قصص خلف اللجوء... و«الكليشيهات» النمطية

فتيات سوريات في تجربة تمثيلية أولى على مسرح برليني

مشهد من المسرحية («الشرق الأوسط»)
مشهد من المسرحية («الشرق الأوسط»)
TT

قصص خلف اللجوء... و«الكليشيهات» النمطية

مشهد من المسرحية («الشرق الأوسط»)
مشهد من المسرحية («الشرق الأوسط»)

يرتبط اسم مسرح «فولكسبونيه»، وبالعربية مسرح الشعب، بالنشاط اليساري التاريخي في ذاكرة البرلينيين. وقد افتتح هذا المسرح، الواقع في ساحة روزا لوكسمبورغ، عام 1913، وتحول بعد قيام النظام الاشتراكي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً إلى أيقونة للنضال. لكنه دُمّر بشكل شبه كامل في الحرب العالمية الثانية. وأعيد تشييده بهندسة قريبة من هندسته الأصلية. ومع ذلك، فإن صورته لم تتغير. بقيت مرتبطة في الذاكرة الجماعية بالنضال اليساري.
ولليوم ما زال «فولكسبونيه» يعكس بالأعمال التي يعرضها شيئاً من يسارية هذه المدينة الواقعة في قلب ألمانيا الشرقية. غير أن استبدال مديره اليساري الذي بقي في منصبه 25 عاماً، بآخر بلجيكي «قادم من عالم الفن الحديث»، تسبب بمقاطعة الكثيرين من سكان برلين للمسرح.
تاريخ هذا المسرح قد يفسر، ويعكس أهمية عرضه لمسرحية سورية، تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً ولغة، لكنها تحمل اسماً أجنبياً (بالنسبة للعرب) هو «إفيجينيا». الممثلات هن لاجئات سوريات يخضن أول تجربة في التمثيل. ولكون المسرحية بالعربية، ثبتت إدارة المسرح خلفهن شاشة عملاقة تُبث عليها ترجمة بالألمانية، وعلى شاشتين صغيرتين ترجمة للإنجليزية.
يقول كاتب المسرحية الشاب السوري محمد العطار إن «اختيار قصة من التراجيديا الإغريقية كان مقصوداً لتقريبها من المتلقي الأوروبي». والنص هو اقتباس عن النص الإغريقي الذي كتبه يوربيديس كجزء من حرب طروادة، وهي معروفة جداً لدى الأوروبيين.
وتحكي القصة الإغريقية حكاية فتاة يضحي بها والدها الملك لمصالح خاصة تتعلق بكسب معركة، وإفيجينيا التي تعذبها الفكرة، تقبل بالتضحية في النهاية لمساعدة والدها. وفي هذه القصة، رأى العطار أن استخدام قصة «تتضمن مواجهة فتاة للسلطة الأبوية، يمكنها أن تخلق مقاربة عصرية لحكايات السوريين المتعلقة بالحرب والشتات».
ثماني فتيات، هن لاجئات سوريات قدمن إلى ألمانيا في الأعوام القليلة الماضية، يتناوبن في المسرحية على رواية قصصهن. فكرة المسرحية تدور حول تجارب أداء تتنافس فيها الفتيات على لعب دور البطلة الإغريقية. وكل واحدة بدورها تتحدث عن أشواقها وآمالها إلى سيدة - هي بدورها لاجئة سورية - تمتحن الممثلات لاختيار واحدة منهن في النهاية، وتسألهن عن حياتهن ومواهبهن.
