أوامر منع تناول بعض الأطعمة تقود إلى نتائج عكسية

أوامر منع تناول بعض الأطعمة تقود إلى نتائج عكسية
TT

أوامر منع تناول بعض الأطعمة تقود إلى نتائج عكسية

أوامر منع تناول بعض الأطعمة تقود إلى نتائج عكسية

لا تزال السمنة لدى الأطفال مشكلة صحية تؤرق الأطباء في العالم، والولايات المتحدة على وجه الخصوص؛ حيث يعاني نحو ثلث الأطفال الأميركيين؛ على أقل التقديرات، من البدانة أو من زيادة الوزن (overweight).
وتأتي هذه المخاوف نظرا لمخاطرها الصحية المتعددة؛ مثل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب.
وأشارت أحدث الدراسات التي تناولت أسباب حدوثها، إلى إمكانية أن تكون «الطريقة» التي يتم بها الحديث حول الامتناع عن الإفراط في تناول الطعام هي السبب في البدانة، وذلك خلافا للاعتقاد السائد وعكس الصورة الذهنية عن الآباء والأمهات الذين يعاني أولادهم من البدانة تماما وهي أنهم يشجعون أو على الأقل يتساهلون مع أطفالهم في تناول الأطعمة التي تحتوي على دهون وكربوهيدرات بشكل مكثف مثل الوجبات الجاهزة.
- نتائج عكسية
وكانت الدراسة التي نشرت أخيرا في «مجلة تعليم التغذية والسلوك»، (Journal of Nutrition Education and Behavior)، قد أشارت إلى أن الجمل المباشرة والأوامر بالامتناع عن تناول طعام معين ربما تؤدي إلى نتيجة عكسية، وهي زيادة إقبال الطفل عليه وارتفاع المحصلة النهائية من السعرات التي يتناولها.
وأوضح الباحثون أن السبب في ذلك ربما يكون نتيجة لزيادة الوعي الصحي للآباء والتحذيرات المستمرة من البدانة، بحيث أصبحت هاجسا يسيطر على تفكيرهم فيما يخص تغذية الطفل والمخاوف من أطعمة معينة والمحاولات المستمرة لتوجيه الطفل إلى أطعمة أخرى أكثر صحية، وهو ما يعقد الأمور ويجعل الطفل يتعامل مع الغذاء كأنه أمر، ويحاول كسر هذا الأمر بشكل أو بآخر بتناول المزيد والإقبال على نوعية الطعام الممنوع.
ويعتقد فريق البحث أن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها التي تناقش «طريقة الحديث» في حث الطفل على الامتناع عن تناول الضار بالفعل.
ولمعرفة ذلك، قام الباحثون بالتصوير عبر الفيديو لعدد 237 من الأمهات وكذلك النساء القائمات على تغذية الأطفال في الحضانات والمدارس وأطفالهن، الذين كانت أعمارهم جميعا تتراوح بين 4 و8 أعوام، وكنّ جميعا ينحدرن من مستوى اجتماعي واقتصادي منخفض. ومن المعروف من الدراسات السابقة أن العاملين الاقتصادي والبيئي يلعبان دورا كبيرا في الإصابة بالبدانة.
وخلال الدراسة جرى تصوير كل أم وطفلها في غرفة منفردة تحتوي على أنواع متعددة من الطعام؛ بعضها صحي والبعض الآخر من الأطعمة الضارة، مثل الكعك والشوكولاته واللحوم المعالجة صناعيا.
- أوامر ضارة
