السلطة إلى مجلس الأمن لطلب دولة كاملة العضوية

مسؤول فلسطيني: واشنطن تروج لشخوص بديلة

TT

السلطة إلى مجلس الأمن لطلب دولة كاملة العضوية

اتهم مسؤول أمني فلسطيني الولايات المتحدة الأميركية بالعمل على خلق قيادة فلسطينية بديلة، ردا على الموقف الفلسطيني الرافض لبقاء الولايات المتحدة راعية للعملية السياسية إثر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وقال المفوض السياسي العام، والناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية اللواء عدنان ضميري: «الولايات المتحدة بدأت عمليا بسلسلة خطوات لإضعاف القيادة الفلسطينية، وتسعى الآن لترويج شخوص بديلة، وتفعيل جهات وأدوات مأجورة للإساءة للقيادة والتحريض عليها».
وأضاف أثناء زيارة مؤسسات أمنية، أن «التحديات بدأت تتضح أكثر (..) بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، ووقوف القيادة والشعب الفلسطيني بصلابة ووضوح ضد القرار، وحشد معارضة دولية رسمية وشعبية لإعلان ترمب».
ولم يسم اللواء الضميري أسماء، بعينها لكن مصادر فلسطينية قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن جميع الذين يتواصلون مع واشنطن وكذلك مع إسرائيل من أجل حجز مكان لهم في المستقبل معروفون لدى قيادة السلطة.
وقالت المصادر إن محاولات إيجاد قيادة بديلة ليست جديدة لكنها أصبحت الآن ملحة كما يبدو. وأكدت أن العمل يجري بشكل متواز بين الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل تهيئة قيادة بديلة.
وبحسب المصادر فإن مسؤولين أميركيين وكذلك إسرائيليين التقوا أكاديميين ورجال أعمال وشخصيات من أجل بحث مستقبل ما بعد عباس.
وليس سرا أن المسؤولين الإسرائيليين بدأوا منذ عام سياسة جديدة تقوم على التعاون مع شخصيات فلسطينية للتباحث في شؤون المنطقة. وقبل شهور قليلة التقى رجال وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بشخصيات فلسطينية عدة مرات، ضمن خطته المثيرة للجدل «العصا والجزرة» التي تقوم على خلق مسار تواصل مع الفلسطينيين يتجاوز به الرئيس الفلسطيني، ويتضمن مكافآت اقتصادية للمناطق التي تلتزم بالأمن، وعقوبات على تلك التي يخرج منها منفذو عمليات.
وكانت الوزارة الإسرائيلية التي يرأسها ليبرمان، وضعت سلفا قائمة تضم أسماء شخصيات فاعلة في السلطة الفلسطينية، أكاديميين، ورجال أعمال ورجال دين، رغبة منها في إجراء حوار مباشر معهم بعيدا عن القيادة السياسية.
وزعم ليبرمان نفسه قبل أيام قليلة فقط، أن أوساط رأس المال الفلسطيني، تدعو إسرائيل لإزاحة الرئيس الفلسطيني أنه «عقبة أمام السلام، وأمام النهوض في الاقتصاد الفلسطيني». وتصريح ليبرمان جاء في وقت أعلن فيه مسؤولون آخرون أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية، تناقش سيناريوهات ما بعد عباس.
وشارك مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب لعملية السلام جيسون غرينبلات في لقاءات من هذا النوع، إذ التقى في أوقات متباعدة شخصيات فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة. وتدعم واشنطن شخصيات فلسطينية في العلن كما يقول ناشطون فلسطينيون. وقالت المصادر إنهم يدفعون إلى العلن شخصيات فلسطينية أصبحت معروفة للجميع.
وتراهن أوساط الرئيس الفلسطيني على أن هذه المحاولات ستفشل مثلما فشلت محاولات سابقة كثيرة. ويقول مسؤولون فلسطينيون إن الإسرائيليين والأميركيين لن يجدوا «قوات لحد» هنا أو أي شخص مستعد للتنازل عن القدس.
وتوترت العلاقة بين السلطة وواشنطن بعد اعتراف ترمب بالقدس وتفاقم التوتر بعد رفض عباس لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، ثم دخل الطرفان في مواجهة في مجلس الأمن والأمم المتحدة، قبل أن يصعد عباس ويشن هجوما على واشنطن ويعلن أنها لن تكون وسيطا لأي عملية سياسية، ويرد ترمب بالتهديد بعقوبات ويبحث عباس عن آلية دولية جديدة.
واتهم المفوض السياسي العام، الولايات المتحدة بأنها تحولت إلى شريك للاحتلال في العدوان على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.
وتوقع مزيدا من الضغوط عبر تقليص وحجب مساعدات مالية، وتصعيد القمع وتسريع الاستيطان وتكثيف الاعتداءات خاصة بحق مدينة القدس، «بالإضافة إلى إثارة الفتن وخلط الأوراق عبر ماكينة التضليل والتحريض الإعلامية للنيل من صلابة موقف القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس».
وقال ضميري «إن القيادة ستواصل مواجهة القرار الأميركي الأخير، بالتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات وأحرار العالم، وإن التهديدات لن تزيدها إلا صلابة وتمسكا بحقوقنا الوطنية».
ويسعى الرئيس الفلسطيني الآن لاستبدال الولايات المتحدة كراعٍ وحيد للعملية السياسية، بآلية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة.
وهذا التوجه جاء ضمن قرارات المجلس المركزي الفلسطيني وهو أعلى هيئة تشريعية فلسطينية في حالة انعقاده، والتي نصت كذلك على تعليق الاعتراف بإسرائيل وتحويل السلطة إلى دولة ومواصلة الانضمام إلى المؤسسات الدولية.
وأعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أمس، عن عزم السلطة الفلسطينية التوجه إلى مجلس الأمن الدولي الشهر المقبل لطلب تفعيل حصول فلسطين على العضوية الكاملة.
وقال المالكي للإذاعة الرسمية، إنه سيتم تفعيل الطلب الفلسطيني الذي سبق تقديمه عام 2011، بخصوص حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وأضاف: «سيتم كذلك تقديم طلب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وكذلك لتجديد التزام مجلس الأمن الدولي بتنفيذ القرار 2334 حول مناهضة الاستيطان الإسرائيلي والمطالبة بوقفه».
ويفترض أن ترأس الكويت دورة مجلس الأمن الشهر المقبل، التي تتضمن اجتماعا مغلقا لمناقشة أوضاع الشرق الأوسط في الـ20 من الشهر المقبل، يليه اجتماع تقني في 23 من الشهر المقبل في مجلس الأمن مرتبط بتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بما فيها الأراضي الفلسطينية بمشاركة شخصيات دولية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.