الحكومة المصرية تُغلظ العقوبات على من يساعد الإرهابيين أو يؤويهم

«داعش» يحث نساءه على حمل السلاح

TT

الحكومة المصرية تُغلظ العقوبات على من يساعد الإرهابيين أو يؤويهم

أعلنت الحكومة المصرية عن تعديلات جديدة على قوانين محاربة الإرهاب والمنشآت السياحية والفندقية والمرور، شملت تشديد العقوبات على من يأوي العناصر الإرهابية، ووجوب إخطار الفنادق عن النزلاء. وقال المستشار حسام عبد الرحيم، وزير العدل، إن «الحكومة وافقت أمس على تعديلات بقانون المرور تلزم بتركيب (جي بي إس) لعربات الدفع الرباعي، وإن التعديلات التشريعية الجديدة على قوانين مكافحة الإرهاب تغلظ العقوبات ضد إيواء أو المساعدة على تخفي أي من الإرهابيين».
وتواصل القوات المسلحة المصرية العملية العسكرية الشاملة في سيناء والدلتا والصحراء الغربية لاستهداف بؤر وأوكار للإرهابيين. وتحولت محافظة شمال سيناء الحدودية إلى بؤرة إرهابية مشتعلة منذ سنوات، وتنتشر فيها جماعات متشددة من أبرزها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» عام 2014 وغير اسمه إلى «ولاية سيناء».
في سياق متصل، حاول «داعش» الإرهابي العودة من جديد للمشهد بعد خسائر كثيرة لحقت به في الكثير من الدول، وأصدر أخيراً فيديو حمل اسم «غزوة الثأر للعفيفات» بثه على وكالة «حق»، حث فيه النساء وذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال للمشاركة في القتال وحمل السلاح. وقال خبراء لـ«الشرق الأوسط»، إن «عودة التنظيم للسعي لتجنيد النساء والأطفال دليل على حالة اليأس داخل صفوفه».
وأظهر الفيديو النساء وهن يشاركن الرجال القتال في سوريا من خلال بعض اللقطات، بجانب ظهور أحد المقاتلين من ذوي الإعاقة الذي فقد إحدى رجليه في المعارك... أما الأطفال فقد حرص على إبراز أبناء المقاتلين بالفيديو في إشارة إلى أنهم هم من سيواصل المسيرة.
ويرى مراقبون أن «داعش» كان يهمش دور المرأة ويحصرها في أعمال المنزل وتربية الأطفال؛ لكنه بات الآن يطالبها بالقتال نتيجة خسائره في سوريا والعراق، وأن اسم الفيديو «غزوة الثأر للعفيفات» لإثارة مشاعرهن وشحذ هممهن للمشاركة.
وسبق أن فتح التنظيم باب انتساب النساء إلى كتيبتي أطلق عليهما «الخنساء» و«أم الريحان» عام 2014 مشترطا أن تكون المنتسبات من النساء العازبات بين عمر 18 و25 عاما.
وقال الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في الحركات الإسلامية، إن «إقدام التنظيم على تجنيد النساء ربما يكون نابعا من كونهن أسهل في الإقناع من الرجال بسبب ظروفهن الحياتية، أو لربما أقدم على هذا السبيل بعد سلسلة من الرفض من قبل اليافعين من الرجال داخل صفوفه».
بينما أكد اللواء طلعت مسلم، الخبير الأمني والاستراتيجي، أن «داعش» لا يدخر جهدا في استخدام كافة الوسائل من أجل ضمان مورد لتجنيد مُقاتلين جدد لصفوفه، والدعوة لتجنيد «داعش» من جديد للنساء نوع من اليأس.
من جانبها، كشفت دار الإفتاء المصرية عن أن التنظيم أصدر فتوى عام 2000 حثت النساء على القيام بعمليات انتحارية، وأن فتاوى مشاركة المرأة في العمليات القتالية ليس الضابط فيها شرعيا، إنما حاجة التنظيم إلى مقاتلين في صفوفه من عدمه، فإذا ألزمت الحاجة التنظيم للمشاركة النسائية أصدر فتوى تبيح لها ذلك، مثلما حدث في عام 2000 وأيدتها فتوى أخرى عام 2015 من أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم «المزعوم» تُجيز تدريب النساء للمشاركة مع أزواجهن في المعارك في حال نقص أعداد المقاتلين.
مضيفة في تقرير لها أمس، أن فتوى وجوب مشاركة المرأة في القتال تراجعت من درجة الواجب والإلزام، إلى الجواز، ثم كراهية المشاركة مع تزايد أعداد المقاتلين داخل صفوف التنظيم كما في عام 2016.
وفي أبريل (نيسان) العام الماضي، أكدت تقارير دولية، أن «داعش» لجأ إلى الاستعانة بالنساء والأطفال لسد النقص في عدد مقاتليه، وأن ثلث أفراد التنظيم تقريبا الآن من النساء، وأن النساء أصبحن يتلقين التدريبات العسكرية للمشاركة في القتال، وأنهن أصبحن خياره للمستقبل لاستكمال حلم «الخلافة المزعومة».
وقال تقرير الإفتاء، إنه مع كثافة الضربات والهزائم التي مُني بها التنظيم وفقدانه الكثير من الأعداد والأرض، أعاد تدوير فتوى أخرى في عام 2017 توجب على المرأة المشاركة في القتال بجانب الرجل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.