جاءت نتيجة الفيديوهات مفاجئة للباحثين وعكس تصوراتهم المسبقة؛ حيث تبين أن نحو 90 في المائة من الأمهات أو القائمات على التغذية، واللائي يعاني أولادهن من البدانة أو زيادة الوزن، كن قد أخبرن الأطفال بشكل واضح وصريح بألا يفرطوا في تناول الأطعمة الضارة. وكانت العبارات من قبيل: «يكفي قطعة واحدة فقط» و:«هل سوف تقوم حقا بالتهام القطعتين معا»، و:«لا تتناول هذه». وفي المقابل، كانت أمهات الأطفال الذين يتمتعون بالوزن المثالي يقمن باستخدام عبارات غير مباشرة ولا تمثل نهياً بشكل واضح، على غرار: «ما زلت لم تتناول الغداء أو العشاء بعد» بمعنى أنه لا يزال هناك وقت بإمكانك أن تتناول فيه المزيد ولكن ليس الآن.
وأشار الباحثون أن الأوامر المباشرة يمكن أن تكون ذات فائدة فيما يتعلق بالنظام أو النوم أو المذاكرة؛ حيث تكون هناك حدود معينة يجب ألا يتم تعديها، ولكن ليس في تناول الطعام؛ حيث تكون جميع الأصناف متاحة وبكميات كافية، وأيضا لا يمكن معرفة حد الشبع؛ حيث إن هذا الأمر يختلف من طفل إلى آخر.
وأوضح الباحثون أن الأمر يحتاج إلى كثير من الدراسات التي تتعلق بطريقة الحديث عن الطعام، خصوصا أن الأمهات في هذه التجربة كن على علم بموضوع التصوير، وهو الأمر الذي يمكن أن يغير من طريقة الخطاب الذي يتعاملن به مع أطفالهن، خصوصا في ظل معرفتهن بأخطار الطعام غير الصحي ونوعيته. وأيضا ينقص هذه التجربة أن جميع المشاركات فيها كن في المستوى الاجتماعي والاقتصادي نفسه، وهو المستوى المنخفض، وبالتالي من غير المعروف إذا ما كانت هذه النتائج تنطبق على الجميع.
- نصائح للآباء
كما نصح الدارسون الآباء بضرورة المتابعة لأحدث التوصيات الخاصة بالبدانة لدى الأطفال والمعلومات حول الوزن المثالي والطريقة التي يتم بها تقديم النصيحة الغذائية للطفل حسب عمره ومقدار النشاط الذي يقوم به، فضلا عن ضرورة أن يكون الغذاء متوازنا ويحتوي على الكربوهيدرات والدهون، ولكن بنسب معينة، حيث إن جسم الطفل في حالة نمو بشكل مستمر ويحتاج إلى جميع العناصر بخلاف ما يعتقد الآباء.
ونصح الباحثون الآباء بضرورة عدم توجيه اللوم أو العقاب للأطفال أو السخرية من زيادة وزنهم تجنبا للمشكلات النفسية التي يمكن أن تحدث نتيجة لذلك، والتي بدورها تؤدي إلى مزيد من زيادة الوزن، ويتطور الأمر إلى الأسوأ. ويجب على الآباء أن يكونوا مثالا يحتذى للأبناء فيما يتعلق بالوزن المناسب ونوعية الحياة الصحية وممارسة الرياضة باستمرار، وأيضا فيما يتعلق بالاختيارات الغذائية الصحيحة، وتجنب وضع الأطعمة الضارة من الأساس، بدلا من وضعها والطلب من الطفل بعد ذلك عدم تناولها، مما يجعل الطفل يشعر برغبة في تناولها مثل البالغين.
ويجب على الآباء أن يراقبوا الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشات المختلفة وتناول الوجبات الخفيفة التي يمكن أن تكون ضارة ويمكن إحلال بدائل صحية محلها.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
TT

