مقتل 15 متطرفاً بالجزائر ومصادرة ترسانة حربية كبيرة

جيش البلاد يتحدث عن «مؤامرات ومحاولات لبعث الإرهاب»

TT

مقتل 15 متطرفاً بالجزائر ومصادرة ترسانة حربية كبيرة

كشفت وزارة الدفاع الجزائرية أنها قتلت 15 متطرفاً مسلحاً، خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وسلم 5 آخرون أنفسهم للسلطات العسكرية، وتم اعتقال 23 شخصاً بشبهة دعم الجماعات الإرهابية، في الشهر نفسه.
وفي تقرير لنشاط الجيش في مناطق كثيرة من البلاد، ذكرت وزارة الدفاع أن القوات العسكرية دمرت 70 مخبأ إرهابيين، وصادرت 44 قطعة سلاح (23 سلاح كالشينكوف، 2 رشاش ثقيل، 19 بندقية)، و33 مخزن ذخيرة، و4008 طلقات نارية من مختلف العيارات.
وتم تدمير 47 قنبلة تقليدية، وتفكيك 9 مقذوفات و10 صواريخ مضادة للأفراد، وكمية كبيرة من المواد الكيماوية تستعمل لصناعة متفجرات، و2.7 كيلوغرام من الديناميت، زيادة على أجهزة اتصالات وألواح لتوليد الطاقة الكهربائية. كل هذا العتاد والأسلحة، كان، حسب التقرير، داخل المخابئ التي وجدت بعدة مناطق جنوب وشرق العاصمة الجزائرية، التي هي بمثابة معاقل إرهابيين.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن المتطرفين الذين قتلهم الجيش، ينتمون إلى تنظيمين رئيسيين، هما «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» الذي يتزعمه عبد الملك دروكدال، والذي تسعى السلطات لاعتقاله منذ 15 سنة على الأقل. والتنظيم الثاني هو «جند الخلافة» الذي قتل زعيمه عبد الملك قوري في كمين للجيش عام 2014. والتنظيم الأخير فرع لـ«داعش» بالجزائر، وهو حالياً في منافسة حادة مع «القاعدة» على من يسيطر أكثر على معاقل الإرهاب، ومن يجند متطرفين أكثر للانخراط في العمل المسلح. وللتنظيمين امتدادات إلى الدول المجاورة، وبخاصة مالي والنيجر.
وأوضحت المصادر أن نوع وكمية الأسلحة التي احتجزها الجيش، تدل على أن التنظيمات المتطرفة تملك صلات قوية مع تجار السلاح المنتشرين بالحدود الجنوبية، خصوصاً مع مالي، وبالحدود مع ليبيا التي أصبحت منذ سقوط نظام القذافي عام 2011 بمثابة ترسانة سلاح مفتوحة على الهواء. ولهذا السبب أقام الجيش الجزائري في السنوات الأخيرة، مراكز مراقبة متقدمة بالحدود، والغرض صد تسلل متطرفين ومنع تسريب السلاح. غير أن شساعة المساحات الصحراوية وطول الحدود (تفوق 3 آلاف كلم)، يطرح على السلطات الأمنية صعوبات جمة في تأمين المناطق المصنفة «خطرة».
في غضون ذلك، قالت «مجلة الجيش» لسان حال وزارة الدفاع، في عدد جديد، إن «حالة الأمن السائدة في البلاد، التي ينعم بھا عامة الشعب الجزائري، تعود إلى الاستقرار في المؤسسة العسكرية، التي تملك نظرة رصینة وعقلانیة لخلفیات التحديات الراھنة، ودرايتھا التامة بأبعادھا المستقبلیة». وتعھدت القیادة العسكرية، بحسب المجلة، بـ«الوقوف بالمرصاد في وجه المؤامرات وإفشال مساعیھا، ما دام الجیش يتشرف بحمل مسؤولیة، تتضافر فیھا جھود كافة الأوفیاء من أبناء الجزائر». ولم تذكر النشرة العسكرية ما تقصد بـ«المؤامرات»، لكن من عادة السلطات توجيه تهم لجهات غير معروفة، عندما تواجه تحديات سياسية ومخاطر أمنية.
وتحدثت المجلة عن «مواصلة الجزائر حربھا ضد الإرھاب، التي يخوضھا الجیش في إطار تأدية واجبه والقیام بمھامه الدستورية. فهو مصمم على إحباط كل محاولات إعادة بعث الإرھاب، والتحضیر بشكل جید وفعال للشروع في مواصلة عملیاته الهادفة إلى القضاء نهائياً على ھذه الآفة بكامل التراب الوطني».
وأضافت النشرة، التي يشرف عليها شخصياً رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح: «جيشنا ماض في طريقه نحو امتلاك المزيد من القوة، التي بھا تحفظ الجزائر ھیبتھا وتصان سیادتھا الوطنیة ووحدتھا الترابیة والشعبیة. سيحقق ذلك بفضل استقرائه الرصین والعقلاني لخلفیات التحديات الراھنة، ودرايته التامة بأبعاد الرھانات المستقبلیة والوقوف بالمرصاد في وجه المؤامرات». وتابع: «أضحت الجزائر الیوم مثالاً للأمن والاستقرار، رغم كل المحاولات الیائسة لجرھا إلى مستنقع الإرهاب المدمر، وهذا بفضل وعي الشعب بكل فئاته وشرائحه وثقته في جیشه الجمھوري الوطني، الذي كان دوما في الطلیعة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.