عيادات العلاج بالخلايا الجذعية... بين الحقائق العلمية والادعاءات الزائفة

الإعلانات الترويجية وانعدام الضوابط القانونية يسهلان عمليات الاحتيال

عيادات العلاج بالخلايا الجذعية... بين الحقائق العلمية والادعاءات الزائفة
TT

عيادات العلاج بالخلايا الجذعية... بين الحقائق العلمية والادعاءات الزائفة

عيادات العلاج بالخلايا الجذعية... بين الحقائق العلمية والادعاءات الزائفة

يُسهِم مزيج من الالتباس الطبي وانعدام الضوابط القانونية في دعم عيادات العلاج بالخلايا الجذعية، وهو العلاج الذي لم يخضع للتجربة المخبرية.

حادثة وفاة
حدثت أول وفاة بسبب العلاج بالخلايا الجذعية لم يكن مدعوماً بالبراهين في أستراليا، حيث رأى زوج شيلا دريسدايل في العلاج بالخلايا الجذعية محاولةً أخيرةً ويائسةً لتخفيف عوارض الخرف التي تعاني منها زوجته. ولكن الزوجة توفيت للأسف عن 75 عاماً في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2013، في اليوم نفسه الذي تلقّت فيه العلاج في سيدني بأستراليا . وفي يوليو (تموز) 2016، حكم الطبيب الشرعي الذي كان يحقّق في القضية بأن دريسدايل نزفت حتى الموت نتيجة عملية شفط الدهون التي تطلبها العلاج، قائلاً إن هذه العملية الأخيرة حملت كثيراً من مؤشرات الاحتيال الطبي. وبعد الذعر الذي أثارته هذه القضية وأول حالة وفاة ناتجة عن العلاج بالخلايا الجذعية، إلى جانب حالات أخرى لم يشتبه بها، فرضت حكومتا الولايات المتحدة وأستراليا إجراءات جديدة مهمتها تنظيم العيادات غير القانونية التي تقدم هذا العلاج، وفي الوقت نفسه، دعم العيادات التي تطوّر علاجات قانونية. وتحمل الخلايا الجذعية - وهي الخلايا الأصلية التي لم تتحول بعد إلى خلايا متخصصة في الجسم - وعوداً كبيرة لأنها تتميّز بالقدرة على النضوج في قلب الأنسجة وإصلاح كثير منها في الجسم. وكانت بعض الشركات قد أعلنت العام الماضي أنها تدعم تطوير علاج بالخلايا الجذعية للسكري وآلام أسفل الظهر مثلاً. كما استخدم الأطباء لعدو عقود الخلايا الجذعية التي تنشط في الدم والنخاع العظمي لعلاج حالات كسرطان الدم بشكل غير مباشر.

ادعاءات زائفة
ولكن خلال السنوات القليلة الماضية، انتشرت مئات العيادات التي تقدّم علاجات بالخلايا الجذعية التي لم يتمَّ اختبارها بشكل دقيق في تجارب عيادية أو اعتمادها من قبل أجهزة الإشراف المعنية.
يقول شون موريسون، من مركز جامعة تكساس الطبي، الرئيس السابق للجمعية العالمية لأبحاث الخلايا الجذعية إن لائحة طويلة من العيادات تطرح ادعاءات لإجراء تجارب هي مستحيلة من الناحية العلمية. ويضيف: «تدعي هذه العيادات أيضاً أنها قادرة على شفاء حالات كمرض ألزهايمر، والتصلب الجانبي الضموري، والتوحد». وتعرض هذه الادعاءات بشكل ترويجي مؤثر على المواقع الإلكترونية وتقدم في الندوات التعريفية التي تهدف إلى اصطياد المغامرين. وعلينا إذن أن نفعل الكثير لحماية الأشخاص اليائسين.
حدّدت دراسة أُجرِيَت عام 2016، أسماء 351 شركة تقدّم تدخلات علاجية عمادها الخلايا الجذعية، سواء كانت قانونية أو غير قانونية، في 570 منطقة في الولايات المتحدة الأميركية. وتبيّن أن النقاط الساخنة التي تتضمن هذه العيادات هي كاليفورنيا التي تحتوي على 133 عيادة، وفلوريدا 104، وتكساس 71. ومنذ ذلك الحين، تمّ افتتاح أكثر من 100 مشروع و150 عيادة إضافية. يعتبر ليه تورنر من جامعة مينيسوتا الذي شارك في إعداد هذه الدراسة عام 2016 ولا يزال مستمراً في متابعة نتائجها، أن هذه العيادات تتوسع بشكل مستمر.
وتعج أستراليا أيضاً بعيادات علاجات الخلايا الجذعية، وتبيّن في الإحصاء الأخير أنها وصلت إلى 60 عيادة. في المقابل، لم تظهر عيادات الخلايا الجذعية في أي منطقة غرب أوروبا، مع افتتاح عدد قليل منها في شرق أوروبا. ويقول روبين لوفيل بادج من معهد «لندن فرانسيس كريك في حديث لمجلة (نيوساينتست) البريطانية»: «في أوروبا، استطاعت الهيئات المشرفة أن تسيطر على علاجات الخلايا الجذعية غير المجرّبة بشكل كبير، وبفضل الرقابة الشديدة على عدة مستويات، صعّبت القيام بأي مشروع خارج التجارب العلمية القانونية».

تجاوز الحدود
ثلاثة عوامل أسهمت في انتشار العيادات الخاصة التي تعتمد علاجات الخلايا الجذعية في الولايات المتحدة وأستراليا.
• العامل الأول هو الغموض المحيط بإمكانية اعتبار إجراءات مثل إزالة وإعادة حقن الخلايا الجذعية في جسم الشخص نفسه، معياراً طبياً معتمداً يشابه نقل شريان معيّن من قَدَم أحدهم لاستخدامه في عملية فتح الشريان التاجي في قلبه مثلاً. وفي حال عمدت إحدى العيادات مثلا إلى استبدال نسيج أحدهم، واستخدام خلايا جذعية مستخلصة تم إنضاجها داخل المخبر لتصبح ناضجة أو متحولة إلى خلايا من نوع آخر، قد يتحوّل الأمر إلى علاج جديد، يتطلب الاختبار والترخيص اللذين يتطلبهما أي دواء حديث.
إلا أنّ معرفة من تجاوز هذا الحدّ يمكن أن يكون أمراً صعباً ومربكاً؛ فقد وجدت «دراسة تورنر» أن 61 في المائة من عيادات العلاج بالخلايا الجذعية تُقدِّم علاجات تعتمد على سحب وإعادة حقن الخلايا الدهنية، وتحديداً الأنسجة الدهنية. بعض هذه العيادات كان يعمل سابقاً في عمليات شفط الدهون ثم انتقل إلى علاجات الخلايا الجذعية.
• العامل الثاني هو التراخي الذي تتعامل به الهيئات القانونية المنظمة كإدارة الغذاء والدواء الأميركية، التي يحكمها مناخ مناسب للأعمال الحرّة، على عكس أوروبا.
• والعامل الثالث هو ازدياد القوانين الأميركية التي تخول الناس تجربة العلاجات غير الخاضعة لاختبار مخبري، وفي الوقت نفسه تحرمهم حقّ الملاحقة القانونية في حال سارت هذه العلاجات بشكل سلبي. هذه القوانين التي توضع في خانة «حقّ المحاولة» معتمَدة وتطبَّق في 38 ولاية.
ولكن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ونظيرتها الأسترالية «إدارة السلع العلاجية» قررتا بشكل منفصل العام الماضي بأن تتحركا، فاقترحت الهيئتان تغييرات تنظيمية للتمييز بين التقديمات العيادية القليلة التدخل في الجسم، التي تُعتَبَر كأي جراء طبي روتيني، والعلاجات الأكثر تجذراً، التي يتمّ فيها حقن الجسم بخلايا أو أنسجة معدلة في الخارج، فيجعل منها علاج جديد غير مجرّب.
ويقول موريسون: «إن عمل الخبراء على تنمية الخلايا في الزرع، يتيح لهم مثلاً إدخال التعديلات عليها قبل إعادة حقنها». كما أن إعادة حقن الخلايا الدهنية قد يكون شديد الخطورة في عدّة أماكن، كالحقن المباشر في مجرى الدم أو الدماغ.
رحّب مؤسسو وأعضاء الجمعيات المناصرة لتنظيم هذه العيادات بالقوانين الجديدة، التي من المتوقع أن تنتهي صياغتها في الولايات المتحدة وأستراليا في أواخر هذا العام، إلا أن البعض يخشى ألا تذهب هذه الإجراءات إلى الحدّ المطلوب من التنظيم.
يقول جون راسكو، من مستشفى الأمير ألفريد الملكي في سيدني والكاتب الرئيسي في التحقيقات العالمية التي أجريت عن الخلايا الجذعية عام 2016: «لا يمكننا أن نحدّد درجة فعالية هذه القوانين التي ستعتمدها إدارة السلع العلاجية قبل أن نطّلع على تفاصيلها».
في الولايات المتحدة، يخشى الخبراء أن يحول افتقار إدارة الغذاء والدواء إلى المصادر المطلوبة دون نجاحها في التحقيق في أمر مئات العيادات. فقد لَمّح سكوت غوتليب، ممثل الإدارة في مؤتمر صحافي في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن عدد العيادات الناشطة التي تقدم علاجات احتيالية قليل، وأنها ستكون الهدف الأول.

