المتحدث باسم «كتيبة الردع»: لم نتعاون مع عصابات التهريب في ليبيا

TT

المتحدث باسم «كتيبة الردع»: لم نتعاون مع عصابات التهريب في ليبيا

دافعت كتيبة قوة «الردع الخاصة»، التابعة لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس، (غرب البلاد) عن نفسها في مواجهة اتهامات بتورطها مع عصابات تهريب البشر إلى أوروبا، مقابل تقاضيها أموالاً، مشيرة إلى أنها «تعتقل من وقت لآخر سماسرة ومهربين وتقدمهم إلى جهات التحقيق».
وقال أحمد بن سالم، المتحدث باسم كتيبة قوة «الردع الخاصة» لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نحن نتعامل مع الدولة الليبية، وأفراد الكتيبة يتصدون لعصابات الهجرة غير الشرعية، الذين يستغلون أحلام البسطاء والتغرير بهم بهدف الحصول على أموالهم»، نافياً ما ورد في تقرير منسوب إلى لجنة خبراء في الأمم المتحدة، بشأن «اعتقال الكتيبة مهاجرين من دول أفريقية، وإرسالهم إلى أوروبا مقابل حصول أفرادها على مبالغ من الدولارات». وتابع بن سالم موضحا: «يستحيل حدوث ذلك... نحن لم نتقاض أموالاً من أي مهاجر غير شرعي لتهريبه»، وتساءل: «كيف يحدث ذلك ونحن نلقي القبض بين فترة وأخرى على عصابات تتاجر بتهريب البشر، ويتم تقديمهم إلى جهات التحقيق... لدينا مواطنون ليبيون تورطوا مع عصابات الهجرة غير الشرعية، لكن تم تحويلهم إلى النيابة العامة، ومنهم من حُكم عليه بالسجن، أو تم تمديد حبسه، أو رهن التحقيق الآن».
وكانت لجنة خبراء في الأمم المتحدة قد قالت إنها «توصلت إلى أن الاتجار بالبشر في ليبيا آخذ في الازدياد، ويؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان»، وأوردت شهادات مهاجرين من إريتريا اعتقلوا عام 2016 في طرابلس على يد عناصر من قوة خاصة، مرتبطة بوزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق الوطني، سلمتهم مجدداً إلى المهربين «مقابل أموال»، ولفتت إلى احتجاز أربعة مهاجرين من بنغلاديش في مركز اعتقال حكومي عام 2015 بعد اعتقالهم على يد (قوة الردع الخاصة) في طرابلس «على الرغم من حيازتهم تأشيرات عمل صالحة»، وتم وضعهم على قوارب متجهة إلى أوروبا «رغما عن إرادتهم».
وزاد المتحدث باسم قوة «الردع الخاصة» من دفاعه عن كتيبته بالقول: «نحن نتعاون مع جهاز الهجرة غير الشرعية في طرابلس مباشرة، وآخر عملية اعتقال تمت مؤخراً كانت على عصابة هجرة غير شرعية في منطقة القداحية (جنوب سرت)»، بالإضافة إلى «ملاحقة المجرمين المطلوبين في قضايا خطف وقتل وتجارة مخدرات».
وحول ما تناوله التقرير بشأن سعي تنظيم داعش للانضمام إلى مهربي البشر في جنوب ليبيا بعد طرده من سرت، قال المتحدث باسم قوة «الردع الخاصة»، إن «الكتيبة لن تتوقف عن اعتقال أي (داعشي)، وقد سبق لها القيام بذلك مرات عدة».
وتتهم تقارير حقوقية ليبية كتيبة قوة «الردع الخاصة» باحتجاز مواطنين خارج إطار القانون في سجن معيتيقة بالقاعدة الجوية في طرابلس، لكن المتحدث باسم الكتيبة ينفي ذلك، ويقول إن «أي مواطن يقبض عليه لسبب ما يكون بأمر من النائب العام، ويتم عرضه على جهات التحقيق».
وفي سياق متصل، حذر محمد الطاهر سيالة، وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، من «استغلال ظاهرة الهجرة غير الشرعية، لممارسة بعض الضغوط بهدف فرض سياسات ومشروعات تمس بشكل مباشر سيادة ليبيا»، مشيراً إلى «تحقيق تقدم ملموس في هذا الملف بالتعاون مع إيطاليا».
وأضاف سيالة في المؤتمر الوزاري الثاني حول الهجرة غير الشرعية والمنعقد بالعاصمة الإيطالية روما، أول من أمس: «ليبيا تنبهت منذ سنوات طويلة لهاجس الهجرة وتحدياتها وحددت الخطوط العريضة لمواجهتها، والحد منها بتضمين رؤيتها من خلال المنظمات الإقليمية والدولية، التي هي عضو فيها».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.