الجيش اليمني لـ {الشرق الأوسط}: حررنا 85% من تعز

القوات السعودية أردت 25 مقاتلاً حوثياً حاولوا الهجوم على الخوبة

TT

الجيش اليمني لـ {الشرق الأوسط}: حررنا 85% من تعز

أكد الجيش الوطني اليمني تحريره 85 في المائة من محافظة تعز (275 كيلومتراً جنوب صنعاء)، في الوقت الذي أعلنت فيه قناة «العربية» نقلاً عن مراسلها أمس، أن المروحيات والمدفعية السعودية دمرت آليات للحوثيين قبالة قرية الخوبة التابعة لمنطقة جازان الحدودية، وصدت هجوماً قتل فيه 25 حوثياً حاولوا مهاجمة قرى في جازان.
ميدانياً، ذكر الجيش اليمني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن النسبة المتبقية من محافظة تعز تحتاج إلى استمرار الوتيرة الحالية التي جاءت ثمرة لاجتماع قيادات المحافظة العسكرية مع القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، الذي جرى في العاصمة السعودية الرياض حديثاً.
ووفقاً للمتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني اليمني، حققت الجبهات الأخرى في كل من صعدة والجوف والبيضاء انتصارات متسارعة أمام تقهقر الميليشيات الانقلابية في مختلف الجبهات.
ورافق تقدم قوات الجيش في جبهة الساحل، إحراز تقدم جديد في صعدة، معقل الحوثيين الأول، حيث قتل خلال اليومين الماضيين أكثر من 30 انقلابياً، وأصيب عشرات آخرون، علاوة على تدمير عدد من الآليات العسكرية التابعة للحوثيين.
‏وشنت مقاتلات التحالف 5 غارات جوية استهدفت مواقع وتحصينات الميليشيات الحوثية ‎الانقلابية في منطقتي المهاذر ومران بمديرية ‎حيدان بمحافظة ‎صعدة.
وفي الساحل الغربي، لجأت الميلشيات إلى الرد على فقدان مديرية حيس بقصف عشوائي استهدف المدنيين، في الوقت الذي فخخت فيه الميليشيات عدداً من المواقع والمساحات الواسعة في حيس وخارج حيس على الطرق المؤدية إلى مديرية الجراحي، في محاولة إبطاء تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بما فيها إقدامها على تفجير الجسر الذي يربط بين حيس والجراحي، وفقاً لمصادر ميدانية.
وأوضح العميد عبده مجلي، المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني اليمني، أن تحرير مديرية حيس ومركزها ودحر الميليشيات الحوثية الانقلابية منه أدى إلى قطع خطوط الإمداد التي تصلها من محافظات عدة، هي تعز، الحديدة، وإب، إلى جانب تأمين التحام الجبهات للجيش الوطني اليمني والمقاومة.
وأضاف: «السيطرة على مديرية حيس ومركزها الرئيسي وتحريره من الميليشيات الحوثية الإيرانية وبإسناد من التحالف العربي كانت مهمة وحاسمة في الساحل الغربي سواء في الخوخة أو مديرية حيس، والجيش يتقدم نحو مديرية الجراحي التي تبعد عن مديرية حيس نحو 20 كيلومتراً، وتكمن أهمية مديرية حيس في أنها تقع بين طرق رئيسية عدة إلى محافظات إب والحديدة وتعز، كما أنها تؤمّن الجبهة الغربية وتحقق التحام الجبهات».
وأشار المتحدث باسم الجيش اليمني إلى أن عملية التحرك باتجاه الحديدة والمديريات المتبقية ستكون في غضون الأيام القليلة المقبلة، وتابع: «التحرك نحو مديرية الجراحي سيكون خلال الأيام المقبلة سيتم تحريرها والمناطق الأخرى وتحرير محافظة الحديدة وميناءها لاستراتيجي من الحوثيين، وهناك عوامل عدة تؤكد ذلك، أهمها الإسناد اللوجيستي المتواصل المقدم من التحالف العربي، والروح المعنوية العالية لدى عناصر الجيش الوطني والمقاومة، وعدالة القضية، والتدريب الجيد».
