إجراءات البنوك العالمية تؤخر استفادة السودان من مكاسب رفع العقوبات

وزير التعاون الدولي لـ «الشرق الأوسط»: بلادنا تمر بمرحلة انتقالية من الاقتصاد الموازي للرسمي

إجراءات البنوك العالمية تؤخر استفادة السودان من مكاسب رفع العقوبات
TT

إجراءات البنوك العالمية تؤخر استفادة السودان من مكاسب رفع العقوبات

إجراءات البنوك العالمية تؤخر استفادة السودان من مكاسب رفع العقوبات

كشف الدكتور إدريس سلمان، وزير التعاون الدولي في السودان، عن أن اقتصاد بلاده يشهد حالياً مرحلة انتقالية من الاقتصاد الموازي للاقتصاد الرسمي، وتواجه الحكومة تحديات الدخول في منظومة الاقتصاد العالمي، الذي أتاحه رفع العقوبات الأميركية عن البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
وقال سلمان، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه رغم الاختناقات التي حدثت أخيراً في اقتصاد البلاد، إلا أنه أصبح معافى وموعوداً بنهضة كبرى خلال عام 2018، حيث، ولأول مرة، أعدت له الحكومة خطة عمل اقتصادية، تنقل السودان من الاقتصاد الموازي، الذي تهيمن عليه قوى السوق، إلى السوق الرسمية للاقتصاد الذي تحكمه القوانين والأنظمة، مشيراً إلى أن ميزانية البلاد للعام الحالي، وضعت وفقاً لهذه الموجهات.
وكشف الوزير عن أن بلاده بعد إعلان رفع العقوبات الأميركية قبيل أربعة أشهر، شرعت في الاتصال بكل دول العالم ومؤسساته المالية والمانحة، ووجدت استجابات بنسب عالية، إلا أن طول إجراءات المصارف الدولية في إعادة أو تأسيس علاقات مصرفية، يحتاج إلى وقت قد يمتد عاماً أو أكثر، وبخاصة أن فترة المقاطعة امتدت 20 عاماً.
ووفقاً لمتابعات «الشرق الأوسط»، فإن دخول أموال بعملة الدولار إلى البنوك السودانية، يكاد يكون معدوماً، ولا تستطيع الكثير من المصارف السودانية استقبال تحويلات بالدولار من الخارج، ولا حتى من بعض الدول والمؤسسات المالية العربية؛ إذ دائماً ما تواجه هذه التحويلات شبح مقاصة نيويورك، التي تتسلم أولاً عملة الدولار الأميركي المحول لكل دول العالم، وقد طالت هذه المقاصة التحويلات الفردية والشخصية للسودانيين.
وأضاف الوزير أن من مطالبات البنوك العالمية للتعامل المصرفي مع السودان بعد رفع العقوبات، التأكد أن البلد المعني تخلو ممارساته المصرفية من غسل الأموال والإرهاب، كذلك سلامة الأنظمة المالية والتجارية من ممارسات الفساد. يذكر في هذا الصدد، أن الغرفة التجارية الأميركية، اشترطت على القطاع الخاص السوداني الراغب في مزاولة التجارة مع أعضائها المنتشرين حول العالم بكل مسمياتهم، أن ينالوا قسطاً من برامج تدريبية تضمن منع التلاعب والتحايل، وجميع ممارسات الفساد المالي والإداري.
وحول الشكوك التي أثارها انكماش الفجوة السعرية للدولار بين السوقين الموازية والرسمية إلى أدنى مستوياتها قبل يومين، حيث بلغ سعر الدولار 32 جنيهاً مقابل الجنيه، المعلن رسمياً بـ31.5 جنيه، قال الوزير: إن هناك فوضى في سوق الدولار يجب أن توقَف، وهو أمر مرتبط بالاقتصاد الموازي الذي كان سائداً، وقد اتخذت الحكومة الإجراءات الكفيلة بإدخال الاقتصاد الموازي في أسعار العملات الأجنبية كالدولار، إلى الاقتصاد الرسمي.
