بيوت الشعر تتكاثر في الخليج

صحوة أم عودة طبيعية إلى ديوان العرب؟

عبدالله الفيلكاوي  -  طلال الرميضي  -  عبد الله البريكي
عبدالله الفيلكاوي - طلال الرميضي - عبد الله البريكي
TT

بيوت الشعر تتكاثر في الخليج

عبدالله الفيلكاوي  -  طلال الرميضي  -  عبد الله البريكي
عبدالله الفيلكاوي - طلال الرميضي - عبد الله البريكي

يبدو أن الرأي الذي نسبوه إلى الناقد جابر عصفور القائل: «أصبحت الرواية ديوان العرب»، أيقظ الشعراء فتحركوا بشكل فعلي على أرض الواقع فأسسوا ما أطلقوا عليه «بيت الشعر». وهذه الظاهرة انتشرت في أكثر من دولة خليجية، وفي العديد من أقطار الوطن العربي، وأحدثها في دولة الكويت حين أعلنت قبل أيام مجموعة من الشعراء عن تأسيس بيتٍ للشعر في رابطة الأدباء يترأسه الشاعر عبد الله الفيلكاوي.
بيوت الشعر وظيفتها الأساسية إبقاء الشعر متوهجاً من خلال أمسيات منتظمة وندوات، وقد دخلت «الشرق الأوسط» بيتين من بيوت الشعر، أحدهما في الكويت والآخر في الإمارات، ورصدت آراء القائمين عليهما.
الشاعر عبد الله الفيلكاوي من بيت الشعر الكويتي، يرى أنه في كل عواصم الوطن العربي هناك بيت للشعر، وبالتالي فهذا «البيت» يعبر عن وجدان هذه العاصمة العربية ويتفاعل مع قضاياها وعلاقتها بالوطن العربي، ويضيف: «حرصاً من رابطة الأدباء على كنوزنا الأدبية والشعرية أسسنا بيت الشعر الكويتي، الذي يضم كوكبة من الشعراء الكويتيين والمقيمين الذين يصنعون وجدان المجتمع ويتفاعلون معه، وهذا هو هدفنا الذي ننطلق منه، حيث إن الشعراء هم رُسُلُ الجمال وصنّاع الوجدان، وبمعادلة بسيطة نقول: إذا أردت تغيّر أفعال شعبٍ ما فغيّر مشاعرهم، وإذا أردت تغيّر مشاعرهم فاصنع وجدانهم».
وعن الرؤية التي يتطلعون إلى تحقيقها في بيت الشعر يقول الفيلكاوي: «رؤيتنا التي نتطلع إلى تحقيقها هي صناعة نهضة عربية في الشعر تكون انطلاقتها من الكويت، وسبيلنا لتحقيق ذلك أننا سوف نتيح لكل أشكال الشعر العربي ومدارسه، لتتحاور فيما بينها، ويستمع كل فريقٍ لإنتاج الفريق الآخر، ويتبادلوا النقد والخبرات منتجين من هذا التلاحق حركة نهضة جديدة في الأدب العربي والشعري».
ربط القديم بالمعاصر
رابطة الأدباء الكويتيين هي الوعاء الذي احتضن هذا البيت، وعن ذلك يقول أمين عام الرابطة طلال سعد الرميضي: «ما زالت للشعر مكانته الكبرى، وإن كان العرب الأوائل يعتزون بشعرائهم فنحن في رابطة الأدباء الكويتيين نفتخر بهم ونجلّهم كثيراً، وللشعر في الكويت تاريخ عريق سجّلته كتب التاريخ والأدب، حيث برزت أسماء مضيئة فيه حفظوا لنا جوانب مهمة من تاريخ الأجداد عبر قصائدهم الخالدة، ومنهم الشاعر عبد الجليل الطبطبائي، والشاعر عثمان بن سند، والشاعر عبد الله الفرج، والشاعر صقر الشبيب، والشاعر فهد العسكر، والشاعر خالد سليمان العدساني، والشيخ عبد العزيز الرشيد، والشيخ يوسف بن عيسى القناعي، وغيرهم».
ومن هذا المنطلق، يقول الرميضي: «رأى مجلس إدارة رابطة الأدباء الكويتيين أن يكون للشعراء ملتقى خاص يعتني بهم ويحتفي بجديدهم وقديمهم، لذا قرر أن يكون تأسيس بيت الشعر الكويتي من منجزاته الجديدة، وتكليف الزميل الشاعر عبد الله إسماعيل الفيلكاوي برئاسته وإدارته ليكون انطلاقة جديدة في سماء الثقافة الكويتية، ويحظى بيت الشعر الكويتي بدعم واسع من الأدباء والشعراء تحديداً».
احتضان المدارس المختلفة
الشاعر الإماراتي عبد الله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، يحكي عن تجربتهم قائلاً: «افتتح الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إيماناً منه بأهمية الشعر العربي ودوره الفاعل في الحركة الثقافية والإنسانية، بيت الشعر بالشارقة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1997 وسط احتفالية كبيرة حضرها كبار الأدباء والشعراء والنقاد والمثقفين العرب والأجانب، وألقيت في تلك المناسبة الخطب والأشعار والأهازيج التراثية والشعرية، احتفاءً بهذا المنجز الثقافي الذي يضاف إلى سلسلة الإنجازات التي احتضنتها إمارة الشارقة عاصمة العرب الثقافية».
ويقول البريكي إن بيت الشعر عندهم يحتضن كل اتجاهات الشعر وأجناسه الكلاسيكية والحداثية، ويغترف من تجارب كل الشعراء المبدعين بلا استثناء، ويهتم بقضايا الشعر والشعراء، والنهوض بها عبر الإنتاج والتبادل الثقافي العربي الإنساني. ومن أهم أهدافه: تأصيل دور الشعر والشعراء في الحركة الثقافية والمجتمع، وإيصال صوت الشعر إلى قطاعات المجتمع كافة، وتوثيق الحركة الشعرية المحلية والخليجية والعربية، والتفاعل مع الحياة الشعرية وطنياً وعربياً وإنسانياً، وكذلك دعم الشعراء وتشجيعهم مادياً ومعنوياً.



البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
TT

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

أعلنت «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» انتهاء المرحلة الأولى من عملية التحكيم للقائمة الطويلة التي شارك فيها 1967 مشاركاً من 49 دولة حول العالم، وبدء المرحلة الثانية للجائزة لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر (كانون الأول) قبل إعلان الفائزين في فبراير (شباط) المقبل.

وأكد الدكتور سعد البازعي، رئيس الجائزة خلال مؤتمر صحافي عقده الاثنين في الرياض، أن أرقام المشاركات التي تلقتها اللجنة مبشّرة وتعطي سمة عالمية من حيث عدد الدول التي جاءت منها المشاركات، مبيناً أن «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» تربط بين الرواية والسينما، وهو أمر لم نعتد على رؤيته من قبل، على حد تعبيره.

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

وكانت هيئة الترفيه السعودية أطلقت في سبتمبر (أيلول) الماضي «جائزة القلم الذهبي» للأدب الأكثر تأثيراً»، التي تركز على الأعمال الروائية الأكثر قابلية للتّحويل أعمالاً سينمائية، بمجموع جوائز يصل لـ740 ألف دولار، وإنتاجات سينمائية لعدد من الأعمال الفائزة.

وعدّ المستشار تركي آل الشيخ، حينها، الجائزة فرصة لظهور جيل جديد من الكتاب باللغة العربية، والمساهمة في الوصول إلى بنك متكامل من الروايات والمحتوى العربي، الذي يتواكب مع الإنتاجات السعودية والعربية الضّخمة.

