قوات النظام تتجه إلى طريق حلب ـ حمص

TT

قوات النظام تتجه إلى طريق حلب ـ حمص

أطلقت قوات النظام السوري وحلفاؤها عملية عسكرية جديدة في ريف إدلب الجنوبي أمس، انطلاقا من غرب بلدة أبو الضهور باتجاه منطقة سراقب، وحققت تقدما ميدانيا دفعها إلى مسافة تبعد 15 كيلومترا من طريق حلب - حمص الدولي، فيما استمرت المعارك بينها وبين فصائل المعارضة المسلّحة في ريف إدلب الشرقي، في وقت انسحب فيه هذا التصعيد على الغوطة الشرقية، التي كانت هدفا لعشرات الغارات الجوية.
واندلعت اشتباكات عنيفة صباح أمس الأربعاء بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة و«هيئة تحرير الشام» من جهة أخرى بريف إدلب الشرقي، حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن النظام «بدأ عملية عسكرية جديدة، من غرب بلدة أبو الضهور باتجاه منطقة سراقب». وقال إن هذه القوات «تقدمت في 11 قرية واقعة بين أبو الضهور وسراقب»، مؤكدا أن قوات النظام «باتت على بعد نحو 15 كيلومترا من بلدة سراقب التي تعد إحدى البلدات المهمة في الريف الشرقي لإدلب، والتي قد تتخذها قوات النظام في حال سيطرت عليها، قاعدة للانطلاق نحو عمق محافظة إدلب، التي يمر عبرها طريق حلب - دمشق الدولي»، لافتا إلى أن سراقب «تبعد نحو 11 كيلومترا عن بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يسيطر عليهما المسلحون الموالون للنظام ويقطنها مواطنون من الطائفة الشيعية في الريف الشمالي الشرقي لإدلب».
وترافق القتال مع قصف مدفعي وصاروخي وجوي مكثف، أطلقته قوات النظام على قرى وبلدات في الريف الشرقي لإدلب، بالتزامن مع قصف جوي من الطائرات الحربية والمروحية على محاور القتال ومناطق أخرى في ريف إدلب، واستهدف القصف الجوي عددا كبيرا من المدن والقرى الواقعة في ريف إدلب، أبرزها مدينة خان شيخون وبلدتا جرجناز وسراقب.
وتواصلت الاشتباكات العنيفة واستمرت على الريف الشرقي لإدلب، بالتزامن مع القصف المستمر على مناطق فيها. ونقل المرصد السوري عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، أن فصائل المعارضة «استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت إلى مناطق الاشتباك، تضم آليات ومقاتلين من الفصائل، بغية صد تقدم النظام ومنعه من الوصول إلى بلدة سراقب وطريق حلب - دمشق الدولي». وأضاف أن منطقة العمليات «تتعرض لقصف جوي مكثف من قبل الطائرات المروحية والحربية التي استهدفت تل السلطان وكفر عميم وخان السبل والبليصة وباريسا، فيما قصفت الطائرات بعشرات الغارات والبراميل عددا كبيرا من البلدات في الريفين الشرقي والجنوبي لمدينة إدلب».
إلى ذلك، تجدد القصف الجوي على مناطق مدن وبلدات الغوطة الشرقية، حيث شنّت الطائرات الحربية خمس غارات استهدفت مدينة عربين وأطرافها، بالتزامن مع غارة طالت مناطق في مدينة حرستا، كما استهدفت الطائرات الحربية المزارع الممتدة بين بلدة النشابية وبلدة حزرما في منطقة المرج، التي يسيطر عليها «جيش الإسلام»، فيما تعرضت منطقتا حوش الصالحية والأشعري إلى غارات جوية مماثلة، أدت إلى إصابة أربعة مدنيين.
ولم تسلم ضواحي العاصمة دمشق من القصف، وأفادت مواقع إلكترونية معارضة بسماع دوي انفجارات «ناجمة عن سقوط قذائف بالقرب من مطار دمشق الدولي، كما سقطت قذائف على مناطق في ضاحية الأسد، ما تسبب بوقوع أضرار مادية». وقالت المصادر نفسها، إن «انفجارات قوية هزت منطقة ضاحية الأسد التي تسيطر عليها قوات النظام، في شرق العاصمة دمشق، بالقرب من مدينة حرستا، ناجمة عن تجدد استهدافها بالقذائف من قبل فصائل المعارضة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم