لبنان يترقب لقاء ثنائيا يجمع عون والحريري في باريس قبل جلسة انتخاب الرئيس

نائب في «التغيير والإصلاح» يقول إن هناك تفاهما بينهما على ملفات استراتيجية كبرى.. والفرزلي لا يرى خرقا

لبنان يترقب لقاء ثنائيا يجمع عون والحريري في باريس قبل جلسة انتخاب الرئيس
TT

لبنان يترقب لقاء ثنائيا يجمع عون والحريري في باريس قبل جلسة انتخاب الرئيس

لبنان يترقب لقاء ثنائيا يجمع عون والحريري في باريس قبل جلسة انتخاب الرئيس

من المتوقع أن تشهد الأيام الثلاثة المقبلة تسريعا في وتيرة الاتصالات بين القوى السياسية في لبنان، قبل موعد الجلسة البرلمانية السابعة المحددة يوم الأربعاء المقبل لانتخاب رئيس لبناني جديد خلفا لميشال سليمان الذي انتهت ولايته أواخر مايو (أيار) الماضي. وفي حين لم تحمل الساعات الماضية أي مؤشرات إيجابية، تتوجه الأنظار إلى لقاء ثنائي مرتقب قبل موعد الجلسة، يجمع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس الحكومة الأسبق، زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، في إطار استكمال المباحثات المباشرة بين الطرفين حول أكثر من ملف، بينها الاستحقاق الرئاسي.
وقال النائب في كتلة عون لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «اللقاء بين الرجلين ليس الأول ولن يكون الأخير»، واضعا تكراره في «إطار السعي إلى تحقيق المصالحات بين اللبنانيين». واستغرب أن «ينظر البعض إلى ذلك باستغراب وأن يلجأ للتذكير بالخلافات، لا سيما أن لبنان، كما بات معروفا لا يبنى إلا على التوافق»، مشددا على أن «مجرد حصول لقاءات ثنائية مماثلة أمر جيد، ووفق معلوماتي جرى التفاهم على ملفات استراتيجية كبرى بين العماد عون والرئيس الحريري».
وفي حين أوضح النائب في كتلة المستقبل عمار حوري لـ«الشرق الأوسط» «ألا معطيات جديدة أو إيجابية بشأن الاستحقاق الرئاسي، وأن تحقيق أي تقدم في هذا السياق يحتاج إلى تحرك استثنائي للخروج من الأزمة»، مشيرا إلى ألا «معلومات لديه بشأن لقاء الحريري - عون»، جزم ديب بأن «الاتصالات جارية على قدم وساق ونحن بانتظار أن تنضج الأمور أكثر».
ويشير ديب، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى «إحراز تقدم في موضوع لاستحقاق الرئاسي، لا سيما بعد ما يحصل في المنطقة من حولنا»، لافتا إلى أنه «يبدو من الواضح ارتياب كثير من الأفرقاء المؤثرين للوضع، ومن هنا المطالبة بوصول رئيس كالعماد عون قادر على التعامل مع الاستحقاقات المهمة لكي لا نقول الخطيرة، عدا عن إعادة توازن الداخلي وإعادة تصحيح مسار عدد من الملفات».
وفي موازاة إشارته إلى أن «الفرصة لا تزال سانحة حتى موعد الجلسة النيابية يوم الأربعاء المقبل ويجب ألا نأخذ الأمور من زاوية أنها منازلة على حلبة يربح فيها الأقوى»، يرى ديب، النائب في كتلة عون، أن من «يفهم الوضع اللبناني جيدا وكيفية رسم السياسات فيه يدرك أن أي ملف أو استحقاق يجري التفاهم حوله قبل الذهاب إلى إنجازه تنفيذيا»، داعيا «كل القوى السياسية وبينها رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى القيام بخطوات من شأنها نسج التفاهمات بين القوى السياسية بدل فتح الملفات القديمة ونكء الجراح». ويشدد ديب على أن «المطلوب اليوم مد الجسور بين القوى السياسية، فإذا بادر جعجع إلى دعم وصول العماد عون، فهذا سيكون بمثابة موقف راق وإنجاز كبير يحسب له».
وفي مقابل تفاؤل ديب بنتائج اللقاء المرتقب بين الحريري وعون، وإمكانية التوافق على وصول الأخير إلى سدة الرئاسة في لبنان، تعكس المواقف الصادرة عن فريق «14 آذار» وتحديدا تيار المستقبل، ثباته على موقفه لناحية دعم ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وطالب رئيس كتلة المستقبل النيابية رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، قوى «8 آذار» بإعلان مرشحها والمسارعة لاتخاذ الخطوة الدستورية المهمة والآيلة إلى انتخاب رئيس الجمهورية، مما يساعد على حماية لبنان من نيران المنطقة الملتهبة، بينما عد وزير العمل سجعان قزي أن حجم التحديات اليوم في لبنان وخلفيات عدم حصول استحقاق رئاسة الجمهورية لا يحله اجتماع ثنائي ولا ثلاثي ولا رباعي إنما ما يحله يقظة وطنية.
