طلاق بين «المردة» و«الوطني الحر» قبل الانتخابات

فرنجية يتحدث عن تعرضه لـ«حرب إلغاء»

TT

طلاق بين «المردة» و«الوطني الحر» قبل الانتخابات

كرست الانتخابات النيابية الافتراق السياسي بين حلفاء الأمس، «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه وزير الخارجية جبران باسيل، و«تيار المردة» الذي يترأسه النائب سليمان فرنجية، الذي بدأ مع الانتخابات الرئاسية عندما اعترض «الوطني الحر» برئاسة العماد ميشال عون على ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية منذ مطلع العام ٢٠١٧، واستمر مع تشكيل الحكومة والتعيينات الإدارية والعسكرية والدبلوماسية.
وما كان يطلقه الطرفان في كواليس السياسة من اتهامات كشفه علناً النائب سليمان فرنجية عندما اتهم «الوطني الحر» بـ«محاولات إلغائه سياسياً وتأكيده التصدي لهذه المحاولات وإفشالها». وقال فرنجية في حفل عشاء في مدينة زغرتا (شمال لبنان) الذي أعلن فيه ترشيح نجله طوني فرنجية للانتخابات: «شنوا معركة إلغائية ضدنا، لكنهم فشلوا لأننا أقوياء بكم». ولفت إلى أن «القانون الانتخابي معقد، لكن نعمل من أجل سدّ كل الثغرات من خلال تنظيمنا لأنفسنا ودعم حلفائنا بطريقة مدروسة ومنصفة، وتوزيع أصواتنا التفضيلية ضمن اللائحة». وأضاف: «حسب التحالفات ستكون النتائج ممتازة ولدينا حلفاء في كل المناطق، والأمور جيدة، وهذه المعركة مفصلية، وخصوصاً في دائرتنا (زغرتا، بشري، الكورة والبترون)».
وكشف خطاب فرنجية أن المعركة الانتخابية في المناطق المسيحية في الشمال ستكون في الدرجة الأولى بين تيار «المردة» و«التيار الوطني الحر» برئاسة وزير الخارجية الذي يسعى لحسم المعركة في الدوائر المسيحية لمصلحته، خصوصاً في قضاء البترون حيث يترشح. وأعلن عضو «كتلة لبنان الحر الموحد» النائب سليم كرم لـ«الشرق الأوسط» أن «تيار المردة لديه تحالفاته القوية في الشمال، خصوصاً مع الحزب السوري القومي الاجتماعي (في الكورة) ومع النائب بطرس حرب (في البترون) ومع النائب جبران طوق (في بشري)، وربما تكون هناك تحالفات مع أحزاب وشخصيات أخرى قد يكون حزب القوات اللبنانية بينها». وقال: «البعض لمس أن القانون الانتخابي ليس ذاهباً وفق ما يشتهي، لذلك بدأ حربه علينا، ومن الواضح أن هذا البعض يحاول إلغاء المسيحيين، وربما كل اللبنانيين ليبقى شخص واحد هو جبران باسيل ويطوب إمبراطوراً».
وأضاف سليم كرم: «سبق أن خضنا معارك انتخابية عندما كانت محافظة الشمال دائرة انتخابية واحدة وفزنا بها، والناس تحفظ للزعامات السياسية وجودها منذ عقود طويلة، وهذه الزعامات موجودة في الدولة لخدمة الناس».
ويخوض تيار «المردة» معركة قاسية في الدائرة الانتخابية الثالثة في شمال لبنان، التي تضم أقضية زغرتا، بشري، الكورة، والبترون وهي ذات غالبية مسيحية، حيث زعامة فرنجية في زغرتا ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في بشري والحزب القومي في الكورة والنائب بطرس حرب في البترون، التي يسعى باسيل للفوز بمقعد انتخابي فيها.
من جهته، أكد مسؤول الإعلام في «تيار المردة» المحامي سليمان فرنجية أن تياره «سيخوض مواجهة سياسية تجاه محاولات إلغائه». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «محاولة إلغائنا بدأت منذ الانتخابات الرئاسية، واستمرت مع تشكيل الحكومة والتعيينات والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية، ومن حقنا مواجهة حرب الإلغاء والتاريخ يشهد أننا عصاة على الإلغاء».
وأوضح فرنجية أن «خيارات تيار المردة مفتوحة في الانتخابات النيابية التي سنخوضها وفق مصلحتنا السياسية، وحقنا بالحصول على كتلة نيابية وازنة، ونحن سنخوض هذه الانتخابات بواسطة مرشحينا وحلفائنا».
وأضاف فرنجية: «من المبكر الحديث عن التحالفات، لكن كل الاحتمالات واردة طالما نحن في حرب سياسية، وطالما خصمنا ماض بالعمل على محاولة إلغائنا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.