ولفت العميد عبده مجلي إلى أن تمكُّن الجيش الوطني من السيطرة على الطرق الرئيسية وقطع الإمدادات على الميليشيات الانقلابية من شأنه التعجيل بتحرير محافظة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، وقال: «أصبح من الأهمية تحرير الحديدة والميناء نظراً لاستمرار عمليات تهريب الأسلحة والصواريخ الإيرانية عبر هذا الميناء، إلى جانب حماية البر والبحر من العمليات الإرهابية التي تقوم بها هذه الميليشيات الإجرامية».
في تعز، قتل 16 انقلابياً وأصيب عدد آخر في معارك مع الجيش الوطني في الجبهة الغربية لتعز جراء انفجار لغم زرعتها الميليشيات في وقت سابق بجبهة العنين.
وقال مصدر عسكري في محور تعز: إن «مواجهات عنيفة شهدتها عدد من المواقع في جبهة مقبنة، غرباً، حيث تركزت المعارك في جبل جريدم وعزلة القحيفة، عقب هجوم شنته الميليشيات الانقلابية على مواقع الجيش الوطني الذي تصدت لها وأجبرتها على التراجع، علاوة على اشتباكات شهدتها عزلة اليمن بمحيط جبل قهبان وتبة القوز بالجبهة ذاتها، وسقط على أثره 12 انقلابياً قتيلاً في حين 13 آخرون، علاوة على مقتل 4 آخرين من الميليشيات الانقلابية إثر لغم أرضي كانت قد زرعته الميليشيات، في وقت سابق، في جبهة العنين، غرباً، حيث تشهد معارك عنيفة». وأكد أن «ميليشيات الحوثي الانقلابية عززت من مواقعها في الجبهة الشمالية بمدخل العيار ومنطقة العقمة والعبدلة بالمديرية ذاتها».
وبيّن العميد مجلي، أن هناك انتصارات في الجبهة الشرقية حيث هناك تقدم كبير وتحرير منطقة لوزم في عزلة العدنة، وأردف «في الجبهة الغربية ومديرية جبل حبشي استطاع الجيش تحرير شرف العنين وأجزاء كبيرة من هذه السلسلة الجبلية، وعدد من التلال الحاكمة التي من خلالها تتم السيطرة النارية على الخط الرابط بين محافظتي تعز والحديدة، يمكننا التأكيد على تحرير 85 في المائة تقريباً من المحافظة، وأشير هناك إلى أن ذلك تحقق بعد اجتماع القادة العسكريين من قيادة المنطقة الرابعة وقيادة محور تعز والقادة العسكريين في تعز مع قيادة العمليات المشتركة للتحالف في الرياض أخيراً والذي أثمر هذه الانتصارات التي نراها اليوم وتتواصل وهناك دعم كبير يقدم للجيش الوطني لاستكمال تحرير تعز التي عانت من الظلم والجور والحصار من الميليشيات الحوثية».
إلى ذلك، ارتفعت حصيلة مجزرة الحوثيين التي ارتكبتها مساء الثلاثاء في حي جامع الإيمان بعصيفرة، شمال تعز، إلى مقتل 3 أطفال وإصابة نحو 18 آخرين، وصفت حالة بعضهم بالخطيرة، جراء سقوط قذائف الحوثيين على معلب للأطفال أثناء لعبهم كرة القدم في إحدى ساحات الحي قبل حلول الظلام، طبقاً لما أكدته مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط»، التي وصفت الحادثة بأنها «تعد من جرائم الحرب كونها تطال أهدافاً مدنية».
وإلى مأرب، تتواصل المعارك بين الجيش الوطني، المسنود من مقاتلات تحالف دعم الشرعية، وميليشيات الحوثي الانقلابية في جبهة صرواح، غرب المحافظة، الواقعة بين مأرب وصنعاء.
وقالت مصادر عسكرية: إن مدفعية الجيش الوطني استهدفت مواقع تمركز الانقلابيين في وادي انشر بصرواح سقط على إثرها 8 انقلابيين بين قتيل وجريح، بالتزامن مع شن مقاتلات التحالف العربي لغارات استهدفت فيها أطقم عسكرية ومواقع تمركز الانقلابيين.


مقالات ذات صلة

غارة أميركية تنهي حياة أحد أهم قيادات «القاعدة» في اليمن

العالم العربي عناصر من «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» باليمن (إعلام محلي)

غارة أميركية تنهي حياة أحد أهم قيادات «القاعدة» في اليمن

قُتل القيادي البارز في تنظيم «القاعدة» أبو محمد الصنعاني إثر استهدافه بغارة أميركية في موقع للتنظيم بوادي عبيدة في مأرب بالتزامن مع محاكمة عدد من عناصر التنظيم

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي اجتماع قيادات حوثية في وقت سابق لإقرار خطة التعبئة والتجنيد (إعلام حوثي)

«أسبوع الشهيد» الحوثي... غطاء الجماعة لحملة تجنيد واسعة

أطلقت الجماعة الحوثية حملة تجنيد واسعة في ريف صنعاء مستغلة ما تسميه «أسبوع الشهيد»، ولجأت إلى الضغط والابتزاز المالي لإجبار القبائل على تجنيد المزيد من أبنائها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

تحركات حوثية لمصادرة أراضي السكان في ريف صنعاء

أطلق الحوثيون حملةً جديدةً لمصادرة نحو مليونين و660 ألف متر مربع من أراضي السكان في مديرية همدان شمال غربي صنعاء، بحجة تبعيتها لهم، وسط غضب مجتمعي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
خاص الأمم المتحدة أجلت موظفيها الأجانب من صنعاء وتركت الموظفين المحليين (إعلام محلي)

خاص معاناة الموظفين الأمميين تتفاقم في سجون الحوثيين

يواجه عشرات من موظفي الأمم المتحدة اليمنيين مصيراً مجهولاً داخل سجون جماعة الحوثي المصنفة إرهابياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي أطفال يمنيون في سن الدراسة يقفون أمام مبنى متهالك اتُّخذ مدرسة مؤقتة في محافظة تعز (أ.ف.ب)

دعوات يمنية إلى إنصاف الأطفال الضحايا ضمن مسار العدالة الانتقالية

دعت دراسة حقوقية يمنية إلى تبني العدالة الانتقالية في إنصاف الأطفال الذين كُشف عن استمرار الانتهاكات بحقهم، ودعا قانونيون واجتماعيون إلى الإسراع بإعادة تأهليهم.

وضاح الجليل (عدن)

مصر تدعم «مجلس» البرهان في مواجهة «محاولات تقسيم السودان»

رئيس مجلس السيادة السوداني خلال استقباله وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
رئيس مجلس السيادة السوداني خلال استقباله وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعم «مجلس» البرهان في مواجهة «محاولات تقسيم السودان»

رئيس مجلس السيادة السوداني خلال استقباله وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
رئيس مجلس السيادة السوداني خلال استقباله وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

جددت مصر دعمها لـ«مجلس السيادة السوداني» برئاسة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان، وللحكومة السودانية، في مواجهة «محاولات تقسيم السودان»، وذلك بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على إقليم دارفور.

وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي «دعم بلاده الكامل لحكومة (الأمل) السودانية»، وشدد خلال لقائه البرهان، الثلاثاء، في بورتسودان على «إدانة مصر للانتهاكات والفظائع في مدينة الفاشر»، كما أكد «مواصلة بلاده جهودها لتحقيق الاستقرار في السودان»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية».

البرهان خلال استقباله عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وتوجه عبد العاطي إلى بورتسودان، الثلاثاء، في زيارة لبحث «آفاق تطوير التعاون بين البلدين، وتبادل الرؤى حول مستجدات الأزمة السودانية وسبل دعم الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية شاملة تحفظ أمن السودان واستقراره».

وخلال لقائه البرهان، جدد عبد العاطي التأكيد على «دعم بلاده الكامل للسودان، ودعم استقراره وأمنه ووحدة وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية»، وشدد على «انخراط بلاده بصورة فاعلة في الجهود الدولية الهادفة لوقف إطلاق النار في السودان ووضع حد لمعاناة شعبه، وفي مقدمتها (الرباعية الدولية)».

