باسيل يكسب انتخابياً من حملاته ضدّ «الثنائي الشيعي»

المصلحة المشتركة لدى الطرفين بعدم فتح صراعات

لافتة تأييد لنبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني في أحد شوارع بيروت (إ.ب.أ)
لافتة تأييد لنبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني في أحد شوارع بيروت (إ.ب.أ)
TT

باسيل يكسب انتخابياً من حملاته ضدّ «الثنائي الشيعي»

لافتة تأييد لنبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني في أحد شوارع بيروت (إ.ب.أ)
لافتة تأييد لنبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني في أحد شوارع بيروت (إ.ب.أ)

لم يكن اتهام وزير الخارجية جبران باسيل حليفه «حزب الله» بعرقلة بناء الدولة هو الأول من نوعه، ولا يبدو أنه سيكون الأخير في موسم الحملات الانتخابية. خطاب رئيس «التيار الوطني الحر» في الفترة الأخيرة ومواقفه المنتقدة لـ«الثنائي الشيعي» الذي يضم «حركة أمل» و«حزب الله» وتحالفهما الذي يصفانه بالاستراتيجي، يفتح باب التساؤلات وعلامات استفهام كثيرة حول خلفية هذا التوجه، خصوصاً في ظل سياسة «الصمت» التي ينتهجها «حزب الله» في هذا السياق.
ويكاد موقف الحزب الوحيد المعارض لممارسات باسيل هو ذلك الذي رفض فيه التعرض إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو ما رأى فيه «التيار» موقفاً طبيعياً منعاً للشرخ في الطائفة الشيعية. لكن المراقبين من خارج «الخصمين»؛ «التيار» و«حركة أمل» وحليفهما «حزب الله»، يرون في مواقف باسيل الذي يرفع شعار «استعادة حقوق المسيحيين»، أبعاداً سياسية وانتخابية وطائفية، معتبرين أن «سكوت» حزب الله لمصلحة مشتركة من الطرفين لاستمرار ورقة التفاهم.
وأول من أمس، نشرت مقابلة باسيل في مجلة «ماغازين» قبل أن «يبرد التوتّر الأمني والسياسي» الناتج عن اتهامه بري بـ«البلطجي»، حيث قال إن «حزب الله» يأخذ خيارات بالموضوع الداخلي لا تخدم مصالح لبنان، ورغم أن اللقاء أجري قبل الأزمة مع بري، فإنه نشره أول من أمس أعاد «فتح الجراح»، خصوصاً أنه قد سبقه تصريح لقناة «الميادين» رأى فيه أن العداء لإسرائيل ليس آيديولوجياً، وذلك في موازاة الأزمة التي اندلعت بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري على خلفية «مرسوم أقدمية الضباط»، بعد رفض الأخير تجاهل توقيع وزير المالية (الشيعي) والمحسوب على «حركة أمل»، عليه، وهو الذي لا يزال حتى الآن دون حل ليعود ويصعّب الموقف مع هجومه على بري، بحسب ما أظهره فيديو مسرّب من لقاء انتخابي في بلدة بترونية، ليصل الأمر إلى مواجهة سياسية بين مسؤولي الطرفين وأمنية بين مناصريهما في الشارع، وهو ما استدعى موقفاً صارماً من حليف الطرفين، حزب الله، لإنهاء الأزمة عبر اتصال أجراه عون ببري.
لكن في هذه المرحلة لم يحيّد «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه باسيل، «حزب الله» عن مواقفه، إذ كان موضوع عرض فيلم «the post» محور مواجهة إعلامية وسياسية بين الطرفين، وذلك بعد موقف «الحزب» الرافض على لسان أمينه العام حسن نصر الله، لعرضه، بسبب دعم مخرجه للحرب الإسرائيلية ضد لبنان عام 2006، بينما وصف «التيار الوطني الحر» في مقدمة أخبار قناة «أو تي في» هذا الرفض بـ«الجريمة الثقافية بحق الحرية التي تعيد تجسيد نظرية قمع الرأي الآخر بذريعة مواجهة العدو»، وهنا لم يكن ردّ فعل جمهور «حزب الله» وأنصار «الثنائي الشيعي» بشكل عام على هذا الموقف، بأقل من وصفه بـ«تيار التطبيع».
