لم يسبق للسلطات الروسية أن سمحت لوسائل إعلام بالتحدث مع «إرهابيين» عادوا من سوريا وسلموا أنفسهم للأجهزة المختصة. عادة يخضع هؤلاء لتحقيقات طويلة، ثم يختفون عن الأنظار. إذ لا يُسمَح لهم بالظهور والتحدث عن تجربتهم. الأمر كان مختلفاً مع يوري بالاكشين الروسي الذي اعتنق الإسلام في سن مبكرة، وجذبته تعاليم الدين الحنيف، ثم وقع تحت تأثير متشددين كما يقول. وأجرت قناة «آر تي» الروسية حواراً مع «الإرهابي التائب» أوضح فيه تفاصيل عن تجربته في صفوف التنظيم، وكيف تحولت حياته كابوساً عندما شعر بأنه مهدَّد بالسجن أو الإعدام، إذا فكر بالفرار. لم توضح القناة التلفزيونية كيف سمحت لها السلطات بتجاوز الخط الأحمر غير المعلَن، واللقاء مع بالاشكين، لكنَّ الرواية التي نشرتها حملَتْ تفاصيل مثيرة عن الطريق الذي سلكه للالتحاق بصفوف التنظيم الإرهابي، وبعض ما صادفه هناك.
قضى يوري بالاكشين المولود لعائلة روسية سنوات طفولته في مدينة ساراتوف على نهر الفولغا، التي تبعد نحو 800 كيلومتر جنوب شرقي موسكو. ودرس في كلية عسكرية قبل الالتحاق بالخدمة الإلزامية في صفوف الجيش، لكنه فشل بعد ذلك في إيجاد عمل بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد عام 1998. وكان في عمر العشرين عندما تعرض لمنعطف مهم في حياته، إذ عانى مرضاً غامضاً سبَّب له آلاماً في الرأس، وتعذَّر على الأطباء تحديد أسبابه.
وقال في المقابلة إنه لجأ بعدما عجز الطب عن مساعدته إلى «الطب غير التقليدي» بحثاً عن حلٍّ لمشكلته، فتوجه إلى الكنيسة، لكن جهوده لم تثمر. ما دفعه إلى التردد على مسجد البلدة، ومحاولة التعرف على تعاليم الإسلام. وهو يؤكد أن تعافيه من المرض في تلك الفترة، قربه أكثر من الدين الإسلامي وجعله يتخذ القرار الحاسم باعتناق الإسلام، ثم توجه إلى مصر طلباً للدراسة، قبل أن يعود ويتزوج فتاة مسلمة من منطقة شمال القوقاز.
وقال بالاشكين إنه مع بداية الأزمة في سوريا، ظهر لديه اهتمام بتطورات الأحداث، وبدأ متابعتها من خلال المدونات ومنتديات النقاش وشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، قبل أن يقرر التوجه إلى مصر مرة أخرى، حيث اتصل بشخص في تركيا، أقنعه بالتوجه إلى سوريا لدعم «الجهاد». وشدد بالاكشين على أنه «وافق بعدما تأكد أنه سيكون قادراً على العودة في أي وقت يشاء».
وهنا تبدأ قصة الالتحاق بالتنظيم الإرهابي، إذ قال إنه «حصل على مساعدة رجل يتحدر من منطقة آسيا الوسطى يتكلم اللغة الروسية»، ما مَكَّنَه من التوجه إلى تركيا التي عبر منها الحدود إلى سوريا مع مجموعة من الملتحقين بالتنظيم. وفي سوريا استقبلهم «مسلحون ناطقون بالروسية»، ولكنه يؤكد أنهم ليسوا روساً.
وقال بالاكشين إن أول مفاجأة تعرض لها حدثت عندما صادر هؤلاء أوراقه الثبوتية وهاتفه. وبعد فترة، سلموه سلاحاً، وكلفوه حراسة أحد مستودعات السلاح على أطراف إحدى المدن السورية الواقعة تحت سيطرة «داعش».
وأشار إلى أن «أموراً لم تكن كما توقعها»، بينها إدراكه أن الدخول إلى وكر «داعش» ليس كالخروج منه، إذ «تعرض كل من حاول الفرار لإعدام ميداني أو عقوبة السجن».
وأصيب بالاكشين جراء إحدى عمليات القصف التي تعرض لها الموقع الذي كان فيه، وفقد ساقه، وأُجرِيَت له عملية جراحية في أحد المستشفيات الداعشية. وقضى عدة أشهر في المستشفى. ورغم ذلك، لم يفكر بالفرار قبل أن يتعرض إلى «محاولات لإقناعه بتنفيذ تفجير انتحاري». وقال للصحافيين إنه «تمكن من إيجاد شخص ساعده على ذلك في مقابل ألفي دولار». توجه بالاكشين بعدها إلى «مناطق تقع تحت سيطرة الجيش الحر»، وغادر منها إلى تركيا. وبعد عودته إلى روسيا، سلم بالاكشين نفسه إلى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وقضى 3 أشهر في سجن التوقيف، ولكنه قال إنه لم تجرِ ملاحقته جنائيّاً، لأنه سلم نفسه وتعاون مع التحقيق ولم يشارك في العمليات القتالية في صفوف «داعش».
اللافت أن «الإرهابي التائب» لم يكشف تفاصيل تتعلق بالمدن التي «خدم فيها» في صفوف التنظيم، أو تفاصيل عن طبيعة التهديدات التي تعرض إليها. كما تجنب الإشارة إلى المناطق التي «هرب إليها» مكتفياً بالإشارة إلى أنها «تحت سيطرة الجيش الحر».
في السياق، قال النائب العام الروسي يوري تشايكا، أمس، أن بلاده كشفت عن نشاط أكثر من 950 متطرفاً خلال العام الماضي في روسيا، مارسوا نشاطاً عبر شبكة الإنترنت من خلال الدعوة إلى القيام بأعمال تهدد أمن البلاد.
وتطرق إلى ملف انضمام «متشددين إلى صفوف الإرهابيين في سوريا»، ملاحظاً تراجع نسبة «تدفق الروس الراغبين بالانضمام إلى تنظيمات إرهابية»، في مقابل تراجع مماثل لوحظ على أعداد «العائدين» من سوريا. وقال تشايكا خلال اجتماع كبار مسؤولي النيابة العامة الروسية إن «القضاء على الجماعات الإرهابية في سوريا أدى إلى انخفاض عدد المواطنين الروس الذين يحاولون الانضمام إلى صفوف الإرهابيين، إضافة إلى انخفاض نسبة العودة من منطقة العمليات القتالية».
على صعيد آخر، أعلن رئيس مقر عمليات مكافحة الإرهاب في جمهورية داغستان، فرض «حال مكافحة الإرهاب في منطقة أونتسوكولسك» الداغستانية. بعد تلقي معلومات عن وجود متشددين في المنطقة. تزامن ذلك مع إعلان الهيئة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب قتل متشدد في المنطقة. وأضافت أن تبادلاً لإطلاق النار وقع بين عناصر الأمن ومسلحين أثناء عملية تفتيش، أسفر عن مقتل أحد المسلحين الذين تحصنوا في المنطقة.
8:17 دقيقة
روسي عائد من «داعش» يروي تفاصيل انضمامه للتنظيم وفراره
https://aawsat.com/home/article/1176861/%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D9%85%D9%86-%C2%AB%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4%C2%BB-%D9%8A%D8%B1%D9%88%D9%8A-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%87-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D9%87
روسي عائد من «داعش» يروي تفاصيل انضمامه للتنظيم وفراره
ذهب إلى سوريا للقتال فوجد نفسه مهدداً بالسجن أو الإعدام
- موسكو: رائد جبر
- موسكو: رائد جبر
روسي عائد من «داعش» يروي تفاصيل انضمامه للتنظيم وفراره
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة