فتيل أزمة عدن ينطفئ و«الشرعية» تمارس مهامها

إطلاق أسرى المواجهات وتسليم معسكرات... والعقيد المالكي ينفي مشاركة الطيران

عناصر من مقاتلي المجلس الانتقالي في عدن أمس (أ.ف.ب)
عناصر من مقاتلي المجلس الانتقالي في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

فتيل أزمة عدن ينطفئ و«الشرعية» تمارس مهامها

عناصر من مقاتلي المجلس الانتقالي في عدن أمس (أ.ف.ب)
عناصر من مقاتلي المجلس الانتقالي في عدن أمس (أ.ف.ب)

أدت جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية إلى إعادة استقرار مدينة عدن والبدء في تطبيع الأوضاع، وذلك بعد أن تمكن التحالف من نزع فتيل المواجهات المسلحة التي كانت قد اندلعت الأحد الماضي بين القوات الحكومية والموالين لما يعرف بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي».
ونفى المتحدث باسم قيادة التحالف العربي تركي المالكي، في تصريحات لقناة «الإخبارية» السعودية، ما أشيع عن قصف الطيران أي مواقع أو معسكرات في مدينة عدن، وقال إن التحالف «أكد إنهاء جميع المظاهر المسلحة في عدن».
وأفادت أمس مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن «رئيس مجلس الوزراء أحمد عبيد بن دغر وأعضاء حكومته موجودون في القصر الرئاسي بمنطقة معاشيق، وأنهم يمارسون أنشطة الحكومة المعتادة ويعملون مع قيادة التحالف على إنهاء جميع مظاهر التوتر العسكري في المدينة وإعادة الأمور إلى نصابها قبل اندلاع مواجهات الأحد».
وكانت الفصائل المسلحة الموالية لما يعرف بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي يقوده محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي خاضت اشتباكات مسلحة بدءا من يوم الأحد ضد ألوية «الحماية الرئاسية» في سياق تصعيد مناهض للحكومة الشرعية برئاسة بن دغر، وأسفرت المواجهات عن سيطرتها على عدد من المعسكرات والمواقع والمؤسسات الحكومية.
إلى ذلك أفاد المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، بأن الهدوء عاد إلى مدينة عدن بفضل الجهود التي قادها التحالف، وأن المسلحين التابعين لما يعرف بـ«المجلس الانتقالي» رضخوا للتهدئة وقاموا بتسليم المعسكرات والمقرات التي استولوا عليها.
في السياق نفسه، أفادت مصادر ميدانية في عدن بأن مسلحي «الانتقالي» سلموا مقر اللواء الرابع حماية رئاسية في حي دار سعد شمال عدن إلى قوات حكومية محايدة أخرى بقيادة حمدي شكري الصبيحي، وأعادوا الأسلحة التي كانوا استولوا عليها بعد سيطرتهم على اللواء، كما سلموا مقر اللواء الثالث حماية ومبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء والمجمع القضائي، ومواقع حكومية أخرى في حي خور مكسر لقوة عسكرية بقيادة لؤي الزامكي.
وأكدت المصادر أن جهود التحالف لاحتواء الأزمة في عدن قادت إلى إطلاق الأسرى من كل الأطراف. وكشفت عن أن «لجنة مؤلفة من عدد من العسكريين زارت معسكري النقل والصولبان ومواقع احتجاز أخرى، وتسلمت الأسرى من الطرفين على ذمة المواجهات وأطلقت سراحهم جميعا».
وعادت الحياة إلى المدينة، وتحسنت الحركة تدريجيا، وفتحت الطرقات المغلقة بعد ثلاثة أيام عصيبة قضاها المدنيون تحت رعب الاشتباكات التي أدت إلى مقتل 21 شخصا، بحسب وزارة الصحة اليمنية وعشرات الجرحى.
وتسربت أنباء عن استمرار الجهود التي يقودها التحالف، وقالت مصادر جنوبية قريبة من «المجلس الانتقالي الجنوبي» إن قيادة المجلس الذي يرأسه الزبيدي لديها مرونة في مطلب إقالة الحكومة، لكنها متمسكة بحصولها على حصة ضمن قوامها الحالي.
وتقول الحكومة إنها التزمت بالتهدئة ووقف إطلاق النار الذي دعا إليه التحالف، وهو الأمر الذي استغلته قوات «الانتقالي» لمواصلة التمرد واقتحام المعسكرات والمقرات الحكومية.
وفي سياق متصل بالأزمة، ألغت الخطوط الجوية اليمنية أمس رحلاتها المقررة لليوم الثالث على التوالي في سياق المخاوف الأمنية، لكنها عادت وأعلنت أنها ستستأنف الرحلات ابتداء من اليوم وفقا لما أوردته وكالة (سبأ) بنسختها الرسمية.
وعلى صعيد متصل بالأزمة نفسها أعلنت الأمم المتحدة، أمس، أن فرقها في عدن عجزت عن إيصال مساعدات إلى 40 ألف نازح كانوا فروا من معارك في غرب اليمن ليجدوا أنفسهم هذا الأسبوع عالقين في حرب أخرى.
وفي شأن أمني آخر، قال شهود في مدينة عتق، وهي مركز محافظة شبوة (جنوب شرق)، إن قوات ما يعرف بـ«النخبة الشبوانية» التي دربتها قوات التحالف كثفت انتشارها أمس في المدينة غداة الهجوم الانتحاري الذي شنه تنظيم القاعدة على حاجز أمني شرق المدينة وأدى إلى مقتل نحو 22 جنديا.
وأفادت المصادر بأن القوات انتشرت في شوارع المدينة وعلى مداخلها الرئيسة ونصبت نقاطا للتفتيش في سياق حملة أمنية يعتقد أنها لملاحقة مطلوبين على صلة بالتنظيم.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».