زيباري لـ(«الشرق الأوسط»): ما حدث شبيه بانهيار الجيش أثناء الغزو الأميركي في 2003

«داعش» نسّق مع الطريقة النقشبندية وقيادات بعثية سابقة.. ومزاج المواطنين في المحافظات السنية سبب رعبا للقوات

هوشيار زيباري (أ.ب)
هوشيار زيباري (أ.ب)
TT

زيباري لـ(«الشرق الأوسط»): ما حدث شبيه بانهيار الجيش أثناء الغزو الأميركي في 2003

هوشيار زيباري (أ.ب)
هوشيار زيباري (أ.ب)

في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع في العراق ليس خارج السيطرة، وأنه قابل لإعادته للأفضل، إلا أنه أفاد بأن هذا التحسن مرهون باتخاذ إجراءات عملية وفعالة على الأرض ومراجعة تركيبة وحدات القوات المسلحة. ووصف ما حدث من انهيار للقوات في الموصل بأنه خطر كبير سبق للعراق وأن حذر منه بسبب تداعيات الأوضاع في سوريا، وقال أيضا إن مَن وراء هذه الأحداث هم متسللون من تنظيم «داعش» والطريقة النقشبندية والعسكريين القدامى وبعض الفصائل الإسلامية المتشددة، كما تحدث عن تفاصيل كثيرة تتعلق بالمعالجة وتعاون قوات الإقليم والدعم الأميركي الذي أكد وجوده من خلال الدعم الاستخباراتي واللوجيستي.
والى نص الحوار:
* كيف يمكن معالجة ما حدث في العراق وهل يحتاج إلى عمل عسكري خارجي؟
- المعالجة يجب أن تأتي من قبل القوات العراقية والعراقيين أنفسهم لأن ما حدث كان نتيجة لإخفاق كبير جدا للفرق العسكرية العاملة في الموصل لأنها انهارت وهوت سريعا دون مقاومة وتركوا معداتهم وأسلحتهم، وهذا يعد مؤشرا خطيرا لمصداقية العراق مع دول العالم الخارجي والدول التي تسلح الجيش العراقي.
* هل تمكن العراق من السيطرة على الوضع أم أن الخطر ما زال قائما؟
- الوضع ليس خارج السيطرة، وقد اتخذت الحكومة إجراءات وتحركت سريعا لوقف حركة المتسللين وصدهم بعيدا عن المناطق التي سيطروا عليها، وخاصة أن تنظيم «داعش» قام بالتنسيق مع الطريقة النقشبندية وبعض الفصائل الإسلامية المتشددة وقيادات بعثية من الجيش السابق، والخطير في الأمر أن مزاج المواطنين في الموصل والمحافظات السنية خلق حالة من الرعب لدى القوات، لذلك حدث الانهيار السريع، ولذلك تبذل القيادات العراقية كل الجهود وتنسق مع قوات البيشمركة لمنع تفاقم الوضع.
* هل طلب العراق من واشنطن القيام بعمليات عسكرية أو المساعدة في استقرار الوضع؟ وبمعنى آخر هل طلب رئيس الوزراء نوري المالكي من الولايات المتحدة الأميركية استخدام القصف الجوي على المناطق التي سيطر عليها «داعش»؟
- التعاون الأمني الأميركي موجود بالفعل، وخاصة في تقديم الذخيرة والسلاح ومكافحة الإرهاب والتدريب. وعلى أي حال، العراق طلب مساعدة كل الدول الصديقة والعربية ودول مهتمة بالوضع الأمني واستقرار العراق، وأذكر أنه سبق للحكومة العراقية أن حذرت على مدار الأعوام السابقة من مخاطر وتداعيات الأزمة السورية على العراق وانعكاس ذلك على مدينة الموصل تحديدا، وكذلك صلاح الدين وتكريت، لكن للأسف لم يستمع إلينا أحد وهي نكسة كبيرة بكل المقاييس، ورغم ذلك رب ضارة نافعة، لأنها قد تؤدي إلى تعاون وتفاهم القيادات الأمنية لردع الخطر الداهم ومعالجة الخلافات السياسية ضمن الدستور والأطر السياسية وتجنب الخلافات ويبقى السؤال: هل سننجح في هذا أم لا؟ والإجابة أن هناك تفاصيل كثيرة وهي التي أدت للانهيار الذي حدث.