وتعمل الآلية الرباعية، التي تضم «السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة»، من أجل وقف إطلاق النار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري في واشنطن، في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكدت «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان»، إلى جانب «الضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتهيئة الظروف لضمان أمن منطقة البحر الأحمر».

اجتماع ثلاثي بين وزيري خارجية مصر والسودان ووكيل السكرتير العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية (الخارجية المصرية)

وتأتي زيارة وزير الخارجية المصري للسودان وسط مخاوف مصرية من تقسيم السودان بعد سيطرة «الدعم السريع» على إقليم دارفور.

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية صلاح حليمة إن مصر «تحذر من هذا السيناريو، وتسعى لحشد الجهود الدولية من أجل تحقيق تسوية شاملة في السودان».

وحسب بيان «الخارجية المصرية»، الثلاثاء، أشار عبد العاطي إلى أن «القاهرة تتواصل مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية لتعزيز الجهود الرامية للوصول لتسوية شاملة للازمة السودانية».

وأشاد البرهان بالموقف المصري الداعم لبلاده، وأعرب عن «امتنانه لمواقف مصر الصادقة الداعمة للسودان»، حسب «الخارجية المصرية».

وسبق لقاء عبد العاطي مع البرهان محادثات مع وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم، أكد خلالها وزير الخارجية المصري ضرورة «الالتزام بتنفيذ بيان الرباعية الدولية الصادر في سبتمبر الماضي، والدفع نحو وقف دائم وشامل لإطلاق النار»، وفقاً لـ«الخارجية المصرية».

كانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت، الشهر الماضي، سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور بغرب السودان، آخر مقرات الجيش في الإقليم، واتهمت الحكومة السودانية عناصر «الدعم السريع» بارتكاب جرائم بحق المدنيين.

مشاورات مصرية - سودانية في بورتسودان (الخارجية المصرية)

ويرى حليمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تخشى استغلال (قوات الدعم السريع) التطورات الأخيرة في دارفور من أجل المطالبة بانفصال جديد، خصوصاً أنها أعلنت في وقت سابق تشكيل (حكومة موازية) في السودان».

وقال: «رغم عدم الاعتراف الدولي بها، لا تريد مصر استثمار بعض الأطراف الدولية والإقليمية التطورات الميدانية والسياسية الداخلية لدعم سيناريو التقسيم».

وشدد وزير الخارجية المصري على أن تقسيم السودان «خط أحمر» لبلاده، ولن تقبل أو تسمح به. وقال في تصريحات لـ«القاهرة الإخبارية»، الاثنين، إنه «لا حلول عسكرية للأزمة في السودان».

وأكد في نفس الوقت على أهمية «إطلاق مسار إنساني يضمن وصول المساعدات دون عوائق، بالتوازي مع زيادة حجم الدعم الإغاثي، وتعزيز التنسيق مع المنظمات الدولية، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية هناك».

وتساند مصر السودان في مختلف المجالات، وفق حليمة الذي قال: «القاهرة تقدم دعماً سياسياً إنسانياً للسودان لمواجهة تحديات مختلفة، ولعلاج آثار الحرب المستمرة حتى الآن».

وأضاف: «الرؤية المصرية لوقف الحرب في السودان تركز على مسارات سياسية وأمنية وإنسانية، من أجل التسوية الشاملة في السودان».

وعلى صعيد دعم الجهود الإغاثية في السودان، بحث وزير الخارجية المصري في اجتماع ثلاثي مع نظيره السوداني ووكيل السكرتير العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر «سبل تعزيز الاستجابة الإنسانية الدولية للازمة الإنسانية بالسودان».

وشدد عبد العاطي على ضرورة «تعزيز الاستجابة الدولية للأزمة الراهنة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الفئات الأكثر تضرراً، ودعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام المستدام في السودان، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن السودانيين»، حسب بيان «الخارجية المصرية».


