«زيل إم سي» وجهة يعشقها الخليجيون

لوحة طبيعية فنية معلقة بين السماء والأرض

«زيل إم سي» وجهة يعشقها الخليجيون
TT

«زيل إم سي» وجهة يعشقها الخليجيون

«زيل إم سي» وجهة يعشقها الخليجيون

«أرض الجبال والأنهار... وطن الجمال... التي يحافظون عليها»، مقتطف من النشيد الوطني النمساوي، الذي يتغنى بطبيعة بلادهم وما حباهم الله من نعم طبيعية. وبالفعل فإنّ النمساويين يعتبرون طبيعتهم الخلابة «هبة إلهية» غاية في الجمال، لا بدّ من المحافظة عليها للاستمتاع بخيراتها ومناظرها الساحرة.
فالسياحة وحدها تُمثل قطاعاً هاماً في الاقتصاد النمساوي، وتدرّ نحو 16 في المائة أرباحاً على خزينة الدولة، بفضل جهود النمساويين الذين يعملون جاهدين على إنجاح هذا القطاع عالمياً، بمختلف مقوماته التاريخية والثقافية والفنية. ولا يخفى ما لثروات النمسا الطبيعية من جبال وأنهار وبحيرات ووديان وسهول بطبيعتها شديدة الخضرة في فصلي الربيع والصيف، وثلوجها شتاء، من أهمية تجذب السائح للاستمتاع بمناظرها المريحة للروح والبصر.
تنقسم النمسا إلى أقاليم تسع، ولكل منها مقوماته الجمالية وسياحته الخاصة به، كما لكل فصل سيّاحه بل عشّاقه من الذين يزورونه عاما بعد عام متنقّلين من منطقة إلى أخرى، وقد يعود بعضهم ملهوفا للإقليم ذاته، ومنهم عدد كبير من الخليجيين الذين يعشقون مناطق بعينها وأضحوا من روادها الدائمين وعلى رأسها «زيل إم سي».
- «زيل إم سي»
على الرّغم من أنّ العاصمة فيينا تحتل المرتبة السياحية الأولى في البلد عالميا، فإن مدينة صغيرة جداً، أمست الوجهة المفضلة لأعداد كبيرة من الخليجيين، ممن يقصدونها للإقامة فيها طيلة العطلة الصيفية. فما هو السر وراء جاذبيتها واستقطابها للسياح العرب تحديداً؟
في رحلة استغرقت نحو 4 ساعات بالقطار من فيينا، زارت «الشرق الأوسط» مدينة «زيل إم سي» القابعة في منطقة كابرون بإقليم سالزبورغ التي لا يتعدى عدد سكانها الـ10 آلاف مواطن، ويمكن الوصول إليها براً من العاصمة عبر مطاري سالزبورغ وميونيخ.
يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، وقد نمت واشتهرت قديماً كمعبر تجاري لمقايضة ثروة الإقليم من الملح ببضائع عينية تفتقدها مدن وقرى وسط سلسلة جبال الألب النمساوية.
تبعد «زيل إم سي» 60 كيلومتراً عن مدينة سالزبورغ عاصمة إقليم سالزبورغ مسقط رأس المؤلف الموسيقي الشهير موزارت، و100 كيلومتر عن مدينة انسبورك عاصمة إقليم تيرول الملقبة بجوهرة الألب وموطن الكريستال. كما تبعد 165 كيلومترا عن مدينة ميونيخ الألمانية عاصمة إقليم بافاريا. وكما هو ملاحظ، فالمدينة الصغيرة تتميز بكونها قريبة لثلاث مدن كبيرة تزخر بمعالم سياحية ساحرة، وأسواق عامرة لمن يرغب في التسوق من أفخم المجمعات التجارية. أمّا للباحثين عن الصخب فلا مكان لهم في هذه المدينة الهادئة والوديعة.
- جمال «زيل إم سي»
يكمن في أنها قريبة من المنتجعات الطبيعية كسال باخ وباد غاشتاين التي يسهل الانتقال منها وإليها عبر المواصلات العامة، وهناك أيضاً سيارات خاصة للإيجار. تقع على ضفاف بحيرة يصعب وصف رونقها ولون مياهها وعذوبتها. بحيرة تتمدّد منبسطة بطول 4 كيلومترات وعرض كيلومتر وعمق 68 مترا، يزيدها بهاء وجاذبية تلك الجبال شاهقة الارتفاع التي تؤطر منظرها من أعلى وكأنّها براويز لوحة بديعة تناسب تماما التقاط «سلفي» لا تضاهى.
تؤهل هذه الطبيعة الثرية «زيل إم سي» لاستقبال السياح بمختلف أهوائهم ورغباتهم من جميع أنحاء العالم وفي كل المواسم. فللقادمين صيفاً تستقبلهم بخضرتها الشديدة ومروجها وورودها ومناخها اللطيف المنعش وقممها الجبلية وأوديتها وشلالاتها. ولقاصديها شتاء هناك فرص لا تُضاهى للاستمتاع بثلوج تكسوها بالكامل بوشاح أبيض ناصع، في أجواء شتوية تتجمد معها حتى مياه بحيراتها.
تشتهر «زيل إم سي»، ببرامجها الرياضية الشعبية التي تختلف باختلاف المواسم. كما لا تخلو من احتفالات ترفيهية ومواقع ومبان أثرية تستحق الزيارة والتأمل، كقلب المدينة القديم الذي يضفي عليها حميمية لصغره وضيق أزقته ولكونه جسراً يقود إلى مختلف الأنشطة والمحال، بما في ذلك المجلس البلدي والمتاجر والمطاعم والمقاهي ومرافق الخدمات وسبل المواصلات ومحطة القطارات.
يرتبط اسم المدينة ببحيرة تُعتبر الأوكسجين الذي تتنفس منه، إذ إنّها توفر مياه شرب عذبة لسكانها ومناظر بديعة تسرّ البال وتفرح القلب، وهي مصدر رزق وفير، وليس أجمل من الجلوس على ضفافها أو المشي ومراقبة البط والإوز الذي يعيش فيها ويغوص في أعماقها ليتغذى من خيراتها. إلى ذلك تعتبر مسبحاً عاماً ومجانيا يحلو فيه العوم والسباحة، رغم أن العابرات المائية تشقه لرحلات ترفيهية. وحين تتجمد مياهها شتاء تتحوّل جليداً صلباً بسُمك 22 متراً تسمح السلطات بعبورها مشياً على الأقدام والتزلج عليها، مما يضاعف من جمالية المنظر ويزيد من اعتزاز الأهالي ومتعة السياح.
جدير ذكره، أنّ هذه المدينة استقبلت الصيف الماضي، أكثر من 70 ألف سائح خليجي، أي ما يفوق 80 في المائة من سياحها في ذاك الموسم.
- جبل كيتسشتاينهورن
كيتسشتاينهورن جبل شهير يرتفع شامخاً في قرية كابرون التي تبعد مسافة كيلومترين اثنين عن «زيل إم سي». من هنا تتوفر حافلات لنقل الزوار إلى محطة الانطلاق بواسطة 5 تيليفريك في رحلة لمشاهدة مناظر خلابة على طول الرحلة الغنية بلوحات طبيعية من الصخور. هذه الرحلة الهوائية، تغمر المرء بإحساس مثير وتجربة ممتعة وسريعة بفضل تطور سبل التقنية الآلية الآمنة للوصول لأكبر متنزه في منطقة جبال الألب.
وكما أوضح نوربرت كاريسبوك مدير كيتسشتاينهورن رداً على «الشرق الأوسط»، فإنّ الصعود إلى القمة قد شهد تطورات تقنية مذهلة، حيث اقتصرت الرحلة على 40 دقيقة فقط، مقارنة بالتجربة الشاقة التي قطعها يوهان انتاشر أول من تسلق قمته سنة 1828.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال كرستيان هورل، مدير المبيعات في الموقع، الذي حاول جاهداً أن يجول بي إلى جميع الأماكن التي أستطيع زيارتها على الرّغم من رداءة الطقس، «حقيقة، تتحكّم الطبيعة وأحوالها الجوّية إلى حد كبير بالسياحة في منطقتنا»، مضيفاً: «هذه الطبيعة التي نصوّر تغيراتها الجميلة في فيلم سينمائي رائع نعرضه لزيادة إلمام الزائر بتلك التغيرات الملموسة التي يعيشها في رحلته وهو يتنقل ما بين القمم والأرض».