ما تتحدث به اللاجئات هي حكايات حب وألم وغربة. باختصار هي حكايات قد تتكرر على لسان أي فتاة في أي مكان من العالم. يقول العطار: «نريد أن نحرض الجمهور على التفكير في الفتيات كأشخاص وليس لاجئات، فهن يشبهن نظيراتهن الألمانيات والفرنسيات والكنديات».
قصص الفتيات تضاف إليها قصة هروبهن من سوريا ولجوئهن إلى ألمانيا، ولكنها ليس القصة وحدها، تقول ساجدة الطايع، إحدى الممثلات التي تبلغ 21 عاماً، وقدمت إلى ألمانيا قبل عامين: «الرسالة التي تريد كل الفتيات هنا إيصالها: فضلاً لا تعاملونا كلاجئين فقط. لدينا مواهب وأفكار، عاملونا كإنسان في البداية ثم كلاجئين إذا أردتم».
ساجدة فتاة محجبة، ويلعب حجابها جزءاً من دورها في المسرحية. وأجوبتها حول تضارب حجابها مع التمثيل، شبيهة بدورها في حياتها الخاصة. في المسرحية تسألها السيدة المسؤولة عن تجربة الأداء: «إذا كان دور إفيجينيا يتضمن قبلة مع حبيبها. هل تؤدينها». تجيب هي بسرعة ومن دون تردد: «طبعاً لا». يسود صمت. ثم تسألها السيدة: «إذا كيف يمكنني أن أختارك». تجيبها ساجدة: «تقولين لي إنه ليس هناك أدوار من دون قبلات». وعندما سألتُها أنا خارج المسرحية إذا كانت ترى تضارباً بين حجابها والتمثيل، قالت: «لا أرى تعارضاً لأن الدور الذي أؤديه ملائم».
حجاب ساجدة لا شك يخلق المزيد من «الارتباك» بالنسبة للمشاهد الألماني الذي عامة ما يربط الحجاب بأشياء أخرى بعيدة عن التمثيل.
زينة العبد الله، ممثلة أخرى، تبلغ من العمر 28 عاماً، تقول إن «الكثيرين تفاجأوا من القصص التي تحكى في المسرحية». وتضيف: «البعض تفاجأ بأن قصصنا تتقاطع مع قصصهم. فنحن نروي قصصنا وليس قصة لجوئنا. اللجوء يتقاطع مع أحداث أخرى في حياتنا، ولكن هو ليس كل شيء. ما نحاول إيصاله أن هناك قصصاً خلف اللجوء يجب أن تُروى».
قصصهن تتراوح بين تلك التي تركت حبيبها خلفها، وتلك التي تشعر بالوحدة وتبحث عن الحب، وأخرى تشتاق لأهلها وبلدها… جميعهن يشعرن بحنين لسوريا، ويتحدثن عن صعاب في حياتهن هنا. إحداهن تلميذة مدرسة لم تبلغ الـ18 من عمرها بعد، تروي كيف كانت من أوائل الطلاب في صفها بسوريا، وكيف تراجعت 3 صفوف في ألمانيا، بسبب اللغة. تقول: «إنها تشعر بأنها والدة التلاميذ وليست تلميذة مثلهن». تريد الهرب من المدرسة بأي ثمن. وكل واحدة من الفتيات تتمتع بموهبة: من الرقص إلى الغناء إلى تلاوة الشعر… وجميعهن يعتقدن أن الهرب هو بالتمثيل وكسب دور إفيجينيا. ويختصر العطار ما يحاولون إيصاله بالقول: «المسرحية تتحدى قناعات مسبقة لدى الجمهور الذي يعرف عن السوريين كليشيهات نمطية». وأعتقد أنه بعد مشاهدة مسرحيته، سيفكر الألمان وغيرهم بالسوريين «كأفراد وليس كجماعة تفكر وتتصرف بشكل واحد».



