حرب تجارية تتشكل في الأفق مع تهديد ترمب بالانتقام من أوروبا

قال إن سياسات التكتل «غير منصفة»... والاتحاد الأوروبي مستعد للرد سريعاً

حرب تجارية تتشكل في الأفق مع تهديد ترمب بالانتقام من أوروبا
TT

حرب تجارية تتشكل في الأفق مع تهديد ترمب بالانتقام من أوروبا

حرب تجارية تتشكل في الأفق مع تهديد ترمب بالانتقام من أوروبا

بعد ساعات قليلة من تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإمكانية اتخاذ «إجراءات انتقامية» ضد التكتل الأوروبي، بعدما وصف سياسته التجارية مع بلاده بأنها «غير منصفة إطلاقاً»، سارع الاتحاد الأوروبي بالرد بقوة، قائلاً إنه «مستعد للرد بسرعة وبشكل مناسب» إذا فرضت الولايات المتحدة إجراءات تقييدية على صادرات الاتحاد.
وأشار ترمب في حديث مع محطة «آي تي في» البريطانية جرى بثه مساء أول من أمس، إلى «الصعوبات التي تواجهها بلاده من أجل إدخال بضائعها إلى دول التكتل»، بينما يصدر هذا الأخير منتجاته «دون ضرائب» أو «بضرائب محدودة جداً» إلى الولايات المتحدة، قائلاً: «إنه وضع غير منصف إطلاقاً».
وتابع في المقابلة التي أجريت على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: «لديّ الكثير من المشكلات مع الاتحاد الأوروبي، وقد تتحول إلى مسألة كبيرة من وجهة النظر التجارية».
وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أمس، إلى أن ترمب لطالما رفض الترتيبات التجارية العالمية، واعتبرها بمثابة تمييز ضد الولايات المتحدة، وهدد باتخاذ خطوات أثارت القلق في جميع أنحاء العالم حول انتهاج سياسة تجارية حمائية، وإمكانية اندلاع حرب التجارة العالمية. موضحة أنه توعد باتخاذ إجراءات ضد «شركاء أميركا التجاريين»، مما يشير هذه المرة إلى خطوات انتقامية رئيسية ضد الاتحاد الأوروبي، بعد أن وصف السياسة التجارية للاتحاد بأنها «مجحفة للغاية» تجاه الولايات المتحدة.
وقبل تولي ترمب الرئاسة، كانت المباحثات تدور بين الاتحاد الأوروبي وأميركا لتفعيل اتفاق تجاري من شأنه أن يدرّ أرباحاً على الجانبين بنحو 100 مليار دولار سنوياً، ولكن تلك المحادثات توقفت مع تولي ترمب.
ويطالب ترمب بفرض تطبيق القواعد التجارية بشكل أكثر صرامة، ووقّع الأسبوع الماضي قانوناً يفرض تعريفات جمركية بنسبة 30% على الألواح الشمسية التي يتم استيرادها، وذلك ضمن أول قيود تجارية تفرضها الإدارة الأميركية من جانب واحد في إطار برنامج أوسع للحماية التجارية.
وفي رد فعل عاجل، قال الناطق باسم المفوض الأوروبي مارغاريتيس شيناس، في المؤتمر الصحافي اليومي للمفوضية في بروكسل، أمس، إن الاتحاد «مستعدّ للرد بسرعة وبشكل مناسب في حال تأثرت صادراته بإجراءات تقييدية من قبل الولايات المتحدة».
وأضاف شيناس أن «السياسة التجارية ليست لعبة يكون فيها رابحون وخاسرون. نحن هنا في الاتحاد الأوروبي، نؤمن بأن التجارة يمكن ويجب أن تكون مربحة للجميع»، وقال: «نعتقد أيضاً أن التجارة يجب أن تكون مفتوحة ومنصفة وترتكز على قواعد».
ويتهم ترمب، الذي شدد في برنامجه الانتخابي على الشعارات الحمائية، والدعوات لحماية العمال والمؤسسات الأميركية، باستمرار، دولاً أخرى من بينها الصين، بممارسات تجارية غير عادلة، مع أنها الشريك التجاري الأساسي لبلاده.
وفرضت الإدارة الأميركية الأسبوع الماضي «رسوماً حمائية» على ألواح الطاقة الشمسية المستوردة من الصين، وأيضاً الغسالات الكبيرة المصنّعة في هذا البلد وفي كوريا الجنوبية والمكسيك وتايلاند وفيتنام. وفي أوروبا، يتواجه ترمب مع ألمانيا التي يعد فائضها التجاري إزاء بلاده مفرطاً. وهدد خصوصاً بفرض رسوم جمركية للحد من عدم التوازن.