للأسف بسبب كثافة الثلوج وشدّة الرياح لم أتمكن من زيارة الكهوف الثلجية، ومن بينها كهف تتخذه شركة سيارات معرضا لأحدث منتجاتها.
لكن هورل أسهب في وصفها حتى ارتسمت صورتها في خيالي من دون أن أراها. ظل يتحدث بفخر عن روعة السياحة الشتائية وبرامجها المتنوعة، خصوصا بالنسبة لعشاق رياضة التزلج من الشباب والشابات، إضافة إلى عشاق تناول الطعام في المطاعم المتوفرة على تلك القمة التي تمتد على طول 120 كيلومترا وارتفاع 3,798 متر في سلسلة جبال الألب الوسطى، حيث يتربّع «Hohe Tauern» أكبر متنزه وطني بمساحة 1,836 كيلومتر، وترتفع قمم أكثر من 300 جبل تفوق 3000 متر، بما في ذلك قمة غروس غلوكنر أعلى الجبال النمساوية، كما تعتبر المنطقة مدهشة بشلالاتها عندما تذوب ثلوجها صيفا، وهي موطن سكن طبيعي لأكثر 10 ألف فصيل حيواني. ومعلوم أنّ كيتسشتاينهورن واحدة من أهم المواقع العالمية لرياضة التزلج شتاء و«الهايكينغ» والسير في الجبال ومنحدراتها وسهولها صيفاً.
- فندق غراند أوتيل
تتنافس فنادق ومتنزهات المدينة بمواقعها وإطلالاتها على البحيرة وما يحيطها من جبال على استقطاب الاهتمام. وتبقى تلك التي تنتصب قبالة البحيرة الأكثر طلبا، مثل فندق الـ«غراند أوتيل» الذي يواجهها على بعد بضعة أمتار، كما أنّه لا يبعد عن محطة القطارات وقلب المدينة الأثري.
مبنى الفندق أثري بامتياز، شيّد ما بين الأعوام 1894 إلى 1896 على نمط المعمار الذي ساد إبان الفترة المعروفة بـ«Belle Epoque» التي يشير إليها التاريخ الأوروبي، بالحقبة الجميلة، ويؤرخ لها ما بين الأعوام 1871 إلى 1914 سنة نشوب الحرب العالمية الأولى.
يعتبر مبنى الفندق مقراً محمياً، ولا يحقّ لملّاكه إجراء أي تغييرات في بنيته الأساسية، على الرّغم من تمتّعهم بحرية العمل وإدارته لتطوير سبل الضيافة وتحديثها لخدمة النزلاء. ومع كثافة السياح العرب في المدينة، عمل الفندق على تعيين موظفين يتحدثون العربية كما يوفر منصة إلكترونية عربية لتسهيل إجراءات الحجز والوقوف عند رغبات العملاء.
- «زيل إم سي» وقانون حظر النقاب
> في سياق آخر، لم تغفل «الشرق الأوسط» عن السؤال بشأن قانون حظر النقاب الذي جرى العمل به في جميع أنحاء البلاد، بدءاً من أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وآثاره السلبية التي قد تنعكس على السياحة في موسم الصيف المقبل، خصوصا أن نسبة السياح الخليجيين إلى هذه السنة مرتفعة جداً؟
لم يخف البعض تخوفهم ومبدين قلقهم من هذا القانون، ومنهم روبرت غروبلاخر مدير المكتب النمساوي السياحي النشط في منطقة الخليج العربي، ومقره في مدينة دبي. فالسائح العربي عموما والخليجي خصوصا مهم جدا ودورهم في إنعاش الاقتصاد المحلي لا يمكن إنكاره، حيث شهدت المنطقة زيادة بلغت 18 في المائة في عدد السياح القادمين من دولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام، وزيادة بنسبة 7 في المائة بعدد السياح من المملكة العربية السعودية، فيما وصل العدد الكلي 400 ألف خلال العام. وأشار روبرت غروبلاخر إلى أنّ الإعلام المحلي في دول الخليج أفاد بأنّ الحكومة السعودية عممت نصحا لمواطنيها باتباع القانون ضمانا لسلامتهم.
وكانت أندريا اشتفيتر الخبيرة السياحية في مدينة «زيل إم سي» التي تعدّ العدة لزيارة تسويقية ترويجية في أكثر من بلد خليجي خلال شهر فبراير (شباط) المقبل، قد أشارت إلى أنّ تطبيق القانون يجري لأغراض أمنية تتطلب الكشف عن ملامح الوجه. وأضافت أنّ هذه المدينة الهادئة، ترحب بالسياح العرب تماما كما ترحب بسياحها من مختلف بقاع العالم، موضحة أنّ ما يطلبونه من كل الزّوار هو احترام القليل مما يفرضونه كقواعد يُستلزم تطبيقها لراحتهم وراحة السّكان المحليين تماماً كما هو الحال بشأن الحفاظ على قوانين المرور وربط حزام الأمان، والالتزام بالسرعة المحددة، ووضع الأطفال في المقاعد المخصصة لهم، والالتزام بقواعد نظافة المدينة والحفاظ على البيئة، والحرص على الإلمام بمواعيد إغلاق المحال التجارية والمواقع السياحية. بيد أنها شددت على أهمية أن يطّلع السائح عموما قبل سفره على قوانين أي بلد ينوي زيارته، وما هو مقبول وما هو مرفوض فيه، وهذا ما ستفعله هي بدورها قبل الانطلاق في رحلتها إلى الخليج، حسب قولها.
من جانبها شدّدت مارتينا ماركو من قسم التسويق في فندق الغراند أوتيل، على حقيقة أنّ عدم مجيء العرب إلى «زيل إم سي» صيفا، يعني خسارة فادحة ليس للمدينة فقط بل للمنطقة بأسرها، مؤكدة أنّ المنطقة بانتظارهم وبانتظار الترحيب بهم. فمتوسط إنفاق السائح الخليجي يفوق ما ينفقه السائح الألماني والروسي والهولندي، بل وحتى النمساوي إذا أخذنا بعين الاعتبار أن النمساويين يفضلون السياحة الداخلية.
- أهم المطاعم في المنطقة
تتوفر المنطقة على مطاعم متعددة تقدم أطباقا عالمية ونمساوية على حد سواء. المشكلة أنها في أيام الإجازات تكون محجوزة بالكامل، وبالتالي تحتاج أن تكون مستعدا للوقوف في طوابير طويلة إذا لم تحجز طاولتك قبل الوقت بأسابيع. من أهم المطاعم التي يعشقها السياح تلك التي توجد على قمم الجبال لما تتمتع به من أطباق شهية وفي الوقت ذاته ما تتيحه من مناظر طبيعية خلابة مثل «برايتيكالم» Breiteckalm و«غلوكنهاوس» Glocknerhaus و«بينزاور هات». Pinzgauer Hütte.
تتوفر في المنطقة أيضا مجموعة من المقاهي. يوجد أكثرها شعبية في فندق «بيرغ» Berghotel الذي يتمتع بموسيقى حية وأجواء احتفالية طوال الوقت. أما وسط المدينة فهناك عدة نواد ومقاه نذكر منها «بينزاور ديل كلاب روكس» Pinzgauer Diele club rocks و«أو فلانيغان» رغم أنه ضيق جدا، و«فيلا كرايزي دايزي» التي تتمتع بأجواء حيوية وموسيقى حية في غالب الأحيان.


