اكتشاف طفرات جينية قد تكون مسؤولة عن الإصابة بسرطان النخاع المتعدد

طريقة جديدة يمكن استخدامها لتحليل أسباب مرضي السكري والسمنة

TT

اكتشاف طفرات جينية قد تكون مسؤولة عن الإصابة بسرطان النخاع المتعدد

كانت الممثلة الشهيرة سوزانا يورك (1939: 2011) في قمة مجدها حين علمت خبر إصابتها بنوعٍ نادر من أنواع سرطان الدم يُسمي بالورم السرطاني النخاعي المتعدد، وقتها؛ كانت حظوظ الشفاء لا تزيد على 17 في المائة، غير أن «سوزانا» ناضلت للحصول على دواءٍ يُشفيها، وقررت عدم الاستسلام للوحش الكامن داخل جسدها، وبالفعل، انتصرت على المرض، وعاشت حتى وصل عمرها لأكثر من 70 عاماً.
والآن، ارتفع الأمل في الشفاء ليصل إلى نسبِ معقولة، غير أن اللغز المتمثل في سبب الإصابة بالمرض لم يُحل بالكامل إلى الآن، لكن؛ وفيما يبدو؛ قد يُساهم اكتشاف جديد في وضع حجر زاوية لحل أحجية السرطان النخاعي المتعدد.
فحسب بحث جديد نُشر مطلع هذا الشهر بمجلة «بلوس جينتكس»، حدد الباحثون من معهد هنتمسان للسرطان التابع لجامعة يوتاه الأميركية، اثنتين من المناطق الجينية التي قد تُساهم في احتمالية الإصابة بالسرطان النخاعي المتعدد. وقالوا إن المناطق الجينية التي تُساهم في الإصابة بالمرض وتطوره يختصان بإصلاح الحمض النووي، وتعبئته وتغليفه داخل نواة الخلية.
ويُعد السرطان النخاعي المتعدد أحد الأمراض التي تُصيب خلايا البلازما التي تعمل على إنتاج أجسام مُضادة لمهاجمة العدوى وتوجد عادة في نخاع العظام، ورغم أن ذلك المرض يُصيب العظام إلا أنه يختلف تماماً عن سرطان العظام. ولا يزال السبب الدقيق وراء الإصابة بذلك النوع من السرطانات مجهولاً؛ إلا أن الباحثين يعتقدون أن الوراثة تلعب دوراً كبيراً خلف الإصابة بالمرض.
وقام الفريق العلمي باستخدام طريقة جديدة كلياً للكشف عن تلك المناطق، الأسلوب الجديد مُصمم خصيصاً للكشف عن الأصحاء الذين ينتشر في عائلاتهم مرض السرطان النخاعي المتعدد، في محاولة للتنبؤ باحتمالات إصابتهم بالمرض السرطاني النادر، والذي يُصيب نحو 1 من كل 147 شخصاً في الولايات المتحدة الأميركية.
لسنوات؛ ظل فحص الجينات الوراثية وسيلة تشخيصية لتتبع الأمراض من خلال فروع مختلفة من شجرة العائلة، عبر تحديد الطفرات الجينية المسؤولة عن الإصابة بالمرض. ويظهر ذلك الفحص النتائج في حالة الأمراض الناجمة عن طفرة في جين واحد، لكن؛ وبالنسبة للأمراض المعقدة التي تنطوي على طفرات في جينات متعددة؛ كالسرطان النخاعي المتعدد، لا يُعد فحص الجينات وسيلة فعالة.
لكن الباحثين في معهد هنتسمان للسرطان التابع لجامعة يوتاه، تمكنوا من تطوير الطريقة الجديدة لتحليل نسب المخاطر العالية - كإصابات السرطان في الأسر متعددة الأجيال - لتحديد المناطق المشتركة من الجينوم والتي من المحتمل أن تأوي الجينات المُسببة للأمراض. وطبق الباحثون الطريقة الجديدة على عينات مُنتقاة من الأصحاء، وتمكن الباحثون من تحديد تلك المناطق بدقة فائقة.
وتقول «نيكولا كامب» الباحثة الرئيسية في الدراسة، إن البحث الجديد له عدة فوائد، الفائدة الأولى تشمل تحديد الطفرات الجينية التي تُسبب مرض السرطان النخاعي المتعدد، فيما تُعد الفائدة الثانية هي الأهم، إذ إن الطريقة المستخدمة لتحديد الطفرات يُمكن أن تكون ناجحة لعمل تحليلات على أسباب الأمراض المعقدة التي تُصيب الإنسان كنتيجة لخلل أو طفرة في مجموعة واسعة من الجينات مثل مرض السكري والسمنة وألزهايمر.
وتشير «كامب» في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نقاط القوة الرئيسية في الطريقة الجديدة تشمل دقتها الفائقة على تحديد طفرات جينية مُتعددة داخل البشر، وعمل تنبؤ باحتمالية إصابة الأصحاء بالأمراض السرطانية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».