جهود «الرباعية» لوقف حرب السودان تنتظر جلاء موقف الجيش

لاجئون سودانيون يملأون عبوات بالمياه داخل مخيم تيني المؤقت في تشاد يوم الاثنين (أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون يملأون عبوات بالمياه داخل مخيم تيني المؤقت في تشاد يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

جهود «الرباعية» لوقف حرب السودان تنتظر جلاء موقف الجيش

لاجئون سودانيون يملأون عبوات بالمياه داخل مخيم تيني المؤقت في تشاد يوم الاثنين (أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون يملأون عبوات بالمياه داخل مخيم تيني المؤقت في تشاد يوم الاثنين (أ.ف.ب)

فيما تتحرك «الرباعية الدولية» التي تضم السعودية والولايات المتحدة ومصر والإمارات، من أجل هدنة إنسانية عاجلة في السودان، تمهيداً لوقف الحرب وبدء عملية سياسية جديدة، تتركز الأنظار على موقف الجيش منها، بعدما وافقت عليها «قوات الدعم السريع».

فمن جهة، أعلن الجيش ترحيبه بالجهود الدولية من أجل السلام، وفي الوقت ذاته أعلن التعبئة العامة واستمرار الحرب حتى هزيمة خصومه، ما يعني أن موقفه بحاجة إلى جلاء، كما يبدو. فالموقف المعلن حتى الآن يوحي بأن هناك معسكرين في صفوف مؤيدي السلطة المدعومة من الجيش. فهناك دعاة استمرار الحرب حتى القضاء على «الجنجويد» الذين خرجت «قوات الدعم السريع» من رحمهم في دارفور. وفي المقابل، هناك أطراف أخرى ترى أن المرحلة تتطلب الانحناء للريح، وعدم الدخول في مواجهة مع «المجتمع الدولي» قد تأتي بنتائج غير محمودة.

ويقول منتقدون للحركة الإسلامية في السودان إنها تلعب دوراً رئيسياً يعرقل أي تسوية قد تقصيها عن المشهد السياسي، بما فيها خطة «الرباعية» التي تقضي بإبعادها، وفقاً لما أكده مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي الذي اعتبر عزل التيار الإسلامي عن المشهد ضرورة لازمة و«خطاً أحمر» تتمسك به الولايات المتحدة.

لاجئات سودانيات يجلسن داخل خيمة بمدينة تيني في تشاد يوم 8 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

لذلك، تسعى الحركة، بحسب ما يقول منتقدوها، بكل ما تملك من قوة ونفوذ لإفشال مبادرة «الرباعية»، وتقوم دعايتها على أن المبادرة «مشروع خارجي لتسليم السودان للعملاء».

تحشيد في الداخل والخارج

في اليوم الثاني لصدور بيان «الرباعية»، أصدر الأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، بياناً أكد فيه عزم الحركة على مواصلة القتال إلى جانب الجيش السوداني، حتى القضاء على «قوات الدعم السريع» (الجنجويد السابقين، بحسب وصف خصومهم).

وفي الأسبوع الحالي، عُقد اجتماع بمنزل قيادي إسلامي شغل سابقاً منصب وزير الخارجية، ضم قيادات إسلامية خارج السودان، ودعا إلى «رفض خطة الرباعية والتعبئة لمواجهتها». وفي تسجيل مُسرَّب من الاجتماع، حذَّر الوزير السابق من «التعويل على المجتمع الدولي»، متهماً واشنطن بـ«إدارة الأزمة لخدمة مصالحها»، ودعا لتوحيد الصف الإسلامي ضد «التدخلات الأجنبية ومحاولات الإقصاء». ولم يتضح فوراً رد الوزير السابق على التسجيل المسرّب.

شبكات قوية

وفي هذا الإطار، أكد المحلل السياسي، عثمان فضل الله، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، وجود تأثير كبير للإسلاميين، وأرجعه لامتلاكهم شبكات قوية داخل المؤسسة العسكرية والإدارية، مكَّنتهم من «السيطرة» على القرار الأمني والعسكري.