مقالات ذات صلة

وجهات سياحية لمحبي المغامرات وتعلُّم هواية جديدة

سفر وسياحة وجهات سياحية لمحبي المغامرات وتعلُّم هواية جديدة

وجهات سياحية لمحبي المغامرات وتعلُّم هواية جديدة

المسافرون أنواع عدة، هناك الفئة الباحثة عن وجهات مخصصة للراحة والتأمل، وفئة أخرى تبحث عن المغامرة، وفئة ثالثة تبحث عن الوجهات الثقافية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة 36 ساعة في زادار بكرواتيا

36 ساعة في زادار بكرواتيا

ابدأ رحلتك إلى كرواتيا بالدخول إلى أسوار مدينة زادار التاريخية عبر المدخل الرئيسي، «بوابة الأرض»

أليكس كريفا (زادار - كرواتيا)
أوروبا أشخاص يشاركون في احتجاج أمام مقر سابق للجيش بسبب قانون جديد لتسريع تحويله إلى مجمع فاخر يرتبط بشركة استثمارية أسسها صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في بلغراد (رويترز)

يعتزم تحويل مقر سابق للجيش إلى فندق... تظاهرة في بلغراد ضد مشروع لصهر ترمب

تظاهر مئات الأشخاص في بلغراد احتجاجاً على خطة هدم المقر السابق لقيادة الجيش لإفساح المجال أمام مجمع فندقي فاخر.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي متحدثاً في «تورايز 2025» (الشرق الأوسط)

السعودية تقود تحول السياحة العالمية باستثمارات تتجاوز 200 مليار دولار

تقود السعودية تحولاً عالمياً في قطاع السياحة من خلال منصة «تورايز 2025» الرائدة، التي تهدف للمبادرة إلى توحيد الحكومات، والقطاع الخاص لنمو مستدام.

عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد نموذج لمشروع نادي «كينونة» الشاطئي في ينبع من تطوير شركة «بهيج» التابعة لـ«أسفار»... (الشرق الأوسط)

«أسفار» السعودية تطلق استثمارات سياحية جديدة في الباحة وينبع

تُعلن «الشركة السعودية للاستثمار السياحي (أسفار)»، إحدى شركات «صندوق الاستثمارات العامة»، عن إطلاق مرحلة جديدة من استثماراتها في تطوير الوجهات السياحية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وجهات سياحية لمحبي المغامرات وتعلُّم هواية جديدة

سياحة التزلج (الشرق الأوسط)
سياحة التزلج (الشرق الأوسط)
TT

وجهات سياحية لمحبي المغامرات وتعلُّم هواية جديدة

سياحة التزلج (الشرق الأوسط)
سياحة التزلج (الشرق الأوسط)

المسافرون أنواع عدة، هناك الفئة الباحثة عن وجهات مخصصة للراحة والتأمل، وفئة أخرى تبحث عن المغامرة، وفئة ثالثة تبحث عن الوجهات الثقافية، هذا التنوع يثبت أن الاسترخاء لم يعد اليوم الغاية الوحيدة من العطلة، إذ بات المسافرون يبحثون عن تجارب تفاعلية تبقى محفورة في الذاكرة، فهم يختارون وجهاتٍ ملهِمة تفيض بالمغامرة والمعرفة، وتجمع بين الترفيه والتعلّم بأساليب مبتكرة تُغذّي الذهن والروح معاً. بدءاً من التزلّج على المنحدرات في مونتانا، مروراً باستكشاف البيئة البحرية في المملكة العربية السعودية، وصولاً إلى اكتشاف الشِّعر في اسكوتلندا، تدعو هذه الوجهات الضيوف إلى توسيع آفاقهم وصقل مهاراتهم في أثناء انغماسهم في بعضٍ من أجمل المناظر الطبيعية في العالم.

حصص خاصة بسماع الشعر في اسكتلندا (الشرق الأوسط)

إليك بعض الوجهات التي تناسب الباحثين عن التجارب الفريدة:

اكتشف فنّ التزلّج بين أحضان

بيغ سكاي - مونتانا

تقع منطقة بيغ سكاي في ولاية مونتانا بين أحضان الجبال الصخرية، حيث تتجلّى روح الشتاء في أنقى صورها. تتزيّن الغابات الكثيفة بوشاحٍ من الثلج الأبيض، وتشمخ قمم الجبال الشاهقة تحت سماءٍ صافية، في مشهد طبيعي يأسر الأنظار ويبدو كأنّ الزمن توقّف عنده. يبدأ النهار على إيقاع حفيف الأحذية فوق الثلج المتجمّد، ويُختَتم بدفء الجلسات حول مواقد النار تحت سماءٍ مرصّعة بالنجوم. تبعد منطقة بيغ سكاي نحو ساعة عن متنزه يلوستون الوطني، وتمتزج فيها روعة الطبيعة بسكون العزلة لتوفّر ملاذاً مثالياً للراغبين في إعادة التواصل مع الطبيعة، واستعادة التوازن بين الجسد والروح.

حصص لتعليم الطهي (الشرق الأوسط)

مكان الإقامة: منتجع ون آند أونلي مونلايت بايسن

يمتدّ هذا المنتجع الفاخر على مساحة 240 هكتاراً من الجبال البرّية، ويُعدّ أول مشروع يحمل توقيع علامة «ون آند أونلي» في الولايات المتحدة الأميركية. يجمع هذا الملاذ الاستثنائي بين فخامة وسائل الراحة العصرية وسحر الطبيعة البرّية في مونتانا، إذ يضمّ غرفاً أنيقة بتصاميم مستوحاة من الجبال وكابينات مستقلة، إلى جانب منازل خاصة من تصميم شركة «أولسون كونديغ»، تتميّز بإطلالات خلّابة على جبل لون والقمم الإسبانية.

تجربة تصنيع ساعة خاصة بك في سويسرا (الشرق الأوسط)

تعلّم مهارة: أتقِن رياضة التزلّج

يدعو فصل الشتاء في منتجع «ون آند أونلي مونلايت بايسن» الضيوف إلى خوض تجربة تعليمية ممتعة يتعلّمون خلالها فنّ التزلّج بإشراف مدرّبين متمرّسين ضمن مرافق عالمية المستوى. يمكن للضيوف المشاركة في دروسٍ خاصة أو جماعية في قاعدة ماديسون التي تضمّ أطول عربة تلفريك في العالم مزوّدة بثمانية مقاعد مدفّأة، أو استكشاف أكثر من 320 مساراً رسمياً يمكن الوصول إليها بسهولة عبر عربة التلفريك «ون آند أونلي غوندولا».

الهايكنغ من الرياضات الجميلة خلال السفر(الشرق الأوسط)

اكتشف فنّ التعلّم من زاوية جديدة

في وجهة «البحر الأحمر»

تقع وجهة البحر الأحمر بين الجزر المرجانية والجبال البركانية والكثبان الرملية المذهلة، لتقدّم لزوّارها تجربةً تُجسّد الجمال الطبيعي في أبهى صوره، حيث تتناغم الطبيعة مع الثقافة وروح الإبداع بانسجامٍ فريد. تحوّل هذه الوجهة الاستثنائية مفهوم السفر إلى تجربةٍ متجدِّدة، إذ يروي كلّ حيدٍ مرجاني ومسارٍ صحراوي تجربة جديدة تُجسّد تناغم الطبيعة وجمالها. تتمتّع هذه الوجهة الرائدة بموقعٍ ينبض بالسكينة وتغمره أشعة الشمس على مدار العام، لتعيد ابتكار مفهوم التعلّم خلال العطلة، حيث يتحوّل الترفيه إلى رحلةٍ تُصقَل فيها المهارات وتنتعش فيها الروح.

مكان الإقامة: تضم الوجهة مجموعة فاخرة من المنتجعات والفنادق بين أحضان الجزر الساحرة والمناظر الصحراوية الآسرة، حيث يقدّم كلّ ملاذ رؤيته الخاصة للاكتشاف. يستضيف منتجع «سيكس سنسز الكثبان الجنوبية» ورش عمل في حياكة السدو ومزج التوابل، بينما يقدّم منتجع نجومه، «ريتز كارلتون ريزيرف»، جلساتٍ تعليمية في علم الأحياء البحرية وأمسياتٍ لمراقبة النجوم. في منتجع «سانت ريجيس البحر الأحمر»، يلتقي الترفيه بالإبداع عبر باقةٍ من الرياضات المائية المناسبة للعائلات، بينما يقدّم منتجعا «ديزرت روك» و«شيبارة» تجارب تعليمية تُعرِّف الضيوف على طرق التغلّب على التحدّيات، وأنشطة مميّزة مثل الإبحار واستكشاف بيئة الشعاب المرجانية.

