حفتر في القاهرة لبحث التطورات السياسية... والجيش يستعد لبدء تحرير درنة

تركيب كاميرات مراقبة داخل مساجد بنغازي

نازحون من مدينة تاورغاء الليبية خارج مخيمهم العشوائي المؤقت إثر منعهم من العودة إلى ديارهم في اللحظة الأخيرة (أ.ف.ب)
نازحون من مدينة تاورغاء الليبية خارج مخيمهم العشوائي المؤقت إثر منعهم من العودة إلى ديارهم في اللحظة الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

حفتر في القاهرة لبحث التطورات السياسية... والجيش يستعد لبدء تحرير درنة

نازحون من مدينة تاورغاء الليبية خارج مخيمهم العشوائي المؤقت إثر منعهم من العودة إلى ديارهم في اللحظة الأخيرة (أ.ف.ب)
نازحون من مدينة تاورغاء الليبية خارج مخيمهم العشوائي المؤقت إثر منعهم من العودة إلى ديارهم في اللحظة الأخيرة (أ.ف.ب)

قال مسؤول ليبي، إن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، يجري حالياً زيارة غير معلنة إلى العاصمة المصرية منذ بضعة أيام، وذلك في إطار ما وصفته مصادر ليبية رفيعة المستوى بـ«التنسيق المشترك بين مصر وقيادة الجيش في مكافحة الإرهاب».
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط»: إن حفتر وصل إلى القاهرة مساء الأربعاء الماضي، وعقد سلسلة اجتماعات مع كبار المسؤولين المصريين لبحث التطورات السياسية والعسكرية في ليبيا، مشيراً إلى أن المحادثات تطرقت إلى مسألة التنسيق الكامل بين الطرفين في مجال مكافحة الجماعات الإرهابية.
كما أبرز المسؤول أن هناك «ترتيبات لعمل مشترك على الأرض في هذا الإطار»، وقال: إن هناك «تنسيقاً على أعلى مستوى بين الجيش الوطني الليبي والسلطات المصرية في هذا الصدد»، مبرزاً أن جانباً اجتماعياً أيضاً هيمن على زيارة المشير حفتر إلى القاهرة، حيث رزق مؤخراً بحفيده الثاني خليفة لابنه بلقاسم.
في غضون ذلك، قال مصدر مسؤول: إن الجيش الوطني بصدد القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق خلال الأيام القليلة المقبلة لبدء تحرير مدينة درنة، التي تعتبر المعقل الرئيسي للجماعات الإرهابية في شرق ليبيا، وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: إن «الاستعدادات أوشكت على الانتهاء، وقوات الجيش في انتظار تحديد ساعة الصفر فقط».
وفى محاولة للحيلولة دون وقوع مزيد من العمليات الإرهابية، التي تستهدف مساجد مدينة بنغازي في شرق ليبيا، أمر حفتر بنفسه بتركيب كاميرات مراقبة لجميع المساجد بالمدينة.
وقال مكتب حفتر في بيان له، إنه «أصدر تعليماته المشددة بتركيب منظومات لكاميرات المراقبة الأمنية في كل مساجد بنغازي فوراً، وعلى نفقة القوات المسلحة بعد تخاذل الجهات التنفيذية في الالتزام بمسؤولياتها في تأمين المواطنين، وحماية ظهر القوات المسلحة».
وطبقاً لما قاله حاتم العريبي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة المؤقتة في البيضاء، فإن إدارة المشروعات بوزارة الداخلية كان يفترض أن تبدأ، اعتباراً من أمس، في تركيب الدفعة الأولى من كاميرات المراقبة الأمنية لـ30 مسجداً داخل مدينة بنغازي، بعد أن حصرت المستهدف منها خلال الأيام الماضية.
وكان اللواء ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة ورئيس الغرفة المشكلة من قوات الجيش والشرطة، قد طالب جميع مساجد بنغازي بضرورة تركيب كاميرات مراقبة خلال أسبوعين.
وفى ثاني اعتداء يستهدف مسجداً في أقل من ثلاثة أسابيع في بنغازي، قتل 3 أشخاص وأصيب 149 آخرون بجروح، بعضهم في حالة خطرة، بعد انفجار قنبلتين في مستهل صلاة الجمعة في وسط مسجد سعد بن أبي عبادة، بوسط المدينة التي تبعد ألف كيلومتر شرق العاصمة طرابلس.
وزرعت عبوة ناسفة في نعش بباحة المسجد، بينما وضعت الثانية في مدخله، في خزانة أحذية، قبل أن يؤدي الانفجار إلى تناثر الحطام على أرضية المسجد، في حين تحطمت النوافذ ولطخت بقع الدماء حيطانه.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الثني: إن الاعتداء أسفر عن إصابة 149 مصلياً بجروح، لكن مستشفى الجلاء في بنغازي أعلنت عن إصابة 62 شخصاً ومقتل شخص واحد.
وأدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بشدة على حسابها على «تويتر» هذا «التفجير الوحشي»، مذكرة أن «الاعتداءات المباشرة أو العشوائية ضد المدنيين» تشكل «جرائم حرب».
وقالت البعثة: إن هذا «العمل الإجرامي البشع ينبغي ألا يوفر مبرراً للأعمال الانتقامية، وعليه يجب أن يتم القيام بالتحقيقات الفورية والنزيهة وتقديم الجناة للعدالة».
بدوره، أدان فرانك بيكر، السفير البريطاني الجديد لدى ليبيا، عبر موقع «تويتر» بشدة الهجمات الوحشية في بنغازي، وقال: «تعازينا الحارة لأهالي الضحايا... وبريطانيا تقف صفاً واحداً مع الليبيين في مكافحة الإرهاب». كما أدانت السفارة الأميركية في ليبيا في بيان لها التفجير، قبل أن تشير إلى أن بنغازي قد «تعرضت خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى هجمات مماثلة».
من جانبه، قال المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في بيان له: إن «هذه الأعمال الإرهابية التي تكررت في مدينة بنغازي، تتنافى تماماً وتعاليم الدين الحنيف، وتتعارض مع القيم والمبادئ الإنسانية»، معتبراً أن «هذه الجرائم تتطلب استنفار القوى الأمنية كافة في ليبيا للعمل المشترك على مواجهتها».
وبعدما دعا إلى «توحيد الصف والجهود لمواجهة الإرهاب وفلوله، وجميع العابثين بأمن واستقرار الوطن وتقديم الجناة للعدالة»، لفت إلى أن الحكومة ستتكفل بعلاج جرحى هذا «العمل الإرهابي» داخل ليبيا وخارجها.
في شأن آخر، أعلنت غرفة عمليات سرت الكبرى عن إصابة ثلاثة من عناصرها وحرق سيارتين، بعدما استهدفت سيارة مفخخة استيقاف للكتيبة 165 التابعة للغرفة في بوابة التسعين شرق مدينة سرت.
من جهة ثانية، كشف رئيس اتحاد يهود ليبيا، رفائيل لوزون، النقاب عن إجرائه اتصالات مع السلطات الليبية في العاصمة طرابلس، بما في ذلك أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة الوفاق، بالإضافة إلى عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة. وأوضح في تصريح تلفزيوني، مساء أول من أمس، أنه على تواصل مع معيتيق، الذي قال إنه طلب منه أن يكون حلقة الوصل مع الجالية اليهودية الليبية في الخارج لفتح الأبواب والمساعدة في عودتهم، لافتاً إلى أنه التقى أيضاً وفوداً من التبو والطوارق.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.