مباحثات مصرية ـ سودانية اليوم في القاهرة لبحث قضايا عالقة... بينها «حلايب»

TT

مباحثات مصرية ـ سودانية اليوم في القاهرة لبحث قضايا عالقة... بينها «حلايب»

يجتمع وزيرا خارجية مصر والسودان ورئيسا جهازي المخابرات العامة بالبلدين في القاهرة اليوم، الخميس، لبحث إيجاد حل للخلافات التي نشبت بين البلدين مؤخرا، وترتب عليها استدعاء الخرطوم سفيرها في القاهرة للتشاور.
وشهدت الآونة الأخيرة توتراً غير مسبوق بين الجارين مصر والسودان، كان محوره الخلافات حول مثلث «حلايب وشلاتين وأبو رماد»، الحدودي، والموقف من سد «النهضة» الإثيوبي، إضافة إلى اتهامات سودانية للقاهرة بدعم متمردين مناهضين لنظام الرئيس عمر البشير، وهو ما نفته مصر جملة وتفصيلاً.
وعقب أسابيع من تصاعد للتراشق الإعلامي بين البلدين، استدعت السودان السفير عبد المحمود عبد الحليم، في 4 يناير (كانون الثاني) الماضي، فيما اتهمت القاهرة، دولاً إقليمية بالسعي إلى توتير العلاقات بين البلدين.
وقال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصري أمس، إن القاهرة سوف تستضيف اجتماعا رباعيا لوزيري الخارجية ورئيسي جهازي المخابرات بمصر والسودان، لبحث مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، والتنسيق بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وذكر أبو زيد، أن الاجتماع يأتي تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس عمر البشير عقب لقائهما الأخير على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث تم الاتفاق على إنشاء آلية تشاورية رباعية بين وزارتي الخارجية وجهازي المخابرات العامة في البلدين لتعزيز التضامن والتعاون بين البلدين الشقيقين في إطار العلاقة الاستراتيجية التي تجمع بينهما، والتعامل مع جميع الملفات والقضايا المرتبطة بمسار العلاقة الثنائية في مختلف المجالات، فضلا عن إزالة أي شوائب قد تعتري تلك العلاقة في مناخ من الأخوة والتضامن ووحدة المصير في مواجهة التحديات المشتركة.
وعقب لقاء السيسي - البشير توقع السفير السوداني عبد المحمود عبد الحليم، عودته قريبا لممارسة عمله مرة أخرى في القاهرة، واصفا القمة المصرية السودانية بأنها كانت «إيجابية ومهمة للغاية».
وكشف المتحدث باسم الخارجية، عن أن الاجتماعات المقرر عقدها بالقاهرة سوف تشمل محادثات ثنائية على مستوى وزيري الخارجية، وأخرى بين رئيسي جهازي المخابرات، ثم محادثات رباعية يعقبها مؤتمر صحافي لوزيري خارجية البلدين، مضيفا أن «مسألة الإعلام وتناوله للمسائل الخلافية، ستكون محل النقاش، وكيف كان للإعلام دور سلبي أو إيجابي في العلاقات بين البلدين».
ويطالب السودان بمثلث حلايب وشلاتين منذ عام 1958 وتقول القاهرة إنه أرض مصرية ورفضت في 2016 بدء مفاوضات لتحديد الحق في السيادة على المنطقة أو اللجوء إلى التحكيم الدولي بشأنها، حيث ترى مصر أن الأمور محسومة لصالحها، اعتمادا على السيادة على الأرض، بما يشمل ذلك العملة المستخدمة والنظام المصرفي، والوجود الفعلي لقوات الجيش والشرطة المصرية.
ووصل القاهرة أمس وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور والفريق أول ركن مهندس محمد عطا المولى عباس مدير عام جهاز الأمن والمخابرات السودانيين، في زيارة رسمية إلى مصر تستمر يومين.
ووفقا لوكالة السودان للأنباء (سونا) فإنهما سيلتقيان خلال الزيارة نظيريهما المصريين، ويعقدان سلسلة من الاجتماعات التي تهدف إلى وضع خريطة طريق للتعاطي مع معالجة جميع الملفات والقضايا لتأمين مسار علاقات البلدين.
وقال السفير قريب الله الخضر الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن هذه الزيارة تأتي كإحدى ثمار موجهات القمة الثنائية التي جمعت الرئيسين السوداني عمر البشير والمصري عبد الفتاح السيسي على هامش القمة الثلاثين للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا مؤخرا.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.