ويُذكر أن معهد الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي «يوروستات»، أشار في تقديرات له مطلع العام الماضي إلى أن حجم التبادل التجاري بين الاتحاد والولايات المتحدة الأميركية، انخفض خلال عام 2016 للمرة الأولى منذ 2013، حيث انخفضت صادرات الاتحاد الأوروبي من السلع للولايات المتحدة، بمعدل 2% في 2016، مقارنةً مع العام السابق، بينما تراجعت الواردات 1%.
وأشارت الأرقام الرسمية إلى أن أوروبا استوردت بضائع أميركية في عام بقيمة نحو 304 مليارات دولار، بينما صدرت للولايات المتحدة بنحو 448 ملياراً.
ورغم أن الولايات المتحدة الأميركية تظل إلى حد كبير الشريك التجاري الرئيسي للاتحاد الأوروبي، إذ تمثل ما يربو على 20% من جميع صادرات الاتحاد، ونحو 15% من وارداته، فإن انخفاض عام 2016 وضع نهاية لاتجاه تعزيز التجارة بين الجانبين، خصوصاً مع تجميد التوجهات لتفعيل اتفاقية تجارية طموحة بين الجانبين.
ويوم الجمعة الماضي، صرح ترمب بأن «جميع دول العالم تستغلّ بلاده؛ وليست الصين واليابان فقط»، مشيراً إلى أنه يبحث عن علاقة تجارية متبادلة وعادلة بين دول العالم. وأشار إلى أنه من غير العادل أن تتكلف بلاده أموالاً طائلة مع استقبال منتجات الدول الأخرى، في الوقت الذي تصعّب فيه هذه الدول وصول السلع الأميركية إليها. وكثيراً ما انتقد ترمب الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف، وقال إنه يفضل
«الصفقات الثنائية»، معرباً عن قلقه إزاء العجز التجاري للولايات المتحدة مع الدول الأخرى.
وحول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال ترمب لمحطة «آي تي في» إنه كان سيبدي موقفاً «أكثر حزماً» من رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في مفاوضات «بريكست» مع بروكسل. وعند سؤاله حول ما إذا كان يرى ماي في «موقع جيد» في هذه المفاوضات، أجاب: «ما كنت تفاوضت بهذه الطريقة»، وأضاف: «كنت سأعتمد موقفاً مختلفاً... وأقول إن أداء الاتحاد الأوروبي وضعه ليس بالمستوى المفترض، وكنت سأتبنى موقفاً أكثر تشدداً حول الانسحاب» من التكتل.
وكان قطب الأعمال الأميركي البارز قد اعتبر في يناير (كانون الثاني) 2017، أن بريطانيا «محقة تماماً» في الخروج من الاتحاد الذي تسيطر عليه ألمانيا، حسب رأيه، موضحاً أن «بريكست» سيحقق «نجاحاً» وأن التكتل سيواصل التفكك.
وتأتي تصريحات ترمب حول «بريكست» في الوقت الذي يتساءل فيه المشككون في أوروبا من المحافظين عن رغبة ماي فعلاً في قطع الجسور مع الاتحاد الأوروبي بعد موعد «بريكست» المقرر في أواخر مارس (آذار) 2019.
وحاول ترمب وماي خلال لقاء ثنائي بينهما على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الخميس الماضي، إعادة «العلاقة الخاصة» بين بلديهما إلى مسارها، بعد سلسلة من الخلافات منذ تولي ترمب مهامه الرئاسية.
وأكد ترمب في المقابلة، أن الولايات المتحدة ستصبح «الشريك التجاري الكبير» لبريطانيا بعد المرحلة الانتقالية التي تستمر نحو عامين إثر خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.
وتابع أن ماي دعته لزيارة بريطانيا مرتين هذا العام؛ الأولى زيارة عمل، والثانية زيارة دولة تشمل عدة مراسم رسمية من بينها استقباله من قبل الملكة إليزابيث الثانية.



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.