أوراق الفاكهة وروبوت الحلوى في المعرض الدولي بكولون

الأطعمة النباتية قليلة السكر والدهن النزعة السائدة > شاركت فيه 1660 شركة من 73 دولة

TT

أوراق الفاكهة وروبوت الحلوى في المعرض الدولي بكولون

يتزايد في هذا العصر الحديث عن أضرار السكر الصحية وحسب استطلاع لـ«معهد نيلسن لدراسات السوق» (أُجرِي سنة 2017) يودّ 73 في المائة من الناس تقليل السكر في الطعام. هذا الأمر انعكس على الشركات المصنعة للحلوى والشوكولاته، على المستوى العالمي، التي بدأت الاستجابة إلى هذه النزعات، وهو ما ظهر في عبر المعرض الدولي للحلوى 2018 الذي أقيم في كولون هذا الأسبوع.
يشجع قطاع الشوكولاته في منحاه هذا حقيقة أن العزوف عن السكر والملح لم يوقف نهم المستهلكين للحلوى. وتشير إحصائية «منتل» لاستطلاعات الرأي إلى أن الألمان خصصوا مبلغ 13.8 مليار سنة 2017 لشراء الحلوى والمعجنات. وهذا يعني أن كل ألماني يستهلك 30 كغم من الشوكولاته والمعجنات في السنة.
وتحبذ نسبة 28 في المائة من المستهلكين التمتع بالحلوى النباتية الخالية من كل منتج حيواني، وهي نسبة كبيرة مقارنة بالإحصائيات السابقة. وترتفع هذه النسبة إلى 46 في المائة بين فئة الأعمار بين 25 و34 سنة.
شارك في المعرض الدولي للحلوى في كولون هذا العام 1660 شركة من 73 دولة احتلت عروضهم جميع قاعات المعرض الـ11 الضخمة. وذكرت إدارة المعرض أن النزعات السائدة هذا العام، تحت شعار «الحلو ليس سكرياً بالضرورة»، هي تحبيذ الأغذية النباتية و«الفيغانية»، وسيادة الحلويات اللاسكرية، والنزوع إلى الأغذية الصحية القليلة «الكوليسترين»، والخالية من الغلوتين واللاكتوز.
ومعروف أن «الفيغاني» يختلف عن النباتي في أنه يرفض تناول المنتجات الحيوانية مثل البيض والجبنة والزبدة أيضاً. أما اللاكتوز فهو سكر الحليب الثنائي الناتج عن اتحاد وحدة من الغالكتوز وأخرى من الغلوكوز. ويوجَد سكر الحليب بشكل طبيعي في الحليب ويشكل ما بين 1.5 في المائة و8 في المائة من وزن الحليب.
شاع استخدام نبتة ستيفيا بديلاً للسكر منذ أكثر من 15 سنة في الولايات المتحدة وسويسرا، ومنذ أقل من عشر سنوات في بقية أوروبا. وهي نبتة تعيش في أميركا لجنوبية ومذاقها أشد حلاوة من سكر السوق 200 مرة.
والمالتيت، أو المالتيتول، هو سكر كحولي (بوليول) ينتج عن طريقة هدرجة المالتوز، ويستخدم كبديل للسكر، نسبة حلاوته هي 75 إلى 90 في المائة من حلاوة سكر المائدة ويشبهه كثيراً في الخواص. يمنح الملتيت المستهلك نصف السعرات الحرارية الناتجة عن سكر المائدة، ولا يعزز تسوس الأسنان، وله تأثير أقل على سكر الدم، ويعد بديلاً جيداً للسكر.
وهكذا قدمت شركة «غولون» الإسبانية بسكويتاً محلى بمادة ستيفيا. ولا يختلف البسكويت من ناحية المظهر عن البسكويت الاعتيادي من الشركة ذاتها، إلا أن حلاوته أقل، ومذاقه مثل مذاق «الكوكالايت».
وعرضت شركة «ديلكاتو» السويدية كريات من الشوكولاته وجوز الهند سمتها «ديلكاتو بول» واستخدمت المالتيت في التحلية. وتقول مصادر الشركة إن طعم جوز الهند المبروش ورائحته تعوضان عن قلة حلاوة الكرات.
وللمرضى الذين يعانون من السكري، وللأطفال، عرضت شركة «زيرو» اليونانية (القاعة 11) حلوى محلاة بالمالتيت والزبدة قليلة الدهن. كما قدمت الشركة نفسها نوعاً آخر من الحلوى محلّى بالستيفيان ولم يكن الطعم يختلف كثيراً.
وعلى المنوال ذاته استعرضت شركة «داي كيت» الألمانية ساندويتشاً من الحلويات باستخدام التحلية بستيفيا ومالتيت. ويبدو الساندويتش مثل قطعة جبنة من المارزيبان بين قطعتي خبز من الشوكولاته (القاعة 4).
و«وولي» عبارة عن قطع فواكه باللبن الزبادي من شركة «تروللي» الألمانية. وهي حلوى قليلة السكر، لكنها خالية من الجيلاتين الحيواني ومن اللاكتوز، ومناسِبة تماماً للنباتيين والمعانين من حساسية اللاكتوز وللمسلمين.

