صواريخ على غوطة دمشق بعد توقف تحليق الطائرات

مشروع قرار دولي يقترح هدنة 30 يوماً في سوريا

سوريون في جنيف يطالبون بوقف قصف غوطة دمشق أمس (إ.ب.أ)
سوريون في جنيف يطالبون بوقف قصف غوطة دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

صواريخ على غوطة دمشق بعد توقف تحليق الطائرات

سوريون في جنيف يطالبون بوقف قصف غوطة دمشق أمس (إ.ب.أ)
سوريون في جنيف يطالبون بوقف قصف غوطة دمشق أمس (إ.ب.أ)

توقفت الغارات الجوية لقوات النظام السوري بشكل شبه كامل السبت على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، بعدما حصدت مئات الضحايا منذ مطلع الأسبوع، وفق ما أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية و«المرصد السوري لحقوق الإنسان».
في البلدات والمدن التي استهدفتها الغارات بكثافة منذ الاثنين، بدت حركة المدنيين خجولة في الشوارع، وانصرف بعضهم إلى رفع الركام من الشوارع، في وقت عمل من تدمر منزله على أخذ ما نجا من مقتنياته وأغراضه.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن: إن «الغارات الجوية شبه متوقفة منذ ليل الجمعة، ولم تنفذ طائرات النظام إلا بضع غارات عصر السبت على أطراف مدينة دوما»، لافتاً في المقابل إلى قصف مدفعي متقطع طال مدناً عدة، أبرزها حرستا.
وتعرضت مناطق الغوطة الشرقية، المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب دمشق، لغارات كثيفة نفذتها قوات النظام منذ الاثنين. وتسببت في مقتل أكثر من 250 مدنياً، وإصابة نحو 775 آخرين بجروح، وفق حصيلة جديدة للمرصد السبت.
وفي ظل الحصار المحكم على المنطقة منذ 2013 ومع ارتفاع أعداد الضحايا، عجز الأطباء والمسعفون عن القيام بمهامهم جراء النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية.
في مدينة دوما، أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن شوارع المدينة شهدت السبت حركة خفيفة، وفتحت بعض المحال أبوابها جزئياً في حين انصرف المدنيون الذين تدمرت منازلهم أو تضررت جزئياً نتيجة الغارات إلى تفقدها.
وشاهد المراسل طبيباً يعمل في أحد المشافي في المدينة وهو يقوم مع زوجته بنقل حاجياته من منزله الذي طالته الغارات.
في مدينة عربين، عمل السكان على رفع الركام من الشوارع وتنظيف محيط منازلهم. وقال مصور لوكالة الصحافة الفرنسية: إن الدمار في بعض الشوارع أعاق حركة التنقل، في حين بدت الحركة خجولة في مدينة حمورية، حيث أعاد قسم من المحال التجارية فتح أبوابه السبت.
وشاهد المصور أولاداً يلهون في باحة منازلهم وقرب الأقبية التي يحتمون فيها مع استمرار تعطيل المدارس.
وإذ لفت أمس غياب الطيران الحربي عن أجواء غوطة دمشق الشرقية، أشار «المرصد» إلى استبدال النظام القصف الجوي بالقصف الصاروخي والمدفعي، لافتاً إلى استهداف قوات النظام بـ11 صاروخاً على الأقل من نوع أرض – أرض، مناطق في أطراف مدينة حرستا، بالتزامن مع قصف بقذيفتي مدفعية على مناطق في قرية حوش الصالحية بمنطقة المرج؛ ما أدى إلى إصابة شخص بجراح. وأضاف: «كما سقطت قذيفة أطلقتها قوات النظام على مدينة دوما؛ ما تسبب بإصابة 3 أشخاص بجراح، كما طال القصف مناطق في بلدة بيت سوى ومدينة سقبا وعربين».