وبين الوزير في هذا الصدد، أن الحكومة كان لديها أكثر من أربعة أسعار للدولار، منها ما يسمى دولار القمح ودولار البترول ودولار المغتربين والدولار الجمركي، والآن تم توحيد سعر الدولار للجميع في حدود 31.5 جنيه؛ مما سيعمل على استقرار الاقتصاد، ويمهد كذلك لخفض سعر الدولار إلى مستويات أقل بكثير من المستويات التي بلغها، وتسببت في زيادات عالية في أسعار السلع لا مبرر لها.
وحول الوضع الاقتصادي الحالي فيما يتعلق بتوفير السلع الاستراتيجية كالقمح والبترول والدواء وعدم تعرضها لزيادات في الفترة المقبلة، قال الوزير: لدينا تفاهمات مع دول ومؤسسات لاستيراد احتياجات البلاد كافة حتى نهاية العام الحالي، وبخاصة من سلع الغازولين والسكر والقمح وغيرها، وهناك جهات تقدمت بعروض لتوفير هذه الاحتياجات بالدفع الآجل.
وأشار الوزير إلى أن ميزانية عام 2018، التي ألقت بظلالها على أسعار السلع المستوردة، تعتبر أفضل ميزانية تعمل بها البلاد، حيث تملك رؤى ومنهجية اقتصادية محكمة تعزز النمو الاقتصادي وتخفض العجز والتضخم، موضحاً أنها تضمنت إعفاءات بنسبة تزيد على 60 في المائة لمدخلات الإنتاج، وأوقفت استيراد 16 سعة كانت تكلف 500 مليون دولار سنوياً.
ويواجه السودان عجزاً تجارياً خلال ميزانية العام الحالي يقدر بنحو 28.4 مليار جنيه (نحو مليار دولار) يشكل 2.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وتستهدف الميزانية خفض التضخم إلى 19.5 في المائة هذا العام، مقارنة بـ34.6 في المائة التي بلغها قبل شهرين، وتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4 في المائة، مقارنة بـ3.5 في المائة العام الماضي... وبلغت مجموع نفقات الموازنة الجديدة نحو 173 مليار جنيه (نحو 5.5 مليارات دولار).
ويأمل السودان أن تزيد صادراته في 2018 من 3.9 مليار دولار إلى 6.1 مليار دولار، كما يظهر في الأهداف الكمية لمشروع الموازنة، وتتطلع البلاد إلى زيادة إنتاج الحاصلات الزراعية الضرورية ومنتجات الثروة الحيوانية والذهب والنفط.
وهوى الجنيه السوداني إلى مستويات قياسية منخفضة في السوق السوداء هذا العام، بعدما جرى تخفيض قيمته إلى 18 جنيهاً للدولار، من مستوى سابق عند 6.7 جنيه، عقب دعوة صندوق النقد الدولي إلى تحرير العملة، وإقرار «المركزي» بذلك وتنفيذه في ميزانية البلاد للعام 2018، والتي رفعت كذلك سعر الدولار الجمركي إلى من 6.9 إلى 18 جنيها، فتضاعفت أسعار المستورد 300 في المائة.
ومنذ بدء تطبيق الميزانية وما صاحبها من زيادات في أسعار السلع الأساسية والضرورية، استبعدت الحكومة تبني سعر صرف تحدده قوى السوق، لكنها اعتمدت نطاقاً سعرياً تتداول فيه البنوك دولاراتها، وبلغ هذا النطاق في بادئ الأمر ما بين 16 و20 جنيهاً للدولار، ثم جرى رفعه الأسبوع الماضي ما بين 28 و31.5 جنيه للدولار.
ويواجه الاقتصاد السوداني صعوبات منذ انفصال الجنوب في 2011 مستحوذاً على ثلاثة أرباع إنتاج النفط، الذي كان حجمه 470 ألف برميل يومياً. لكن الولايات المتحدة رفعت عقوبات استمرت 20 عاماً عن السودان في أكتوبر الماضي، ونصح صندوق النقد البلاد بإجراء إصلاحات واسعة.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.