وأوضح البازعي في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بأن الجائزة قد تدعم مستقبلاً ترجمة أعمال عربية إلى لغات أخرى، دعماً للأدب العربي، وقال: «إذا كان هناك حضور للأدب العربي عالمياً لا يمكن أن يكون إلا من خلال الترجمة، وتحويله عملاً سينمائياً وترجمته، الأعمال السينمائية والروائية التي حققت قدراً من العالمية كانت مترجمة، نحن في حاجة إلى دعم الأدب العربي بالتأكيد، وأعتقد أن الترجمة مهمة ويُحمَد للجائزة أنها تدعم الترجمة، وربما في المستقبل ندعم ترجمة الأعمال العربية إلى لغات أخرى، هذا قد يكون من التطورات المطلوبة التي أتمنى أن تحصل».

المستشار تركي آل الشيخ يتحدث خلال المؤتمر الصحافي للجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)

انتهاء المرحلة الأولى

استهل الدكتور سعد حديثه بإعطاء لمحة عن مراحل الجائزة الأساسية التي بدأت في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأضاف: «الجائزة أنهت المرحلة الأولى من التحكيم التي انتهت من القائمة الطويلة كما هو معلن، وبدأت المرحلة الثانية والعمل على القائمة الطويلة للخروج بالقائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر، ومن ثم إعلان الفائزين في فبراير المقبل».

انتهت المرحلة الأولى للتحكيم على أن تبدأ مرحلة اختيار القائمة القصيرة قبل إعلان الفائزين فبراير المقبل (جائزة القلم الذهبي)

جائزة متفردة

ذكر رئيس جائزة القلم الذهبي مزايا عدة للجائزة تجعل منها متفردة وتصل للعالمية، من أبرزها التأكيد على الشفافية، وتوخي الحياد في التحكيم، إلى جانب السماح للأفراد بالمشاركة، ودعم العلاقة بين الرواية والسينما.

وفنَّد ذلك بقوله: «الأعمال تُرسَل رقمياً لكل المحكمين ولا يعرفون مَن هو مؤلف العمل، كذلك من المسائل التي اختلفت بها الجائزة عن غيرها أنها تسمح للأفراد بتقديم أعمالهم، والأكثر تفرداً للجائزة أنها تدعم العلاقة بين الرواية والسينما، حيث تكافئ الأعمال الكبرى بأربع جوائز تحولها أفلاماً سينمائية، اثنتان رواية واثنتان سيناريو».

د. سعد البازعي رئيس الجائزة يستعرض تفاصيلها خلال إطلاق الجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)

وعدّ البازعي قيمة الجائزة الكبيرة المقدرة بـ740 ألف دولار بأنه ليس الرقم النهائي، حيث يتطلب تحويل الأعمال الفائزة أفلاماً سينمائية إلى ملايين، وقال: «الهيئة العامة للترفية التزمت بتحويل هذه الأعمال أفلاماً سينمائية، بما في ذلك من تكلفة إضافية ستجعل من الجائزة الأعلى من نوعها بالمطلق». وتابع: «نحن أمام تكريم نوعين بينهما علاقة وثيقة لم نعتد رؤية جائزة تربط بينهما الرواية والسينما، وهذا فيه خدمة كبيرة لصناعة السينما السعودية، التي ظل صناعها يشتكون من قلة النصوص لسنوات طويلة، الآن نتمنى أن تتوفر لأن من شروط قبول الرواية أن تكون صالحة لتحويلها فيلماً».

1969 مشاركة من 49 دولة

الأرقام التي وصلت للجائزة - بحسب الدكتور سعد البازعي - بلغت 1967 مشاركة من 49 دولة، يضيف بقوله: «هذه سمة عالمية للجائزة، نحن أمام جائزة عالمية بمعنى الكلمة، هناك مشاركات من أميركا، أستراليا، الأردن، السعودية وغيرها». تصنيفات الجائزة تشير إلى أن عدد المشاركين الذكور بلغ 69.7 في المائة، في حين حظيت مشاركة الإناث بنحو 30 في المائة، وشاركت 1347 رواية أصلية، 508 روايات مترجمة، إلى جانب 93 عمل سيناريو. وأشار البازعي كذلك إلى أن هنالك جوائز أخرى لم تفز بالجوائز الكبرى، لكنها تفوز بالتصنيف، مثل الكوميديا، الرعب، التشويق، الروايات التاريخية، الرومانسية، الغموض والجريمة، التشويق والإثارة، الفنتازيا، والواقعية.