* كيف رأيت هذا الانهيار؟
- هو نفس الانهيار الذي حدث في صفوف القوات المسلحة العراقية عندما دخلت القوات الأميركية إلى العراق فقد خلعت القيادات الزي العسكري وارتدت الزي المدني وذهبت إلى منازلها تاركة السلاح والعتاد والمواقع المهمة الخاصة بالتأمين.
* كيف ترى الوضع على الأرض حاليا بعد حالة الانهيار الذي تحدثت عنه؟
- الوضع اليوم أمامنا أفضل من الأمس، حيث تحركت القوات والوحدات الجديدة جنوبا في سمراء وحتى مصفاة بيجي وطردت تنظيم «داعش» ومعاونيه خارج مصفاة النفط وبدأ الهجوم المعاكس ضد هذه التنظيمات الإرهابية في أطراف الموصل وكركوك وهناك تعاون جيد بين بغداد وحكومة الإقليم لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل، ولا بد من استعادة السيطرة والأمن.
* هل الجيش العراقي قادر على السيطرة؟
- نعترف بأن بعض الوحدات العسكرية التي كانت تعمل في الموصل قد ثبت فشلها، ولكن لدينا في الجيش العراقي مستويات أعلى في الكفاءة والصلابة ووحدات خاصة ووحدات لمكافحة الإرهاب وقوات مدرعة مدربة على أعلى مستوى.
* أين الدعم الأميركي في مكافحة الإرهاب؟
- لدينا تنسيق عسكري وأمني وتعاون مع الولايات المتحدة على المستوى الاستخباراتي واللوجيستي والتدريب والتسليح وهو مطبق على الأرض بالفعل.
* ماذا عن الوضع الإنساني على الأرض؟ وهل سيتخذ رئيس الحكومة إجراءات لدعم المواطنين وتعويضهم؟
- الجميع متكاتف ويعمل حاليا من أجل إنقاذ الوطن من الخطر الذي يداهم الجميع والبعد الإنساني مهم جدا، فقد نزح نحو 400 ألف نسمة من محافظة الموصل إلى الإقليم ونحن نتواصل مع مفوضية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وبرنامجها لتقديم مساعدات عاجلة للمواطنين.
* هل طلبتم دعما عربيا لمواجهة الخطر الذي يلاحق العراق حاليا؟
- الاجتماع الوزاري العربي - الأوروبي في اليونان أصدر وبالإجماع بيان تأييد وتضامن مع العراق، وقد أدان وبأشد العبارات الهجمات الإرهابية الأخيرة التي أدت إلى وقوع الكثير من الضحايا وإلى نزوح الآلاف من ديارهم. وأشار البيان إلى دعوة جميع القوى الديمقراطية العراقية للعمل سوية ووفق الدستور العراقي للتغلب على هذا التحدي الأمني للعراق ولاحترام إرادة المواطنين العراقيين في تشكيل حكومة وفق العملية الديمقراطية، وكما عبر عنها العراقيون في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
كما دعا البيان إلى استعادة الأمن في الموصل ومحافظة نينوى وطلب من جميع القوى الديمقراطية في المجتمع دعم هذه الخطوات، وبالتالي فإن موقف الجامعة العربية متميز، كما أن الموقف العربي داعم للعراق ومواقفه، وكذلك كل من السعودية والكويت ومصر والإمارات، فقد أبدى الجميع حرصه على تقديم الدعم للشعب العراقي في مثل هذه الظروف الصعبة والعصيبة.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.