وأكد قزي، وهو نائب رئيس حزب الكتائب، في حديث إذاعي أمس، «أننا لسنا ضد الاتصالات بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، ونحن مع هذا الانفتاح وهذا حق لكل حزب، ولكن شرط ألا يكون هذا الانفتاح طعنة للحلفاء»، لافتا إلى أن «نظرتنا الإيجابية لهذا الانفتاح لا تعني أننا نؤيد اتفاق تيار المستقبل والتيار الوطني الحر على مرشح لرئاسة الجمهورية خارج (14 آذار)».
وفي سياق متصل، يعرب نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، المواكب لحراك عون، عن اعتقاده بأنه «لا مؤشرات في الأفق تطمئن بخروقات قريبة قبل موعد جلسة الانتخاب المقبلة». ويقول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المطلوب اليوم من القوى السياسية هو التسليم بالحاجة إلى رئيس لبناني له حيثية شعبية ويستمد دعمه بداية من المكون الذي ينتمي إليه وهو ما درجت تسميته بالرئيس القوي».
ويرى الفرزلي أنه «على الرئيس المقبل أن يحترم اتفاق الطائف ويطبقه بشكل كامل، خلافا لما كان الوضع عليه خلال حقبة الوصاية السورية، وأن يكون قادرا على نسج الحوار بين الشيعة والسنة، ويكون قادرا على التواصل مع حزب الله وإقرار استراتيجية دفاعية تحدد جغرافية المقاومة وعلاقة السلاح بالدولة وعلاقة لبنان بالإقليم». ويضيف: «على الرئيس المقبل أيضا أن يتبنى الفلسفة الاستقلالية بحيث لا يكون لبنان ممرا ولا مقرا، ويحترم ميثاق جامعة الدول العربية ويمتلك علاقات جيدة مع السلطات التشريعية والتنفيذية ويعمل على تأمين التعاون بينها ويساهم في الوقت ذاته بالفصل فيما بينها».
ويشدد الفرزلي، الذي كان عراب اللقاء الأخير، بين عون ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الأسبوع الماضي، على وجوب أن «يكون الرئيس ممثلا حقيقيا لطائفته»، مذكرا أنه «لهذه الغاية اقترح عون تبوؤ الحريري لمنصب رئاسة الحكومة». ويرى أنه مع «وصول رئيس يتمتع بمواصفات مماثلة، تكتمل العلاقة التشاورية وتصح عملية إعادة تكوين السلطة لمواجهة المستجدات في المنطقة وآخرها الإرهاب»، عادا أنه «خارج هذا المنطق لا يمكن انتخاب رئيس جديد».
وكان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، أكد مطلع الأسبوع الحاجة إلى «رئيس دولة قوي وليس إلى رئيس مسيحي قوي»، في إطار تبريره موقفه الرافض لوصول كل من عون وجعجع إلى الرئاسة. وسأل الفرزلي في سياق متصل: «عن أي دولة يتحدث؟ عن دولة الكيانات المذهبية، حيث لكل كيان أعلامه ومؤسساته؟». وأضاف: «لماذا يتزعم القيادي الدرزي الأقوى الزعامة الدرزية والقيادي السني القوي زعامة السنة وكذلك الشيعة، ولكن عندما يأتي دور المسيحيين يتحدثون عن الدولة؟ علما أن قيادات طائفية تتناتشها ونحن أول من يطمح إلى إرساء الدولة القوية»، يختم الفرزلي.
في موازاة ذلك، لا يزال حزب الله على موقفه الداعم للتوافق على وصول مرشح للرئاسة، في إشارة إلى عون. وقال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أمس إن «الاصطفافات السياسية الموجودة في البلد تمنع انتخاب رئيس، وذلك بسبب التوازن الحاد والدقيق، فلا (8 آذار) تستطيع أن تأتي برئيس ولا (14 آذار) تستطيع أن تأتي برئيس، ولا الذين يجلسون في الوسط». ورأى أنه «إذا بقي كل فريق يصر على منطقه في التحدي، فهذا يعني أن زمن الشغور سيطول، والحل هو التوافق، فإذا جرى التوافق نستطيع الذهاب إلى انتخاب رئيس، والمطلوب أن يكون هذا الرئيس قادرا على صياغة تفاهمات مع الأطراف المختلفة».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).