قال فضل الله: «هذه الشبكات تُسهم في توجيه القرار أو تعطيله». وتابع: «يحتفظ الإسلاميون بقدرة على تحريك الشارع والإعلام عبر خطاب ديني يربط الحرب بالدفاع عن الدولة والدين، ليمنحهم شرعية رمزية وسط قطاعات من المجتمع المحافظ».

لاجئون سودانيون ينتظرون أمام مكتب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمخيم مؤقت في تشاد يوم 9 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ورأى فضل الله أن دوافعهم لاستمرار الحرب تتمثل في اعتبارها فرصة لهم للعودة إلى السلطة، ولمنع أي عملية سياسية قد تقود إلى محاسبتهم على فترة حكمهم السابقة، ولحسم الصراع الآيديولوجي باعتبار الحرب مع «الدعم السريع» والقوى المدنية «معركة هوية» مع مشروعهم الإسلامي.

وأشار أيضاً إلى المصالح الاقتصادية التي ترتبط بشبكات تمويل الحرب التي تتحكم فيها الحركة الإسلامية، مثل تجارة الذهب، والوقود، وأعمال الإغاثة، وما توفره لهم من نفوذ يصعب التخلي عنه.

محاصرة وتحييد

ولتحييدهم، رأى فضل الله ضرورة إشراك التيارات المعتدلة منهم في حوار يلتزم بالمدنية، ومحاصرة المتشددين قضائياً، مع إعادة هيكلة الأجهزة النظامية على أسس مهنية. ومجتمعياً، دعا المحلل السياسي إلى تفكيك الخطاب التعبوي الذي يربط الوطنية بالدين، وتقديم بديل وطني جامع.

وركز فضل الله على التنسيق الدولي الداعم لمسار السلام، بوصفه وسيلة ضرورية لتجفيف علاقاتهم الخارجية، و«تصنيف التنظيم كمجموعة إرهابية، استناداً إلى الممارسات الداعشية التي ارتكبوها خلال الحرب الحالية». وأضاف: «بهذا فقط، يمكن كبح نفوذ الإسلاميين، وتحويل الحرب من أداة بقاء إلى طريق نحو سلام حقيقي».

نازحون من شمال كردفان يجلسون في الظل بمدينة أم درمان التابعة لولاية الخرطوم يوم الاثنين (أ.ف.ب)

أما المحلل السياسي عثمان ميرغني فأكد لـ«الشرق الأوسط» قدرة الإسلاميين على تعطيل المبادرات الدولية، وقال: «القرار في الدولة حالياً يتركز في رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان... الذي يشكل الإسلاميون عاملاً رئيسياً في دعمه، وتعزيز فرص بقائه في السلطة».

وتابع: «حالياً يقف الإسلاميون في وجه المبادرات الدولية، منطلقين من الإحساس بأن دولاً مهمة في الإقليم تخشى عودتهم، ومن افتراض أن المبادرات الخارجية تستبطن دعماً لقوى سياسية معادية لهم... ما يستوجب عرقلة هذه المبادرات».

واختتم حديثه قائلاً: «الخلاصة: نعم يملك الإسلاميون القدرة على تعطيل المبادرات الدولية».

عرقلة في العلن

وفي مقابلة تلفزيونية حديثة، قالت الدكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، إن التيار الإسلامي في السودان يشكل أحد العوائق الأساسية أمام نجاح الهدنة التي اقترحتها الآلية الرباعية.

وأوضحت أن الإسلاميين يتعاملون مع المبادرة بوصفها تهديداً لوجودهم السياسي، ويسعون عبر نفوذهم داخل مؤسسات الدولة، وعبر خطابهم الإعلامي العام، إلى إفشال أي ترتيبات تنفيذية قد تضعف موقعهم. وأضافت: «استمرار هذا الرفض يُضعف أي تسوية دولية، ويحد من فرص إرساء وقف حرب دائم».

لاجئ سوداني يسير أمام خيام بمدينة تيني في تشاد يوم 8 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ولا يُخفي حزب «المؤتمر الوطني» (الواجهة السياسية للإسلاميين) موقفه من الهدنة ووقف الحرب. ففي بيان أصدره في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجَّه بإعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة، وطالب مؤسسات الدولة بما سمَّاه «الاضطلاع بمسؤولياتها الدستورية والقانونية لحماية أمن ووحدة البلاد».