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

يواجه معظم الأشخاص فيروس تضخم الخلايا (إتش سي إم في) أثناء الطفولة، وبعد العدوى الأولية يظل الفيروس في الجسم مدى الحياة، وعادة ما يكون كامناً.

بحلول سن الثمانين، سيكون لدى 9 من كل 10 أشخاص أجسام مضادة لفيروس تضخم الخلايا في دمائهم. ينتشر هذا الفيروس، وهو نوع من فيروس الهربس، عبر سوائل الجسم ولكن فقط عندما يكون الفيروس نشطاً.

وأظهرت الدراسة أنه في إحدى المجموعات، ربما وجد الفيروس ثغرة بيولوجية، حيث يمكنه البقاء نشطاً لفترة كافية ليمضي على «الطريق السريع» لمحور الأمعاء والدماغ، والمعروف رسمياً باسم «العصب المبهم» وعند وصوله إلى الدماغ، يكون للفيروس النشط القدرة على تفاقم الجهاز المناعي والمساهمة في تطور مرض ألزهايمر.

وأكد موقع «ساينس ألرت» أن هذا احتمال مثير للقلق، لكنه يعني أيضاً أن الأدوية المضادة للفيروسات قد تكون قادرة على منع بعض الأشخاص من الإصابة بمرض ألزهايمر، خصوصاً إذا تمكن الباحثون من تطوير اختبارات الدم للكشف السريع عن عدوى الفيروس المضخم للخلايا النشطة في الأمعاء.

في وقت سابق من هذا العام، أعلن بعض أعضاء الفريق من جامعة ولاية أريزونا عن وجود صلة بين نوع فرعي من الخلايا الدبقية الصغيرة المرتبطة بمرض ألزهايمر، والتي تسمى «سي دي 83+» بسبب غرائب ​​الخلية الجينية، وارتفاع مستويات الغلوبولين المناعي «جي 4» في القولون المستعرض؛ مما يشير إلى نوع من العدوى. وتعدّ الخلايا الدبقية الصغيرة هي الخلايا التي تقوم بمهمة التنظيف في جميع أنحاء الجهاز العصبي المركزي. فهي تبحث عن اللويحات والحطام والخلايا العصبية والمشابك الزائدة أو المكسورة، وتمضغها حيثما أمكن وتطلق الإنذارات عندما تصبح العدوى أو الضرر خارج نطاق السيطرة.

يقول بن ريدهيد، عالم الطب الحيوي والمؤلف الرئيسي من جامعة ولاية أريزونا: «نعتقد أننا وجدنا نوعاً فرعياً فريداً بيولوجياً من مرض ألزهايمر قد يؤثر على 25 إلى 45 في المائة من الأشخاص المصابين بهذا المرض». وتابع: «يتضمن هذا النوع الفرعي من مرض ألزهايمر لويحات الأميلويد المميزة وتشابكات (تاو) - وهي تشوهات دماغية مجهرية تستخدم للتشخيص - ويتميز بملف بيولوجي مميز للفيروس والأجسام المضادة والخلايا المناعية في الدماغ».

تمكن الباحثون من الوصول إلى مجموعة من أنسجة الأعضاء المتبرع بها، بما في ذلك القولون والعصب المبهم والدماغ والسائل النخاعي، من 101 متبرع بالجسم، 66 منهم مصابون بمرض ألزهايمر. ساعدهم هذا في دراسة كيفية تفاعل أنظمة الجسم مع مرض ألزهايمر، الذي غالباً ما يُنظر إليه من خلال عدسة عصبية بحتة.

وقد تتبع الباحثون وجود الأجسام المضادة لفيروس تضخم الخلايا من أمعاء المتبرعين إلى السائل الشوكي لديهم، وحتى أدمغتهم، بل واكتشفوا حتى الفيروس نفسه كامناً داخل الأعصاب المبهمة للمتبرعين. وظهرت الأنماط نفسها عندما كرروا الدراسة في مجموعة منفصلة ومستقلة. إذ وفَّرت نماذج خلايا الدماغ البشرية المزيد من الأدلة على تورط الفيروس، من خلال زيادة إنتاج بروتين الأميلويد والبروتين تاو الفوسفوري والمساهمة في تنكس الخلايا العصبية وموتها.

ومن المهم أن هذه الروابط لم يتم العثور عليها إلا في مجموعة فرعية صغيرة جداً من الأفراد المصابين بعدوى فيروس تضخم الخلايا المعوية المزمنة. ونظراً لأن الجميع تقريباً يتلامس مع فيروس تضخم الخلايا، فإن التعرض للفيروس ببساطة ليس دائماً سبباً للقلق.

يعمل ريدهيد وفريقه على تطوير اختبار دم من شأنه الكشف عن عدوى فيروس تضخم الخلايا المعوية حتى يمكن علاجها بمضادات الفيروسات، وربما منع المرضى من الإصابة بهذا النوع من مرض ألزهايمر.