انطلاقة بطيئة لـ«هيئة الانتخابات» وتأخير في تعيين «فريق تنفيذي»

TT

انطلاقة بطيئة لـ«هيئة الانتخابات» وتأخير في تعيين «فريق تنفيذي»

تطرح الجمعيات المعنية بمواكبة التحضيرات والاستعدادات للانتخابات النيابية، سواءً من وزارة الداخلية والهيئات التابعة لها، أو من قبل المرشحين أنفسهم، علامات استفهام وملاحظات حول «بطء» انطلاقة «هيئة الإشراف على الانتخابات»، إن كان من خلال التأخير في تعيين الفريق التنفيذي المخول جمع التقارير حول الإنفاق الانتخابي، كما رصدت وسائل الإعلام، أو من خلال عدم إطلاق برنامج التثقيف الانتخابي، الذي ارتأت وزارة الداخلية أن يبدأ مطلع الشهر المقبل.
وباشرت الهيئة التي تم تعيينها في سبتمبر (أيلول) الماضي من قبل مجلس الوزراء، وتضم 10 أعضاء، عملها قبل أسابيع، نظراً للتأخير في تأمين مكاتب لها، وهو تأخير على ما يبدو يلحظ جوانب كثيرة من مهامها، كما يؤكد المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات عمر كبول، كاشفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه حتى الساعة لم يتم تعيين إلا شخصين كي يكونا جزءاً من الفريق التنفيذي، الذي كان يضم في العام 2009 سبعين شخصاً. ويضيف كبول: «عمل هذا الفريق أساسي، ويلحظ مراقبة الإعلام والإعلان والدعاية والظهور الإعلامي للمرشحين، إضافة للإنفاق على الحملات الانتخابية وجمع التقارير من المرشحين، وحتى الساعة لم يتم فتح باب استقبال الطلبات للراغبين بأن يكونوا جزءاً من هذا الفريق». ويشير كبول إلى أن «الهيئة لم تستلم مكاتبها إلا قبل أسبوعين، وحتى الساعة لم يتم تجهيزها بشكل كامل»، مشدداً على أن الملاحظات الأبرز التي لدى الجمعية التي يديرها «ترتبط وبشكل خاص بالدور التثقيفي للهيئة، الذي أناطه بها القانون الجديد للانتخاب». ويقول: «من واجبات الهيئة إعداد برامج خاصة لشرح آلية الانتخاب، ويبدو أن الوزارة حددت الأول من مارس (آذار) موعداً لإطلاق هذه الحملة، وهذا الموعد برأينا متأخر، خصوصاً أن القانون الجديد صعب على التقنيين والعاملين في الماكينات الانتخابية وعلى المرشحين والسياسيين كذلك»، مضيفاً: «عقدنا 84 لقاء منذ شهر يونيو (حزيران)، تبين خلالها أن الناخبين يريدون أن يعرفوا أكثر من كيفية التصويت والاطلاع على عملية الفرز وتوزيع الأصوات التفضيلية، باعتبار أن كلها عناصر جديدة أضف إليها أن النظام الانتخابي الجديد الذي يعتمد النسبية».
ومن أبرز مهام وصلاحيات «هيئة الإشراف على الانتخابات» التي حددها قانون الانتخاب، إلى جانب «التثقيف الانتخابي»، ممارسة الرقابة على الإنفاق الانتخابي، وتسلّم الكشوفات المالية العائدة لحملات اللوائح والمرشحين والتدقيق فيها، وتلقّي طلبات وسائل الإعلام الراغبة في المشاركة في الإعلان الانتخابي المدفوع الأجر وفقاً لأحكام القانون، ومراقبة تقيّد اللوائح والمرشحين ووسائل الإعلام على اختلافها بالقوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الانتخابية، كما إعداد تقرير بأعمال الهيئة على أن يُرفع إلى كل من رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء، وينشر في الجريدة الرسمية.
وقد أدخل القانون الانتخابي الجديد، الذي أقره مجلس النواب الصيف الماضي، تعديلات على عمل الهيئة، التي كانت بالقانون السابق مؤقتة ومرتبطة كلياً بوزارة الداخلية، وقد تحولت دائمة، وباتت تتمتع باستقلال جزئي يخولها إرسال تقريرها مباشرة إلى الرؤساء الـ3 من دون أن يتم ذلك عبر وزير الداخلية.
وتأخذ «الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات» على الحكومة اللبنانية عدم إقرار النظام الداخلي للهيئة الذي يجب أن ينشر بعد ذلك في الجريدة الرسمية، كما يتحدث مديرها التنفيذي عمر كبول عن «أخطاء تقنية ترتكبها الهيئة كطلبها من هيئات المجتمع المدني تقديم الطلبات للمشاركة في مراقبة العملية الانتخابية على أن ترفق بأسماء المراقبين، علماً بأن هذا الموضوع غير ممكن على الإطلاق، باعتبار أن المراقبين يخضعون لدورات تدريبية، ولا يمكن حسم أسمائهم في المرحلة الراهنة»، مشيراً إلى «نقص في أعضاء الهيئة ذوي الخبرة في تنظيم الانتخابات».
بالمقابل، تؤكد مصادر الهيئة أنها بدأت عملها الفعلي، وأن أعضاءها باتوا موجودين في مكاتبهم الجديدة، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك توجهاً لتوكيل شركة خاصة القيام بأعمال رصد وسائل الإعلام، التي كان يقوم بها فريق تابع للهيئة في العام 2009، رافضة إعطاء المزيد من التفاصيل.
وكانت الهيئة أصدرت قبل أيام بياناً في شأن تمويل الحملات الانتخابية، دعت فيه كل مرشح ولائحة إلى فتح حساب في مصرف عامل في لبنان يسمى حساب الحملة الانتخابية، على ألا يكون خاضعاً للسرية المصرفية. وذكّر البيان بـ«سقف المبلغ الأقصى» الذي يجوز لكل مرشح إنفاقه أثناء فترة الحملة الانتخابية، ويشمل: قسماً ثابتاً مقطوعاً قدره مائة وخمسون مليون ليرة لبنانية، يضاف إليه قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى التي ينتخب فيها وقدره خمسة آلاف ليرة لبنانية عن كل ناخب من الناخبين المسجلين في قوائم الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى. أما سقف الإنفاق الانتخابي للائحة فهو مبلغ ثابت مقطوع قدره مائة وخمسون مليون ليرة لبنانية عن كل مرشح فيها. ويرى الخبراء الانتخابيون أن المبالغ المحددة كبيرة جداً، خصوصاً في الدوائر التي تضم عدداً كبيراً من الناخبين، ما يجعل من المستحيل تخطي هذه المبالغ.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.