روسيا... المنتخب غير المرئي في أولمبياد بيونغ تشانغ 2018

متطوعون يرتدون سترة كتب عليها «بيونغ تشانغ 2018» مع شعار الألعاب الأولمبية (رويترز)
متطوعون يرتدون سترة كتب عليها «بيونغ تشانغ 2018» مع شعار الألعاب الأولمبية (رويترز)
TT

روسيا... المنتخب غير المرئي في أولمبياد بيونغ تشانغ 2018

متطوعون يرتدون سترة كتب عليها «بيونغ تشانغ 2018» مع شعار الألعاب الأولمبية (رويترز)
متطوعون يرتدون سترة كتب عليها «بيونغ تشانغ 2018» مع شعار الألعاب الأولمبية (رويترز)

في المركز الإعلامي لدورة ألعاب بيونغ تشانغ الأولمبية في كوريا الجنوبية، باب رمادي اللون كتب عليه «الرياضيون الأولمبيون من روسيا»، إلا أنه نادرا ما يفتح، ولا يظهر خلفه أي علم روسي أو حتى ألوان منه.
لعل هذه الصورة تختصر المشاركة الروسية في أولمبياد 2018 الشتوي: أبعِد فريق روسيا رسميا على خلفية فضيحة التنشط الممنهج برعاية الدولة التي تهز الرياضة العالمية منذ أكثر من عامين، بيد أن أكثر من 160 من رياضييها «النظيفين» سيشاركون تحت راية محايدة وبصفة «رياضيين أولمبيين من روسيا».
طغت روسيا على الألعاب على رغم أنها تغيب عنها رسميا، حالها كحال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2016 في ريو دي جانيرو البرازيلية.
وكانت اللجنة الأولمبية الدولية قد قررت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حرمان روسيا من المشاركة، وفرضت عليها غرامة قدرها 15 مليون دولار، ومنعت الرجل القوي فيتالي موتكو، وزير الرياضة السابق ونائب رئيس الحكومة الحالي، من حضور الألعاب الأولمبية لمدى الحياة، بعدما وجهت إليه أصابع الاتهام في فضيحة التنشط الممنهج.
على رغم ذلك، لا يزال الرياضيون الروس يشكلون أحد أكبر الفرق في بيونغ تشانغ، وإن تحت علم محايد، ما يعني عزف النشيد الأولمبي في حال تتويجهم بالذهب بدلا من نشيدهم الوطني، وغياب أي أثر لعلم بلادهم.
وفرضت الأولمبية الدولية شروطا صارمة بشأن روسيا، إذ لن يسمح بوضع ألوان علمها (الأبيض والأزرق والأحمر) معا في أي مكان عام، ولا حتى على شقق رياضييها في القرية الأولمبية. وإذا قدم إليهم أحد المشجعين علم بلادهم، عليهم رفضه. ويمكن للرياضيين الروس رفع هذا العلم فقط على الجدران الداخلية لغرف نومهم، طالما أنه لا يظهر للخارج.
كما تشمل القواعد الصارمة ما يمكن لهم أن يرتدونه في التدريبات أو المنافسات. لن يسمح لهم على سبيل المثال، ارتداء أي مزيج من الملابس التي من شأنها أن تشكل ألوان العلم الروسي. ممنوع مثلا ارتداء قميص أبيض وسروال أزرق وحذاء أحمر... كما ستتم مراقبة حساباتهم على مواقع التواصل للتأكد من أنهم يعرفون عن أنفسهم كـ«رياضي أولمبي من روسيا».
مع ذلك، ثمة حافز قوي لدى الروس للامتثال للقواعد لأن اللجنة الأولمبية الدولية تدرس رفع الإيقاف عن بلادهم في الوقت المناسب قبيل حفل ختام الألعاب في 25 فبراير (شباط).
- التألق في سوتشي
تختلف الصورة جذريا عن أولمبياد سوتشي الشتوي 2014 في روسيا. فالنسخة الأخيرة من الألعاب شكلت مناسبة لروسيا لعرض قدرتها الرياضية على العالم، قبل أربعة أعوام من استضافة حدث كبير آخر هو كأس العالم لكرة القدم.
كانت سوتشي 2014 مناسبة تصدرت فيها روسيا الجدول النهائي للميداليات، ورهانا شخصيا للرئيس فلاديمير بوتين، ولحظات فخر كبرى لـ144 مليون نسمة في البلاد. إلا أن تلك الألعاب أوصلت روسيا إلى وضعها الحالي على الساحة الرياضية الدولية: محظورة، مهمشة، ومنبوذة.
- كشف الفضيحة
غريغوري رودتشنكوف، المدير السابق للمختبر الروسي لمكافحة المنشطات، كان «شرارة» تفجير فضيحة المنشطات على نطاق واسع. غادر رودتشنكوف الذي زعم أن بوتين أمر شخصيا ببرنامج التنشط، إلى الولايات المتحدة عام 2016 خوفا على حياته.
في العام ذاته، اتهم تقرير صادر عن المحقق الكندي ريتشارد ماكلارين، أعد بطلب من الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا)، موسكو بتطبيق برنامج منشطات برعاية الدولة على نطاق واسع امتد لأعوام، وبلغ ذروته خلال ألعاب سوتشي، وبضلوع مباشر من أجهزة الأمن الروسية.
وأشار التقرير إلى أن عملاء سريين في الأجهزة الروسية شكلوا جزءا من مؤامرة لمساعدة رياضيي بلادهم على الغش والتلاعب بعينات فحوص المنشطات، لضمان حصولهم على الميداليات الذهبية.
وشمل البرنامج تبديل عينات البول «الملوثة» بالمنشطات بأخرى نظيفة.
- العقوبات
فرض على ألعاب القوى الروسية إيقاف من قبل الاتحاد الدولي، وأبعد رياضيوها من الألعاب الأولمبية الصيفية في ريو 2016. حرم الرياضيون الروس لاحقا من المشاركة في دورة الألعاب البارالمبية في ريو، ويستمر الحظر عليهم أيضا في الألعاب البارالمبية بعد أولمبياد بيونغ تشانغ.
اتحد المسؤولون الروس في التعبير عن غضبهم لاستمرار عزلة بلادهم على أعلى مستوى في الرياضة.
بشكل نادر، تلقى الروس بعض الأنباء الإيجابية، وآخرها الأسبوع الماضي عندما ألغت محكمة التحكيم الرياضي (كاس) عقوبة الإيقاف مدى الحياة المفروضة على 28 رياضيا وإداريا روسيا لتورطهم بنظام المنشطات.
إلا أن اللجنة الأولمبية الدولية قضت على آمال هؤلاء بإمكان اللحاق بالعاب بيونغ تشانغ، بعدما رفضت دعوة 15 رياضيا منهم ألغيت عقوبة إيقافهم للمشاركة، في قضية عادت مجددا إلى محكمة التحكيم.
أثار قرار الأولمبية الدولية ردا غاضبا من رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف الذي وصفه بـ«المخجل»، وأنه «غير عادل وغير شرعي وغير أخلاقي ونابع من دوافع سياسية»، وهدفه «إلحاق ضرر سياسي» ببلاده.
يبلغ عدد الروس الذين تأكدت مشاركتهم في بيونغ تشانغ 168 «رياضيا نظيفا»، في انتظار قرارات «كاس» بشأن عشرات آخرين رفعوا قضيتهم إليها.
وسيكون الروس، بمن فيهم المسؤولون والمدربون، تحت مراقبة الأولمبية الدولية خلال الأولمبياد الشتوي لضمان التزامهم بالقواعد كمحايدين. وستقدم مجموعة من المراقبين تقريرا في ختام الألعاب للجنة التنفيذية الأولمبية الدولية، التي قد تقرر رفع الإيقاف بالكامل أو جزئيا.
وفي حال اتخاذ هذا القرار، فإن العلم الروسي سيرفرف مجددا في حفل الختام في 25 فبراير. وبالتالي، من المحتمل أن يكتب على الباب الرمادي «روسيا» بدلا من «الرياضيين الأولمبيين من روسيا».