التحقيق مع العيادات
حتى اليوم، عملت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على التحقيق في ملفات ثلاث عيادات فقط. وقد جرى الإعلان عن آخر إشعار تحذيري تلقته أحدها في أوائل هذا الشهر، في حين أعلن عن التحقيقين بشأن العيادتين الأخريين في أغسطس (آب) الماضي، قبل الكشف عن القوانين الجديدة. ولكن النقاد يقولون إن إدارة الغذاء والدواء تستخفّ بتقدير حجم التحرك المطلوب، إذ إن الأمر لا يقتصر على بعض المراكز السيئة فحسب بل ويمتد إلى العيادات الذائعة الصيت.
هناك أيضاً عائق آخر يتمثّل بالناس أنفسهم، أولئك الذين يستمدون التشجيع من قانون حقّ المحاولة الذي تروج له منظمات كثيرة، ويرون في إدارة الغذاء والدواء عدواً للخيار الحرّ.
ويقول مناصرو الخيار الحر إن أقل من 3 في المائة من المرضى الأميركيين الذين وصلوا إلى مراحل المرض النهائية يلجأون إلى الخضوع لعلاجات تجريبية من خلال تجارب عيادية، ويحاججون بأن آخرين لا يُسمَح لهم إلا بتناول أدوية تجاوزت اختبارات السلامة الأساسية. ويضيف أن أكثر من مليون أميركي يموتون سنوياً لأن إدارة الغذاء والدواء يمكن أن تؤخر إصدار موافقتها حتى 15 عاماً. أمّا بالنسبة للأشخاص الذين يستطيعون الخضوع لهذه التجارب، فغالباً ما يأتون بعد أن يكون الأوان قد فات.
ولكن داعمي حملة إدارة الغذاء والدواء الأميركية ضدّ علاجات الخلايا الجذعية المريبة يقولون إن توسيع إمكانية الخضوع لهذه العلاجات سيعطي لهذه العيادات المساحة تقديم علاجات غير قانونية.
ويضيف موريسون أن الناس لا يفهمون أن قوانين حرية المحاولة هي فرص لتحويل المرضى إلى ضحايا دون تحمّل أي عواقب.
ويقول الخبراء إن مسؤولي الإدارة يحتاجون إلى مزيد من المحققين لإرسال المزيد من الإنذارات. أما الخطوة الأثقل فستكون الإدانات الجرمية وإثبات عمليات الاحتيال وتعرّض الناس لضرر حقيقي. إن إدانة أحدهم بارتكاب جرم الاحتيال سيكون له النتيجة الأكثر فعالية.

العلاج بالخلايا الجذعية قد يصبح مدمراً

تعرّض الأشخاص الذين تلقوا العلاج في عيادات الخلايا الجذعية التي تسوق علاجات غير قانونية إلى ضرر بالغ، كما عُرض عليهم الحصول على أدوية باهظة لا تحمل أي فرصة للشفاء، بل زادت حالتهم سوءًا.
الشهر الماضي، تقدّمت امرأة ادعت أنها أصيبت بالعمى جرّاء علاجات الخلايا الجذعية بدعوى قضائية ضدّ الشركات المنتجة للأدوية. وفي مارس (آذار) 2017، برز تقرير يتحدّث عن ثلاث نساء يعانين من التنكس البقعي (في العين) المرتبط بتقدم العمر، أصبن بانحسار حادة في الرؤية بعد تلقيهن حقناً تحتوي على أنسجة دهنية في العينين يُفتَرَض أنها تتضمن خلايا جذعية علاجية، وانتهى أمر إحداهن بفقدان البصر التام.
دفعت كلّ واحدة من هؤلاء النساء مبلغ 5000 دولار مقابل العلاج، وسارعن جميعهن إلى تلقي علاجات فورية للعوارض الجانبية التي ظهرت عليهن عام 2015.
وعانت أيضاً امرأة أميركية مصابة بالشلل تلقت حقن خلايا جذعية من الأنف في العمود الفقري في البرتغال من انزعاج واضطراب شديدين بعد ثماني سنوات على الحقن. ووفقاً لما أعلن عام 2014، فإن سبب هذا الانزعاج يعود إلى نمو نسيج أنفي يحتوي على عظمة وصل حجمه إلى ثلاثة سنتيمترات في منطقة الحقن.
وكانت مجلة «نيو ساينتست» قد عرضت العام الماضي لما أعلنته عيادة هندية تقدّم علاجاً بالخلايا الجذعية لعلاج 14 شخصاً من متلازمة داون، وهي الحالة التي يصاب بها شخص ورث كروموسومات إضافية. ولكن على الرغم من ادعاء العيادة أن هذا العلاج آتى ثماره، عجز خبراء تواصلت معهم المجلّة عن تفسير كيف يمكن لعلاج بالخلايا الجذعية أن يعطي أي نتائج إيجابية.


مقالات ذات صلة

العلاج بالكتابة يقلل الصدمات النفسية المرتبطة بالسرطان

صحتك العلاج بالكتابة لمواجهة الصدمات النفسية لمرضى السرطان (جامعة كولورادو)

العلاج بالكتابة يقلل الصدمات النفسية المرتبطة بالسرطان

أفادت دراسة أميركية، بأن العلاج بالكتابة يساعد مرضى السرطان في مرحلة متأخرة على مواجهة أكبر المخاوف والصدمات النفسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تنتشر جزيئات البلاستيك الدقيقة في كل مكان حولنا (رويترز)

ما هي الأطعمة التي تحتوي على جزيئات بلاستيكية؟

تنتشر جزيئات البلاستيك الدقيقة في كل مكان حولنا، حيث تستخدم هذه الجزيئات في تغليف المواد الغذائية والطلاء والكثير من الصناعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»

الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»

الذكاء الاصطناعي يبتكر مخططات لتعديل الحمض النووي.

كيد متز (نيويورك)
صحتك البدينون يتعرضون أكثر للتنمر على منصات التواصل الاجتماعي

البدينون يتعرضون أكثر للتنمر على منصات التواصل الاجتماعي

دراسة استقصائية حول خطورة التنمر المرتبط بالوزن.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك أقراص دوائية (أرشيفية - رويترز)

دواء شائع ورخيص الثمن قد يكون سر طول العمر

أكدت دراسة علمية جديدة أن هناك دواءً شائعاً رخيصاً، يستخدم في الأساس لعلاج مرض السكري، قد يساعدك على العيش حياة أطول وأكثر صحة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»

الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
TT

الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»

الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»

بقدر ما يولِّد نظام الذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي ChatGPT» الشِّعر، فإن نظماً جديدة للذكاء الاصطناعي تبتكر مخططات لآليات مجهرية يمكنها تعديل الحمض النووي الخاص بك.

نظام ذكي لتحرير الجينات

يمكن للتقنيات كتابة الشِّعر وبرمجيات الكومبيوتر أو إنشاء صور للأحياء ومقاطع فيديو لشخصيات كرتونية تبدو كأنها شيء من أفلام هوليوود. إلا أن نظم الذكاء الاصطناعي الجديد، تعمل الآن على إنشاء مخططات لآليات بيولوجية مجهرية يمكنها تعديل الحمض النووي الخاص بك، مما يشير إلى مستقبل يستطيع فيه العلماء محاربة الأمراض بدقة وسرعة أكبر مما يمكنهم فعله اليوم.

وكما أوضحت ورقة بحثية نشرتها يوم الاثنين، شركة ناشئة في بيركلي بولاية كاليفورنيا تُدعى «بروفلوينت Profluent»، فإن هذه التكنولوجيا تعتمد على الأساليب نفسها التي تدفع «تشات جي بي تي»، برنامج الدردشة عبر الإنترنت الذي أطلق الذكاء الاصطناعي طفرة بعد صدورها في عام 2022.

ومن المتوقع أن تقدم الشركة الورقة البحثية الشهر المقبل في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للعلاج الجيني والخلوي.

توليد «مقصّات جينية»

بقدر ما يتعلم «تشات جي بي تي» كيفية توليد اللغة من خلال تحليل المقالات والكتب وسجلات الدردشة في موسوعة «ويكيبيديا»، فإن تقنية «بروفلوينت» تُنشئ محررات (أو مقصات) جينات جديدة بعد تحليل كميات هائلة من البيانات البيولوجية، بما في ذلك الآليات المجهرية التي يستخدمها العلماء بالفعل لتحرير الحمض النووي البشري.

تعتمد برامج تحرير الجينات هذه على الأساليب الحائزة جائزة نوبل والتي تتضمن آليات بيولوجية تسمى «كريسبر». تعمل التكنولوجيا المبنية على كريسبر بالفعل على تغيير الطريقة التي يدرس بها العلماء الأمراض ومكافحتها، مما يوفّر طريقة لتغيير الجينات التي تسبب حالات وراثية، مثل فقر الدم المنجلي والعمى.

* خدمة «نيويورك تايمز»


المعلمون يقودون مسيرة الذكاء الاصطناعي والتواصل المرئي

المعلمون يقودون مسيرة الذكاء الاصطناعي والتواصل المرئي
TT

المعلمون يقودون مسيرة الذكاء الاصطناعي والتواصل المرئي

المعلمون يقودون مسيرة الذكاء الاصطناعي والتواصل المرئي

نظراً لأن التواصل المرئي أصبح القاعدة في مكان العمل، وتحول الذكاء الاصطناعي (AI) من أداة لطيفة إلى ضرورة متوقعة، فمن الواضح الآن أن فصولنا الدراسية بحاجة إلى التكيف، إلا أننا نعلم جميعاً أن التغيير ليس بالأمر السهل.

المعلمون مستعدون للتحديات

وقد كتب جيسون ويلموت في مجلة «فاست كومباني» يقول إن الخبر المشجع هو أن المعلمين الآن على مستوى التحدي. ومع إدراكهم فوائد دمج الاتصال المرئي والذكاء الاصطناعي في التعليم - بهدف تعزيز تعلم الطلاب، وتحسين خبرات التدريس، وتقليل الأعباء الإدارية - فليس هناك شك في أن هذا سيؤدي إلى مزيد من التقدم المثير في هذا المجال. لقد أُتيحت لي الفرصة لقيادة حلقة نقاش حول هذا الموضوع في مؤتمر «SXSW EDU» (المنعقد في مدينة أوستن في تكساس) الشهر الماضي.

هذه هي الجوانب الأربعة الرئيسية التي ناقشناها.

تنمية المعرفة البصرية

إن تنمية المعرفة البصرية أمر ضروري في عصر يهيمن عليه التواصل المرئي، حيث يعد فهم الرسائل وإنشاؤها ونقلها من خلال الصور أموراً أساسية. لقد أصبحت هذه المهارات ضرورية للطلاب في كل مرحلة من مراحل رحلتهم التعليمية، ليس فقط لمساعدتهم على احتضان قدراتهم الإبداعية والتعبير عن أنفسهم، ولكن لإعدادهم لسوق العمل.