تعلّم مهارة: في وجهة البحر الأحمر، يصبح تطوير المهارات جزءاً طبيعياً من التجربة، حيث تقدّم العلامات الثلاث المتخصّصة في الأنشطة الترفيهية: «واما»، و«جالاكسيا»، و«أكون» مغامرات تفاعلية تُغذّي الجسم والذهن معاً. تدعو «واما» المسافرين إلى إتقان مختلف الأنشطة المائية، من الإبحار إلى التحكّم بالقوارب والزلاجات المائية في البحيرات الهادئة. أما «جالاكسيا» فتنقل الضيوف إلى عالمٍ مائيٍّ مذهل عبر دورات غوص معتمدة من اتحاد مدرّبي الغوص المحترفين (PADI). وتفتح «أكون» أبواب الصحراء أمام الزوّار من خلال جولاتٍ برفقة مرشدين خبراء، ومساراتٍ جيولوجية، وتجاربٍ آسرة لمراقبة النجوم.

سهولة الوصول: تُصبح وجهة البحر الأحمر اليوم أقرب من أيّ وقتٍ مضى، مع استقبال مطار البحر الأحمر الدولي رحلاتٍ مباشرة من الرياض وجدة ودبي والدوحة، بالإضافة إلى رحلاتٍ متصلة من مدن أوروبية رئيسية مثل لندن وباريس وروما وميلانو وبرلين ومدريد وفرانكفورت، ما يجعلها من أكثر الوجهات سهولة للوصول في المنطقة.

عبِّر عن نفسك في إدنبره: فنّ الشِّعر

بين أحضان فندق «بالمورال»

تتمتع إدنبره بشتائها الضبابي وتراثها الثقافي العريق الممتدّ عبر القرون، إذ يروي كلّ شارعٍ مرصوفٍ بالحجارة قصّةً من تاريخها الحافل. من الحانات المضيئة بالشموع في المدينة القديمة إلى أناقة المدينة الجديدة بطابعها الجورجي المميز، تتباهى إدنبره بأفقٍ ساحر تتعانق فيه الأبراج المستدقّة مع القباب الصغيرة في مشهدٍ يخال للناظر أنّه من نسج الخيال. في الشتاء، تنبض المدينة بأجواء رومانسية حالمة، حيث تتلألأ القلعة في الأفق تحت سماءٍ صافية، وتعبق المقاهي بروائح المشروبات الشتوية الدافئة.

مكان الإقامة: فندق «بالمورال»

يُعدّ فندق «بالمورال» رمزاً للضيافة الاسكوتلندية منذ عام 1902، واشتهر بأجوائه الراقية التي تمتزج فيها اللمسات الكلاسيكية بأعلى درجات الأناقة. توفّر الإطلالات الخلابة على قلعة إدنبره وهضبة آرثر أجواءً مثالية للتأمّل والإبداع، بينما تضفي تفاصيل قماش الطرطان وأصوات الحطب في المدفأة دفئاً خاصاً يجعل من الفندق ملاذاً يحتضن الكتّاب والحالمين.

تعلّم مهارة: يتيح فندق «بالمورال» لضيوفه فرصة استكشاف روح اسكوتلندا الشِّعرية من خلال تجربةٍ حصرية بالتعاون مع الشاعر المقيم ماركاس ماك آنتويرنير، أحد أبرز الشعراء الغيليّين في اسكوتلندا. يتعاون ماركاس مع الضيوف لابتكار قصيدةٍ فريدة تحتفي بأجمل لحظات الحياة، من طلب الزواج واحتفالات الذكرى السنوية، إلى رسائل الحب الصادقة، ليحتفظوا بها تذكاراً شخصياً من رحلتهم في إدنبره.

حين يتحوّل الوقت إلى فنّ في جنيف

مع حلول الشتاء، تتحوّل جنيف إلى واحةٍ من السكينة والرقيّ بين قمم الألب المغطاة بالثلوج وضفاف بحيرة جنيف الهادئة. تزدان شوارعها التاريخية بمقاهٍ دافئة ومتاجر شوكولاته تُحضَّر يدوياً، بينما تشكّل المنحدرات المجاورة في جبال جورا ومون بلان ملاذاً مثالياً لقضاء يومٍ لا يُنسى وسط الثلوج. وإلى جانب جمالها الآسر، تبقى جنيف القلب النابض للحرفية السويسرية، حيث تتقاطع الدقة مع الإبداع في إرثٍ عريقٍ في صناعة الساعات الفاخرة يمتدّ لقرون.

مكان الإقامة: ألتيما جنيف كي ويلسون

تكشف مساكن «ألتيما جنيف كي ويلسون» عن إطلالاتٍ آسرة على بحيرة جنيف، وتقدّم تجربة إقامةٍ تجمع بين الخصوصية المطلقة وخدمات الضيافة الفاخرة من فئة الخمس نجوم. يضمّ هذا المشروع 5 منازل، يشغل كلّ منها طابقاً كاملاً، وتتميّز بتصاميم داخلية راقية ومساحات جلوس فسيحة، مع إمكانية الوصول إلى سبا تسوده أجواء من الهدوء والسكينة.

تعلّم مهارة: أكاديمية هوبلو للساعات

تقدّم «أكاديمية هوبلو للساعات» لعشّاق صناعة الساعات السويسرية فرصةً فريدةً للتعمّق في أسرار واحدة من أعرق الحِرف في جنيف. بالتعاون مع علامة «هوبلو»، يدعو «ألتيما جنيف كي ويلسون» ضيوفه إلى اكتشاف فنّ صناعة الساعات من الداخل، بدءاً من تجميع الحركات الميكانيكية المعقّدة، إلى التعرّف على المواد المبتكرة التي تشكّل جوهر هذه الحِرفة. بإشراف حرفيين محترفين، يمكن للمشاركين ابتكار ساعة ميكانيكية خاصة بهم.


36 ساعة في زادار بكرواتيا

زادار تزخر بالاماكن السياحية الجميلة (نيويورك تايمز)
زادار تزخر بالاماكن السياحية الجميلة (نيويورك تايمز)
TT

36 ساعة في زادار بكرواتيا

زادار تزخر بالاماكن السياحية الجميلة (نيويورك تايمز)
زادار تزخر بالاماكن السياحية الجميلة (نيويورك تايمز)

ابدأ رحلتك إلى كرواتيا بالدخول إلى أسوار مدينة زادار التاريخية عبر المدخل الرئيسي، «بوابة الأرض»، التي بُنيت عام 1543 مع منحوتات للقديس كريسوغونوس (شفيع المدينة) وأسد البندقية المجنح. اتجه يمينا إلى «ممر الإمبراطور أغسطس»، وادخل منطقة المشاة، حيث تستقبلك «ساحة الآبار الخمس»، ومتنزه «الملكة هيلينا ماديفكا»، وقاعدة البوابة الرومانية الأصلية. من هنا، سر في شارع زادار الرئيسي الذي يعود تاريخه إلى 2000 عام، والمعروف باسم «كالي لارغا»، وصولاً إلى كاتدرائية «القديسة أناستاسيا» الرومانية، التي بُنيت على أساسات تعود إلى القرن الرابع، وتضم رفات شفيعتها التي سُميت باسمها. بعد ذلك، اصعد برج الجرس الذي يبلغ ارتفاعه 184 قدماً (يُتاح الدخول المجمع للكاتدرائية والبرج) للاستمتاع بإطلالة بانورامية رائعة ونظرة عامة على مغامرة عطلة نهاية الأسبوع.

جلسات بمحاذاة الماء (نيويورك تايمز)

انزل من نقطة مراقبتك، وتوجه إلى «مرفأ فوسا» الهادئ المليء بزوارق الصيادين، واتبع خط الشاطئ عبر المتنزه البحري المعروف باسم «الريفا». بُني هذا المتنزه في القرن التاسع عشر، بعد إزالة تحصينات زادار المواجهة للبحر الأدرياتيكي، وهو المكان الذي يلتقي فيه «سكان زادار» بأصدقائهم وعائلاتهم. وهو أيضا الطريق إلى «أورغان البحر» في الطرف الغربي للمدينة القديمة. هذا التركيب الأنيق الموجود تحت الماء يشجع على التأمل الهادئ، ويتكون من 35 أنبوباً تحت امتداد 230 قدماً من «الريفا»، تنبعث منها سيمفونيات حزينة تشبه أصوات الحيتان لا تتوقف، وذلك مع ارتطام البحر بالحجر وامتلاء الأنابيب بالهواء. وعندما تغرب الشمس، يوفر التركيب المجاور المسمى «تحية للشمس»، وهو عبارة عن دائرة من الألواح الشمسية مرصعة في المتنزه تبلغ مساحتها 4100 قدم مربع، عرضاً ضوئياً مصاحباً ممزوجاً بالألوان.

مرفأ زادار (نيويورك تايمز)

من «الريفا»، اتجه إلى المنتدى الروماني، الذي بناه أغسطس قيصر، وكان مركز الحياة المدنية منذ القرن الأول قبل الميلاد. احجز طاولة في الشرفة المطلة على المنتدى في مطعم أنتيكوس، وهو مطعم متخصص في السوشي افتُتح العام الماضي. لعقود من الزمن، كان جزء كبير من سمك التونة الزرقاء الثمين عالمياً من حول زادار يُصدَّر إلى اليابان. أما فلسفة «أنتيكوس» فهي: تجاوز الوسطاء، واستمتع بأجود أنواع الساشيمي والنيغيري المصنوعة من التونة الزرقاء الأدرياتيكية، هنا في زادار.

ابدأ يومك بنزهة فوق أسوار مدينة زادار. هذه الأسوار، التي أُدرجت على قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو» في عام 2017 ومفتوحة للجمهور مجاناً، تطل على ميناء شبه الجزيرة، وقد بُنيت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وتم تعزيزها بالحصون من قِبل البندقية في القرن السادس عشر. خضعت هذه التحصينات، التي لا تزال تضم 4 بوابات للمدينة، للتجديد في عام 2020 لتشمل ممشى به مقاعد مظللة وحديقة تمتد من أعلى الأسوار فوق البلدة. انزل الدرج إلى السوق الخارجية الرئيسية في الهواء الطلق، والمعروفة باسم بياكا.

كرواتيا وجهة سياحية مثالية (نيويورك تايمز)

استكشف متاحف زادار لفهم أفضل للمعارض الحية والموقعية المنتشرة في جميع أنحاء المدينة.

المتحف الأثري: يواجه هذا المتحف المنتدى الروماني، وقد تأسس عام 1832، ويضم 100 ألف قطعة أثرية تغطي تاريخ المنطقة من العصر الحجري القديم حتى العصور الوسطى.

كنيسة القديس دونات: على مسافة نحو 50 ياردة، تقع هذه الكنيسة الأسطوانية التي تعود للقرن التاسع، وهي من المعالم الكرواتية الأكثر شهرة، وقد بُنيت باستخدام كتل رومانية مُعاد تدويرها وشظايا أعمدة من مجمع المنتدى الروماني القديم. واليوم، تُنظم المهرجانات الموسيقية في هذا المبنى الذي لم يعد يُستخدم للأغراض الدينية، مستغلة خصائصه الصوتية المميزة.

من الاطباق المحلية (نيويورك تايمز)

لتناول الغداء على طريقة سكان زادار، عُد إلى شبكة الأزقة الضيقة في منطقة فاروش، واجلس إلى إحدى الطاولات الخارجية لمطعم كونوبا توفار. في هذا المقهى المحلي الذي يتعامل بالنقد فقط، جرب طبق المقبلات الدالماسي الذي يتكون من جبن الغنم، أو الكالاماري، أو بلح البحر المطهو على البخار.

لتناول الأطباق الرئيسية، اتجه صوب الزاوية إلى مطعم بيسترو بيات المجاور، وهو مطعم تديره عائلة واحدة، ولديه قائمة يومية من الأطباق الخاصة مكتوبة على لوح حائطي. في الخريف، اطلب طبق تورتيليني الروبيان والكوسا والبارميزان المصنوع في المطعم، الذي يُقدَّم مع الخبز الطازج الخارج لتوه من الفرن.

