ساترفيلد يغادر بيروت باقتراحات لحل «النزاع النفطي» مع إسرائيل

لبنان ينتظر نتيجة الوساطة الأميركية بعد رفضه «خط هوف»

وزير الخارجية اللبناني لدى لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي بالوكالة (رويترز)
وزير الخارجية اللبناني لدى لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي بالوكالة (رويترز)
TT

ساترفيلد يغادر بيروت باقتراحات لحل «النزاع النفطي» مع إسرائيل

وزير الخارجية اللبناني لدى لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي بالوكالة (رويترز)
وزير الخارجية اللبناني لدى لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي بالوكالة (رويترز)

أكمل مساعد وزير الخارجية الأميركية بالوكالة السفير دايفيد ساترفيلد في بيروت الجهود التي بدأها وزير الخارجية ريكس تيلرسون، لحل النزاع المتجدد للبنان مع الجانب الإسرائيلي، فيما يخص الحدود البحرية.
وغادر ساترفيلد بيروت، أمس، حاملاً في جعبته اقتراحات لبنانية حول النزاع الحدودي البحري والبري مع إسرائيل، بعد الرفض الجامع الذي سمعه من المسؤولين اللبنانيين حول اقتراح ما يعرف بـ«خط هوف»، الذي سمي كذلك تيمناً بمقترحِه السفير فريدريك هوف الذي قاد مفاوضات مماثلة خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما.
وقبل مغادرته أمس، جال ساترفيلد على رئيسي الحكومة سعد الحريري ومجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية جبران باسيل، مستكملاً المباحثات التي كان بدأها منذ مجيئه إلى لبنان قبل نحو أسبوع، وممهداً كذلك لزيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون. وما سمعه الأخير في لقاءاته أول من أمس عاد وسمعه ساترفيلد أمس لجهة رفض اقتراح «هوف»، لكنه اطلع في المقابل على اقتراحات طرحها الجانب اللبناني، الذي لا يزال مرحباً ومتجاوباً مع الوساطة الأميركية، بحسب ما أوضحت مصادر وزارية مطلّعة لـ«الشرق الأوسط»، وهي: «انضمام ممثل أميركي إلى اللجنة الثلاثية التي تجتمع دورياً لبحث الحدود البرية، وتضم الجانبين اللبناني والإسرائيلي عبر وسيط من الأمم المتحدة، أو تشكيل لجنة رباعية سياسية مع مندوب للولايات المتحدة الأميركية، وإما اللجوء إلى التحكيم الدولي أو العودة إلى خرائط قديمة موجودة في بريطانيا».
في المقابل، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر الخارجية اللبنانية قولها، «إن ما يحكى عن اقتراح أميركي لتقاسم المنطقة النفطية المتنازع عليها، بحيث يحصل لبنان على 60 في المائة من ثرواتها مقابل 40 في المائة لإسرائيل، وفقاً لما بات يعرف بـ(طرح هوف)، غير دقيق والمسألة معقّدة أكثر من ذلك»، كاشفةً أن «الجانب الأميركي يحاول اليوم بلورة طرح جديد يتعلق بالمنطقة التي تدعي إسرائيل أن لها حقوقاً فيها، بعدما اقتنع أن لبنان متمسّك برفض (خط هوف)».
ويقضي «خط هوف» بخسارة لبنان 310 كيلومترات مربعة من أصل 860 كيلومتراً من المنطقة الاقتصادية، التي تدّعي إسرائيل امتلاكها ويؤكد لبنان أحقيته بها.
وبعدما كانت أجواء لقاءات تيلرسون قد عكست نوعاً من التفاؤل اللبناني لجهة إيجاد تسوية للقضية، اعتبرت المصادر أنه لا يمكن الحسم في هذا الموضوع قبل معرفة ردة فعل الجانب الإسرائيلي على الاقتراحات التي يفترض أن يحملها إليه ساترفيلد، الذي أشارت معلومات إلى أنه توجّه إلى تل أبيب بعد بيروت.
وفي حين لم يدل كل من ساترفيلد ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بعد اللقاء الذي جمعها بأي تصريح، أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري، الدبلوماسي الأميركي، عدم قبوله المقترحات، وإصراره على ترسيم الحدود البحرية عبر لجنة تفاهم «نيسان 1996» بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، مشيرة إلى أنه «وبعدما استمع إلى مقترحات الوفد الأميركي، أصر الرئيس بري خلال اللقاء على موقفه لجهة ترسيم الحدود البحرية عبر اللجنة الثلاثية المنبثقة عن تفاهم (نيسان 1996) على غرار ما حصل بالنسبة للخط الأزرق»، معتبراً «أن المطروح غير مقبول».
وفي الإطار نفسه، قال وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، ممثل «حزب القوات اللبنانية» في الحكومة: «لدينا الحدود البرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة وبلوكات النفط، والملفات الثلاثة مترابطة. ونحن متمسكون بحقوق لبنان، وبالتالي إذا كانت هناك أي إشكاليات حول هذه الملفات فلتطرح الأمور وفق الأطر القانونية والدولية المعنية، ولكن المبدأ هو التمسك بالسيادة وبالثروات الوطنية. الطرف الأميركي قد يلعب دور الوسيط في حل هذه الإشكاليات، ولكنه لا يستطيع أن يقرر عنا».
ودخل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله على خط الجدل الدائر، فرأى أن «الموضوع الأساسي للنزاع مع إسرائيل اليوم ليس الحدود البرية، بل الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية، فالأميركيون وغيرهم يريدون إعطاءنا حقنا السهل براً ليأخدوا منا حقنا الصعب في المياه».
وفي حين لفت إلى أن «اللبنانيين حتى الآن موحدون في هذه المعركة»، قال: «يجب أن تتعامل الدولة ومعها الشعب اللبناني في هذا الملف من موقع أننا أقوياء ويجب أن نفاوض كأقوياء».
وتوجه إلى المسؤولين اللبنانيين بالقول: «إذا جاء الأميركي وقال اقبلوا بمطالبي لنرد إسرائيل عنكم قولوا له يجب أن تقبل بمطالبنا لنرد (حزب الله) عن إسرائيل»، مضيفاً: «القوة الوحيدة لكم أيها اللبنانيون في معركة النفط والغاز هي قوة المقاومة، لأن الجيش ممنوع عليه الحصول على الصواريخ».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.