كما وجدت «كانفا (Canva)» - منصة إلكترونية للتصاميم والاتصالات المرئية - في «تقرير الاقتصاد المرئي لعام 2023»، أن العناصر المرئية بسرعة هي أكثر أشكال التواصل تأثيراً في مكان العمل، حيث يعتقد 90 في المائة من قادة الأعمال العالميين أن الاتصال المرئي يعزز الكفاءة. ويرى 89 في المائة منهم تحسناً في التعاون. ويقول نحو ثلثي (61 في المائة) قادة الأعمال العالميين أيضاً إنهم يتوقعون أن «يتمتع العاملون في الأدوار غير المتعلقة بالتصميم، بمعرفة واسعة بالتصميم»، بما في ذلك القدرة على إنشاء رسومات وعروض تقديمية جديدة من الصفر.

ولحسن الحظ، يقوم المعلمون بالفعل بتسخير هذه الأدوات لتزويد الطلاب بالمهارات الأساسية، إذ إنهم لا يقومون فقط بإعدادهم للمتطلبات المهنية المستقبلية؛ بل ويعززون مشاركة الطلاب ويعززون الإبداع في هذه العملية.

الذكاء الاصطناعي عامل محفز

لقد برز الذكاء الاصطناعي بوصفه محفزاً حقيقياً للتعلم الفردي، وزيادة مشاركة الطلاب. وإن الاستفادة من هذه التكنولوجيا في الفصول الدراسية تمنحنا الفرصة لتجاوز أساليب التدريس ذات المقاس الواحد الذي يناسب الجميع، وتحقيق أقصى قدر من إمكانات الجيل القادم.

أصبح التعلم الفردي ضرورياً بشكل متزايد في رعاية احتياجات الطلاب المتنوعة، وتعزيز النمو الشامل، وتنمية شعور أعمق بالمشاركة.

خلال جلسة «SXSW EDU»، شاركت كيلي جيبسون، معلمة فنون اللغة الإنجليزية بالمدرسة الثانوية، وتحدثت عن كيف أنها استخدمت أداة تحويل النص إلى صورة من «كانفا» في فصلها الدراسي لمساعدة الطلاب على تصور الشخصيات في الروايات التي كانوا يقرأونها لإثارة المناقشات حول سمات الشخصية.

إن تزويد الطلاب بإمكانية الوصول إلى الأدوات المرئية وأدوات الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على مواكبة أحدث التقنيات، بل يتعلق الأمر بمنحهم الوسائل اللازمة للابتكار وإضفاء الحيوية على مخيلتهم.

الذكاء الاصطناعي وكفاءة المعلمين

الذكاء الاصطناعي يساعد المعلمين على تحسين فاعليتهم وكفاءتهم. يعمل المعلمون باستمرار على الموازنة بين المهام المتعددة، بدءاً من التخطيط الدقيق للدروس وحتى صياغة مواد جذابة بصرياً لطلابهم. غالباً ما تعيق القيود الزمنية التي يواجهها اختصاصيو التوعية قدرتهم على تخصيص الاهتمام الكافي لكل جانب من جوانب دورهم.

يستطيع الذكاء الاصطناعي أتمتة المهام الروتينية وتبسيطها، ما يسمح للمعلمين بتخصيص مزيد من الوقت والطاقة للمشاركة الهادفة في الفصل الدراسي.

على سبيل المثال، باستخدام أدوات مثل «ChatGPT» و«Magic Write»، يمكن للمعلمين إدخال مطالبات بسيطة لإنشاء المسودات الأولى لخطط الدروس، أو الحصول على مصدر للإلهام لنشاط فريد في الفصل الدراسي، أو تكييف المحتوى المعقد مع مستويات القراءة وأنماط التعلم المختلفة. ومع تعامل الذكاء الاصطناعي مع عبء المهام الإدارية، يمكن للمعلمين التركيز على بناء علاقات هادفة مع الطلاب.

أهمية الدعم للمعلمين

ليس هناك شك في أن الذكاء الاصطناعي سيجعل حياة المعلمين أسهل؛ ومع ذلك، أكد استطلاع الذكاء الاصطناعي في التعليم، الذي أجريناه، الحاجةَ إلى الدعم الفني للمعلمين.

يهتم المعلمون بشدة بدمج الذكاء الاصطناعي في أساليب التدريس الخاصة بهم، حيث أبدى 78 في المائة منهم حماساً لدمج الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية؛ لتعزيز الدروس وتقليل المهام الإدارية. ومع ذلك، على الرغم من هذا الحرص، فإنه توجد فجوة معرفية كبيرة، حيث لا يعرف 93 في المائة من المعلمين من أين يبدأون بأدوات الذكاء الاصطناعي.

نحن نقف في وقت مثير ومحوري بشكل لا يصدق في مجال التعليم، حيث أثبت التواصل المرئي والذكاء الاصطناعي وجودهما بصفتهما أداتين حاسمتين في مكان العمل.

يعد تمكين المعلمين بالأدوات والتوجيهات اللازمة أمراً ضرورياً - ليس فقط لتعزيز أساليب التدريس الخاصة بهم ولكن أيضاً لتزويد الطلاب بالمهارات الأساسية للنجاح في مستقبلهم.

*جيسون ويلموت رئيس القطاع العمومي في «كانفا»، مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

78 % من المعلمين

 أبدوا حماساً لدمج الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية

حقائق

93 % من المعلمين

 لا يعرفون من أين يبدأون بأدوات الذكاء الاصطناعي

اقرأ أيضاً


«النبوغ المكتسب» يطلق العِنان للمواهب الخارقة

«النبوغ المكتسب» يطلق العِنان للمواهب الخارقة
TT

«النبوغ المكتسب» يطلق العِنان للمواهب الخارقة

«النبوغ المكتسب» يطلق العِنان للمواهب الخارقة

تكشف ظاهرة «متلازمة النبوغ المكتسب» ما يحدث عندما يُطلق تلف الدماغ العنان للألمعية.

حالة مرَضية: الألوان والأشكال

كانت «ديانا دي أفيلا» في حوض سباحتها ذات يوم من عام 2017 عندما وكأنها «سقطت فجأة على سطح القمر» كما تقول. كانت قد وصلت لتوها إلى المنزل من المستشفى، حيث عولجت من التهاب العصب البصري ومن الدوار، وكانت تحاول الاسترخاء في الماء الهادئ.

وفجأة، بدأت الألوان والأشكال الزاهية تظهر أمامها. كان اللون الأصفر يأخذ شكل مثلث، أما اللون البرتقالي فكان على شكل مستطيل. فشعرت كما لو أنها تستطيع أن تمد يدها وتلمسها. وأقوى ما في الأمر أنها شعرت برغبة عارمة في الإبداع. تقول دي أفيلا: «كان الأمر أشبه بالبرق الخاطف. مثل شيء ما يحدث في برهة. لقد كان ذلك لغزاً بالنسبة لي».

وقالت إنها بدأت الرسم على الفور. لم يكن لديها تدريب في الفن، لكن يديها كانتا تعرفان ما يجب عليهما فعله. تقول دي أفيلا: «لقد كان من المريح ربط الخط والشكل. إنني أدع الأمور تسترشد بالحدس». وبعد ساعتين، كان القماش مغطى ببقع من اللون الأزرق المخضر، والبني، والبرتقالي. وقد أطلقت على لوحتها الأولى عنوان «الفقاعات والبوميرانغ».

ثم غلب عليها الإكراه. لقد صنعت خمس أو ستة قطع في اليوم، يوماً بعد يوم. كانت تستيقظ في منتصف الليل لصنع فنونها. كانت تعزف الموسيقى، وأحياناً الأغنية نفسها بشكل متكرر، لتهدئ ذهنها المهووس. وبعد بضعة أشهر، كانت منهكة تماماً.

أجرت بعض الأبحاث ووجدت شخصاً ربما يعرف ماذا يجري لها. كتبت: «أنت لا تعرفني من زمن آدم، ولكن قل لي ماذا يحدث لي؟».

متلازمة النبوغ المكتسب

كانت «دي أفيلا» في خضم ظاهرة نادرة للغاية «متلازمة النبوغ المكتسب» acquired savant syndrome. في هذه الحالات، يصبح الفرد فجأة عبقرياً، ويُظهر موهبة لا تصدق في مجال معين «عادة الموسيقى، أو الفن، أو حسابات التقويم، أو المهارات الرياضية والرقمية، أو المهارات الميكانيكية أو المكانية، فضلاً عن قدرات الذاكرة المذهلة» التي يبدو أنه لا توجد سابقة لها في تجربة حياتهم السابقة. وقد تتجسد المتلازمة بعد الإصابة، أو المرض، أو السكتة الدماغية، أو الخرف، أو الاعتداء. ومتلازمة النبوغ المكتسب نادرة للغاية: تم تحديد 32 حالة في تقرير عام 2015. أما التقديرات الحالية فأعلى قليلاً، ومن المؤكد أن هناك حالات موجودة لم تُسجل في الأدبيات.

أصيب 10 في المائة من الموهوبين بمتلازمة النبوغ المكتسب، في حين أن الغالبية العظمى منهم يعانون من متلازمة النبوغ الخَلَقِية congenital savant syndrome.

لوضع الأمر في سياقه؛ تؤثر متلازمة النبوغ الخلقية على 10 في المائة من الأشخاص المصابين بالتوحد، وأقل من 1 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من الإعاقات الذهنية و- أو النمائية.

أما 50 في المائة من الأشخاص المصابين بمتلازمة النبوغ المكتسب فهم من المعانين من التوحد autism، في حين أن البقية يعانون عموماً من اضطرابات أخرى في النمو.

ويفوق عدد الذكور النوابغ المكتسبين عدد الإناث بنسبة 6 إلى 1. ويروي فيلم «رجل المطر»، الذي ربما يكون التصوير الأكثر شعبية لمتلازمة النبوغ المكتسب، قصة «كيم بيك» الحقيقية الذي يستطيع، من بين العديد من المهارات الأخرى، قراءة صفحتين من كتاب في الوقت نفسه، وحفظ المادة كاملة بعد قراءة واحدة.

وبينما يعدّ التعايش بين الموهبة الفائقة والإعاقة الذهنية في متلازمة النبوغ الخلقية أمراً جديراً بالملاحظة في حد ذاته، فإن هناك شيئاً ما حول متلازمة النبوغ المكتسب يُحيّر العقل، وهو الفرز الحاد بين الإصابة والنمو، وبين المأساة والانتصار.

