روايات جنود عراقيين من الموصل: قادتنا فروا بمروحيات ليلا وتركونا لمواجهة «داعش»

«الدفاع» العراقية أكدت أنها وفرت تذاكر عودة مجانية.. والجنود قالوا إنهم دفعوا مبالغ باهظة * حكومة كردستان تطلق حملة لجمع التبرعات والمعونة لنازحي الموصل

روايات جنود عراقيين من الموصل: قادتنا فروا بمروحيات ليلا وتركونا لمواجهة «داعش»
TT

روايات جنود عراقيين من الموصل: قادتنا فروا بمروحيات ليلا وتركونا لمواجهة «داعش»

روايات جنود عراقيين من الموصل: قادتنا فروا بمروحيات ليلا وتركونا لمواجهة «داعش»

أعرب جنود عراقيون هاربون من الموصل عن سخطهم لما قام به قادتهم من ترك مواقع القتال أمام مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وكشفوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن أنهم تلقوا أوامر من قادتهم الميدانيين بالانسحاب وترك أسلحتهم، وبينوا أنهم ينتظرون الحصول على تذاكر الطيران للرجوع إلى أهاليهم، في حين أعلنت حكومة إقليم كردستان انطلاق حملة لجمع المساعدات والتبرعات لنازحي الموصل في الإقليم.
وقال الجندي محمود فهد لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لسنا هاربين، قادتنا تركونا ليلا نائمين وفروا هم بطائرات مروحية». وأضاف: «نهضنا في الصباح كان المعسكر خاليا من المسؤولين، ضباطنا أبلوغنا بأن نرتدي الملابس المدنية ونعود إلى أهالينا، هذه خيانة لسنا نحن المسؤولين عنها.. خيانة صدرت عن القائد العام للقوات البرية وقائد عمليات نينوى وانتقلت بأمر رسمي منهم إلى الأدنى من أمراء الفرق والضباط». واستدرك قائلا: «قوات البيشمركة هي التي أنقذتنا من (داعش)».
جاسم عبد الحسين جندي آخر من محافظة ميسان كان ضمن مجموعة من الجنود العراقيين الذين اجتمعوا عند فرع شركة الخطوط الجوية العراقية في أربيل منتظرين الحصول على تذاكر السفر إلى مناطقهم، لأن الطريق البري بين الإقليم، وبغداد أصبح مهددا من قبل الجماعات المسلحة.
أفاد جاسم في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بأنه أمضى يومين في أربيل في انتظار الحصول على تذاكر الطيران للوصول إلى منطقته. وقال: «الطريق البري غير مؤمن، فمسلحو (داعش) والجماعات الأخرى تنصب نقاط تفتيش وهمية، بين الفترة والأخرى وتقتل كل عسكري أو شرطي يمر من هناك». وأشار إلى أن خمسة من زملائه ذهبوا برا قبل أيام وقتلوا من قبل «داعش».
القصص كثيرة عن هروب الجنود العراقيين من الموصل، والساعات الأخيرة قبل سيطرة «داعش» عليها، لكن القصة المفصلة كانت عند حسين زيدان الجندي الكربلائي في الفرقة الثانية إحدى الفرق المكلفة حماية محافظة نينوى، وأورد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «خرجنا ليلا في مهمة اشتبكنا خلالها مع عناصر من (داعش) واستطعنا تحرير مستشفى نينوى والفندق القديم، وفي هذه الأثناء احتجنا إلى تعزيزات لإدامة التقدم، لكن عندما خاطب قائدنا قائد عمليات نينوى طالبا إرسال التعزيزات لنا لم يستجب للطلب فاضطررنا للعودة وفي طريق العودة تعرضنا لكمين قتل فيه عدد من زملائنا وبعد مقاومة شديدة استطعنا أن ننجو بأرواحنا وعدنا إلى الفرقة، حيث حدثت مشادة كلامية بين قائد الفرقة وقائد عمليات نينوى نقل على أثرها قائد الفرقة وجيء بشخص آخر مكانه».
