هدوء نسبي في عدن... والداخلية تدعو «الانتقالي» إلى وقف النار

الحكومة اليمنية تنفي مغادرة أعضائها القصر الرئاسي وسيطرة المسلحين على محيطه في العاصمة المؤقتة

يمنيون أمام مبنى «البنك الأهلي اليمني» في عدن أمس (أ.ف.ب)
يمنيون أمام مبنى «البنك الأهلي اليمني» في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

هدوء نسبي في عدن... والداخلية تدعو «الانتقالي» إلى وقف النار

يمنيون أمام مبنى «البنك الأهلي اليمني» في عدن أمس (أ.ف.ب)
يمنيون أمام مبنى «البنك الأهلي اليمني» في عدن أمس (أ.ف.ب)

عمّ هدوء نسبي غالبية مناطق مدينة عدن اليمنية، وأكدت وزارة الداخلية عودة الأمور إلى طبيعتها، أمس، وذلك بعد ساعات على اقتحام القوات الموالية لما يعرف بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» المعسكرات الموالية للحكومة الشرعية.
وقالت وزارة الداخلية، على لسان مصدر وصفته بـ«المسؤول»، إن القوات العسكرية والأمنية التي كانت منتشرة في شوارع العاصمة المؤقتة عدن عادت إلى معسكراتها وثكناتها، كما أن الحياة باتت طبيعة في مختلف المديريات والمناطق التي شهدت توتراً بسبب انتشار القوات العسكرية، واختفت المظاهر المسلحة فيها.
وتابع المصدر أن «عودة جميع القوات العسكرية والأمنية إلى معسكراتها، وإيقاف إطلاق النار، جاء بتوجيهات من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وقيادة التحالف العربي الداعم للشرعية». وأضافت الوزارة، في سياق محاولتها طمأنة السكان، أن «الحياة تعود إلى مديريات عدن، وكل ما يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي من إشاعات لا يجب تصديقها، كونها تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار».
ونفى المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي مساء أمس ما راج عن مغادرة أعضاء الحكومة قصر المعاشيق الرئاسي في عدن. وقال بادي لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن قصر معاشيق ومحيطه ومعظم أحياء مدينة كريتر ما زالت تحت سيطرة اللواء الأول حماية الرئاسية، مفنداً بذلك الأنباء التي تحدثت عن سيطرة مسلحي ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي على محيطه وبوابته الخارجية. وأشار إلى أن اللواء الرابع حماية رئاسية تعرض لمباغتة غادرة بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء في مقر قوات التحالف وبتدخل مشكور من السعودية على وقف إطلاق النار يبدأ من الساعة السادسة ويعود كل طرف إلى الأماكن التي كان يوجد فيها قبل هذه الأحداث. وأضاف: «التزمت ألوية الحماية الرئاسية والمنطقة العسكرية الرابعة ووزارة الداخلية بما تم التوقيع عليه لكن للأسف ميليشيات المجلس الانتقالي هاجمت مقر اللواء الرابع حماية رئاسية واستخدمت فيه أسلحة نوعية حديثة لا نعلم من أين مصدرها وتمكنت في ظل هذه التهدئة من السيطرة عليه، وتواصلنا مع أشقائنا في التحالف العربي وتم انسحاب الميليشيات مساء».
إلى ذلك، كشف وزير الدولة في الحكومة اليمنية صلاح الصيادي أنه تجول عصر أمس في محيط القصر الرئاسي، وزار نقاطاً ومواقع للحماية الرئاسية، ووجد عناصرها ملتزمين بوقف إطلاق النار، وقال في حسابه على «فيسبوك» إن «الهدوء يسود عدن، وهناك عودة تدريجية للحياة والنشاط المعتاد، والحكومة مستمرة بعقد اجتماعاتها ونشاطاتها من مقرها في قصر (معاشيق)».
وبخلاف ذلك الهدوء، استثني الصيادي «ما يحدث بدار سعد من اشتباكات وقتل بالهوية»، مؤكداً أن «الحكومة تبذل جهودها لإيقاف ذلك».
وجاءت الدعوات إلى الهدوء بعد تجدد المواجهات المسلحة في عدن، وسيطرة القوات الموالية لما يعرف بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» على المدينة، بعد اقتحام المعسكرات الموالية للحكومة الشرعية.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر، قد رفضا أول من أمس التصعيد المسلح لـ«الانتقالي الجنوبي»، وعداه «انقلاباً على الشرعية»، فيما جدد الرئيس هادي الدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري، وانسحاب القوات إلى ثكناتها، استجابة لدعوة التهدئة التي أطلقها التحالف العربي.