جزر النبوغ وإعاقات الدماغ

كان «دارولد تريفرت» أحد الأشخاص الذين فتنتهم هذه الظاهرة. وبصفته طبيباً نفسياً حديث العهد في عام 1962، كُلف تريفرت ببدء وحدة للأطفال في معهد «وينيباغو» للصحة العقلية في ولاية ويسكونسن. وسرعان ما أصبح لديه 30 مريضاً يعانون من تحديات وإعاقات عقلية بالغة. ومع ذلك برز أربعة فتيان صغار. أحدهم حفظ نظام سير الحافلات في ميلووكي بأكمله. والثاني كان ينظر إلى أحجية مكونة من 500 قطعة، وإلى جانبه الصورة الكاملة، ويُعيد بناءها بسلاسة. ويقرأ الثالث ما حدث في «مثل هذا اليوم» بذاكرة موسوعية. والأخير كان يسدد الرميات الحرة في كرة السلة مع دقة واتساق أشبه بالماكينة.

كتب تريفرت: «صُدمتُ (بجزر النبوغ) هذه، إذ غمرني فيها بحر من الإعاقات العقلية الشديدة والمتغلغلة. فكيف يمكن لذلك أن يكون؟».

أصبح تريفرت المرجع الدولي بشأن متلازمة النبوغ المكتسب، وتراسل مع أو التقى المئات من النوابغ طوال حياته. كانت العلاقات التي شكّلها ذات صفة تحويلية للكثيرين منهم. توفي تريفرت عام 2020، بعد أن ساهم في تشكيل المفهوم الحالي لمتلازمة النبوغ.

فرضيات علمية

لا توجد نظرية واحدة يمكن أن تفسر جميع حالات متلازمة النبوغ. ولكن إحدى الفرضيات الرئيسية، لا سيما لمتلازمة النبوغ المكتسبة، هي أن الشذوذ أو التلف في نصف الكرة الأيسر من الدماغ يعيد توصيل الدماغ بشكل أساسي، ويُجند قدرة جديدة أو يُحرر قدرة ساكنة من نصف الكرة الأيمن السليم، تماماً مثلما يعتمد الشخص المصاب بكسر في الساق بشكل أكبر على الطرف المقابل السليم، مما يقوي من قدرته.

غالباً ما يكون التمييز بين نصفي الدماغ مبالغاً في تبسيطه، لكن الاختلافات موجودة: إذ يتخصص النصف الأيسر من الدماغ في العمليات المنطقية، والتتابعية، والعمليات القائمة على اللغة، بينما يتخصص النصف الأيمن في العمليات الإبداعية والفنية.

تنطوي متلازمة النبوغ المكتسب بشكل كبير على تلف النصف الأيسر من الدماغ والمهارات المتخصصة في النصف الأيمن. فالإصابة، أو المرض، أو العجز «يُحرر» الدماغ بصفة رئيسية، ما يؤدي إلى «تفجُر» منطقة معينة في الأداء والازدهار. وبعد عاصفة عنيفة، تتفتح نباتات جديدة مزدهرة.

تدعم الأبحاث دور الاختلافات الدماغية النصف كروية في النبوغ. وقد خلصت أبحاث التصوير إلى أن بعض مناطق الدماغ لدى النوابغ تكون أكبر حجماً، وتركيزات الناقلات العصبية أعلى، وأن الاتصال أقوى في النصف الأيمن من المخ مقارنة بالنصف الأيسر.

تقول نيفا كوريغان، عالمة الأبحاث في جامعة واشنطن، إن الناقلات الكهربائية صارت أكثر قوة، ما ينسجم مع الأبحاث التي تُثبت أن النصف الأيمن من المخ يستخدم طاقة أكبر لتوليد نشاط أكثر من النصف الأيسر، قياساً على استهلاك الغلوكوز والأكسجين. وفي حالة متلازمة النبوغ المكتسبة، يقول إيريم أونين من جامعة إسطنبول ميديبول، والمؤلف المشارك لمقالة مراجعية عام 2023 حول متلازمة النبوغ: «يَضعُف اليسار، ويتحرر اليمين».

التوحد والموهبة

لماذا فقط يكون بعض الناس المصابين بالتوحد من النوابغ؟ لماذا يكتسب بعض الأشخاص فقط الذين يعانون تلفاً في الجهاز العصبي النبوغ؟ الجواب ليس واضحاً تماماً.

قد ينطوي الأمر على اختلافات عصبية فردية أو مكان التعرض للإصابة بالضبط. قد تلعب البيولوجيا دوراً، حيث إن زيادة هرمون التستوستيرون في الرحم يمكن أن يُغيّر نمو نصف الدماغ الأيسر، ما قد يُفسر لماذا يكون الرجال أكثر إصابة بالتوحد والنبوغ من النساء. وقد تلعب الجينات دوراً، إذ إن العديد من الجينات مسؤولة، وغالباً ما تظهر قدرات خاصة لدى أقارب المصابين بمتلازمة النبوغ. ولكن الجينات وحدها لا تكفي لإنتاج هذه الظاهرة.

إصابات وإبداعات

عانت السيدة «دي أفيلا» عدداً من إصابات الدماغ على مر السنين. وكمراهقة، كانت تعرف أنها تريد الخدمة في الجيش. في اليوم الذي بلغت فيه 18 عاماً، التحقت بالشرطة العسكرية. بعد بضعة أشهر فقط في الخدمة، تعرضت لحادث دراجة نارية الذي ألحق الضرر بالمنطقة الجبهية الصدغية اليسرى من دماغها.* مجلة «سايكولوجي توداي»

- خدمات «تريبيون ميديا»


4 أسباب علمية تمنح الأفارقة الهيمنة على سباقات الماراثون الطويلة

العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)
العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)
TT

4 أسباب علمية تمنح الأفارقة الهيمنة على سباقات الماراثون الطويلة

العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)
العداء الكيني بنسون كيبروتو الفائز بلقب ماراثون الرجال في طوكيو 2024 (رويترز)

لعقود من الزمن، هيمن سكان دول شرق أفريقيا، خصوصاً الكينيين والإثيوبيين، على سباقات الماراثون الطويلة، وكانوا يندفعون عبر خطوط النهاية، في حين أن منافسيهم المنهكين بالكاد يتمكنون من الوصول إليها.

ويشكل عداؤو الماراثون الكينيون ظاهرة لدرجة أن المنظمات البحثية أجرت دراسات حول سبب هيمنتهم على سباقات المسافات الطويلة. وعلى مدار 6 عقود، حصد أكثر من 100 عداء كيني معظم ذهبيات وميداليات السباقات العالمية.

وكشف تحليل واسع النطاق لأكثر من مليون سجل سباق، أن العدائين من دول شرق أفريقيا هم القوة المهيمنة في سباقات «الألترا ماراثون» التي يبلغ طولها 50 كيلومتراً.

و«ألترا ماراثون» هو سباق أطول من سباقات الماراثون التقليدية التي تبلغ 42.195 كيلومتر، وتختلف مسافاته، ويبلغ طول أقصر سباق 50 كيلومتراً، بينما السابقات الطويلة يمكن تصل لأكثر من 100 كيلومتر.

واكتسبت سباقات «ألترا ماراثون» التي تستمر أكثر من 6 ساعات، شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة. ومن بين سباقات «ألترا ماراثون»، تبرز مسافة الـ50 كيلومتراً كخطوة صعبة، لكنها قابلة للتحقيق مقارنة بالماراثون القياسي.

وتلقي دراسة، نشرت في العدد الأخير من دورية «ساينتفك ريبورتس»، الضوء على اتجاهات الأداء في تلك السباقات ذات الشعبية المتنامية. وخلال الدراسة، أجرى باحثون من سويسرا ومؤسسات متعاونة من جميع أنحاء العالم تحقيقاً شمل مجموعة بيانات ضخمة من نتائج سباقات «الألترا ماراثون» التي امتدت مسافة 50 كيلومتراً، التي تشمل ما يقرب من 1.4 مليون سجل سباق من المشاركين الذكور والإناث، بهدف تحديد أسرع المتسابقين حسب بلد الانتماء والفئة العمرية وموقع السباق.

أسباب علمية

وكشفت النتائج أن العدائين من دول شرق أفريقيا، بما في ذلك إثيوبيا وليسوتو ومالاوي وكينيا، هم الأسرع في سباقات الماراثون البالغة طولها 50 كيلومتراً.

وأظهرت الدراسة أن المضامير السباقية في أوروبا، وتحديداً في لوكسمبورغ، وبيلاروسيا، وليتوانيا، وفي الشرق الأوسط، وتحديداً في قطر والأردن، توفر الظروف المثالية لتحقيق أوقات سباق أسرع.

وحول الأسباب العلمية وراء تفوق العدائين من دول شرق أفريقيا، يقول الدكتور بيت كنيتشل الباحث الرئيسي للدراسة من معهد الرعاية الأولية في جامعة زيوريخ بسويسرا: «يمكن أن تعزى ذلك إلى 4 عوامل رئيسية، تشمل (الاستعداد الوراثي، والالتزام بالنظام الغذائي التقليدي، والعيش والتدريب على ارتفاعات عالية، والخلفية الاجتماعية والثقافية).

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «بالإضافة إلى ذلك، فإن الحياة في هذه البلدان، والتي تتطلب على سبيل المثال «المشي أو الجري بحقائب مدرسية ثقيلة لفترات طويلة من الزمن، قد تسهم في تحسين حالة المتسابقين البدنية وقدرتهم على التحمل».

ونوه بأن هناك افتراضاً سائداً أيضاً بأن الخلفية الجينية تؤثر بشكل كبير في الإمكانات الرياضية من خلال تحديد خصائص الجسم والقلب والأوعية الدموية والعضلية التي تسهم في التكيف أثناء التدريب البدني، ويشير هذا إلى أن العدائين من دول شرق أفريقيا قد يتمتعون بميزة فريدة بسبب هذه العوامل.

نجاح استثنائي

وأظهرت الدراسة أن أسرع المتسابقين في سباقات الماراثون الفائقة في مسافة 50 كيلومتراً كانوا في الفئة العمرية 20 - 24 عاماً، على عكس الاعتقاد التقليدي بأن ذروة أداء الماراثون الفائق تأتي في الفئات العمرية الأكبر سناً، ويشير هذا إلى أن العدائين الأصغر سناً قد يتمتعون بميزة في مسافة السباق هذه، لكن كنيتشل قال إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العوامل التي تسهم في نجاح هذه الفئة العمرية.

وينحدر معظم العدائين الكينيين من قبيلتي «كالينجينز» و«نانديز» في منطقة الوادي المتصدع والتي تشكل سكانها 10 في المائة فقط من سكان البلاد البالغ عددهم 50 مليون نسمة. وبفضل طبيعتها الجغرافية المرتفعة، أصبحت هواية الجري تشكل أسلوب حياة لسكان منطقة الوادي المتصدع التي أصبحت أيضاً وجهة تدريبية مفضلة للنجوم والمدربين العالميين.

ويبدو أيضاً أن النجاح الاستثنائي لهؤلاء العدائين يعزى في الأساس إلى خصائص بيئية وجسدية مواتية، وتدريب متواصل على ارتفاعات عالية، إلى جانب الدافع النفسي القوي لتحقيق النجاح في الميدان الرياضي وخارجه.

وقضى الكاتب البريطاني أدهارناند فين، مؤلف كتاب «الجري مع الكينيين»، كثيراً من الوقت في منطقة الوادي المتصدع بكينيا، محاولاً فهم سر نجاح عدائي الماراثون الكينيين. وذكر في كتابه، أنه وجد أن السر ليس عاملاً واحداً، بل مزيج من العوامل المختلفة، ويشمل ذلك البيئة والنمط الحياتي والتدريب الشاق.

ويضيف هناك عوامل مثل التنشئة الريفية القاسية، وركض الأطفال في كل مكان، بالإضافة إلى النظام الغذائي البسيط، وانتفاء الوجبات السريعة، ووجود ارتفاعات وتضاريس جري مثالية مثل التلال المتموجة، والطرق الترابية في كل مكان، كلها عوامل تسهم في تطوير العدائين الكينيين والإثيوبيين.

ويوضح الكاتب أن الجري في كينيا يتيح فرصاً للرياضيين لتحقيق النجاح الاقتصادي، وتغيير حياتهم وحتى تحويل مجتمعاتهم، وبفضل وجود كثير من النماذج الناجحة، يتمكن الشباب من الوصول إلى الدعم والتحفيز ليصبحوا عدائين مميزين.

يختتم الكاتب بتأكيد أن هذا النجاح ليس نتيجة لعامل واحد، بل مجموعة من العوامل التي تتداخل معاً لتخلق ثقافة رياضية ملهمة.


هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة

هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة
TT

هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة

هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة

تقدم دراسة جديده حلاً واعداً للتحديات البيئية المرتبطة بصبغ منسوجات السليلوز المصنعة بواسطة البكتيريا.

السليلوز البكتيري

وتؤدي هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج صبغة الميلانين إلى توفير المواد المصنوعة بواسطة بكتيريا سريعة النمو وصديقة للبيئة، بديلاً جذاباً لبدائل الجلد الصناعي pleather الموجودة حالياً.

وتكون هذه المنسوجات البكتيرية عادة ذات لون بني فاتح أو بيج طبيعي، ولذلك فإن إضافة أنماط ملونة أخرى إلى هذه المنسوجات قد تعني العمل باستخدام الأصباغ الضارة بالبيئة؛ ما يتطلب عادة طرق صباغة تقليدية يمكن أن يكون لها آثار بيئية كبيرة.

وفد نشرت الدراسة في مجلة «نتشر بايوتكنولوجي (Nature Biotechnology)» في 2 أبريل (نيسان) 2024، وأشرف عليها توم إليس وزملاؤه من مركز إمبريال كوليدج للبيولوجيا التركيبية قسم الهندسة الحيوية إمبريال كوليدج (ICL) لندن المملكة المتحدة.

يتكون «بديل الجلد» من السليلوز وهو مادة هيكلية أساسية في النباتات التي تنتجها أيضاً عدة أنواع من البكتيريا. وقد بدأ الباحثون والمصممون في السنوات الأخيرة في إنتاج المنسوجات من السليلوز البكتيري بديلاً للجلد الصناعي، وبعضها موجود بالفعل في السوق، حيث يمتاز النسيج المتين بكثير من الخصائص نفسها التي يتمتع بها الجلد التقليدي.

ولكن على الرغم من أن منسوجات السليلوز البكتيرية لها تأثيرات بيئية أقل من الجلود الصناعية فإنها ذات لون بيج طبيعي، وهذا يعني أنها تلونها بعمليات الصباغة التقليدية التي يمكن أن تستخدم فيها كميات كبيرة من الماء، وتطلق مواد كيميائية قاسية في البيئة.

هندسة وراثية لإنتاج الميلانين

وبناءً على ذلك تساءل الباحثون من إمبريال كوليدج لندن عما إذا كان من الممكن تحفيز البكتيريا لإنتاج السليلوز ذي اللون الداكن بشكل طبيعي. ولمعرفة ذلك قاموا بإجراء هندسة وراثية لبكتيريا منتجة للسليلوز تسمى كوماغا تايباكتر ريتيكوس Komagataeibacter rhaeticus، وهي البكتيريا نفسها التي تساعد على تخمير الكمبوتشا kombucha- وهو نوع من الشاي المخمر يعتقد أنه نشأ في شمال شرق الصين أو في روسيا وأوروبا الشرقية. ويجري تناول المشروب بشكل تقليدي، وقد اكتسب شعبية في الولايات المتحدة - وذلك عن طريق إضافة جين من بكتيريا أخرى تنتج صبغة الميلانين السوداء

والميلانين، وهي الصبغة التي تعطي اللون للأنسجة في جميع أنحاء العالم الطبيعي بما في ذلك جلد الإنسان والعينان والشعر.

كما ابتكر الباحثون تصميمات على المنسوجات عن طريق الهندسة الوراثية لبكتيريا كومبوتشا لإنتاج صبغة الميلانين فقط عند تعرضها للضوء الأزرق الذي جرى إسقاطه بأنماط على طبقة السليلوز. وأشار الباحثون إلى أن المنسوجات المصبوغة بالميلانين تبدو متينة مثل نظيراتها من السليلوز غير المصبوغة. وقال توم إليس إنه إذا انتشرت هذه التقنية فقد توفر نموذجاً لإنشاء مواد أكثر استدامة لعالم الموضة، ويأمل في تبسيط عملية الصباغة بحيث يمكن تصنيع المادة بسرعة أكبر، وكذلك إنتاج منسوجات السليلوز بمجموعة واسعة من الألوان.

طرق صباغة صديقة للبيئة

ومن خلال الاستفادة من المصادر الميكروبية وهندستها وراثياً لإنتاج السليلوز البكتيري ذاتي الصبغ، والذي يعد بديلاً للجلود التقليدية، وكذلك يعالج الحاجة إلى طرق صباغة صديقة للبيئة. في هذا السياق قام باحثون من الولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا وألمانيا برئاسة بيتر هيجمان من معهد الأحياء الفيزياء الحيوية التجريبية جامعة برلين بألمانيا في دراسة نشرت في مجلة Nature Reviews Methods Primers في 21 يوليو (تموز) 2022 باستخدام التخليق الحيوي للميلانين لتحقيق لون أسود داكن، والذي يعد إنجازاً كبيراً وأن قوة الميلانين في استخدام المواد تعد مفيدة بشكل خاص ما يضمن المتانة وطول مدة الاستخدام في تطبيقات النسيج علاوة على ذلك، فإن قابلية التوسع في إنتاج السليلوز البكتيري تفتح إمكانات لتصنيع منتجات الأزياء المستدامة على نطاق واسع.

بالإضافة إلى ذلك فإن دمج تقنيات علم البصريات الوراثي Optogenetic techniques الذي جرى تطويره للسماح بالتحكم في نشاط خلايا مختارة داخل النسيج المتجانس، وذلك باستخدام مزيج من الهندسة الوراثية والضوء في التعبير الجيني في البكتيريا المنتجة للسليلوز، يُظهر إمكانات البيولوجيا التركيبية لزيادة تعزيز خصائص ووظائف هذه المنسوجات البديلة، كما يتيح هذا النهج التحكم الدقيق في توزيع الأصباغ، ويؤكد أيضاً على الطبيعة المتعددة التخصصات للتصنيع الحيوي.

وبشكل عام يهدف فريق البحث بالتعاون مع شركة التكنولوجيا الحيوية للنسيج Modern Synthesis إلى تسويق التكنولوجيا لإنشاء منتجات أزياء مستدامة، وفي حين لا تزال هناك تحديات في زيادة الإنتاج مع الحفاظ على القدرة على تحمل التكاليف للمستهلكين، فإن هذه التقنية تبشر بإحداث ثورة في صناعة المنسوجات مع التركيز على الاستدامة، وتسلط الدراسة أيضاً الضوء على إمكانات الهندسة الوراثية لإنتاج مواد صديقة للبيئة، وتوضح التداخل بين علم الأحياء والأزياء في إيجاد حلول مبتكرة لمستقبل أكثر استدامة؛ ما يمهد الطريق لعصر جديد من المنسوجات الصديقة للبيئة.


كيف تكون قائداً أفضل في عصر الذكاء الاصطناعي؟

كيف تكون قائداً أفضل في عصر الذكاء الاصطناعي؟
TT

كيف تكون قائداً أفضل في عصر الذكاء الاصطناعي؟

كيف تكون قائداً أفضل في عصر الذكاء الاصطناعي؟

توصلت دراسة حديثة لأساتذة من جامعات برينستون وبنسلفانيا ونيويورك إلى أن الغالبية العظمى من الوظائف سوف تتأثر بالذكاء الاصطناعي.

مصائر العاملين مهددة

ومع هذا التهديد، يستمر العديد من القادة في استخدام العبارة المبتذلة المتداولة: «العاملون هم في قلب مؤسستنا». وفي حين أن مشاعر هؤلاء القادة قد تكون حسنة النية، فإن المعنى الحقيقي يمكن أن يضيع في العمليات التجارية اليومية.

والآن مع ازدياد المخاوف بشأن إمكانية استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظائف ومهام العاملين - بالإضافة إلى المخاوف من الاحوال الاقتصادية المتقلبة - فقد حان الوقت لإجراء تقييم نقدي لإدارة المواهب.

فرق عمل لتدقيق المواهب

يحتاج جميع القادة إلى بناء فرق عمل عظيمة من أجل التغلب على التهديدات والتحديات، سواء كانت هجمات إلكترونية، أو تقنيات رقمية جديدة مدمرة، أو أسعار فائدة مرتفعة.

في الواقع، وجد الاستطلاع السنوي لمؤسسة «بروتيفيتي» حول أهم المخاطر التنفيذية Top Risks Executive Perspectives أن من المتوقع أن يكون (خلل) تحديد ورصد المواهب، والاحتفاظ بها، ثاني أكبر عامل خطر على المستوى التنفيذي العالمي وعلى المديرين التنفيذيين في مجالس الإدارة خلال العقد المقبل.

استراتيجيات إدارة المواهب

وتشير أبحاثنا إلى أن استراتيجيات إدارة المواهب في الماضي لن تخدم المؤسسات بشكل كافٍ في عام 2024، وهو العام الذي سيأتي بعصر جديد من تقدم الذكاء الاصطناعي.

يحتاج القادة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع مؤسساتهم في مواجهة المخاطر المعروفة وغير المعروفة.

فيما يلي 3 استراتيجيات يمكن أن تساعدك على أن تصبح قائداً أفضل في عصر الذكاء الاصطناعي:

رصد المواهب

* الاستراتيجية رقم 1- مراقبة نقاط ضعف المواهب وتقييمها ومعالجتها باستمرار.

تتمثل الاستراتيجية الأولى لكي تصبح قائداً أفضل في عصر الذكاء الاصطناعي، في مراقبة نقاط القوة والضعف في المواهب وتقييمها باستمرار ثم التصرف بشكل استباقي لملء مواقع عملها الشاغرة.

لقد كان التوظيف متقلباً بشكل خاص منذ انتشار وباء «كورونا» - الذي تم تحديده من خلال الارتفاعات الدورية في التوظيف والتسريح المفاجئ للعمال - ما يجعل من الضروري مراقبة تكوين القوى العاملة من كثب.

لقد كان توظيف الأشخاص المناسبين ذوي المهارات المناسبة دائماً أساساً لعقلية تحديد الموهبة الناجحة، ولكن كيفية تحقيق القادة لهذا الهدف ليست هي نفسها كما كانت في السنوات الماضية، تماماً كما كانت المهارات المطلوبة قبل 5 سنوات لموظف ناجح مختلفة تماماً من المهارات المطلوبة اليوم.

تقييم المهارات

يحتاج قادة الموارد البشرية إلى العمل بشكل تعاوني مع قادة الأعمال لسد فجوات المواهب من خلال تقييم المهارات الموجودة بالفعل داخل الشركة مقابل المهارات الجديدة المطلوبة لتحقيق الأهداف التجارية لمؤسستك. لكن فهم المهارات المطلوبة ليس كافياً.

على نطاق أوسع لن يخدم التفكير التقليدي حول نقص المهارات مؤسستك في عام 2024. وقد يكون توظيف مواهب إضافية أمراً صعباً نظراً لضيق سوق العمل العالمي. وبدلاً من ذلك، يجب استخدام التوظيف جنباً إلى جنب مع تحسين المهارات والاستفادة من العمالة الطارئة لضمان حصولك على المهارات المناسبة. وفيما يتعلق بالتكنولوجيا، يجب على القادة إعادة تقييم استراتيجياتهم باستمرار للتأكد من أنها تراعي أحدث الاحتياجات. ويشمل ذلك اعتماد الذكاء الاصطناعي وتطوير العاملين بالمهارات اللازمة للعمل جنباً إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي.

توظيف الذكاء الاصطناعي

* الاستراتيجية رقم 2- اغتنام فرصة الذكاء الاصطناعي.

أنا واثق من اعتقادي بأن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل جميع العمال. ومع ذلك، أرى مستقبلاً سيتم فيه تفضيل الموظفين الذين يعرفون كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل فعال على أولئك الذين يفتقرون إلى هذه المعرفة. وهذا ينطبق على فرق التوظيف أيضاً.

يمكن لأدوات مثل برامج تخطيط وتصميم القوى العاملة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أن تساعد الشركات على تحقيق أهدافها. وبالمثل، يمكن لأدوات استكشاف المواهب أن تنتج آراء مفصلة في الوقت الحقيقي لجميع المهارات الموجودة في جميع أنحاء المؤسسة. يجب على القادة تطوير مبادرات وأطر لتبني التقنيات الجديدة في السعي لتحقيق الانسيابية وإتقان المهارات الرقمية ومهارات الذكاء الاصطناعي.

سرعان ما أصبحت الممارسات التي تم تبنيها في العام الماضي قديمة، ولكي يجهزوا أنفسهم لتحقيق النجاح التنظيمي، يجب أن يكون القادة مستعدين وراغبين في جعل الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من استراتيجيات المواهب الخاصة بهم.

توقعات ذكية لجرد المواهب

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أيضاً أن تدفع القوى العاملة إلى الأمام من خلال السماح لهم بفهم ما سيحتاجون إليه في المستقبل. على سبيل المثال، يمكن لمجموعات الموارد البشرية وضع توقعات متجددة للمواهب وتحليل التأثيرات المالية لسيناريوهات المواهب. يمكن أن تساعد التوقعات القادة في تحديد المهارات وعدد الموظفين اللازمين لتنفيذ أهداف العمل الاستراتيجية، بالإضافة إلى تحديد المهارات المستقبلية التي قد يحتاجون إليها.

نظراً لضيق سوق العمل، وانخفاض المعروض من المهارات والخبرات عالية الطلب، فإن الحصول على احتياجات المواهب الخاصة بك سيمثل ميزة تنافسية.

تحليلات لتقييم الفاعلية

*الاستراتيجية رقم 3- اجعل البيانات والتحليلات جوهر قرارات التوظيف.

وأخيراً، يحتاج القادة في عصر الذكاء الاصطناعي إلى تبني البيانات والتحليلات. لقد كانت البيانات دائماً عنصراً أساسياً في كيفية تقييم المؤسسات لفاعليتها وتحديد مجالات الحاجة ونقاط الضعف.

ومع ذلك، تتطلب الاحتياجات الجديدة تقارير جديدة، ولا يمكن لفرق الموارد البشرية الاستمرار في قياس نفس الكفاءات كما في الماضي؛ لأن من شأنها أن ترسم صورة غير دقيقة عن مدى فاعلية المنظمة اليوم. يمكن للقادة - بل وينبغي عليهم – تدقيق المناصب المفتوحة والمهارات المعرضة للخطر واحتياجات تحسين المهارات والإبلاغ عنها، وغير ذلك الكثير لتقييم مستوى ممارسات التوظيف الخاصة بهم.

ولكن لاتخاذ هذه الخطوة إلى الأمام في عام 2024، يجب عليهم أيضاً الإبلاغ عما إذا كان بإمكان موظفيهم استخدام تكنولوجيا اليوم بكفاءة.

إذا لم تأخذ المؤسسات في الاعتبار احتياجات المواهب الجديدة في تقاريرها، فلن تتمكن البيانات المنتجة من توفير رؤى قيمة لفرق التوظيف أو مساعدة الشركات على النمو.

إن تجديد استراتيجيات المواهب اليوم سيؤتي ثماره على المدى الطويل، حيث تلعب مهارات القوى العاملة دوراً حاسماً في قدرة المنظمة على التخفيف من المخاطر بشكل فعال مع ازدياد المخاوف بشأن التهديدات السيبرانية، ومخاطر الطرف الثالث، والمزيد.

وكما أن التكنولوجيا التي عفا عليها الزمن لن تساعد المؤسسات على المضي قدماً، فإن استراتيجيات رصد المواهب في الماضي ستشل الشركات في المستقبل. يجب على الشركات إعادة تقييم وتطوير استراتيجيات المواهب المدعومة بالتكنولوجيا لضمان جذب المواهب والمهارات المناسبة والاحتفاظ بها لتلبية احتياجات العقد المقبل وما بعده. ________________________________________

* فران ماكسويل هو الرئيس العالمي لاستشارات الأفراد والتغيير التنظيمي في مؤسسة Protiviti. مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً


«ناسا» تتخوف من «عسكرة» الصين للفضاء و«امتلاكها» للجزء الغني من القمر

رئيس «وكالة الفضاء والطيران الأميركية» (ناسا) بيل نيلسون (إ.ب.أ)
رئيس «وكالة الفضاء والطيران الأميركية» (ناسا) بيل نيلسون (إ.ب.أ)
TT

«ناسا» تتخوف من «عسكرة» الصين للفضاء و«امتلاكها» للجزء الغني من القمر

رئيس «وكالة الفضاء والطيران الأميركية» (ناسا) بيل نيلسون (إ.ب.أ)
رئيس «وكالة الفضاء والطيران الأميركية» (ناسا) بيل نيلسون (إ.ب.أ)

حذر رئيس «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا) من تعزيز الصين لقدراتها الفضائية باستخدام برامج مدنية لإخفاء أهداف عسكرية، مؤكدا على ضرورة أن تظل واشنطن يقظة حيال هذا الأمر.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قال بيل نيلسون، رئيس «ناسا»، أثناء مناقشة ميزانية الوكالة لعام 2025 أمام لجنة المخصصات بمجلس النواب: «لقد خطت الصين خطوات غير عادية خاصة في السنوات العشر الماضية، لكنها سرية للغاية».

وأضاف: «نحن نعتقد أن جزءا كبيرا مما يسمى ببرنامج الفضاء المدني هو برنامج عسكري».

وقال نيلسون إنه يأمل أن «تعود بكين إلى رشدها وتفهم أن الفضاء المدني مخصص للاستخدامات السلمية.»

وأشار رئيس «ناسا» إلى أن الولايات المتحدة في سباق فضائي مع بكين وأنها يجب أن تهبط على القمر مرة أخرى قبل أن تفعل الصين ذلك، حيث تسعى الدولتان إلى القيام بمهام قمرية. وقد أعرب عن قلقه من أنه إذا وصلت بكين أولا، فإنها قد تدعي في نهاية المطاف أنها «تملك» المنطقة الغنية بالموارد على القمر.

شعار «ناسا» (رويترز)

وهبطت الصين على سطح القمر عدة مرات باستخدام روبوتات بحثية، كما نجحت في جلب صخور من القمر إلى الأرض.

ومن خلال برنامج «أرتميس 3»، تعتزم «ناسا» إرسال رواد فضاء أميركيين إلى القمر مجدداً بحلول عام 2026، فيما تقول الصين إنها تأمل في إرسال البشر إلى القمر بحلول عام 2030.

وقال نيلسون إنه واثق من أن الولايات المتحدة لن تفقد «تفوقها العالمي» في استكشاف الفضاء.

وأضاف: «لكن عليك أن تكون واقعياً. لقد أنفقت الصين الكثير من الأموال على هذا الأمر، وتخصص جزءا كبيرا من ميزانيتها لهذا المجال».

وأكد على ضرورة أن تظل الولايات المتحدة يقظة حيال هذا الأمر.


الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولات في الفصل الدراسي مثل الآلة الحاسبة

الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولات في الفصل الدراسي مثل الآلة الحاسبة
TT

الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولات في الفصل الدراسي مثل الآلة الحاسبة

الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولات في الفصل الدراسي مثل الآلة الحاسبة

«الذكاء الاصطناعي ليس بطلاً... بل المعلمون والطلاب هم أبطال التعليم» تحت هذا العنوان كتب أربعة من كبار العلماء وخبراء التعليم الأميركيين مقالة نشرتها مجلة «ساينتفيك أميركان» حول إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين التعليم وليس تهديده، إذا تعلمنا بعض الدروس من اعتماد الآلة الحاسبة في الفصل الدراسي.

مخاوف من الذكاء الاصطناعي

وقال الباحثون إن التوسع السريع في استخدام «تشات جي بي تي» وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى أدى إلى إثارة نقاش حاد في الأوساط الأكاديمية. فمن جهة يشعر الأساتذة والمعلمون بالقلق بشأن مستقبل التعلم بعد المرحلة الثانوية والتهديدات التي تواجه التخصصات التقليدية، خصوصاً في العلوم الإنسانية، حيث تحذّر العناوين الرئيسية من «نهاية تخصص اللغة الإنجليزية». ومن جهة أخرى فإن الذكاء الاصطناعي موجود، وأفاد نحو ثلث المعلمين من رياض الأطفال إلى المدارس الثانوية، بأنهم يستخدمونه في الفصول الدراسية، وفقاً لدراسة حديثة. إلا أن الكثير من الخبراء في سياسة التعليم العالي، وسياسة العلوم، وتصميم الجامعات ينتقدون أو يرفضون الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وأضاف الباحثون: «إننا بدلاً من ذلك متفائلون بالتأكيد بأنه (الذكاء الاصطناعي) سيتبع نمطاً شوهد في التقنيات الأخرى التي عززت الوصول إلى التعليم والنجاح».

والباحثون الأربعة هم: مايكل إم كرو، رئيس جامعة ولاية أريزونا وأستاذ مؤسسة لسياسة العلوم والتكنولوجيا، ونيكول ك. مايبيري الأستاذة المساعدة في كلية الشؤون العامة بجامعة ولاية أريزونا، وتيد ميتشل رئيس المجلس الأميركي للتعليم ووكيل وزارة التعليم الأميركي الأسبق، وديريك أندرسون نائب الرئيس الأول لمستقبل التعليم في المجلس الأميركي للتعليم وأستاذ مشارك في سياسة العلوم والتكنولوجيا في جامعة ولاية أريزونا.

المعلمون والطلاب أبطال التعليم

وتابع الباحثون: «نؤمن بأنه عندما يتم تبني التقنيات الجديدة، يمكن إحداث ثورة في الجوانب الأساسية للتعلم، بما في ذلك المناهج والتدريس والتقييم... نحن متفائلون بشأن الذكاء الاصطناعي، لكننا لا نراه بطلاً... لا يزال الطلاب والمعلمون هم أبطال التعلم البشري، حتى عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي».

والتاريخ يدعم هذا الرأي. فمن مطبعة غوتنبرغ إلى دروس الرياضيات عبر الإنترنت، كانت التقنيات التي تعمل على تحسين الوصول إلى فرص التعلم الجيدة بشكل روتيني يرفضها النقاد والمتشككون، خصوصاً أولئك الذين يمسكون بزمام الأمور في الفصول الدراسية.

نجاح الآلة الحاسبة

خذْ بعين الاعتبار الآلة الحاسبة. وجدت دراسة استقصائية أجرتها مجلة «Mathematics Teacher» في منتصف السبعينات من القرن الماضي أن 72 في المائة من المشاركين -معظمهم من المعلمين وعلماء الرياضيات- يعارضون تزويد طلاب الصف السابع بالآلات الحاسبة. وقد عكس هذا الاستطلاع، الذي سُلّط الضوء عليه في مجلة «ساينس نيوز» عام 1975، الوضع العام في وقت كانت التكاليف تقترب من النقطة التي تستطيع فيها بعض المدارس توفير ما يصل إلى آلة حاسبة واحدة لكل طالب.

واجهت الآلات الحاسبة مقاومة من المعلمين الذين كانوا يخشون أن يؤدي الاعتماد المفرط على التكنولوجيا إلى تآكل مهارات الطلاب في الرياضيات. وكما لاحظ أحد الأساتذة عن الطلاب والآلات الحاسبة، «لم أقتنع بعد بأن تسليمهم آلة وتعليمهم كيفية الضغط على الزر هو النهج الصحيح. ماذا يفعلون عندما تنفد البطارية؟».

ومن السهل أن نرى كيف تعكس حالة الآلة الحاسبة المخاوف الحالية بشأن الذكاء الاصطناعي التوليدي. يقول منتقدو الذكاء الاصطناعي في الفصل الدراسي إن الطلاب قد لا يتعلمون أبداً الكتابة أو الاستجابة للمطالبات المكتوبة بشكل مستقل إذا كان بإمكانهم ببساطة أن يطلبوا من الذكاء الاصطناعي فعل ذلك نيابةً عنهم.

ويثير السيناريو الافتراضي، حيث يكون الإنترنت أو الخوادم معطَّلة، مخاوف من أن الطلاب لن يتمكنوا من كتابة جملة بسيطة أو كتابة مقال أساسي من خمس فقرات.

إن الحجج الضيقة حول سلامة المقال والانخفاض المحتمل في جودة التعلم لا تتطلع إلى المنظور الأوسع حول أن استخدام هذه التكنولوجيا يمكن أن يعيد تشكيل المناهج والتعليم والتقييم بشكل إيجابي.

في الفصول الدراسية، تتطور التكنولوجيا والمناهج والتعليم والتقييم معاً لإعادة تشكيل التعليم. لقد رأينا هذا تاريخياً باستخدام الآلات الحاسبة، ونشهد الآن ظهوره في الوقت الفعلي مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية.

لم يؤدِّ إدخال الآلات الحاسبة الفصول الدراسية إلى زوال تعليم الرياضيات؛ وبدلاً من ذلك، وسعّت نطاقها بشكل كبير في حين ألهمت المعلمين والأكاديميين لإعادة التفكير في الحدود التعليمية للرياضيات. وقد أدى هذا التحول إلى تعزيز المناخ المناسب للابتكار.

إبداع وابتكار

وفي سياق موازٍ، يَعِد الذكاء الاصطناعي التوليدي بتوسيع هذا النوع من الابتكار في التفكير النقدي والعلوم الإنسانية، مما يسهّل على الطلاب فهم المفاهيم الأساسية واستكشاف الموضوعات المتقدمة بثقة. يمكن أن يسمح الذكاء الاصطناعي بتقديم دعم مخصص للمتعلم، أي التكيف مع الوتيرة الفردية وأسلوب التعلم لكل طالب، مما يساعد على جعل التعليم أكثر شمولاً ومصمماً خصيصاً لتلبية الاحتياجات المحددة.

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحسين العلوم الإنسانية من خلال جعل القراءة والكتابة في متناول الطلاب المتنوعين، بمن في ذلك أولئك الذين يعانون صعوبات التعلم أو الذين يواجهون تحديات في أساليب الكتابة التقليدية.

وكما قادتنا الآلات الحاسبة إلى إعادة تقييم أساليب التدريس القديمة وتبني أساليب تربوية أكثر فاعلية، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يدعو إلى تحول مماثل في كيفية تعاملنا مع المهام وإدارة الفصول الدراسية وتقييم عملية التعلم.

الرأي


الطفل المولود هذا العام قد يخسر مليون دولار على مدى حياته

الطفل المولود هذا العام قد يخسر مليون دولار على مدى حياته
TT

الطفل المولود هذا العام قد يخسر مليون دولار على مدى حياته

الطفل المولود هذا العام قد يخسر مليون دولار على مدى حياته

الطفل الذي يولد هذا العام في أميركا سيبلغ الثمانين من عمره في عام 2104. وبحلول تلك السنة، ربما تكون درجات الحرارة في الولايات المتحدة قد ارتفعت بمقدار 10 درجات فهرنهايت (أكثر من 5 درجات مئوية)، حتى أكثر من المتوسط العالمي.

أعاصير وحرائق

طوال حياته، ستستمر الأعاصير وحرائق الغابات والفيضانات في أن تصبح أكثر تدميراً، وسيؤثر ذلك في حسابات الناس المصرفية. بالنسبة للأميركي العادي المولود في عام 2024، قد يعني تغير المناخ أن يصبح أكثر فقراً بنحو 500 ألف دولار على مدار حياته، وفقاً لتقرير جديد صادر عن «كونسيومر ريبورتس (Consumer Reports)» (تقارير المستهلكين) وشركة الاستشارات العالمية «ICF».

وإذا تضمن التحليل مزيداً من العوامل غير المؤكدة، فقد تكون التكلفة أقرب إلى مليون دولار. يقول كريس هارتو، أحد كبار محللي السياسات في «كونسيومر ريبورتس»: «كثيراً ما يتمحور كثيرٌ من المناقشات حول تغير المناخ حول البيئة... أردنا حقاً أن نلقي نظرة فاحصة على كيفية تأثير ذلك في الناس». من المحتمل أنك تخسر المال بالفعل بسبب تغير المناخ.

