العالول: ترمب يسعى لتصفية القضية... وإسرائيل تعمق نظام الفصل العنصري

الفلسطينيون يرفضون محاولات أميركية لعقد اجتماعات معهم

TT

العالول: ترمب يسعى لتصفية القضية... وإسرائيل تعمق نظام الفصل العنصري

اتهم محمود العالول، نائب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رئاسة حركة فتح، الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بـ«السعي» لتصفية القضية الفلسطينية.
وقال العالول، إن ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعملان على تصفية القضية من خلال الاتفاق على مجموعة إجراءات تمس جوهر القضية، متعلقة بالسيطرة على الضفة والقدس واللاجئين والاستيطان.
وأكد العالول رفض القيادة الفلسطينية المطلق لأي خطوات أحادية لفرض السيطرة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية. وقال: «هذا الوضع خطير جدا، لأن إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية تسعيان، من خلال ذلك، إلى تصفية القضية الفلسطينية».
وتعهد العالول بالتصدي للسياسة الإسرائيلية عبر العمل السياسي والميداني.
ورفض العالول أي حل أميركي بما في ذلك الإقليمي. وقال إنه لن يسمح للولايات المتحدة بتمرير أي حل لا يستند إلى قرارات الشرعية الدولية وأسس عملية السلام.
وقطعت السلطة العلاقات مع الإدارة الأميركية بعد قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأعلن الفلسطينيون أن الإدارة الأميركية فقدت أهليتها وسيطا وراعيا لعملية السلام ردا على إعلان ترمب، وطالبوا بآلية دولية جديدة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أمس، إن الولايات المتحدة الأميركية تحاول الاجتماع مع الجانب الفلسطيني «بأي ثمن». وأضاف للإذاعة الفلسطينية الرسمية، إن «المحاولات الأميركية تهدف إلى إيصال رسالة للعالم بأن الفلسطينيين غضبوا لأسابيع فقط من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ومن ثم عادوا للمفاوضات».
وأضاف، أن «واشنطن تريد من ذلك تجهيز لقاء فلسطيني إسرائيلي لاستئناف المفاوضات يستثني القضايا الرئيسية، مثل القدس والحدود والمستوطنات»، مؤكدا الرفض الفلسطيني لذلك.
وطالب عريقات الإدارة الأميركية «بالتراجع عن قرارها اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، والكف عن الابتزاز وتصفية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)»، في حال «أرادت أن تكون وسيطا في عملية السلام بأي شكل».
وأكد أن الجانب الفلسطيني لم يسع للصدام مع واشنطن «إنما الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، والوقوف في وجه جرائم الحرب الإسرائيلية، من أجل بناء غطاء دولي يتركز على الشرعية الدولية حفاظا على مبدأ الدولتين على حدود 1967».
وهاجم عريقات كذلك، محاولات إسرائيل فرض سيطرتها على المستوطنات في الضفة الغربية، مشددا على رفض القيادة الفلسطينية لهذه المخططات.
وجاء حديث العالول وعريقات في وقت أثير فيه جدل كبير حول اتفاق إسرائيلي أميركي على ضم الضفة الغربية لإسرائيل، بحسب تلميحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأمر الذي نفته الإدارة الأميركية.
وكان نتنياهو قال، خلال جلسة لكتلة حزب الليكود، الذي يتزعمه في الكنيست الإسرائيلي، إنه يتشاور مع الإدارة الأميركية بشأن فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، لكن واشنطن نفت ذلك.
ويعتقد المسؤولون الفلسطينيون، أنه على الرغم من النفي الأميركي فإن الإدارة الأميركية الحالية لن تكبح جماح إسرائيل فيما يخص هذا التوجه.
وأشعلت مصادقة تطبيق القانون الإسرائيلي على معاهد التعليم العليا في المستوطنات في الضفة، مخاوف كبيرة من نية إسرائيل التدرج نحو ضم الضفة الغربية.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية مصادقة الكنيست الإسرائيلية، على تطبيق القانون الإسرائيلي على المؤسسات الأكاديمية في المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت الوزارة، في بيان، إن هذا القانون «يعتبر حلقة في سلسلة القوانين التميزية العنصرية التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية، بهدف تكريس سيطرة اليمين واليمين المتطرف على مفاصل الحكم في دولة الاحتلال، ولتعزيز نفوذ الآيديولوجية اليمينية الظلامية القائمة على تكريس الاحتلال وتعميق الاستيطان».
وأضافت أن هذا القانون «يأتي في سياق سياسة احتلالية معلنة ترمي إلى الضم التدريجي لأجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة لدولة الاحتلال، وإلى دعم ومساندة وتشجيع عمليات التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة».
وأكدت الوزارة أن القانون المذكور «دليل واضح على أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي حكومة مستوطنين بامتياز، يتسابق أركانها على تنفيذ البرامج والسياسات التي تُحقق دعما أوسع وأكبر للمستوطنين ومصالحهم وعصاباتهم المتطرفة».
وحذرت الخارجية الفلسطينية من «تداعيات هذه الخطوة الاستعمارية التوسعية على مستقبل السلام المنشود، خصوصا ما تمثله من تعميق وحشي لنظام فصل عنصري بغيض في فلسطين المحتلة».
وطالبت الوزارة الدول والجهات الدولية المختصة، بالخروج عن صمتها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمساءلة الحكومة الإسرائيلية ومحاسبتها على «خروقاتها الجسيمة وجرائمها وانتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».
كما دعت الاتحادات والمؤسسات الأكاديمية الدولية والجامعات إلى فرض عقوبات صارمة على سلطات إسرائيل، لإجبارها على التراجع عن هذا القانون «الذي يشكل إهانة صريحة للتعليم والحياة الأكاديمية الإنسانية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم