كولومبيا توفر دروس الإسبانية للدبلوماسيين في الإمارات

TT

كولومبيا توفر دروس الإسبانية للدبلوماسيين في الإمارات

لا تزال اللغة تمثل الجسر الذي يعزز ويدعم أواصر الصداقة بين الدول المتباعدة التي تربطها صلات ثقافية عميقة. الدليل على ذلك هو توقيع حكومة كل من كولومبيا والإمارات العربية المتحدة على إحدى الاتفاقيات الأولى المتعلقة بتعليم الإسبانية بعد زيارة خوان سانتوس، الرئيس الكولومبي للبلاد. طبقاً للاتفاقية سوف يلتحق 60 مسؤولاً حكومياً وموظفاً في السلك الدبلوماسي على الأقل بصفوف لتعلم اللغة الإسبانية لمدة أربعة أشهر للحصول على المعرفة الأساسية بإحدى اللغات الأكثر تحدثاً على مستوى العالم.
بدوره، أوضح سانتياغو جارا، مدير الشؤون الاستشارية لوزارة الخارجية الكولومبية، في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط»، أن تعليم اللغة الإسبانية جزء من استراتيجية حكومة كولومبيا، التي تم وضعها عام 2013 من أجل الترويج للدولة الواقعة في أميركا الجنوبية كوجهة لتعلم اللغة. يقول بعض الخبراء إن اللغة الإسبانية، التي يتم تحدثها في كولومبيا، هي الأكثر نقاء وثراء من حيث المفردات، ويتم نطقها بطريقة جميلة، رغم أنها اللغة الرسمية لإسبانيا، ولأكثر دول أميركا اللاتينية باستثناء البرازيل التي يتم تحدث البرتغالية بها. يقول جارا: «وجد معهد (كارو وكويرفو) المؤسسة الكولومبية للغويات، أن الإسبانية في كولومبيا في أفضل أشكالها، لذا هي الأكثر قدرة على تعليم الإسبانية كلغة أجنبية». وأضاف قائلاً: «إنها وسيلة مفيدة جداً للتواصل مع دول تعد شركاء جدداً في السياسة الخارجية بما فيها غانا، وفيتنام، وأذربيجان، وكازاخستان».
من المقرر أن تبدأ صفوف تعليم اللغة الإسبانية في الإمارات خلال الأشهر المقبلة. وسوف يكون أساس تلك الدورات الدراسية هو ممارسة اللغة بغرض التمكن من إجادتها تحدثاً وقراءة، وكتابة، واستماعاً.
يتجاوز البرنامج مجرد تعليم اللغة الإسبانية، فهو يمثل مبادرة مثيرة للاهتمام للجامعات الكولومبية، حيث ترسل تلك الجامعات معلمين للغة الإسبانية لتدريب الدبلوماسيين، مما يوفر فرصة للحصول على معرفة بالعالم العربي وثقافته. يعلق الأستاذ نيلسون من جامعة شمال كولومبيا، الذي كان معلماً مسؤولاً عن تعليم اللغة الإسبانية في عام 2017 للدبلوماسيين ومسؤولي الحكومة في دولة غيانا، وهي دولة صغيرة في أميركا الجنوبية تتحدث الإنجليزية، قائلاً: «نستهدف تزويد الطلبة بوسائل التواصل الضرورية لفهم وتقدير التجليات الاجتماعية والثقافية للثقافة الكولومبية». كذلك يوضح نيلسون لـ«الشرق الأوسط» أن الدورات الدراسية لا تقتصر فحسب على تعليم اللغة، بل هي فرصة ثرية للتبادل الثقافي لأن بدء تعليم لغة جديدة يفتح باب ثقافة جديدة. ويرى نيلسون أن عمله كمعلم أتاح له التعرف على ناس من ثقافات مختلفة يحترمون ما تعلموه، ويبدون اهتماماً بالثقافة التي ينتمي إليها، وكذلك يتيح هذا العمل السفر إلى أماكن جديدة، والاطلاع على ثقافتها وطعامها، وموسيقاها.
ويعد التبادل الثقافي إحدى الفرص العظيمة، التي يقدمها هذا النوع من البرامج، حيث يوضح الأستاذ نيلسون أن الصفوف الدراسية أفضل فرصة لإظهار جمال وتعقيد كولومبيا، البلد الذي يمر بواحد من أكثر الصراعات الداخلية شراسة، بل ويعد الأطول في النصف الغربي من الكرة الأرضية.
يوضح برنامج التبادل، بحسب ما يقول نيلسون، أن «السعادة التي تقدمها دولتنا رغم الصعوبات على جميع المستويات، هي الإرث المتمثل في التعددية الثقافية، التي تركها لنا أجدادنا من السود، والهنود، والأسبان، من خلال الأدب؛ إنها الصور الفوتوغرافية، والأدوات السمعية والبصرية التي تساعد في معرفة هويتنا الثقافية، والتعلم من الناس والفرق والأعراق والأماكن الفريدة على مستوى العالم».
يذكر أن بحسب معهد «ثربانتس» الإسباني، الذي يعد مسؤولاً عن نشر وتعليم اللغة الإسبانية في العالم، يبلغ عدد متحدثي اللغة الإسبانية في العالم 572 مليون شخص، أي أن 7.8 في المائة من سكان الكرة الأرضية يمكنهم التواصل باستخدام هذه اللغة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».