ودعا الحزب أيضاً لتجهيز القوات المسلحة والقوات المساندة، لمواجهة ما وصفها بـ«المؤامرة»، وتحريك القوات فوراً «لضرب معاقل التمرد»، مناشداً القادرين على حمل السلاح الانخراط في معسكرات التدريب، دفاعاً عن «الأرض والعرض».

ورغم حظر حزبهم (المؤتمر الوطني)، فلا يزال لدى الإسلاميين نفوذ قوي داخل مؤسسات الدولة، وشبكات تعمل على عرقلة وتعطيل أي استجابة رسمية لمبادرات وقف إطلاق النار.

ويقول محلل سياسي طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية: «الإسلاميون ليسوا حزباً فقط؛ بل هم شبكات نفوذ داخل أجهزة الدولة، تستخدم الوطنية لافتة لخدمة مشروعاتها السياسية».


«قوة استقرار غزة»... مساع لـ«توافقات» دون المساس بـ«الثوابت الفلسطينية»

عمال في مدينة غزة يرفعون الركام يوم الثلاثاء من قصر الباشا التاريخي الذي دمره الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
عمال في مدينة غزة يرفعون الركام يوم الثلاثاء من قصر الباشا التاريخي الذي دمره الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... مساع لـ«توافقات» دون المساس بـ«الثوابت الفلسطينية»

عمال في مدينة غزة يرفعون الركام يوم الثلاثاء من قصر الباشا التاريخي الذي دمره الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
عمال في مدينة غزة يرفعون الركام يوم الثلاثاء من قصر الباشا التاريخي الذي دمره الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تتواصل مناقشات غير رسمية في أروقة مجلس الأمن الدولي في نيويورك، بشأن مشروع قرار أميركي يتضمن نشر قوات استقرار في قطاع غزة، وسط تأكيد مصري على وجود ملاحظات بشأنها وتعويل على التوصل لصياغات توافقية لإقرارها.

ذلك التوافق المأمول حول تلك القوات الدولية، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه خطوة مهمة ومفصلية لنشر القوات وفق إجماع، متوقعين سيناريوهات مختلفة؛ منها نجاح جهود التوصل لصيغة توافقية، أو تمسك واشنطن بعدم إجراء أي تعديلات وحدوث فيتو روسي أو صيني، أو اتجاه مجلس الأمن لإصدار بيان رئاسي وليس قراراً لترك الأمور للمفاوضات لاحقاً.

مشاورات في نيويورك

وكشف وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء المصرية» الرسمية، الثلاثاء، عن أن مصر منخرطة في المشاورات الجارية بنيويورك والخاصة بنشر قوة دعم الاستقرار الدولية بقطاع غزة، لافتاً إلى أن المشاورات مع الولايات المتحدة بشكل يومي، وروسيا، وأيضاً مع الجانب الصيني والاتحاد الأوروبي، ومع المجموعة العربية من خلال الجزائر بعدّها العضو العربي داخل مجلس الأمن.

وأضاف عبد العاطي: «نأمل أن يأتي القرار الأممي بالشكل الذي يحافظ على الثوابت الخاصة بالقضية الفلسطينية، ويُتيح نشر القوة الدولية في أسرع وقت ممكن، ولكن وفقاً لتحقيق التوافق، وبما يجعل هذا القرار من خلال صياغته المحكمة قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع».

وتابع: «نتحرك وهناك ملاحظات للعديد من الدول، وهم منخرطون في النقاش في نيويورك، ونأمل أن يتم التوصل إلى صياغات توافقية تعكس الشواغل وأولويات كل الأطراف دون المساس بالثوابت الفلسطينية».

فتاة تمشي وسط أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن في تصريحات نهاية الأسبوع الماضي أن قوة الاستقرار الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة ستبدأ عملها على الأرض «قريباً جداً»، بعد أيام من إعلان مسؤول أميركي لـ«رويترز» في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أن واشنطن ستشارك مشروع قرار بشأنها مع الأعضاء العشرة المنتخبين بمجلس الأمن الدولي.