ساحل كرواتيا الجميل (نيويورك تايمز)

انغمس في الجانب الإبداعي لمدينة زادار من خلال فنانيها المحليين، بدءاً من غاليري ليليبوت، وهو استوديو تصوير سابق حميم يقع في قلب حي فاروش. يمثل المعرض أكثر من 20 فناناً يبيعون الحقائب، والمطبوعات، والملابس، والأوشحة، والصور الفوتوغرافية، والرسومات. وتتراوح الأسعار من 2 يورو (للبطاقات البريدية) إلى 500 يورو لبعض اللوحات. بعد ذلك، توجه إلى موقع محلي للغاية بزيارة إلى برج كابيتانوفا كولا الذي يعود للقرن الثالث عشر (برج القبطان)، والذي يعمل كمعرض لفرع زادار للرابطة الكرواتية للفنانين التشكيليين، حيث تُعْرض اللوحات الفنية لنحو 60 عضواً.

زادار في كرواتيا (نيويورك تايمز)

كثير من معالم زادار هي معالم تقليدية وقديمة على الطراز الدالماسي العريق؛ لذا، يجب على الأماكن الجديدة أن تثبت جدارتها. وقد نجح مطعم «لابراكس فيش أند واين»، الذي يبلغ عمره عامين، في إيجاد مكانه. يدير «لابراكس» أخوان من زادار، ويقدم الأطباق المحلية بلمسة عصرية. احجز طاولة في الشرفة المجاورة لكنيسة القديس سيمون (التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس). اطلب طبقهم المميز: سمك القاروص المشوي والمُعتَّق والمُقدَّم لشخصين مع العدس والجزر والسبانخ الصغيرة. للتحلية، استمتع بثمر الكمثرى المطبوخة، والمغطاة بزيت الزيتون والشوكولا البيضاء.

زادار في كراواتيا (نيويورك تايمز)

ابدأ صباحك في فناء حديقة مطعم كورتي المظلل والمغطى باللبلاب، بالقرب من الطرف الغربي لشبه الجزيرة، وتناول وجبة فطور تتكون من البيض المسلوق المصنوع من مكونات من مزارعي المنطقة. بعد ذلك، توجه إلى شركة «زووم»، وهو متعهد للجولات السياحية في المدينة القديمة، ويُؤجر الدراجات الهوائية ولديه مجموعة كبيرة من الخيارات الموجهة ذاتيًّا عبر المنطقة والأرخبيل القريب (تشمل رسوم 45 يورو استئجار الدراجة، وتذاكر العبارة، والخرائط، والخوذة، وجهاز تعقب «GPS»، وحقائب الدراجة الجانبية).

مقاهي في القسم التاريخي من المدينة (نيويورك تايمز)

استخدم دراجتك، واستقل عبارة مدتها 25 دقيقة إلى بلدة بريكو في جزيرة أوغليان. هناك، يمكنك القيام بجولة سهلة لمسافة 22 ميلاً من الميناء إلى القرى والخلجان المنعزلة والشواطئ النائية.

أماكن الإقامة

فندق باستيون: وهو أول فندق راقٍ في المدينة القديمة، ويضم 27 غرفة وجناحاً كبيراً، وخدمة راقية، ومطعم كاستل الموصى به من قبل ميشلان. تبدأ أسعار الغرف من 220 يورو، أو نحو 259 دولاراً.

الازقة الضيقة في زادار (نيويورك تايمز)

فندق حياة ريجنسي: هو أول فندق خمس نجوم في زادار يقع على الواجهة البحرية. يقع فندق حياة الذي يضم 133 غرفة، مقابل المدينة القديمة مباشرة، وهو يقع في المبنى الذي جُدّد وأُعيد توظيفه لـ «مصنع ماكارسكا للماريشينو» الذي كان على طراز الفيلا، وشُيِّد قبل أكثر من قرن. يضم الفندق مطعمين ومنتجعاً صحياً وبوفيه إفطار واسعاً. تبدأ أسعار الغرف من 150 يورو.

خدمة «نيويورك تايمز»


بللسمر... مدينة الغيوم والذاكرة العربية العتيقة

بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
TT

بللسمر... مدينة الغيوم والذاكرة العربية العتيقة

بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)

حين تتجول بين سفوح ووديان بللسمر، تشعر وكأنك تمشي في ممرات التاريخ نفسه، فكل زاوية من هذه المدينة تحكي قصة، وكل نسمة تحمل عبق مجد قديم، والإبهار هنا ليس لحظة عابرة، بل حالة ترافقك طوال الرحلة.

بللسمر في المملكة العربية السعودية مهد الأساطير ومسرح البطولات، كل حجر فيها يروي حكاية نصر، وكل وادٍ يحتفظ بصدى أبطال مرواً من هنا.

تقع بللسمر في قلب منطقة عسير جنوب غربي المملكة، وتحتضن بين جبالها كل ما هو مدهش؛ من نقوش أثرية وجبال شاهدة على حضارات تعاقبت، إلى جبل لقمان الحكيم وصدى أشعار الشنفرى صاحب «لامية العرب».

طبيعة رائعة في أعالي جبال السعودية (الشرق الاوسط)

ولكثرة الحكايات والمواقع والنقوش المنثورة التي تحكي لك تفاصيل أمة عاشت واستوطنت قبل أكثر من 3 آلاف عام، فالمكان مدجج بالتاريخ، لا تعبث مع الحكايات قف وتأمل، عطر الانتصارات ونشوة المجد، واسمع ما يسلي خاطرك عن قبائل «الأزد» وقصة الصحابة في صدر الإسلام، وما يروى عن قبر «لقمان» الحكيم.