الحرارة الشديدة

الحرارة الشديدة تدفع فواتير الطاقة إلى الارتفاع. قد تكون الفيضانات أو حرائق الغابات دمرت منزلك. ربما تدفع مزيداً مقابل التأمين (وقد تنخفض قيمة منزلك إذا أصبح غير قابل للتأمين). أنت تدفع أكثر مقابل الأطعمة مثل الشوكولاته، حيث تزداد صعوبة نمو المحاصيل.

ومع تقدم تغير المناخ، سوف تستمر التكاليف في الارتفاع. يقول بيتر شولتز، نائب رئيس «ICF»: «إن آثار تغير المناخ تضرب المستهلكين بالفعل... نتوقع مع زيادة تغير المناخ في المستقبل أن تزداد هذه التأثيرات شدة بمرور الوقت».

تكاليف المناخ الفردية

كيف تتراكم التكاليف الفردية للمناخ؟ ستؤدي الفيضانات والحرائق وغيرها من الأحوال الجوية القاسية التي يغذيها المناخ إلى زيادة تكلفة إصلاح المنازل وتأمينها. قد يدفع الشخص المولود هذا العام 125 ألف دولار إضافية للسكن طوال حياته. كما سترتفع تكلفة تبريد المنازل. وقد تقوم مرافق الكهرباء أيضاً برفع الأسعار لتغطية تكلفة إصلاح البنية التحتية التي تضررت بسبب الأحوال الجوية القاسية. وقد يرتفع إجمالي فواتير الطاقة بمقدار 88 ألف دولار.

وبما أن الطقس القاسي يعطّل الزراعة، فقد تزيد تكلفة الغذاء بمقدار 33 ألف دولار على مدار عمره.

المشكلات الصحية الناجمة عن الحرارة الشديدة يمكن أن تكلف 5 آلاف دولار. من المرجح أن ترتفع تكاليف التأمين على السيارات لأن الطقس القاسي يزيد من احتمالية وقوع حوادث. وفي الوقت نفسه، ستزداد الضرائب، بمتوسط 200 ألف دولار على مدى العمر، حيث يتعين على الحكومة أن تدفع تكاليف إصلاح الطرق التي تذوب بسبب الحرارة، على سبيل المثال، أو تغطية تكاليف الرعاية الصحية المتزايدة لأن الحرارة الشديدة تؤثر في أمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة.

انخفاض دخول العاملين

ويمكن أن تنخفض الدخول أيضاً. وتناول التقرير التأثير الأكثر وضوحاً على الوظائف: فالأشخاص الذين يعملون في الخارج في البناء أو الزراعة سيفقدون ساعات العمل؛ بسبب الحرارة الشديدة. لكن رواتب العاملين في المكاتب يمكن أن تكون أقل أيضاً لأن الشركات المتضررة من تغير المناخ ستبحث عن طرق أخرى لتوفير التكاليف. وهذا مثال واحد على التأثير المحتمل الذي لم يتم تضمينه في التحليل.

ولا يتضمن التقرير أيضاً كيفية تأثير تغير المناخ في التضخم، على سبيل المثال. ومن المرجح أيضاً أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة انعدام الأمن العالمي، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الضرائب. ومن المرجح أن يكون انخفاض أرباح التقاعد ضمن أكبر التكاليف، ولكنه أيضاً غير مدرج في التقدير المحافظ هنا.

ستتحمل الشركات مزيداً من النفقات، حيث يؤدي الطقس القاسي إلى إتلاف الأصول وتعطيل سلاسل التوريد. سيتعين عليها الاستثمار في تقليل الانبعاثات. سوف تنخفض إنتاجية العمل في موجات الحر.

كل هذا يعني أن قيمة الأسهم من المرجح أن تنخفض. قد يكسب الشخص المولود هذا العام ما متوسطه 400 ألف دولار أقل في حساب التقاعد الخاص به على مدار حياته.

الحفاظ على البيئة يغير المعادلة

العمل من أجل الحد من التغيرات المناخية يغير المعادلة. يأخذ التحليل في الاعتبار سيناريو «العمل كالمعتاد» مع استمرار الانبعاثات في مسارها الحالي. ولكن من شأن اتخاذ إجراءات أقوى، وتحقيق أهداف «اتفاق باريس للمناخ» تخفيض التكاليف الإجمالية التي يتحملها الأفراد على مدى حياتهم بما يصل إلى الثلثين.

يقول هارتو: «هناك تأثيرات مناخية ظهرت بالفعل بسبب الانبعاثات التي أطلقناها في الغلاف الجوي، لكن هذه التكاليف أقل بكثير». وفي دليل جديد، توصي «تقارير المستهلكين» بتغييرات يمكن للمستهلكين إجراؤها لخفض الانبعاثات في حياتهم، بما في ذلك إضافة مضخات حرارية أو ألواح شمسية في المنزل. وتدعو المنظمة أيضاً إلى سياسة مناخية أقوى، مع إدراك أن هناك حدوداً لما يمكن أن يحققه الأفراد بمفردهم.

يقول هارتو: «إن كثيراً من هذه الحلول مفيدة حقاً للمستهلكين والمناخ... يمكنهم توفير المال على المدى القصير مع تقليل الانبعاثات على المدى الطويل».

* «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».


هل سيستحوذ الذكاء الاصطناعي على تكنولوجيا التعليم؟

هل سيستحوذ الذكاء الاصطناعي على تكنولوجيا التعليم؟
TT

هل سيستحوذ الذكاء الاصطناعي على تكنولوجيا التعليم؟

هل سيستحوذ الذكاء الاصطناعي على تكنولوجيا التعليم؟

بين انتشار الوباء... وظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، كان قطاع التعليم في حالة تغير دائم على مدى السنوات القليلة الماضية.

ولبعض الوقت، كانت منصات التعلم عبر الإنترنت في صعود، لتصل إلى اللحظة التي أصبحت فيها أماكن العمل والمدارس على حد سواء بعيدة، ثم هجينة لاحقاً.

ظهور الذكاء التوليدي

مع ظهور «تشات جي بي تي» إلى الملأ عام 2022، اغتنمت شركات تكنولوجيا التعليم –مثل «إيدكس edX»، التي كانت واحدة من أوائل عمالقة التعلم عبر الإنترنت– الفرصة لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منصاتها، في حين يحاول المعلمون والإداريون فهم ذلك.

ماذا يمكن أن يعني هذا في الفصول الدراسية؟ سرعان ما أصبح من الواضح أن التكنولوجيا تحتاج إلى حواجز حماية عندما يتعلق الأمر باستخدام الطلاب لها.

وكان أن شرعت شركات مثل «أكاديمية خان Khan Academy» في محاولة إنشاء أدوات تعمل بتقنية «جي بي تي» من شأنها تعزيز تجربة التعلم عبر الإنترنت وتقديم دعم شخصي -ولكن دون تمكين الطلاب من الغش.

وكانت النتيجة تطوير «خانميغو Khanmigo»، وهو برنامج دردشة آليّ أطلقته «أكاديمية خان» لمساعدة الطلاب على تحرير المقالات وحل المسائل الرياضية.

ابتكارات في ميدان التعليم

في عام 2024، سيستمر الذكاء الاصطناعي في كونه المحرك الرئيسي للابتكار في مجال تكنولوجيا التعليم. إذ تراهن شركة «إيلو Ello»، على سبيل المثال، على أن مدرب القراءة المدعوم بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد على تحسين معدلات معرفة القراءة والكتابة لدى الأطفال. وأطلقت الشركة الناشئة مؤخراً نسخة رقمية فقط لمنتجها بأسعار معقولة، إلى جانب كتالوغ ضخم من الكتب الإلكترونية.

من جهته يقول توري باترسون، المدير الإداري لشركة «أويل فنتشورز Owl Ventures»، وهي شركة رأس مال استثماري: «هناك الكثير من التقنيات المثيرة. والذكاء الاصطناعي التوليدي على رأس القائمة، وهو الأمر الذي يجذب قواعد مستخدمين متفجرة للغاية».

ومع ذلك، فهو يرى أنه من المهم الاستمرار في التساؤل عن كيفية استخدام كل هذه التكنولوجيا ولأي غرض. ويضيف: «إنني أعود دائماً إلى المبادئ الأساسية... ما الذي نحاول حله باستخدام كثير من هذه التكنولوجيا الجديدة؟».

تعليم بشري مباشر

هناك، بطبيعة الحال، الكثير من القضايا في قطاع التعليم التي لا يمكن حلها بالتكنولوجيا وحدها، حتى في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي. بوصفها سوقاً عبر الإنترنت، تساعد شركة «سوينغ إيديوكيشن Swing Education» على ربط المدارس بمعلمين بديلين. ولكن استجابةً للنقص المستمر في المعلمين، تحاول الشركة الآن توظيف مزيد من الأشخاص في الوظيفة أيضاً، من خلال تبسيط عملية الموافقة.

من ناحية أخرى، تعمل شركات مثل «كود باث CodePath» و«ترانسفر Transfr» على معالجة أوجه عدم المساواة المستمرة في التعليم العالي من خلال إنشاء مسارات جديدة للعمال المهمشين للدخول في صناعة التكنولوجيا أو الحصول على تدريب مهني للوظائف التي لا تتطلب شهادة جامعية.

ثم هناك «كامباس Campus»، وهي كلية مجتمعية وطنية عبر الإنترنت يضعها مؤسسها تادي أويريندي، بديلاً ميسور التكلفة للتعليم الجامعي التقليدي لمدة أربع سنوات وفرصة لزيادة معدلات المشاركة والإكمال بين الطلاب الذين يتابعون برامج الشهادات عبر الإنترنت.

وحين النظر إلى العام المقبل، يعتقد باترسون أن الانخفاض العام في مشاركة الطلاب -وهي القضية التي كشف عنها الوباء- سيكون أحد أهم التحديات التي تواجه الصناعة في المستقبل. ويقول: «إن مشكلة مشاركة الطلاب ليست مشكلة بيولوجية... إنها مشكلة تتعلق بالمحتوى والطريقة مقارنةً بالوضع الذي وصل إليه جيلنا الحالي».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».