في الوقت الذي بدأت فيه دورة الموضة العالمية للأزياء الجاهزة في نيويورك لتنتهي في شهر مارس (آذار) في باريس، وفي وقت اقتنع فيه ذوو الألباب أن الأزياء بالفعل لغة قائمة بذاتها بدليل أن النجمات والسياسيين على حد سواء يعتمدونها لإيصال رسائلهم، شعر المصممون وبيوت الأزياء أن اللعبة تغيرت. فقد بات عليهم الآن أن يزيدوا من الجرعة الفنية، ليس في التصاميم فحسب بل أيضا في طرق تسويقها.
فالدعايات والحملات الترويجية التي كانوا يقومون بها سابقا لم تعد كافية بعد أن غيرت وسائل التواصل الاجتماعي ديناميكية اللعبة وقلبت الكثير من المسلمات التقليدية. الذكي من فهم التغيير وركب موجه عوض محاربته، خصوصا وأن الوسيلة واضحة تتلخص في مجرد توفير أفكار مُحفزة وصور مُغرية.
دار «غوتشي» من بين أهم بيوت الأزياء التي تبرهن لحد الآن على ذكاء تسويقي وفني على حد سواء، وكانت من بين من تبنوا الموجة الجديدة. آخر إنجازاتها في هذا المجال أنها تعاونت مع الفنان الإسباني إغناسي مونريال، ضمن حملة أطلقت عليها «آرت وول» أو جدار الفن. طلبت فيها من الفنان أن يسلط الضوء على تشكيلتها لربيع 2018 برسمها بأسلوبه السريالي الحالم على جدران ميلانو ونيويورك على أن يقوم بذات العملية في هونغ كونغ في منتصف هذا الشهر.
في ميلانو تجسد عمله في «لارغو لا فوبا» الواقع في قلب «كورسو غاريبالدي، في لوحة جدارية تبلغ 176 مترا مربعا استلهمها الفنان من الثنائي في لوحة يعود تاريخها إلى 1434 للفنان جان فان آيك بعنوان «ذي أرنولفيني بورتريه»، وأخرى مستلهمة من لوحة «ذي غاردن أوف أورثلي ديلايت» لهيرونيموس بوش يعود تاريخها لما بين (1490و 1500).
أما في نيويورك فتجسد العمل في جدارية في شارع «لافاييت» بمانهاتن تحتل فيها عارضتان تلبسان نظارات شمسية بأسلوب الفنان السريالي مساحة 760 مترا مربعا.
اللافت أن دور الأزياء تحاول منذ سنوات أن تخص التقاليد والمتعارف عليه. بداية بالتعاون مع مخرجين سينمائيين عالميين كما هو الحال مثلا بحملة عطر «بلو دوشانيل» الرجالي الذي صوره مارتن سكورسيزي، وكان مفاجأة للجميع حينها.
لكن شتان بين 2010 والآن، حيث أصبحت الصورة كل شيء. والنتيجة استفادة شركات دعائية عالمية انتعشت وأخذت محل هؤلاء المخرجين للقيام بهذا الدور. ففيلم قصير مهما كانت إبهاراته ومؤثراته لن يستوقف كل من يمر من أمام لوحة جدارية ضخمة، سواء كان لهم اهتمام بالموضة والفن أم لا.
ممن استفادوا من الظاهرة شركة «كولسول ميديا»، التي تنفذ هذه الأعمال الدعائية على يد مجموعة من الرسامين والفنانين من خريجي الجامعات.
فهي الآن لا تتعاون مع «غوتشي» وحدها بل أيضا مع «إيف سان لوران» وبيوت أزياء فرنسية أخرى، ممن اكتشفوا أن هذه الطريقة تتعدى كونها مجرد دعاية إلى تجربة ممتعة. للشركة حاليا لا يقل عن 120 لوحة جدارية في الولايات المتحدة الأميركية وحدها. 20 منها في مانهاتن و68 في بروكلين، وكل واحدة منها تحكي حكاية تستوقف من يمر من أمامها.
بالنسبة لـ«غوتشي» والفنان الإسباني إغناسي مونريال، فإن هذا ليس أول تعاون بينهما. ففي شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أثمر تعاونهما على مجموعة من هدايا نهاية رأس السنة، شملت «تي - شيرتات» وحقائب يد وإكسسوارات وملابس أطفال وأدوات منزلية وغيرها، شكلت فيما بعد جزءا من كتاب أصدرته الدار فيما بعد. شمل أيضا «تي - شيرت» ظهر في تشكيلتها من خط «الكروز» لعام 2018.
«غوتشي» تركب موجة الصورة بجداريات ضخمة
«غوتشي» تركب موجة الصورة بجداريات ضخمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة