نجل الملكة ناريمان آخر ملكات مصر رحل وفي قلبه حلم لم يتحقق

أكرم النقيب تمنى أن يرى مقتنيات والدته في متحف

أكرم مع أخيه الملك أحمد فؤاد الثاني
أكرم مع أخيه الملك أحمد فؤاد الثاني
TT

نجل الملكة ناريمان آخر ملكات مصر رحل وفي قلبه حلم لم يتحقق

أكرم مع أخيه الملك أحمد فؤاد الثاني
أكرم مع أخيه الملك أحمد فؤاد الثاني

ووري جثمان نجل الملكة ناريمان آخر ملكات مصر، المحامي السكندري أكرم النقيب الأخ غير الشقيق لآخر ملوك مصر أحمد فؤاد الثاني، الثرى مساء أمس، عن عمر 57 عاماً، ليرقد في مثواه الأخير بجوار والدته في مقابر الدراسة بالقاهرة. ويقام العزاء اليوم (السبت) في مسجد الشرطة بطريق صلاح سالم.
والمفارقة أن تتم مراسم الدفن في يوم وفاة الملكة ناريمان نفسه، التي توفيت يوم 16 فبراير (شباط) عام 2005.
وقد فارق المحامي المعروف الحياة إثر جلطة قلبية أودت بحياته، وجاء خبر الوفاة كالصاعقة على أسرته وأصدقائه، خصوصاً أنه جاء بعد أن نشر النقيب صوراً مع زوجته الثانية سوزان النقيب احتفالاً بعيد الحب، مهنئاً من الإسكندرية جميع أصدقائه على حسابه الخاص عبر «فيسبوك».
ونعى أحمد فؤاد الثاني آخر ملوك مصر، أكرم النقيب، على الصفحة الرسمية له على موقع «فيسبوك»: «بمزيد من الحزن والألم ينعى الملك فؤاد الثاني والأسرة العلوية أكرم النقيب الأخ غير الشقيق للملك، تغمده الله برحمته وتقبله مع الأبرار والصديقين وألهم زوجته الصبر والسلوان». وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع أسرته، لكن ظرف الوفاة حالت دون ذلك.
لم يمن الله على أكرم النقيب بالذرية، لكنه كرس جهوده ووقته للعمل الخيري والاجتماعي، فقد كان رئيساً سابقاً وعضواً بنادي روتاري الإسكندرية سان ستيفانو. يقول المهندس إيهاب الحباك، صديق الراحل في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «أقمنا صلاة الجنازة عقب صلاة الجمعة بمسجد سيدي جابر، بحضور رجال ونساء من كل أطياف المجتمع السكندري»، موضحاً أن الملك أحمد فؤاد الثاني لم يحضر لوجوده خارج مصر، وسوف يحضر ابنه الأمير محمد علي الأسبوع المقبل. مضيفاً: «ما زلنا غير مصدقين، فقد توفي في منزله فجأة تماماً كوالده الدكتور أدهم النقيب الذي رحل إثر أزمة قلبية ألمت به في منزله». ويتذكره الحباك: «كان صاحب واجب ويحافظ على الأصول والعادات والتقاليد، كان محباً لأصدقائه جداً، وكان وسيظل محبوباً جداً بين أصدقائه».
بينما قال رفيق دراسته بكلية فيكتوريا كوليدج بالإسكندرية، المعماري الأردني عبد الفتاح طوقان: «كان صديقاً وفياً، جمعتنا الدراسة والعمل، كان خلوقاً ومتميزاً في كل شيء، وكان والده أول من أسس جمعية خريجي كلية فيكتوريا كوليدج الإسكندرية وكان زميل دراسة للملك حسين»، أما المستشار القانوني الدولي إبراهيم نوار، فيقول: «من أجمل رفقاء الحياة الذين يرسمون ويشيعون البهجة حولهم أينما كانوا... الله يرحمك يا صديقي النبيل».
وكتب صديقه مصطفى اليمني: «رحل الإنسان المتواضع الخلوق، رحل من في الشدة ساندني وآزرني وشاركني... ولكن لكل أجل كتاب، اللهم أنزله منزل صدق واغسله بالماء والثلج والبرد، ليلحق بأحبائه والده الدكتور أدهم النقيب ووالدته الملكة ناريمان».
ولد أكرم النقيب في 28 مارس (آذار) عام 1961، وكانت والدته الملكة ناريمان قد تزوجت عقب طلاقها من الملك فاروق، الطبيب أدهم النقيب 10 مايو (أيار) 1954 وكان من أبرز خريجي «فيكتوريا كوليدج» بالإسكندرية. وكان يعتبرها «مصنع الرجال» لنظامها التعليمي الصارم. في آخر حوار له مع «الشرق الأوسط» في مكتبه بالإسكندرية الذي نشر في 27 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، قال أكرم النقيب: «كانت والدتي دائماً تذكرني: لا بد أن تتباسط وتتواضع وتختلط بالناس وتستمع إليهم وتساعدهم في حل مشكلاتهم، وكانت تروي لي أنه في العهد الملكي كان البيت الملكي المصري يؤمن بأهمية العمل الأهلي».
وكانت أمنيته التي لم تتحقق حتى تاريخ وفاته هي ما ذكره أيضاً في ذاك الحوار: «أرغب أن أسلم كل ممتلكات والدتي لمؤسسة أمينة بالطبع هي المؤسسة العسكرية، لكي تُعرض العرض اللائق بها ليتم عمل متحف يتعرف من خلاله المصريون على حياتها، للأسف هي لم تكتب مذكراتها، وقد حاولت عبر الموقع الإلكتروني للملكة ناريمان أن أوثق لحياتها وأسرد قصة حياتها للأجيال القادمة، لكن المتحف سوف يمكنهم عبر الصور والقصاصات والمقتنيات من التعرف على حياتها بشكل أقرب».
وكان يعتبر أنها أكثر من تعرض للظلم، «فقد كانت حياتها شاقة جداً، ولم تستمتع بلقب ملكة، ومرت بظروف قاسية من بينها تعرضها لمحاولة اغتيال من شرفة قصر عابدين، ومرة أخرى من شرفة قصر رأس التين، فضلاً عن أن تلك السنة مرت فيها بمعاناة الحمل والولادة، ثم انشغالها برعاية أول طفل لها، وولي عهد مصر. لكن رغم صغر سنها حذرت الملك فاروق أكثر من مرة من الجيش وطلبت منه الاستماع لمطالبهم، لكنه لم يهتم بكلامها». وكان النقيب الابن يرى أن الخطأ الأكبر أنها لم تتدخل وتمنع الملك فاروق من بعض تصرفاته، وأنها تركته في عزلته وانصاعت لتجنيبه لها في الفترة الأخيرة من حكمه. ثم تنازلت عن حضانة ابنها، وتركت مصر، قائلاً: «كل ذلك كان خطأ جسيماً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».