القائمة الطويلة

أوضح رئيس لجنة القلم الذهبي أن اللجان فرزت نحو 2000 عمل للقائمة الطويلة، حيث تم اختيار 30 رواية، 7 روايات مترجمة، 10 أعمال سيناريو، بالإجمالي 47 عملاً. وأضاف: «معظم النصوص التي أُرسِلت لا علاقة لها بالسرد أو الرواية، وكان على اللجنة الاحتفاظ بالأعمال الجديرة، وأن يكون لها ترقيم دولي، وحقوق نشر، وإذا كانت مترجمة فحقوق ترجمة، كذلك كان على اللجنة مواجهة احتمالات التلاعب، سواء إدخال عمل لا يستحق أو الرقم الدولي غير صحيح، وعملية التأكد هذه أخذت وقتاً وجهداً».

القائمة الطويلة شملت 47 عملاً بين رواية ورواية مترجمة وسيناريو (جائزة القلم الذهبي)

القائمة القصيرة

سيتعين على لجنة التحكيم خلال الفترة المقبلة العمل على تحديد القائمة القصيرة من الأعمال التي تم اختيارها وعدد 47 عملاً، وفقاً للدكتور البازعي، الذي أوضح أن العدد لم يحدد بعد، ويعتمد ذلك على متغيرات كثيرة، منها عدد الأعمال الجيدة التي سيتم اختيارها، على حد تعبيره. وقال: «لو كان عدد الأعمال الجيدة 20 عملاً مثلاً، سنرفع عدد القائمة وتصبح قائمة طويلة، هناك مرونة». وتضم لجنة تحكيم «جائزة القلم الذهبي» روائيين ونقاداً ومخرجين وكتاب سينما، إلى جانب منتجين؛ وهو ما يجعلها قادرة على التعامل مع مختلف الأعمال المشاركة بشكل احترافي وشفاف، وفقاً للدكتور سعد البازعي. وفي رده على سؤال بشأن أبرز التحديات التي واجهت اللجان، أشار البازعي إلى أن ورود أعمال لا علاقة لها بالجائزة، وحدوث ازدواجية بين دور النشر والكتاب عبر إرسال العمل مرتين كانت من أبرز الصعوبات.

جائزة رقمية

وأكد الدكتور سعد البازعي أن «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» تعدّ رقمية وغير ورقية، وهي الفكرة التي ابتكرها المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، وقال: «الأعمال تصل بنسخة (PDF)، وتصنف بأرقام دون ذكر اسم المؤلف ويقرأها أكثر من شخص، وفي النهاية يظهر من حصل على أكبر عدد من الترشيحات».

لأول مرة تتيح «جائزة القلم الذهبي» مشاركة الأفراد بأعمال أدبية (جائزة القلم الذهبي)

دعم صناعة السينما السعودية

ومن المتوقع أن يكون لـ«جائزة القلم الذهبي» تأثير إيجابي على المشهد الثقافي السعودي، لا سيما صناعة السينما، وفقاً للبازعي الذي أردف بقوله: «هذه الجائزة سيكون لها تأثير نوعي؛ لأنها تدعم الأدب الروائي، والأدب السينمائي، تدعم صناعة السينما، تأثيرها سيكون كبيراً، إذا أنتجت محلياً 4 أفلام رئيسة من روايات عربية معروفة هذا إنجاز كبير، الجوائز بصفة عامة تشجع الإنتاج وتحفّز الآخرين عليه».

وفي الختام، كشف الدكتور سعد، عن أن هنالك جائزةً ستكون مخصصة للجمهور ضمن القائمة الطويلة، حيث سيُفتح المجال للجمهور للتصويت، مشيراً إلى أن ذلك «فرصة للجمهور لكي يقول رأيه وجائزة مرصودة لعمل يفوز نتيجة التصويت الجمهور».

اقرأ أيضاً