وأفادت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية أمس بأن «الأحداث التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن خلال اليومين الماضيين خلفت 21 قتيلاً و290 جريحاً». ونقلت وكالة الأنباء الحكومية «سبأ» عن وكيل وزارة الصحة العامة والسكان الدكتور جلال باعوضة قوله إن غالبية حالات الجرحی التي استقبلتها المستشفيات عدن العامة والخاصة ومنظمة أطباء بلا حدود في حالات حرجة مما يعني احتمالية ارتفاع عدد القتلى.
بدورها، أعلنت المنظمة الإنسانية الدولية «سيف ذا تشيلدرن»، التي تعنى بحماية الأطفال، أنها أوقفت عملياتها الإنسانية في عدن حرصا على سلامة فريق عملها. وقال مدير المنظمة تامر كيرللس: «اضطر فريقنا إلى الاحتماء في المنازل والملاجئ فيما المعارك محتدمة في الخارج». وأضاف المتحدث أن الأطفال «يموتون يوميا لأسباب يمكن الوقاية منها»، كالجوع والكوليرا والمرض. وأضاف: «لقد كانت عدن محيّدة نسبيا عن المعارك في اليمن»، ولكن الوضع تغير الآن، متسائلا: «كم من طفل بريء بعدُ يجب أن يقضي لكي يهتم العالم؟».
وقال مصدر حكومي موجود في القصر الرئاسي، مع رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر وعدد من الوزراء، لـ«الشرق الأوسط» إن ألوية الحماية الرئاسية والقوات الموالية للحكومة التزمت التهدئة ووقف إطلاق النار، الذي دعا إليه الرئيس هادي، في حين استغلت قوات «المجلس الانتقالي» هذا القرار، وواصلت التصعيد المسلح ضد المعسكرات والمقرات الحكومية.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن رئيس الحكومة بن دغر مع عدد من الوزراء، بينهم وزير الداخلية أحمد الميسري، موجودون في القصر الرئاسي داخل معاشيق.
وأفاد سكان وشهود في المدينة الجنوبية، التي اتخذتها الحكومة عاصمة مؤقتة بعد سيطرة الميليشيات الحوثية على صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات «الحزام الأمني» ومسلحي الفصائل الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي كثفوا هجماتهم على معسكرات القوات الحكومية في أحياء كريتر وخور مكسر والمنصورة ودار سعد، ليل الاثنين وصباح أمس (الثلاثاء)، مما أدى إلى إحكام المهاجمين السيطرة على كل أرجاء المدينة.
وفرضت قوات «المجلس الانتقالي» حراساً يتبعونها على مقر البنك المركزي اليمني والمواقع الحكومية الأخرى، وشوهد المئات من أنصارهم في الشوارع منذ فجر الأمس ابتهاجاً بما وصفوه بـ«النصر»، على حد تعبيرهم.
وتوقفت أمس المصالح الحكومية عن العمل في المدينة، وألغت الخطوط الجوية اليمنية عدة رحلات كانت مقررة من مطار عدن الدولي، في إطار سعيها لتحقيق مبدأ السلامة، في حين أدت الاشتباكات إلى ترويع المدنيين الذين لزموا منازلهم في أثناء الاشتباكات.
وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، رفض الحكومة «استخدام السلاح لتحقيق أغراض سياسية». وقال المخلافي، خلال لقائه نظيره الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح، في الكويت، إن الحكومة اليمنية ترفض الدعوات لاستخدام السلاح لتحقيق أغراض سياسية، مشيرا إلى أن «مثل هذا السلوك يوصل صاحبه إلى طريق مسدود، ولا يسهم في بناء الدول بقدر ما يساعد على الهدم، ويحرف مسار المعركة الحقيقية مع الانقلابيين الحوثيين باعتبارهم الذراع الإيرانية التي تستهدف اليمن والمنطقة، كما يضعف جهود استعادة الدولة والأمن والاستقرار وجهود التحالف العربي لدعم الشرعية والحفاظ عليها».