احتفال خاص للبريد الملكي البريطاني بمسلسل «قسيسة ديبلي»

دفء الشخصيات (رويال ميل)
دفء الشخصيات (رويال ميل)
TT

احتفال خاص للبريد الملكي البريطاني بمسلسل «قسيسة ديبلي»

دفء الشخصيات (رويال ميل)
دفء الشخصيات (رويال ميل)

أصدر البريد الملكي البريطاني (رويال ميل) 12 طابعاً خاصاً للاحتفال بمسلسل «The Vicar of Dibley» (قسيسة ديبلي) الكوميدي الذي عُرض في تسعينات القرن الماضي عبر قنوات «بي بي سي».

وذكرت «الغارديان» أنّ 8 طوابع تُظهر مَشاهد لا تُنسى من المسلسل الكوميدي، بما فيها ظهور خاص من راقصة الباليه السابقة الليدي دارسي بوسيل، بينما تُظهر 4 أخرى اجتماعاً لمجلس أبرشية في ديبلي.

وكان مسلسل «قسيسة ديبلي»، من بطولة ممثلة الكوميديا دون فرينش التي لعبت دور القسيسة جيرالدين غرانغر عاشقة الشوكولاته، قد استمرّ لـ3 مواسم، من الأعوام 1994 إلى 2000، تلتها 4 حلقات خاصة أُذيعت بين 2004 و2007.

في هذا السياق، قال مدير الشؤون الخارجية والسياسات في هيئة البريد الملكي البريطاني، ديفيد غولد، إن «الكتابة الرائعة ودفء الشخصيات وطبيعتها، جعلت المسلسل واحداً من أكثر الأعمال الكوميدية التلفزيونية المحبوبة على مَر العصور. واليوم، نحتفل به بإصدار طوابع جديدة لنستعيد بعض لحظاته الكلاسيكية».

أخرج المسلسل ريتشارد كيرتس، وكُتبت حلقاته بعد قرار الكنيسة الإنجليزية عام 1993 السماح بسيامة النساء؛ وهو يروي قصة شخصية جيرالدين غرانغر (دون فرينش) التي عُيِّنت قسيسة في قرية ديبلي الخيالية بأكسفوردشاير، لتتعلّم كيفية التعايش والعمل مع سكانها المحلّيين المميّزين، بمَن فيهم عضو مجلس الأبرشية جيم تروت (تريفور بيكوك)، وخادمة الكنيسة أليس تنكر (إيما تشامبرز).

ما يعلَقُ في الذاكرة (رويال ميل)

وتتضمَّن مجموعة «رويال ميل» طابعَيْن من الفئة الثانية، أحدهما يُظهر جيرالدين في حفل زفاف فوضوي لهوغو هورتون (جيمس فليت) وأليس، والآخر يُظهر جيرالدين وهي تُجبِر ديفيد هورتون (غاري والدورن) على الابتسام بعد علمها بأنّ أليس وهوغو ينتظران مولوداً.

كما تُظهر طوابع الفئة الأولى لحظة قفز جيرالدين في بركة عميقة، وكذلك مشهد متكرّر لها وهي تحاول إلقاء نكتة أمام أليس في غرفة الملابس خلال احتساء كوب من الشاي.

وتتضمَّن المجموعة أيضاً طوابع بقيمة 1 جنيه إسترليني تُظهر فرانك بيكل (جون بلوثال) وأوين نيويت (روجر لويد باك) خلال أدائهما ضمن عرض عيد الميلاد في ديبلي، بينما يُظهر طابعٌ آخر جيم وهو يكتب ردَّه المميّز: «لا، لا، لا، لا، لا» على ورقة لتجنُّب إيقاظ طفل أليس وهوغو.

وأحد الطوابع بقيمة 2.80 جنيه إسترليني يُظهر أشهر مشهد في المسلسل، حين ترقص جيرالدين والليدي دارسي، بينما يُظهر طابع آخر جيرالدين وهي تتذوّق شطيرة أعدّتها ليتيتيا كرابلي (ليز سميث).

نال «قسيسة ديبلي» جوائز بريطانية للكوميديا، وجائزة «إيمي أوورد»، وعدداً من الترشيحات لجوائز الأكاديمية البريطانية للتلفزيون. وعام 2020، اختير ثالثَ أفضل مسلسل كوميدي بريطاني على الإطلاق في استطلاع أجرته «بي بي سي». وقد ظهرت اسكتشات قصيرة عدّة وحلقات خاصة منذ انتهاء عرضه رسمياً، بما فيها 3 حلقات قصيرة بُثَّت خلال جائحة «كوفيد-19».