وتابع زيدان: «ليلة سقوط الموصل كان قائد القوات البرية علي غيدان وقائد عمليات نينوى مهدي الغراوي وقائد الشرطة وعدد آخر من قادة الفرق مجتمعين عندنا في الفرقة الثانية، لكن في الصباح الباكر لم نشاهد أحدا من هؤلاء فقد فروا بطائراتهم في منتصف الليل، وتركونا نحن الجنود فقط في مواجهة (داعش)». وأشار إلى أن أوامر الانسحاب «جاءت من قادتنا.. وما بقي معنا فقط ضابط كردي كان موجودا في الفرقة».
وزاد زيدان: «حوصرنا من قبل عناصر (داعش) ولولا إنقاذنا من قبل قوات البيشمركة، لكننا الآن مقتولين على أيدي (داعش)، وبعدها جئنا إلى أربيل التي استقبلتنا برحابة الصدر وقدمت لنا كل ما نحتاجه واليوم جئنا إلى فرع الخطوط الجوية العراقية للحصول على تذاكر للرجوع إلى أهالينا».
من جهتها، وفرت وزارة الدفاع العراقية طائرات مدنية مجانية لنقل الجنود العراقيين الموجودين في أربيل والإقليم إلى بغداد لإعداد تنظيمهم مرة أخرى في صفوف الجيش، في حين ذكر الجنود لـ«الشرق الأوسط» أنهم حصلوا على التذاكر بأسعار مرتفعة، لكن المسؤول عن تنظيم الرحلات في وزارة الدفاع العراقية لم يشأ التصريح لنا، مشيرا إلى أن التعليمات الصادرة له من الوزارة تتمثل في عدم التصريح لأي وسيلة إعلامية حول الموضوع.
الجندي عبد الله رحيم تساءل خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هل هؤلاء قادة؟ نحن الجنود كنا نقاتل المسلحين في الخط الأمامي، وقتل الكثير من زملائنا وأحرقت جثثهم أمام أعيننا، نحن هكذا كنا نقاتل في حين أن القادة في الخطوط الخلفية سلموا كل شيء وفروا، ليس لدينا قول سوى لا حول ولا قوة إلا بالله». وطالب هذا الجندي رئيس الوزراء بتقديم القادة إلى محاكمة عسكرية وإقصاء البعثيين من وزارة الدفاع.
المواطن مقداد كامل من بغداد أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن اثنين من إخوانه كانوا جنودا في قاعدة سبايكر في تكريت أسروا من قبل تنظيم داعش ضمن 1400 جندي آخرين في القاعدة ومصيرهم لحد الآن مجهول. وقال كامل اتصل بعدد من شيوخ العشائر في المنطقة الذين قالوا لنا إنهم بخير، دون أن يشيروا إلى مصيرهم المجهول، مضيفين أن «داعش» ركبت الجنود الأسرى في سيارات حمل كبيرة ونقلتهم إلى مكان غير معروف.
وتأتي هذه الأحداث في حين تتواصل جهود الإغاثة في إقليم كردستان للمساعدة النازحين من الموصل بعد الانتهاء من تأسيس مخيم لهم في منطقة خازر التي تبعد عن أربيل نحو 50 كلم.
بدورها، أطلقت محافظة أربيل وبالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر العراقية فرع أربيل الجمعة حملة لإغاثة نازحي الموصل والتبرع لهم. وقال حمزة حامد، مدير إعلام محافظة أربيل في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «استجابة لنداء رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني الذي دعا مواطني الإقليم مع بدء النزوح من الموصل إلى مد يد العون للنازحين، فأطلقت محافظة أربيل هذه الحملة بالتعاون جمعية الهلال الأحمر العراقية فرع أربيل، وذلك لجمع التبرعات والمعونات والإغاثة لنازحي الموصل الذين يبلغ عددهم داخا مدينة أربيل نحو 110 آلاف شخص بالإضافة إلى من جرى إسكانهم في مخيم خازر الجديد الذي نعمل على توسيعه ليضم مستقبلا 5000 شخص، خاصة مع احتمال تدهور الأوضاع في نينوى ببدء حملة عسكرية عليها من الحكومة ببغداد».
وناشد حامد أهالي أربيل مد يد العون للنازحين، مشيرا إلى أن أهل أربيل معروفون بإرادتهم لفعل الخير ومساعدة الآخرين، فهم باستمرار يقدمون المساعدات لكل من يأتي إلى مدينتهم ويقدمون المساعدة للمحتاجين، فمواقفهم مشرفة في هذا المجال.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».