ولا يخفي مصدر في «8 آذار» استياء حزب الله «الصامت» من مواقف باسيل والمدرك بخلفياتها الانتخابية، كاشفاً لـ«الشرق الأوسط» اتصالات جرت من قبل «حزب الله» بباسيل بعد تصريحه لقناة «الميادين» طالبة منه الاعتذار منعاً لتفاقم المشكلة، لكنه لم يستجب، بينما تجاوز الحزب موقف «التيار الوطني الحر» حول الفيلم الأميركي الذي عادت وزارة الداخلية واتخذت قراراً بعرضه، انطلاقاً من أن «المصالح السياسية أهم من المصالح الثقافية»، بحسب تعبير المصدر الذي أكد أن مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، لم يتطرق لهذا الموضوع خلال لقائه الأخير بباسيل، وكان التركيز على أمور انتخابية.
وفي مقاربته لتصريحات باسيل، لا يرى الوزير السابق والنائب بطرس حرب تفسيراً إلا «دلالة على تخبّط سياسي وانتخابي»، معتبراً أنه ليس من مصلحة حزب الله تفجير صراعات جديدة في الداخل، وهو الأمر الذي يوافقه عليه القيادي السابق في «التيار الوطني الحر» زياد عبس، مشبّهاً ممارسات باسيل «بالميليشيات المسلّحة خلال الحرب». وقال عبس في حديث تلفزيوني: «لا أفهم المواقف الأخيرة لباسيل الذي يحاول أن يفرض نفسه زعيماً مسيحياً، إلا من جهة شد عصب المسيحيين قبل الانتخابات النيابية».
ويعتبر حرب أن «الدبلوماسية التي يفترض أن يتمتّع بها وزير خارجية أي دولة سقطت مع باسيل لحسابات انتخابية، وتبدّل المواقف يدّل على فقدان أي توجّه عقائدي». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون سكوت حزب الله الذي أعتقد أنه يستغرب مواقف باسيل، هو لإدراكه أنه لطالما كان ولا يزال وزير خارجيته، أكثر منه للبنان الذي تأثّر سلباً من مواقفه عربياً ودولياً». ورأى أنه ليس من مصلحة حزب الله تفجير صراعات جديدة داخلية، وهو الذي يعاني من الضغوط والعقوبات الخارجية.
لكن في المقابل، يرى وزير الشؤون الاجتماعية ممثل «القوات» في الحكومة، بيار بو عاصي، أن «الحزب في ورطة، إذ لا يمكنه التنصل من الرئيس بري وحركة أمل، رغم أنهما لا يتفقان في الشارع وعلى المستوى الفكري، وفي المقابل لا يمكنه التنصل من التيار لأنه يؤمن له الغطاء السياسي المسيحي. لذا عندما بلغ التوتر، وخصوصاً بعد حادثة الحدت، حداً خطيراً تدخل الحزب بقوة لضبط الوضع».
وأضاف في حديث إذاعي: «علاقة التيار بحزب الله دقيقة وصعبة»، سائلاً: «صحيح أن الحزب دعم التيار داخلياً والتزم معه، ولكن اليوم عون رئيس الجمهورية، هل مستعد في عمقه لتقاسم السلطة والإمرة والسلاح مع مكون آخر هو حزب الله الذي لديه ارتباطاته العقائدية والخارجية؟ وهل من مصلحة وزير الخارجية الذي يتواصل مع العواصم في أوروبا وأميركا ويعرف الأجواء الضاغطة وتصعيد العقوبات والتماهي مع حزب الله؟»، مضيفاً: «لا أرى ذلك كما لا أعتقد أنه سيصطدم معه».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».