من جهته، عبّر نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي عن وقوف الكويت إلى جانب الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، ورفض الكويت أي تكتلات أو جماعات خارجة عن الدولة الشرعية. وأكد أن دولة الكويت وعبر عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي للعامين 2018 و2019 ستواصل مساعيها في دعم اليمن والمساهمة في رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني والتوصل إلى حل سلمي يعيد الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2016. وشدد الصباح على التنسيق الكامل بين البعثتين الدبلوماسيتين للبلدين في الأمم المتحدة وفِي مختلف المحافل، وأن الكويت ستعمل على إيصال الصورة الحقيقية إلى مجلس الأمن، مؤكداً التزام الكويت بأمن واستقرار ووحدة اليمن وسلامة أراضيه، والتزامها في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية بكل ما يحقق لليمن الخير والاستقرار والسلام الذي سينعكس بالخير لأشقائهم في مجلس التعاون الخليجي، باعتبار أن أمن اليمن جزء من أمن الخليج العربي.
وحذر مراقبون سياسيون من أن التطورات الميدانية الأخيرة في مدنية عدن قد تمهد لبداية منعطف جديد في الأزمة اليمنية المعقدة، وتكشف عن وجود قوة جديدة على الأرض يمثلها «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الذي يقوده محافظ عدن السابق القيادي في الحراك الجنوبي، عيدروس الزبيدي. ويقول مسؤولون في الحكومة الشرعية إن «غاية قادة المجلس من تمردهم على الشرعية الحصول على تمثيل كبير في المناصب الحكومية، وليس محاربة الفساد كما يدعون»، في حين يقول هؤلاء القادة في تصريحاتهم إن الغرض من تحركهم هو «إسقاط حكومة بن دغر، وليس شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي».
ورفع أنصار «المجلس الانتقالي» أعلام الدولة الجنوبية السابقة على كل المعسكرات والمرافق الحكومية التي استولوا عليها أمس، إلا أنهم فضلوا الإبقاء على الصور المرفوعة على واجهات المباني والمقرات الحكومية للرئيس هادي، ما يشي بأنهم موافقون على بقائه المرحلي رئيساً للشرعية اليمنية التي تواجه الانقلاب الحوثي في الشمال، بدعم من قوات التحالف العربي.
وذكرت مصادر إعلامية قريبة من «المجلس الانتقالي»، أمس، أن قوة كبيرة تابعة للتيار السلفي الجنوبي، بقيادة هاني بن بريك، انسحبت في وقت سابق من جبهة الساحل الغربي لليمن، ووصلت إلى شمال عدن، بناء على تفاهم مع التحالف العربي والرئيس هادي، لتولي السيطرة على المعسكرات التي استولت عليها فصائل «الانتقالي الجنوبي»، باعتبارها قوة محايدة.
وكان «الانتقالي الجنوبي» قد أمهل الرئيس هادي أسبوعاً لإقالة الحكومة، قبل أن يلجأ للتصعيد العسكري الأخير، وعبر في بيان له عن رفضه لأي وجود عسكري أو سياسي لأبناء المناطق الشمالية، بمن فيهم النواب والوزراء، إلا أنه قال إنه ملتزم بالشراكة مع التحالف العربي، ضمن المعركة التي تستهدف تحرير الشمال من قبضة الميليشيات الحوثية الانقلابية.
وقاد محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، مع قادة آخرين، تحركات حثيثة منذ إقالته من منصبه قبل أشهر، لجهة تنظيم الموالين له في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، وترتيب صفوفهم في تشكيل جديد يوازي الأجهزة والمؤسسات الحكومية القائمة، وهو ما أعلن عنه تحت اسم «المجلس الانتقالي الجنوبي».
وأفادت وزارة الصحة اليمنية أمس بأن حصيلة المواجهات الأخيرة بلغت 21 قتيلاً. بدورها، أعلنت المنظمة الإنسانية الدولية «سيف ذا تشيلدرن»، التي تعنى بحماية الأطفال، أنها أوقفت عملياتها الإنسانية في عدن حرصا على سلامة فريق عملها. وقال مدير المنظمة تامر كيرللس: «اضطر فريقنا إلى الاحتماء في المنازل والملاجئ فيما المعارك محتدمة في الخارج». وأضاف المتحدث أن الأطفال «يموتون يوميا لأسباب يمكن الوقاية منها»، كالجوع والكوليرا والمرض. وأضاف: «لقد كانت عدن محيّدة نسبيا عن المعارك في اليمن»، ولكن الوضع تغير الآن، متسائلا: «كم من طفل بريء بعدُ يجب أن يقضي لكي يهتم العالم؟».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.