- فواكه ورقية
ورغم النزوع العالمي لتقليل السكر، لا يبدو أن ذلك يشمل الفواكه المجففة التي تدخل في صناعة الحلوى والمعجنات. ولكن الجديد في الأمر هو تقديم الفواكه المجففة بشكل أوراق خفيفة.
شركة «دورفيرك» البرلينية (القاعة 11) قدمت «أوراق الفاكهة» القليلة السكر والسهلة الهضم، خصوصاً المصنوع منها من التفاح والبرتقال والبرقوق...إلخ. وذكرت مصادر الشركة أنها صنعت هذه الأوراق من فاكهة طازجة، لكنها تستعصي على البيع بسبب «خلل بصري»، بمعنى أن شكلها لا يساعد على بيعها.
وحولت شركة «دورفيرك» الطماطم، التي تعاني من «خلل بصري» أيضاً، إلى رقائق بطاطس تحمل اسم «توماتو تشيبس». وأضافت إليه الليمون والفلفل الحار وقليلاً من الملح كي تعزز قدرتها على منافسة «تشيبس البطاطا». وتقول الشركة إن استخدام الفواكه والمخضرات ذات «الخلل البصري» في صناعة الحلوى يقلل ظاهرة تبديد الطعام في العالم الصناعي.
شركة «كوشله» الألمانية اختارت أن تخاطب الأطفال بلغة النقود والرياضيات، فعرضت أوراقاً نقدية من عدة فئات مصنوعة من المعجنات والشوكولاته. وغني عن القول إنه من الممكن للطفل أن يأكل ورقة من فئة 10 يوروات، كي يعرف كم تبقّى له من هذه النقود اللذيذة.
ويقول كريستوف شبيلفوغل، من شركة «كوشله»، إن «الـ(كرابر كاش) تعين الطفل على تعلم الحساب، وتعلمه كيفية التصرف بالنقود. ويضيف أن لعبة النقود المحلاة تقلل نهم الطفل أيضاً إلى الحلوى».

- اصنعها بنفسك
رصدت إدارة المعرض منحى جديداً في إنتاج شركات الحلوى، ألا وهو «افعلها بنفسك!»، إذ يمكن للإنسان أن يشتري الطماطم المجففة من شركة «دوروفيرك» ثم يحوِّلها إلى رقائق بطاطس مفلفلة بنفسه، وبحسب كمية الملح والفلفل التي يريدها.
هذا ينطبق على حلوى «غومي بيرشن» (الدببة المطاطية) من شركة «لوليبوب» السويسرية (القاعة 11) التي صارت تبيع منتجها المشهور مصحوباً بأدوات ومواد تساعد المستهلك على تحضيرها بنفسه، إذ يمكن للمستهلك أن يصب المادة الحلوة «المطاطية» بنفسه في قوالب صغيرة من السيليكون ثم يتمتع بأكلها. ويعتقد منتجو حلوى «اصنعها بنفسك» أن تحضير الإنسان للحلوى بنفسه يقلل استهلاكه لها.
وزادت معروضات الحلويات والمعجنات، المصنوعة من المواد المستوردة بالتجارة العادلة (فير تريد) بنسبة 40 في المائة، في هذا العام، قياساً بمعرض سنة 2013.
والمميز بين ما تم عرضه من منتجات «التجارة العادلة» كان عبارة عن فول سوداني مملح قليلاً بملح البحر ومغلف ككتل بالشوكولاته. وهو من منتجات شركو «لامبرتز» الألمانية في مدينة آخن.