احتضنت بللسمر، الواقعة في منطقة عسير جنوب غربي السعودية، جميع ما هو معقول ولا معقول من جبل لقمان، والنقوش المتناثرة في جبال المدينة، إلى صاحب «لامية العرب» الشنفرى، وهو ثابت بن أواس الأزدي، ليأخذك المسير فيما أنت عليه من انبهار إلى أقدم مساجد الصحابة في المدينة، وسوق «أم طير» الذي يعود تاريخه لأكثر 400 عام، وللسوق حكاية مع طير يحوم فوقه بحثاً عن الطعام فسمي بسوق «أم طير» باللهجة التهامية.

نقوش وآثار (الشرق الاوسط)

ولا تكتفي بللسمر بعمق تاريخها، فالطبيعة التي تعانقها من الاتجاهات الأربعة وارتفاعها عن سطح البحر بنحو 2800 متر جعلها وجهة للباحثين عن الجمال والاسترخاء، إذ تلتقي الغابات الكثيفة بالسحب المنخفضة، في مشهد يعكس جمال الطبيعة الجبلية في جنوب المملكة، وهذه الطبيعة الفريدة تستقطب آلاف الزوار والسياح من الداخل والخارج على مدار العام، وإن كان فصل الصيف يسجل حضوراً أكثر، خاصة مع انتشار كبير للمنتزهات الفريدة بأجوائها الباردة والضبابية.

وفي كل موسم صيف تنظم العديد من الفعاليات السياحية التي تحكي واقع المدينة كما تحتضن سنوياً مهرجان البر، الذي يُبرز منتجات المزارعين المحليين من الحبوب، ويُعد من أبرز الفعاليات الزراعية في المنطقة، إذ تشتهر بللسمر بهذا المنتج على المستوى المحلي والدول المجاورة.

موقع جميل وتاريخ غني (الشرق الاوسط)

يروي اللواء متقاعد فايز الأسمري، والمهتم بتاريخ بللسمر، أن المدينة جزء من رجال الحجر الذين يتكونون من أربع قبائل هي «بلحمر، وبللسمر، وبني شهر، وبني عمرو»، وجميعهم من أولاد الحجر بن الهنوء بن الأزد بن قحطان، من العرب القحطانيين، مشيراً إلى أن بللسمر تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية «قسم في تهامة، وقسم في الحجاز، وقسم في السهول الشرقية (نجد)»، وجميعها ترتبط بنسب واحد وتاريخ مشترك.

وأشار الأسمري في حديثة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تاريخ استقرار الأزد في هذه الجبال يعود إلى ما قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، بنحو ألفي عام، وذلك بعد هجرة الأزد من مأرب باليمن عقب انفجار سد مأرب، وهو الحدث الذي أدى إلى تفرّق قبائل الأزد في أنحاء الجزيرة وخارجها، موضحاً أن القبائل تفرعت داخل المملكة وخارجها، منها رجال الحجر، وبلقرن، وغامد، وزهران، والأوس والخزرج في الداخل، فيما سكن الغساسنة بلاد الشام.

طبيعة غناءة تعانق سماء المملكة (الشرق الاوسط)

ويذكر اللواء فايز، أن اختيار «الأزد» للإقامة في جبال السراة لم يكن عشوائياً، بل بسبب توفر مقومات الحياة؛ فالمياه والأمطار كانت متوفرة، والمراعي خصبة، والزراعة مزدهرة، وكانت المنطقة مصدر رزق للوافدين من نجد وبيشة، إذ كانت الجبال تنتج القمح والشعير، بينما تأتي التمور من بيشة، فكانت بللسمر منطقة تبادل اقتصادي ومعيشي مهمة في الجزيرة العربية.

من جهته، قال سعيد الأسمري، مهتم بتاريخ بللسمر ومالك حصن معشي، إن اسم بللسمر صفة وليس نسباً، فهم يرجعون إلى الأواس بن حجر مباشرة، وتجمعهم صلة قوية ببقية قبائل رجال الحجر وهي: «بللسمر، وبلحمر، وبني شهر، وبني عمرو»، موضحاً أن المنطقة شهدت معارك قبل الإسلام وفي صدره، من أبرزها المعركة التي وقعت في عيار بللسمر، كما شهدت المنطقة ما عُرف بـ«يوم العرب» أو يوم «حراق»، وهي حروب دارت بين قبائل بني واس التي انقسمت لاحقاً إلى ثلاث مجموعات، وكانت تلك الحروب تدور غالباً بسبب الغزو القبلي.

منطقة خضراء في أعالي جبال السعودية (الشرق الاوسط)

ويصف سعيد الأسمري، تضاريس بللسمر، أنها تتكون من أربع بيئات مختلفة، لكل منها مناخها ولهجتها وطبيعتها فالبادية في الجهة الشرقية، والسراة وهي الجبال العالية كجبال السودة، والرهو التي ورد ذكرها عند الهمداني قبل أكثر من 1200 سنة، حيث قال إن بها أرضاً تُسمى ذْبوب من بوزر، وتضم تسعةً وتسعين بئراً، والصدر الذي يرتفع ما بين 1200 إلى 1500 متر، وفيه جبلان بارزان هما هادا وضرم.

ويضيف أن سوق خميس أمطير وهو من الأسواق القديمة سُمي بهذا الاسم لأن طائراً كان يقف فيه لالتقاط بقايا الطعام، فكان الأهالي يقولون باللهجة التهامية «أم طير»، وقد كانت السوق قائمةً قبل خمسمائة عام وما يزال موجوداً حتى اليوم، لافتاً إلى أن آثار بني واس تدل على وجودهم في المنطقة قبل أكثر من 3 آلاف عام، ومن هذه القبيلة خرج الشنفرى أحد أشهر صعاليك العرب، الذي امتدح الخليفة عمر بن الخطاب شعره وعدّه من أميز الشعراء العرب.

ويذكر مالك حصن معشي، أن من أقدم المساجد في بللسمر «مسجد دبوب، ومسجد مرحب»، وهما من المساجد التي شُيدت في صدر الإسلام، إذ شيد مسجد رحب الصحابي معاذ بن جبل رضي الله عنه، وحمل اسمه لاحقاً، مع وجود موقع أثري يُنسب إلى لقمان عليه السلام، حيث توجد نقوش تعود إلى أكثر من أربعة آلاف عام، إضافة إلى جبل يُعرف باسم لقمان.