عملية عراقية واسعة ضد «الرايات البيض»

بعد أسبوع من تعطل اتفاق لنقل النفط إلى إيران عبر مناطق نشاطها

عناصر من قوات التدخل السريع العراقية خلال العملية في جبال شرق طوزخورماتو (أ.ف.ب)
عناصر من قوات التدخل السريع العراقية خلال العملية في جبال شرق طوزخورماتو (أ.ف.ب)
TT

عملية عراقية واسعة ضد «الرايات البيض»

عناصر من قوات التدخل السريع العراقية خلال العملية في جبال شرق طوزخورماتو (أ.ف.ب)
عناصر من قوات التدخل السريع العراقية خلال العملية في جبال شرق طوزخورماتو (أ.ف.ب)

أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية انطلاق عملية في مناطق شرق قضاء طوزخورماتو، حيث تنشط جماعة «الرايات البيض» المسلحة الغامضة والخلايا النائمة لتنظيم داعش. وتمكنت القوات الأمنية من اعتقال 15 شخصاً يشكلون شبكة «مرتبطة بعصابات إرهابية» في محافظتي ديالى وكركوك.
ولفتت وكالة «رويترز» إلى أن العملية تجري «على طول مسار مزمع لنقل النفط إلى إيران»، في إطار خطط أعلنت نهاية العام الماضي لنقل النفط الخام من كركوك بشاحنات إلى مصفاة نفطية في كرمانشاه بإيران. وأشارت إلى أنه كان من المقرر أن تبدأ عملية النقل بالشاحنات الأسبوع الماضي، لكن مسؤولين عزوا تأخرها إلى «أسباب فنية».
وقال بيان لمركز الإعلام الأمني: إن عملية «تفتيش وتطهير» انطلقت منذ الساعات الأولى لصباح أمس في مناطق شرق قضاء الطوز، مشيراً إلى أن هدفها «بسط الأمن والاستقرار والقضاء على الخلايا النائمة ومواصلة عمليات التطهير». وأضاف أن «قطعات الفرقة المدرعة التاسعة وفرقة الرد السريع وقوات الحشد الشعبي» تشارك في هذه العملية.
وأعلنت قوات «لواء علي الأكبر» التابعة لـ«الحشد الشعبي» التقدم في أربعة محاور من شمال طوزخورماتو باتجاه حمرين «لتحرير المناطق الواقعة صوب الجبال». وقالت في بيان: إن «العملية هي للقضاء على الخلايا النائمة والخارجين على القانون، ومنهم أصحاب ما يسمى بالرايات البيض». وأضاف البيان: إن «قوات اللواء، وهو اللواء الحادي عشر في الحشد الشعبي، تقدمت بمشاركة اللواء 37 في الفرقة التاسعة بالجيش مسافة كيلومترين لتحرير سلسلة جبال الطوز».
وكان نائب قائد العمليات المشتركة، الفريق الركن عبد الأمير يارالله، أعلن قرب انطلاق عملية عسكرية واسعة في تلك المناطق بالتنسيق مع قوات البيشمركة لتعقب تنظيمي «الرايات البيض» و«داعش» في مناطق شرق محافظة كركوك. غير أن وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق نفت على لسان أمينها العام، جبار ياور، علمها أو التنسيق معها بشأن تلك العمليات.
وأوضح الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، لـ«الشرق الأوسط»، أن المنطقة التي تستهدفها العملية هي «سلسلة جبال شرق قضاء طوزخورماتو تمتد على مسافة تبلغ نحو 23 كيلومتراً، وهي مهمة من الناحية الاستراتيجية؛ كونها منطقة جبلية يصعب التحكم فيها». وأشار إلى أن «العملية تستهدف جماعة الرايات البيض».
ولفت إلى أن هذه المنطقة عُثر فيها على أنفاق وجثث، مشيراً إلى أن «هذه العملية وإن كانت خاطفة، لكن تم الإعداد لها بشكل جيد؛ لأن هذه الجماعات الإرهابية بدأت تشكل تهديداً للمناطق المتاخمة لها، إضافة إلى الإشاعات عن قوتها وما إذا كانت هي بقايا تنظيم داعش أم هي جماعات متشددة» جديدة.
غير أن الناطق باسم «عصائب أهل الحق» المنضوية في «الحشد الشعبي» نعيم العبودي قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «الرايات البيض لا تشكل خطراً حقيقياً، لكنها تشكل تهديداً للجانب الأمني ومحاولات عبث هنا وهناك وتهديد المواطنين الأبرياء، خصوصاً في محافظة كركوك وقضاء طوزخورماتو. وبالتالي لا بد من العملية المشتركة بين القوات العسكرية وقطعات من الحشد الشعبي».
وقال: إن «الهدف أيضاً هو فرض القانون في تلك المناطق ومتابعة الخارجين على القانون وبسط هيبة الدولة، إذ كانت منطقة طوزخورماتو شهدت تهديدات للسكان». واتهم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وعائلة زعيمه مسعود بارزاني بـ«دعم جماعات الرايات البيض، وهو أمر واضح ومؤكد لدينا، إذ تتلقى هذه الجماعات دعماً من الديمقراطي الكردستاني، وبالذات من عائلة السيد بارزاني. وأعداد هؤلاء تتراوح بين 150 و200 عنصر».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.