- روبوت من الحلوى يصارع وشماً
وما عاد القول إن الأطفال يخصصون مصروفهم اليومي لشراء الشوكولاته ممكناً، والحقيقة أن النزوع نحو شراء الألعاب الإلكترونية أصبح الأقوى. وتحاول شركات الشوكولاته استعادة شيء مما خسروه من قطاع الأطفال، عن طريق مزج الحلويات بألعاب الكومبيوتر.
و«الروبوت الواقعي»، أو «ذي ريالتي روبوت»، عبارة عن روبوت صغير من الحلوى (مصاصة) يوضع على اليد قرب وشم يشبهه، ثم يستخدم المستهلك (الطفل) تطبيقاً على «السمارت فون» ليجعلهما يصارعان بعضهما على شاشة الجهاز.
فالحلوى، بحسب شركة «دوك» (القاعة 3)، التي صنعت الروبوت الواقعي، صارت تلعب دوراً ثانوياً بالنسبة للطفل، فالمهم بالنسبة للأخير هو التسلية وقضاء الوقت. ويمكن للطفل أن يصارع الروبوتات وأن يتلذذ بطعمها في الوقت ذاته.
فضلاً عن ذلك، عرضت شركة «لقمسان» التركية في الجناح 11 «شيش دونر كباب» (الشاورمة التركية)، واستخدم أحد العارضين سكين الدونر الكبيرة لقطع شرائح اللحم عن الشيش وتقديمها إلى الجمهور. وكل طبقة محشوة بنوع من المكسرات، مثل الفستق والبندق والجوز... إلخ.
ومن شركة «شتيغنر» الألمانية يمكن لشركات إنتاج الحلوى الحصول على أغلفة طبيعية مصنوعة من «التشيبس» لحفظ منتجاتها. وهي أغلفة نباتية ذات عمر طويل، كما تؤكد الشركة في القاعة 10، كما أنها صالحة 100 في المائة للأكل. ومن لا يحبذ أكل هذا النوع من الأغلفة يمكنه أن ينتظر تحللها بيولوجيّاً إلى عناصرها الأولية.
وذهبت جائزة المعرض هذا العام إلى سيدة ألمانية تعيش في الولايات المتحدة هي ديلان لورنس، ابنة مصمم الأزياء رالف لورنس. والسيدة لورنس تدير في الولايات المتحدة محلاً اسمه «ديلان كاندي بار» يقدم العروض الفنية والموسيقية إضافة إلى الحلوى.
يعول قطاع إنتاج الحلوى الألماني في هذه السنة على مونديال كأس العالم لكرة القدم في روسيا في زيادة مبيعاته. والمعتقد أن كميات الحلويات والمكسرات والمعجنات والتشيبس التي سيستهلكها جمهور كرة القدم ستتضاعف خلال مشاهدة المباريات. ويرتفع الاستهلاك كلما توغل منتخب ألمانيا (المانشافت) في المونديال، وصولاً إلى المباراة النهائية.
وينتظر القطاع أن يحقق في شهر واحد من مباريات كأس العالم زيادة في الدخول بنسبة 5 في المائة مقارنة بسنة 2017.
مع ذلك، يقول فرانز رودولف ايشن رئيس معهد أبحاث السوق الألماني، إن القطاع يعاني من مشكلة قديمة رغم النزعات الجديدة في كل معرض. فنحو 70 في المائة من هواة الحلوى يجربون المنتجات الجديدة في الأشهر الستة التي تلي المعرض. لكن هذه الحلوى الجديدة، التي تعبر عن النزعات السائدة، تختفي تدريجياً من السوق بعد فترة وتترك الساحة إلى المنتجات القديمة. ولا بد للقطاع من تثبيت النزعات الجديدة مثل تقليل السكر والدهن والميل إلى المنتجات النباتية.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».