رحلة في تونس الستينات... خيبة دولة الاستقلال

محنة التاريخ في مسرحية «المغروم يجدد» للأسعد بن عبد الله

مشهد من المسرحية
مشهد من المسرحية
TT

رحلة في تونس الستينات... خيبة دولة الاستقلال

مشهد من المسرحية
مشهد من المسرحية

تتواصل عروض المسرحية الجديدة «المغروم يجدد» في قاعة سينما مسرح الريو وسط العاصمة، وقد أعادت المسرحية الروح للمسرح الشعبي الذي يكاد يغيب عن المشهد التونسي بعد أن عوضته أعمال أقرب إلى التهريج تفتقد للحد الأدنى من الحرفة المسرحية، مستفيدة من دعم إعلامي كبير من الإذاعات والقنوات الخاصة.
مسرحية «المغروم يجدد» نص الحبيب بلهادي في أول تجربة كتابة له بعد مسيرة طويلة مع الثنائي فاضل الجعايبي وجليلة بكار كمدير إنتاج في المسرح والسينما وإخراج الأسعد بن عبد الله الذي يعود بدوره للمسرح بعد أكثر من عشر سنوات على آخر عمل قدمه في المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف (شمال غرب). وتستمد المسرحية عنوانها من شعار «الكافيشنطة» (عرض مسرحي غنائي) كان سائدا إلى حدود نهاية الستينات، وخصوصا في رمضان إلى حدود نهاية السبعينات، إذ يقبل الجمهور على متابعة عروض «الكافيشنطة» أكثر من مرة في السهرة الواحدة وكان منشط هذه الحفلات التي تحتضنها قاعات الحي الشعبي الشهير وسط مدينة تونس العتيقة باب سويقة ينادي على الجمهور بـ«المغروم يجدد» (المعجب بالعرض يعيد مشاهدته).
ومن هنا انطلق الثنائي بلهادي وبن عبد الله في عملهما الفرجوي الذي يعيد الحياة إلى تونس الستينات من خلال قصة «الكافيشنطة» وحكاية الحب التي تجمع بين صاحبها محرز (فتحي المسلماني) والراقصة مامية (قيزالا النفطي) وسط أجواء الستينات العاصفة بعد كشف المحاولة الأنقلابية على الزعيم الحبيب بورقيبة سنة 1962 وهزيمة جوان 67 وهجرة اليهود من تونس وفشل التجربة الاشتراكية المعروفة بـ«التعاضد» الذي قادها الوزير صاحب الخمسة وزارات أحمد بن صالح الذي انتهى في السجن واضطر إلى مغادرة البلاد بعد تهريبه وهجرته إلى فرنسا وإعلانه معارضة نظام بورقيبة الذي كان أحد أعمدته.
تجري أحداث المسرحية في ليلة واحدة ليلة الأول من رمضان عندما يستدعي محرز صاحب «الكافيشنطة» أعضاء الفرقة الموسيقية «الزمني» عازف الكمنجة (جمال المداني) وفرحات المطرب وعازف العود (فرحات الجديد) ومامية الراقصة (قيزالا النفطي) وجوادو موظب الفرقة (وجدي البرجي) ورضا عازف الأكورديون (حاتم الحجام).
يفاجئ محرز برفض الزمني العمل ما لم يحصل على مستحقاته ويتهم محرز صاحب القاعة بالتحايل مثل كل السياسيين في الحزب الدستوري الحاكم ويذكره بأصهاره اليهود الذين هربوا من البلاد، وفيما يدافع محرز على بورقيبة واختياراته ضد أوهام جمال عبد الناصر يتذكر الزمني صديقه الفنان صالح الخميسي الذي مات قهرا بعد أن تعرض للسجن بسبب أغنية تهكم فيها على الزعيم بورقيبة في إحالة على تعسف السلطة السياسية.
وسط هذا الجدل السياسي والنقابي تظهر الراقصة الشابة عيشة (مريم الصياح) فتصاب الراقصة مامية بهستيريا الغيرة على عشيقها محرز الذي تنكر لها بعد أن «دفنت شبابها في الكافيشنطة وضحت بكل شيء من أجل نجاح الكافيشنطة».
وبين الأغاني والرقص والمواقف الهزلية تستعرض المسرحية تراجيديا الحياة السياسية والنقابية في تونس الستينات.
وقد استعمل المخرج تقنية الفيديو لعرض مشاهد من حي باب سويقة في تلك الفترة بكل مكوناته المعمارية وسيارات التاكسي المعروفة بـ«تاكسي بي بي» فيتحول العرض إلى رحلة في تونس الستينات في الثقافة والســـياسة والحركة النقابية. ولعـــــل هذا ما جعل المسرحية تلقى إقبــالا من الجمهور الذي يحـــن للزمن الجميل على الرغم مما فيه من تضييق على الحريات السياسية خاصة في السنوات الأخيرة.



فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.