وتزامن سقوط الصواريخ والقذائف على مناطق الغوطة مع دوي انفجارات في وسط العاصمة دمشق. وأشار «المرصد» إلى أن هذه الانفجارات «نجمت عن سقوط قذائف على مناطق في حي عش الورور بأطراف مدينة دمشق، ومنطقة فندق الداما روز، وأماكن أخرى قرب منطقة جسر الرئيس في العاصمة؛ ما تسبب في أضرار مادية، واندلاع نيران في منطقة القصف، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية».
إلى ذلك، قُتل وجُرح أكثر من 35 شخصا أمس بانفجار عبوة ناسفة في وسط مدينة إدلب، في حين تصدت فصائل المعارضة لتقدم عناصر تنظيم داعش بالريف الجنوبي للمحافظة قادمين من ريف حماة الشرقي. ولفت في الساعات الماضية أيضاً، وقف النظام حملته الجوية على مناطق الغوطة في العاصمة دمشق والاستعاضة عنها بعمليات قصف مستخدما صواريخ أرض – أرض.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: إن «انفجاراً عنيفاً هز مدينة إدلب، تبين أنه ناجم عن تفجير عبوة ناسفة قرب دوار الساعة وسط المدينة، من قبل مسلحين مجهولين»، لافتاً إلى «مقتل 7 أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 26 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة». ونقلت «شبكة شام» عن ناشطين في إدلب أن «عبوة ناسفة زرعت أسفل سور الساعة الرئيسية وسط مدينة إدلب انفجرت في وقت الذروة لتجمع المدنيين والباعة، خلّفت سبعة شهداء كحصيلة أولية، وأكثر من 20 جريحاً من المدنيين والباعة».
وتزامن التفجير الذي استهدف وسط المدينة والذي لم تتبناه أي جهة حتى الساعة، مع وصول عناصر من «داعش» إلى مشارف مناطق سيطرة المعارضة بريف إدلب الجنوبي قادمة من ريف حماة الشرقي. وأشارت شبكة «شام» إلى «عناصر التنظيم قطعوا مسافات كبيرة ضمن مناطق سيطرة قوات النظام محاولين الدخول في عمق المحرر»، ناقلة عن مصادر ميدانية أن «عناصر (داعش) حاولوا فجر يوم أمس التوغل في قرية أم الخلاخيل التي تعتبر خط تماس مع مناطق سيطرة قوات الأسد التي تمركزت فيها عناصر التنظيم الجمعة، فدارت اشتباكات عنيفة قضى خلالها تسعة عناصر للتنظيم، وسط استمرار الاشتباكات في المنطقة».
وأوضحت المصادر، أن «عناصر التنظيم الموجودين في منطقة سروج وشيحة عواد بريف حماة الشرقي عبروا يوم الجمعة قرابة 20 كيلومتراً ضمن مناطق سيطرة النظام ليلاً مروراً بقرى قصر شاوي وقصر علي وصولاً لأطراف قرى أم الخلاخيل واللويبدة والزرزور»، لافتة إلى أن هذه القافلة «تضم عناصر من فلول لواء الأقصى وجند الأقصى، وما تبقى من عناصر (داعش) من أبناء ريفي حماة وإدلب».
ويدرس مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً في سوريا؛ للسماح بتسليم مساعدات إنسانية، بحسب نص المشروع الذي اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية الجمعة.
وقدمت السويد والكويت مشروع القرار هذا الذي يطلب أيضاً الإنهاء الفوري للحصار، بما في ذلك حصار الغوطة الشرقية قرب دمشق، حيث أدت حملة قصف مكثفة تشنها القوات النظامية السورية إلى مقتل أكثر من 240 شخصاً منذ الاثنين.
من جهة أخرى، دعا المفوض الأعلى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، السبت، إلى «تحرك دولي عاجل» في سوريا بعد التصعيد الأسبوع الماضي، بحسب بيان. وقال: «الأسبوع الماضي كان أكثر الفترات الدمية في النزاع مع تعاقب الضربات الجوية التي أوقعت ضحايا مدنيين في الغوطة الشرقية وإدلب».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».