ويظهر النص أن الولايات المتحدة صاغت مشروع قرار للمجلس التابع للأمم المتحدة من شأنه الموافقة على تفويض لمدة عامين لهيئة حكم انتقالي في غزة وقوة دولية لتحقيق الاستقرار في القطاع الفلسطيني.

ويبدو أن مشروع القرار الذي نقله موقع «أكسيوس» قبل نحو أسبوع تجاوَب مع بعض مطالب إسرائيل، إذ يتضمن أن تكون القوة الأمنية الدولية «قوة تنفيذية وليست قوة لحفظ السلام»، وأن تسهم في «استقرار البيئة الأمنية في غزة من خلال ضمان عملية نزع السلاح من قطاع غزة، بما في ذلك تدمير ومنع إعادة بناء البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بالإضافة إلى نزع أسلحة الجماعات المسلحة غير الحكومية بشكل دائم.

صعوبات كبيرة... وتحفظات

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي بمؤسسة الأهرام للدراسات، الدكتور سعيد عكاشة، أن التحرك المصري يضطلع بدور حيوي ومهم، مستدركاً: «لكن المشكلة أن إسرائيل لديها فيتو على الأمم المتحدة وقراراتها، ولن تنفذها وكذلك ترفض المشاركة التركية، ومن ثمّ هناك صعوبات كبيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال، أنه يمكن التوصل لتفاهمات مصرية قطرية أميركية بشأن الدور الميداني، وآلية الانتشار للقوات قد تدفع نحو صيغة توافقية ناعمة عبر قوات تحت غطاء أممي بموافقة فلسطينية، مشيراً إلى أن مجلس الأمن أمام اختبار حقيقي، ويبدو أن روسيا والصين تتحفظان على أي مشروع قد يمنح واشنطن أو إسرائيل أي تفويض لوجود على الأرض دون توافق.

مجلس الأمن الدولي (د.ب.أ)

وتأتي هذه المشاورات في نيويورك، وسط مواقف عربية متحفظة، وقال المستشار الرئاسي الإماراتي، أنور قرقاش، الاثنين، في كلمة بملتقى «أبوظبي الاستراتيجي»: «لا ترى الإمارات حتى الآن إطار عمل واضحاً لقوة حفظ الاستقرار. وفي ظل هذه الظروف، لن تشارك على الأرجح في مثل هذه القوة».

الحديث الإماراتي جاء غداة تأكيد مصر وقطر على «ضرورة تحديد ولاية قوة دعم الاستقرار الدولية وصلاحياتها»، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء القطري، وفق بيان للخارجية المصرية.

احتمالات الفيتو

ويحتاج القرار في مجلس الأمن إلى تسعة أصوات مؤيدة على الأقل، وعدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض (الفيتو) ليتسنى اعتماده.

وفي ظل هذه المخاوف والتباينات، يرجح عكاشة، ألا يمرر مشروع القرار في مجلس الأمن بسبب فيتو روسي أو صيني، ويكون الأقرب تشكيل الولايات المتحدة قوات متعددة الجنسية مع عدم مشاركة عربية، وربما توجد قوات أفريقية وإسلامية، مستدركاً: «لكن ستكون مغامرة كبيرة وقد تشهد صدامات كما حذرت مصر وتشتبك معها حماس وتتهمها بأنها قوة تحمي الاحتلال لا السلام».

ويرى نزال أن وسط هذه المواقف العربية المتحفظة لن تذهب موسكو وبكين إلى فيتو لو جرت تعديلات على النص تضمنت الحفاظ على الشرعية الفلسطينية والتوازن في مهام القوات.

ويتوقع نزال سيناريوهات للقرار؛ منها توافق أممي يقود لصدور قرار بصيغة غامضة وإرسال بعثة مراقبة، واستمرار الخلافات وتجميد المشروع، أو الذهاب لبيان رئاسي صادر عن المجلس دون قرار، والإبقاء على المسار السياسي مفتوحاً لأي مفاوضات لاحقة.