إخوان مصر يبدون حذرا تجاه خطواتهم الميدانية بعد تنصيب السيسي

أحمد بان: الجماعة تعاني «فرق توقيت» بعد أن سقطت في فخ الحكم

إخوان مصر يبدون حذرا تجاه خطواتهم الميدانية بعد تنصيب السيسي
TT

إخوان مصر يبدون حذرا تجاه خطواتهم الميدانية بعد تنصيب السيسي

إخوان مصر يبدون حذرا تجاه خطواتهم الميدانية بعد تنصيب السيسي

قال تحالف إسلامي تقوده جماعة الإخوان المسلمين في مصر، إنه يدرس نقاط ضعف وقوة السلطة الجديدة في البلاد، داعيا أنصاره لتصعيد متدرج، فيما بدا مسلكا حذرا تجاه التحركات الميدانية، عقب تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة في البلاد مطلع الأسبوع الماضي، لكن الجماعة واصلت استخدام ما وصفه الباحث الإسلامي أحمد بان لـ«الشرق الأوسط» بـ«قاموس الثورة»، وعدّه بمثابة «قميص عثمان» الذي تلجأ إليه الجماعة بعد تنحيتها عن السلطة في البلاد، كما تمسكت برفض «التفاوض والتنازل والاعتراف».

وترفض جماعة الإخوان وحلفاؤها المسار السياسي الذي أعقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، إثر مظاهرات حاشدة ضد حكمه الصيف الماضي. واعتمدت جماعة الإخوان على تظاهر أنصارها بشكل شبه يومي، لكن السلطات المصرية التي وضعت قانونا جديدا لتنظيم الحق في التظاهر تفرق بالقوة تلك المظاهرات حين تقترب من الشوارع الرئيسة في البلاد.

وتحشد جماعة الإخوان أنصارها أيام الجمعة، منذ عزل مرسي، متبعة في ذلك تقليدا سنته الثورة المصرية منذ 28 يناير (كانون الثاني) عام 2011. ودعا تحالف الجماعة في بيان له حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس إلى التظاهر، لكنه تحدث أيضا عن «تصعيد متدرج».

ويرى بان، وهو قيادي سابق في جماعة الإخوان، أن الجماعة لا تزال تعاني مما سماه «فارق التوقيت»، مشيرا إلى أن اللغة التصعيدية في خطاب الجماعة ومحاولتها الاستعانة بقاموس الثورة لم يعد مجديا، فـ«الجماعة قتلت الثورة في الميادين حين غلبت منطق الصفقة وأخلت الميدان بعد تفاهمها مع المجلس العسكري (الذي أدار السلطة في مصر عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك) ثم سقطت لاحقا في فخ الحكم»، على حد قوله.

وتابع بان قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «جماعة الإخوان لا تريد الاعتراف بالخطأ، وتراهن بحديثها عن الثورة محاولة خلط الأوراق، لكن الثورة دخلت منعطفا جديدا، بات التدافع فيه سياسيا عبر المنافسة في البرلمان».

وتستعد مصر لإجراء الانتخابات البرلمانية قبل نهاية العام الحالي، في ثالث وآخر خطوات خارطة المستقبل التي أقرها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية ورموز دينية عقب عزل مرسي في يوليو (تموز) الماضي. وأنجزت السلطات الانتقالية بالفعل الخطوتين الأوليين، بإجراء استفتاء على تعديلات دستورية، وانتخاب رئيس جديد.

وقال تحالف دعم الشرعية، إنه «وهو يدعو إلى تصعيد متدرج للحراك الثوري خلال الفترة المقبلة يواصل دعواته لتفعيل المقاطعة»، موضحا أن ذلك يأتي بالتزامن «مع استمرار الفعاليات الإيمانية، من صوم وقيام ليل ودعاء وصلاة فجر، لنستقبل رمضان ببرنامج عمروا المساجد واملأوا الشوارع وقاطعوا الباطل». وتخضع معظم القيادات الرئيسة في جماعة الإخوان للمحاكمة في قضايا قتل وتحريض على القتل. وصدر حكم بالإعدام بحق مرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، وهو الحكم الذي شمل نحو 680 آخرين، كما صدر حكم آخر بإعدام مفتي الجماعة عبد الرحمن البر وتسعة آخرين.

ومع انتهاء الدراسة في معظم الجامعات المصرية، تفقد جماعة الإخوان أحد أبرز روافد الحشد خاصة في العاصمة المصرية القاهرة. وقال بان، إن «تطورات الأوضاع في العراق (سيطرة جماعات إسلامية متشددة على محافظات عراقية) قد تنعكس على حركة الجماعة، مع بروز هذا الخطر الداهم والظاهرة العابرة للحدود، والتي تتطلب تدبيرا جماعيا لمواجهة مخاطرها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.