التوافق اللبناني يحل «أزمة المرسوم» ويستبعد الإصلاحات الانتخابية

الحكومة تنهي المواضيع الخلافية المتراكمة في جلستها اليوم

التوافق اللبناني يحل «أزمة المرسوم» ويستبعد الإصلاحات الانتخابية
TT

التوافق اللبناني يحل «أزمة المرسوم» ويستبعد الإصلاحات الانتخابية

التوافق اللبناني يحل «أزمة المرسوم» ويستبعد الإصلاحات الانتخابية

أنجز المسؤولون اللبنانيون تسوية لأزمة «مرسوم الضباط عام 1994» بعد أكثر من شهرين على الخلاف بشأنه بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري.
وكان الخلاف بين بري وعون على استبعاد «التوقيع الشيعي» المتمثل بوزير المال، عن المرسوم والاكتفاء بتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة، وهو ما اعتبره رئيس مجلس النواب خرقاً للدستور، بينما دعا عون المعترضين عليه للجوء إلى القضاء.
وأكدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن نتائج «الاجتماع الثلاثي» يوم الثلاثاء الذي تلاه يوم أمس اجتماع آخر جمع كلاً من رئيس الحكومة ووزير المال علي حسن خليل ووزير العدل سليم جريصاتي ووزير الدفاع يعقوب الصراف ومدير الأمن العام عباس إبراهيم، ستترجم عبر إنهاء الخلاف حول «مرسوم الضباط»، وذلك عبر دمجه مع «مرسوم ترقيات» على أن يتم توقيعه من قبل وزير المال علي حسن خليل، إضافة إلى الوزراء المعنيين ورئيسي الجمهورية والحكومة.
وأكدت المصادر على أن «مرسوم الأقدمية يُعتبر نافذاً، ولو لم يُنشَر في الجريدة الرسمية»، لافتة إلى أن «اقتراح الدمج» الذي كان قد تقدم به بري ولم يلق تجاوباً من الرئاسة الأولى، هو حل وسطي يرضي طرفي النزاع. وأمس نقل النواب عن بري قوله: «جرى الاتفاق على الآلية وفق الأصول الدستورية والقانونية لمعالجة الملفات والقضايا العالقة»، وقال: «تبقى دائماً العبرة في التنفيذ».
وانسجاماً مع الأجواء الإيجابية التي تحرص كل الأطراف على إشاعتها، تتجه الحكومة اللبنانية إلى إنهاء المواضيع الخلافية المتراكمة في جلستها التي تُعقَد اليوم، بعد غيابها الأسبوع الماضي، أهمها الإقرار بفشل إضافة بعض الإصلاحات على قانون الانتخابات، وتحديداً تلك المتعلقة بالبطاقة الممغنطة والتسجيل المسبق، وهو ما أشار إليه بشكل واضح وزير الداخلية نهاد المشنوق بعيد مشاركته في اجتماع «المجلس الأعلى للدفاع» يوم أمس بالقول: «في جلسة الغد بندان لوزارة الداخلية؛ الأول مرتبط بالبحث بتعديل المادة 84 لتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة لمرة واحدة والثاني لاتخاذ قرار بمكننة الأحوال الشخصية».
وكان طرح البطاقة الممغنطة التي ستعتمد كهوية شخصية أيضاً، أحد أبرز الخطوات المفترضة لمكننة العملية الانتخابية لإبعاد الفساد والتلاعب في الانتخابات، عبر حفظ البيانات الشخصيّة للناخب، وقراءتها إلكترونياً في مختلف الدوائر، رغم أن تكلفتها كانت ستبلغ نحو 130 مليون دولار، بما فيها الأمور اللوجيستية.
ومنذ إقرار قانون الانتخابات الجديد في شهر يونيو (حزيران) الماضي، تطغى الخلافات على بعض بنوده، بينها هذان البندان، فيما سلك بند اقتراع المغتربين طريقه للمرة الأولى. وكان المشنوق الذي سبق أن أعلن أنه بعد الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2017، لن يعود ممكناً تنفيذ البطاقة الممغنطة لكل الناخبين، قد طرح في اجتماعات اللجنة وفي مجلس الوزراء، ما سمي بـ«الخطة ب»، وهي اقتراح يقضي بإصدار البطاقة البيومترية وتوزيعها على من يرغب في الاقتراع خارج محل قيده وفي مكان سكنه، وذلك نظراً لضيق المهلة الفاصلة عن موعد إجراء الانتخابات، وهو الطرح الذي يلقى تجاوباً من الأطراف الأخرى واستمر تبادل الاتهامات حول المسؤولية خاصة بين وزيري الداخلية والخارجية.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.