الشرعية اليمنية تعدّ لمعركة صرواح... وفتح جبهة ثانية نحو البيضاء

مدينة مأرب
مدينة مأرب
TT

الشرعية اليمنية تعدّ لمعركة صرواح... وفتح جبهة ثانية نحو البيضاء

مدينة مأرب
مدينة مأرب

صعدت ميليشيات جماعة الحوثي في الأيام الأخيرة من هجماتها الصاروخية باتجاه مدينة مأرب (شرق صنعاء) ومناطق أخرى في محاولة للرد على انكساراتها المتلاحقة أمام تقدم قوات الجيش اليمني وضربات التحالف العربي في مختلف الجبهات.
وعلى وقع هذا التصعيد للميليشيات الانقلابية الموالية لإيران، كثف قادة الجيش اليمني في اليومين الأخيرين من تحركاتهم الميدانية لتفقد الألوية العسكرية المرابطة في محافظة مأرب وسط تصريحات للواء الركن محمد المقدشي، المستشار العسكري للرئيس اليمني ورئيس الأركان السابق، قال فيها: «إن الجيش سيكون قريبا في صنعاء».
ويرجح مراقبون عسكريون أن هذه التحركات لقادة الجيش اليمني تشير إلى قرب إعطائهم إشارة البدء لفتح جبهة عسكرية جديدة ضد وجود الميليشيات الحوثية باتجاه محافظة البيضاء انطلاقاً من جنوبي محافظة مأرب وبالتزامن مع الدفع بقوة ضخمة أخرى لحسم معركة صرواح تمهيداً للزحف نحو البوابة الجنوبية الشرقية لصنعاء.
وستقود هذه الخطة الميدانية للجيش اليمني إذا تم تنفيذها - حسب تقديرات المراقبين - إلى إرباك حسابات الميليشيات الحوثية التي تتخبط أمام زحف الجيش المتوغل في البيضاء من جهة محافظة شبوة، وكذا حرمانها من ورقة استهداف مدينة مأرب بالقذائف الصاروخية (كاتيوشا) انطلاقا من مواقعها في منطقة صرواح غربي مأرب، وهي القذائف التي لا تفلح معها الدفاعات الجوية كما هي الحال مع الصواريخ الباليستية.
وفي سياق التحركات الميدانية للقادة اليمنيين زار المقدشي معسكر «اللواء 14 مدرع» بمحافظة مأرب للاطلاع على جاهزيته القتالية. وأفادت المصادر الرسمية للحكومة الشرعية بأن المقدشي أشاد بأدوار اللواء، وقال: «إن العمليات العسكرية مستمرة وتسير وفق الخطط المرسومة، وإن الانتصارات تتوالى في مختلف الجبهات وإن الجيش الوطني يقف اليوم على أطراف صنعاء وصعدة وسيكون قريبا في العاصمة صنعاء».
وشدد المستشار العسكري على «ضرورة رفع درجة الجاهزية والاستعداد لدى مقاتلي اللواء للتحرك إلى أي جبهة كانت، وتنفيذ المهام الموكلة في سبيل استكمال عملية تحرير كل شبر من الوطن والدفاع عن مكتسباته»، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء التابعة للحكومة (سبأ).
ويعتقد مراقبون أن تصريحات المقدشي تشير إلى اقتراب إعطاء الأوامر لقوات اللواء بالتوجه إلى جبهة صرواح غربي مأرب لحسم المعركة مع الميليشيات ولجهة تأمين مدينة مأرب من القذائف الحوثية، وكذا فتح الطريق نحو صنعاء من البوابة الجنوبية الشرقية حيث مناطق قبائل خولان. ويحمل جنود وضباط اللواء 14 مدرع في الجيش اليمني ثأراً سابقاً مع الميليشيات الحوثية؛ إذ كان من بين القوات التي صدت زحف الحوثيين باتجاه مدينة مأرب، وكان يتبع ما يعرف بقوات «الحرس الجمهوري» وفي سنة 2012 أصبح بموجب إصلاحات أمر بها الرئيس هادي داخل قوات الجيش، تابعا للمنطقة العسكرية الثالثة ومقره في مأرب.
وفي السياق نفسه، زار محافظ البيضاء، أحمد صالح الرصاص، معسكر «اللواء 117» الموجود في منطقة أم الريش التابعة لمديرية الجوبة غربي مأرب، وذلك للاطلاع على أوضاع وجاهزية «اللواء». وتشي زيارة المحافظ التي كشفت عنها المصادر الرسمية للحكومة الشرعية - بحسب المراقبين - باقتراب إعطاء إشارة البدء لقوات اللواء «117» لفتح جبهة جديدة ضد الميليشيات الحوثية في محافظة البيضاء، انطلاقاً من مأرب، بالتزامن مع الجبهة التي كانت تقدمت قبل أسابيع من جهة محافظة شبوة وتمكنت من تحرير مديريتي نعمان وناطع. وأفادت وكالة «سبأ» بأن المحافظ أشاد «بالجهود المبذولة من قبل الضباط والأفراد الموجودين بالمعسكر، وحض على رفع الجاهزية القصوى ورفع مستوى الروح القتالية».
وقوات هذا اللواء تم إعادة تجميعها وتأهيلها في مأرب خلال الأشهر الماضية من الوحدات التي كانت سيطرت عليها الميليشيات الحوثية في محافظة البيضاء عند اجتياحها قبل أكثر من عامين.
وإذا أعطي لها الأمر بالمشاركة في مواجهة الانقلابيين من جهة غربي مأرب فإنها - طبقا لتقديرات المراقبين ستباغت الميليشيات الحوثية التي احتشدت لصد هجوم الشرعية من ناحية شبوة، وستؤدي مشاركتها إلى تشتيت عناصر الجماعة الذين يخوضون في مديريات عدة من المحافظة نفسها حرب استنزاف موازية مع رجال القبائل المناهضين لهم.
ودمرت منظومة الدفاع الجوي التابعة لقوات التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن أول من أمس صاروخا باليستياً أطلقه الانقلابيون الحوثيون باتجاه مدينة مأرب (شرق صنعاء)، في وقت ردت المقاتلات باستهداف مواقع عدة للميليشيات تستخدمها لإطلاق الصواريخ شمالي صنعاء.
وكانت الجماعة الموالية لإيران أطلقت السبت الماضي صاروخاً باليستياً مماثلاً باتجاه مأرب، وقد لقي نفس المصير، حسبما أكدته مصادر رسمية في الجيش اليمني.
وتتخذ الميليشيات الانقلابية من مواقع عدة تسيطر عليها شمالي صنعاء وشمالها الغربي منطلقاً لشن الهجمات الصاروخية بخاصة من منطقة همدان وقاعدة الديلمي الجوية ومحيطها، وهي الهجمات التي عادة ما يتم إفشالها بفضل الدفاعات الجوية لقوات التحالف العربي. ودمّر الطيران أول من أمس عدة مواقع تسيطر عليها الجماعة غربي قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة صنعاء، في الوقت الذي عبر فيه سكان الأحياء الشمالية من المدينة عن سخطهم على الميليشيات الحوثية التي قالوا إن عناصرها «مستمرون في جعل السكان المدنيين دروعا بشرية من خلال إطلاق الصواريخ من محيط المناطق التي يقطنون فيها».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.