«الهوت كوتير»... أزياء من الأحلام بأسعار أقرب إلى الخيال

القطاع الذي لا يخضع لقوانين العمل الفرنسية

من عرض «ديور» - من إبداعات المصمم الفرنسي ستيفان رولان لربيع وصيف 2018 - من عرض إيلي صعب الأخير
من عرض «ديور» - من إبداعات المصمم الفرنسي ستيفان رولان لربيع وصيف 2018 - من عرض إيلي صعب الأخير
TT

«الهوت كوتير»... أزياء من الأحلام بأسعار أقرب إلى الخيال

من عرض «ديور» - من إبداعات المصمم الفرنسي ستيفان رولان لربيع وصيف 2018 - من عرض إيلي صعب الأخير
من عرض «ديور» - من إبداعات المصمم الفرنسي ستيفان رولان لربيع وصيف 2018 - من عرض إيلي صعب الأخير

في الأشهر التي تسبق أسبوع «هوت كوتير» تتحول باريس إلى خلية نحل لا تخضع فيها صناعة الموضة إلى القوانين الفرنسية التي تحمي الموظفين من العمل لساعات طويلة تتعدى الـ35 ساعة في الأسبوع. في هذه الفترة، لا الحكومة الفرنسية ولا الأنامل الناعمة التي تسهر حتى ساعات متأخرة من الليل لإنهاء قطعة، تتذمر أو تفكر في الأمر. تتحول العملية هنا كما لو كانت مهمة وطنية تحافظ على صورة فرنسا الأنيقة ومكانتها. في دار «لوساج» المتخصصة بالتطريز مثلاً، تعكف عشرات النساء على ماكيناتهن وهن يطرزن قطعاً لـ«شانيل» أو «ديور» أو «جيامباتيستا فالي» وغيرها، تارة بالأحجار أو الترتر وتارة باللؤلؤ أو الريش. كل غرزة يقمن بها محسوبة بدقة وهي تدخل من جهة لتخرج من الجهة الثانية بخفة. ومع كل غُزرة تتضح رؤية المصمم والصورة التي رسمها على الورق أكثر وأكثر. وكلما وضحت معالمها زاد حماسهن ورغبتهن في إنهائها. يجب أن تكون، كما قال الراحل فرنسوا لوساج في إحدى مقابلاته السابقة مع «الشرق الأوسط»: «قابلة للارتداء من الوجهين... أي أن تبطينها يجب أن يوازي جمالها الخارجي، بحيث تجسد معنى الرقي من دون أن تكلف أو بهرجة حتى عندما تقطر بالتطريزات وتكون مغرقة بالبريق».
هذا العمل والتفاني والرغبة في التميز، هو ما يُبرر الأسعار التي تتكلفها كل قطعة، سواء كانت مجرد قميص أو كانت فستان سهرة. فالقميص قد يفوق سعره العشرة ألف دولار، بينما فستان سهرة قد يتعدى الـ200 ألف دولار حسب نوعية التطريز والقماش.
- معناها الحرفي بالفرنسية «الخياطة الرفيعة» التي تأخذ بعين الاعتبار وبدقة متناهية كل غُرزة وكل جزئية من أي قطعة تنضوي تحت هذا المسمى.
- أسس لهذا المفهوم خياط إنجليزي اسمه تشارلز فريدريك وورث أصبح يُعتَبَر الأب الروحي له. أسس مشغله في باريس في 1858، ووصل به عشقه لهذا المجال والخوف عليه أنه أسس ما أصبح يعرف حالياً بـ«لاشومبر سانديكال للهوت كوتير» حتى يحميها من الدخلاء. كان يريدها منذ البداية أن تكون عبارة عن قطع مصنوعة باليد ومفصلة على المقاس من أجمل الأقمشة وأكثرها فخامة. الآن فقط من توافق عليهم «لاشومبر سانديكال»، لهم الحق في أن يشاركوا في البرنامج الرسمي، كما أن لهم الحق القانوني في استعمال هذه الكلمة.
- يبدأ سعر القطعة البسيطة بنحو 10 آلاف يورو لتصل إلى المئات عندما يتعلق الأمر بفساتين السهرة أو الزفاف. ما يحدد السعر هو نوعية القماش، وكمّ التطريزات والساعات التي يستغرقها تنفيذها.
- زبونات هذا الجانب كن من الطبقات الأرستقراطية الأوروبية في بداية القرن الماضي. في منتصفه شمل الأميركيات وحديثات الثروة. وبقي الحال كذلك حتى دخول زبونات منطقة الشرق الأوسط في الستينات، اللواتي كان لهن الفضل ولا يزال في إنعاش هذا الجانب. لكنه ظل طوال القرن الماضي يقتصر على امرأة ناضجة ومقتدرة ماديّاً. الآن تغيرت الخريطة الشرائية وتوسعت لتشمل زبونات من بلدان وقارات جديدة، وأيضاً جيلاً جديداً من الشابات الصغيرات الأمر الذي انعكس على التصاميم.
- رغم دخول زبونات من البرازيل وروسيا وأذربيجان والصين وكوريا وغيرها هذا النادي، فإن الكل يعترف بأن زبونة الشرق الأوسط تبقى الأهم.
- لأن هذه القطع مفصلة على المقاس، فإنها تستدعي إجراء بروفات لا تقل عن ثلاث جلسات تقريباً. وبينما كانت الزبونة في الماضي تضطر لأن تحضر إلى باريس لإجرائها، فإن بيوت الأزياء حاليا تذهب إليها أينما كانت لنيل رضاها وترغيبها فيها أكثر.
- رغم انتعاش هذا القطاع ودخول كثير من المصممين وبيوت الأزياء إليه، فإن فرنسا تعتبر أن كلاً من «شانيل» و«ديور» مؤسسة قائمة بذاتها في هذا المجال. فهما مفخرتها ولا يمكن المساس بهما. «شانيل» مثلاً لا ترى أن دورها للحفاظ على هذا القطاع يقتصر على إبداع أزياء فريدة من نوعها، بل حمايته والحفاظ عليه ليبقى لأجيال قادمة. فالدار التي تأسست في عام 1915 في بياتريز وشهدت ازدهاراً على يد مصممها الفني كارل لاغرفيلد منذ أن دخلها في عام 1983، انتبهت إلى أن كثيراً من الورشات المتخصصة في مجالات متعددة، ولا يمكن أن تكتمل أية قطعة «هوت كوتير» من دونها، سواء كانت تطريزاً أو أزراراً أو ريشاً، بدأت إما تُفلس أو تتقلص أو تُغلق أبوابها، فما كان منها إلا أن اشترتها لتنضوي تحت أجنحتها. بيد أنها تحرص على بقائها مستقلة من ناحية أن لها مطلق الحرية في أن تتعامل مع باقي بيوت الأزياء الأخرى. من هذه الورشات نذكر مثلاً «لوساج» و«لومارييه» و«ميشيل» و«باريه» وغيرها.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.