعد الأولى من نوعها منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وأعلن فنسنت كوشتيل، المبعوث الخاص للمفوضية لمنطقة وسط البحر الأبيض المتوسط، أن عمليات الإجلاء «وفرت فرصة جديدة للحياة لأكثر من ألف لاجئ ممن احتجزوا في ليبيا وعانوا الأمرين، ونأمل أن يتم إجلاء آلاف آخرين بحلول نهاية العام الجاري».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.