تحرك لبناني لمواكبة تداعيات التوتر السوري ـ الإسرائيلي

بقايا صواريخ تسقط في البقاع وغارات وهمية فوق الجنوب

جنود لبنانيون ومن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) قرب قرية كفر كلا على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية أمس (رويترز)
جنود لبنانيون ومن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) قرب قرية كفر كلا على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية أمس (رويترز)
TT

تحرك لبناني لمواكبة تداعيات التوتر السوري ـ الإسرائيلي

جنود لبنانيون ومن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) قرب قرية كفر كلا على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية أمس (رويترز)
جنود لبنانيون ومن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) قرب قرية كفر كلا على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية أمس (رويترز)

فرضت التطورات السورية أمس، تحركاً سياسياً لبنانياً داخلياً قاده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتشاور في الأوضاع الناتجة عن إسقاط أنظمة الدفاع الجوي السورية طائرة إسرائيلية، فيما دانت وزارة الخارجية تعرض سوريا لغارات إسرائيلية، مؤكّدةً حقها في الدفاع عن نفسها ضد أي «اعتداء» إسرائيلي.
وبدا الحراك على أكثر من مستوى، محاولة لمنع تمدد التوتر السوري - الإسرائيلي الذي أصاب بشظاياه الأراضي اللبنانية، لجهة سقوط بقايا صواريخ على الأراضي اللبنانية، وظهور حركة ناشطة للطيران الإسرائيلي فوق الجنوب وتنفيذه غارات وهمية.
وتابع الرئيس ميشال عون التطورات، وتلقى تقارير عسكرية وأمنية عدة عن مسار التطورات السورية التي طاولت شظاياها منطقة البقاع، شرق لبنان. وأجرى عون اتصالات هاتفية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الموجود خارج لبنان، وتشاور معهما في الأوضاع المستجدة، وما يمكن أن يتخذ من مواقف حيالها. وتلقى عون، بدوره، اتصالات من وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزيف عون لمتابعة التطورات.
ولم تضع السلطات اللبنانية أي خطة للتحرك، بانتظار عودة الرئيس الحريري من خارج البلاد. وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، إنه سيكون هناك تواصل لتقييم الوضع بعد عودة الحريري.
ودانت وزارة الخارجية اللبنانية «الغارات التي تعرضت لها سوريا»، وأكدت «حق الدفاع المشروع ضد أي اعتداء إسرائيلي». وأشارت الوزارة، في بيان، إلى أن «وزير الخارجية والمغتربين أعطى تعليماته يوم الخميس الماضي إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن بحق إسرائيل لإدانتها وتحذيرها من مغبة استخدامها الأجواء اللبنانية لشن هجمات على سوريا». ورأت الخارجية أن «مثل هذه السياسة العدوانية التي تمارسها إسرائيل تهدد الاستقرار في المنطقة، لذلك تطلب الوزارة من الدول المعنية كبح جماح إسرائيل لوقف اعتداءاتها».
وفي السياق الأمني، اتصل وزير الدفاع يعقوب الصراف بقائد الجيش العماد جوزيف عون للبحث في التطورات، وأجرى سلسلة اتصالات مع عدد من المسؤولين الأمنيين للاطلاع منهم على أوضاع القرى والبلدات الحدودية. وفي اتصال مع قائد قوات «يونيفيل» الجنرال مايكل بيري، أبلغه الصراف «رفض لبنان الخروقات الإسرائيلية المستمرة (التي) تمثلت اليوم بغارات وهمية نفذها الطيران الإسرائيلي في أجواء القرى والبلدات الجنوبية»، وشدد على «رفض لبنان وإدانته استخدام إسرائيل الأجواء اللبنانية لتنفيذ غاراتها»، واضعاً إياه في إطار «الانتهاك السافر للسيادة اللبنانية». وقالت الحكومة السورية في بيانات سابقة، إن طائرات إسرائيلية نفّذت ضربات على أراضيها انطلاقاً من الأجواء اللبنانية.
وأفيد أمس بأن بقايا صواريخ من مخلفات الغارة الإسرائيلية على سوريا سقطت في سهل بلدة سرعين، كما سقطت شظايا في سهل بلدة علي النهري في منطقة البقاع (شرق لبنان)، بحسب ما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية. كما سقط صاروخ «سام» مضاد للطائرات في وادي الحاصباني، جنوب لبنان، كان قد أطلق في اتجاه الطائرات الإسرائيلية من الأراضي السورية.
وأفاد الجيش اللبناني بأن 4 طائرات حربية تابعة للعدو الإسرائيلي خرقت الأجواء اللبنانية من فوق البحر غرب مدينة صور وصولاً إلى بلدة كفرشوبا شرقاً، ثم غادرت الأجواء، قبل أن تتبعها 4 طائرات أخرى نفذت طيراناً دائرياً فوق المناطق اللبنانية كافة، ثم غادرت الأجواء باتجاه البحر. وأوضح أن طائرة استطلاع إسرائيلية خرقت بدورها الأجواء اللبنانية من فوق بلدة الناقورة وصولاً حتى مدينة صور، قبل أن تغادر. وتحدثت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن أن طائرة استطلاع إسرائيلية حلّقت فوق منطقة وبلدات مرجعيون، كما سمعت صفارات الإنذار من داخل منطقة فلسطين المحتلة. وتحدثت عن استنفار لقوات حفظ السلام.
وفي المواقف، قال رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط في تغريدة له عبر حسابه على موقع «تويتر»: «يبدو أن اضطرابات كبيرة مقبلة على المنطقة. لن ينفع التفكير بفصل المسارات لأن الإسرائيلي أصلاً أعلن ربطها. وإلى صنّاع القرار في لبنان وجب الاحتياط والعدول عن المشاريع الكبرى المكلفة. أفضل شيء الإصلاح والتقشف في انتظار العواصف. التاريخ يعيد نفسه».
بدوره، دعا الرئيس السابق ميشال سليمان عبر «تويتر» لـ«مقابلة التسخين الإسرائيلي - السوري - الإيراني بتبريد داخلي يقي لبنان وشعبه شر المحاور المتنازعة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».