العراق يمهد لمؤتمر المانحين في الكويت برسم معالم سياسته الخارجية

العبادي شدد على الشراكة والاستثمار والمصالح المشتركة

صورة من موقع شبكة «رووداو» الإعلامية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يتحدث أمام مؤتمر للسفراء العراقيين في بغداد أمس
صورة من موقع شبكة «رووداو» الإعلامية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يتحدث أمام مؤتمر للسفراء العراقيين في بغداد أمس
TT

العراق يمهد لمؤتمر المانحين في الكويت برسم معالم سياسته الخارجية

صورة من موقع شبكة «رووداو» الإعلامية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يتحدث أمام مؤتمر للسفراء العراقيين في بغداد أمس
صورة من موقع شبكة «رووداو» الإعلامية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يتحدث أمام مؤتمر للسفراء العراقيين في بغداد أمس

قبل نحو أسبوع من انعقاد مؤتمر المانحين في الكويت، حدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي معالم السياسة الخارجية لبلاده عبر السعي لإقامة علاقات طبيعية مع جميع دول الجوار في ضوء المصالح المشتركة. وقال العبادي خلال مشاركته أمس، في مؤتمر السفراء السادس الذي عقدته وزارة الخارجية العراقية: «إننا نسعى لإقامة علاقات طبيعية مع جميع دول الجوار دون تنازل عن مصالح شعبنا وبلدنا وثوابتنا الوطنية والتركيز على المشتركات وتبادل المصالح بدل الخلافات»، مؤكداً: «إننا لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن العالم في زمن التواصل، لكن بإمكاننا تحصين أنفسنا بوحدتنا وتماسكنا».
وأعرب العبادي عن «تفاؤله بمستقبل العراق ونمو اقتصاده في فترة قصيرة مقبلة في ظل الإجراءات المتبعة والاستثمار الأمثل والصحيح للنفقات والمال العام».
وكانت وزارة الخارجية العراقية عقدت مؤتمر السفراء السادس، بحضور رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والعبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري تحت شعار «الدبلوماسية العراقية... إعادة الإعمار وتنويع الشراكات الاستراتيجية».
من جهته، دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم السفراء، العراقيين، للاستفادة من طاقات وخبرات النخب العراقية الرفيعة المقيمة في البلدان التي يعملون بها، مشدداً بالقول: «افتحوا أبوابكم لكل عراقي». وقال معصوم إن «مستوى نجاح العلاقات الدولية يعبر عن الرقي السياسي والحضاري لهذه الدولة أو تلك، ويحكم على كفاءة وقوة مؤسساتها الدستورية أيضاً»، لافتاً إلى «ضرورة أن تكون هناك وقفة موضوعية ودورية بعملنا الدبلوماسي وعلاقاتنا الدبلوماسية وقدرتنا على تقديم المصلحة العليا لبلادنا». وأضاف أن «نشاط سفارتنا الحيوي والفعال لإبراز حرص بلدنا وقيم العدل والمساواة والسلام كفيل لتشجيع الدول الصديقة على تقديم مزيد من الدعم المعنوي والمادي للعراق، وذلك من أجل ضمان أمنه واستقراره وإنجاح أهدافه التنموية والاستراتيجية وكذلك لأولوياته الوطنية الراهنة أو المستجدة، وفي مقدمتها تعزيز الأمن والاستقرار والمصالحة المجتمعية وضمان عودة كريمة للنازحين والشروع في عملية الإعمار الشامل للمناطق المحررة، وحل الخلافات الداخلية على أساس الدستور وفي مقدمتها الخلاف بين بغداد وأربيل».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أكد الدكتور أحمد محجوب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية، أن «هذا المؤتمر يعقد في ظل ظروف داخلية وخارجية مختلفة، حيث يناقش تنويع الشراكات الاستراتيجية وإعادة الإعمار، وهو تمهيد لمؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق الذي ينطلق الأسبوع المقبل في الكويت». وأضاف محجوب أن «المؤتمر يناقش مع المتخصصين الأكاديميين والسياسيين في إطار ورش عمل بهدف مناقشة تطوير تنويع الشراكات الاستراتيجية للعراق، حيث نرى أن انعقاد هذا المؤتمر في هذه المرحلة ينطوي على أهمية بالغة بسبب أهمية المرحلة وحساسيتها، حيث بات العراق يلعب دوراً محورياً في المنطقة ويسعى للتوفيق بين الجهات والجبهات والخنادق المتناقضة، بعد أن سلكت الدبلوماسية العراقية سياسة الحياد الإيجابي والفعال».
وفي السياق نفسه، أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي خالد الأسدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهدف من هذا المؤتمر هو توحيد السياسة الخارجية للعراق عبر توحيد الخطاب السياسي للدولة بما يحدد معالم علاقاتنا مع دول العالم من منظور المصالح المشتركة، وهو أمر عملت عليه بنجاح كثير من بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج». وأضاف الأسدي أن «العراق حاول خلال السنوات الماضية أن تكون له سياسة موحدة وقد حاولت الحكومات السابقة بعد عام 2003 تطبيق المسارات الصحيحة إلى حد كبير، لكن طبيعة التحولات في المنطقة التي حدثت فيما بعد فرضت على العراق تحديات كان لا بد له الاستجابة لها عبر عدم التدخل في شؤون الآخرين وعدم السماح للآخرين بالتدخل في شؤونه الداخلية، حيث حاول العراق مثلاً أن يكون له موقف مختلف عما حصل في سوريا، وذلك من خلال النأي بنفسه عن التدخل في شؤونها، لأن أي تدخل أجنبي تحت أي ستار لا بد أن تكون له نتائج سلبية». وحول الواقع الحالي للسياسة الخارجية للعراق، أكد الأسدي أن «سياستنا الخارجية اليوم متماسكة إلى حد كبير وتمتلك نقاط قوة كثيرة، لا سيما بعد الانتصار على تنظيم داعش، حيث أضاف الإنجاز العسكري عناصر كثيرة للدولة العراقية»، مبيناً أن «الآخرين كانوا ينظرون إلى العراق بوصفه دولة عاجزة ودولة مكونات، حيث حاولت كل الدول المحيطة بالعراق أن يكون لها بقدر أو بآخر أثر في رسم الخريطة السياسية بغض النظر أن يكون لها الحق في ذلك أم لا، إذ إن كل الدول تسعى أن تكون صاحبة نفوذ». وبشأن ما إذا كان تدخل الآخرين سيختلف هذه المرة خلال الانتخابات المقبلة، ومنها اختيار رئيس الوزراء القادم، قال الأسدي إنه «وبصرف النظر عن طبيعة التدخل، فإن الذي يحدد شكل وطبيعة الحكومة في النهاية هو المسار الدستوري المتمثل في الانتخابات ووجود كتلة أكبر هي التي ترشح رئيس الوزراء مع مراعاة بعض الجوانب على صعيد واقعيات السياسة الخارجية مثل عدم مقبولية شخص ما للواقع الإقليمي أو الدولي، بحيث يصعب عليه التصدي للمسؤولية في ضوء عدم مقبوليته، حيث يمكن أن يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار ولكن بنسبة معينة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.