مقالات ذات صلة

سيباستيان كو: حماية الرياضة النسائية أولية قصوة... ولا مخاوف من ترمب

رياضة عالمية سيباستيان كو رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى (الشرق الأوسط)

سيباستيان كو: حماية الرياضة النسائية أولية قصوة... ولا مخاوف من ترمب

تعهد البريطاني سيباستيان كو، رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، بتقديم سياسة "واضحة" لحماية الرياضة النسائية إذا انتخب رئيسا للجنة الأولمبية الدولية.

رياضة عالمية دييغو تسوغر قال إن سويسرا هي الخيار المفضَّل للجنة الأولمبية الدولية (أ.ب)

سويسرا واثقة من استضافة الأولمبياد الشتوي 2038

تعتقد سويسرا أنها تمتلك حظوظاً وفيرة لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2038.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية أليسا كامبلين (رويترز)

كامبلين رئيسة لبعثة أستراليا في الألعاب الأولمبية الشتوية 2026

أعلنت أستراليا، اليوم الأربعاء، تعيين أليسا كامبلين أول رياضية أسترالية تحصل على ميدالية ذهبية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية رئيسة لبعثتها.

«الشرق الأوسط» (ملبورن )
رياضة عالمية ماتفيي بيدني وزير الرياضة الأوكراني (أ.ف.ب)

بيدني وزير رياضة أوكرانيا: عودة الروس للمجتمع الرياضي غير مقبولة

انتقدت كييف بشدة، الثلاثاء، مسؤولاً بارزاً في اللجنة الأولمبية الدولية؛ لحديثه عن إمكانية إعادة روسيا إلى المنظمة بسرعة إذا بدأت في الالتزام بقواعدها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
رياضة عالمية خوان أنطونيو سامارانش جونيور (رويترز)

سامارانش: إقامة الأولمبياد في الشتاء تُمكن بلدان المناطق الحارة من استضافتها

قال خوان أنطونيو سامارانش جونيور، أحد المتنافسين على منصب الرئيس المقبل للجنة الأولمبية الدولية، إن المنظمة الدولية يجب أن تظل محايدة في الأمور السياسية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.