قمة «مصرية ـ إثيوبية ـ سودانية» اليوم تبحث تعثر مفاوضات «سد النهضة»

عودة قريبة لسفير السودان في القاهرة بعد «تفاهمات» بين السيسي والبشير

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه  نظيره السوداني عمر البشير على هامش فعاليات اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أول من أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره السوداني عمر البشير على هامش فعاليات اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

قمة «مصرية ـ إثيوبية ـ سودانية» اليوم تبحث تعثر مفاوضات «سد النهضة»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه  نظيره السوداني عمر البشير على هامش فعاليات اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أول من أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره السوداني عمر البشير على هامش فعاليات اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أول من أمس («الشرق الأوسط»)

توقع السفير السوداني عبد المحمود عبد الحليم، عودته قريباً لممارسة عمله مرة أخرى في القاهرة، بعد نحو ثلاثة أسابيع من استدعاه للتشاور، دون أن يحدد موعداً لذلك. قائلاً أمس: «عقب انتهاء قمة الاتحاد الأفريقي (الجارية في إثيوبيا) سيتم تحديد موعد العودة»، في إشارة إلى تحسن للعلاقات بين البلدين.
وشهدت الآونة الأخيرة توتراً غير مسبوق بين مصر والسودان، كان محوره الخلافات فيه مثلث «حلايب وشلاتين وأبو رماد» الحدودي، والموقف من سد «النهضة» الإثيوبي، إضافة إلى اتهامات سودانية للقاهرة بدعم متمردين مناهضين لنظام الرئيس عمر البشير، وهو ما نفته مصر جملة وتفصيلاً.
وبلغ التوتر ذروته مع قرار السودان استدعاء سفيرها في القاهرة للتشاور، في قرار واجهته القاهرة، بهدوء وحذر شديد، على المستوى الرسمي، متهمة دولاً إقليمية بالسعي إلى توتير العلاقات بين البلدين.
وعلى هامش فعاليات اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أول من أمس السبت، نظيره السوداني عمر البشير، في أول لقاء منذ استدعاء السفير عبد الحليم، في 4 يناير (كانون الثاني) الجاري. وقال الزعيمان إنهما اتفقا على تشكيل لجنة وزارية للتعامل مع كل القضايا الثنائية، وتجاوز جميع العقبات التي قد تواجهها.
ووصف السفير عبد الحليم القمة المصرية السودانية بأنها كانت «إيجابية ومهمة للغاية»، مشيراً في تصريح له أمس بمقر الاتحاد الأفريقي، نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط: «لمسنا روحا شفافة بين الرئيسين السيسي والبشير ستنقل هذه الروح إلى العلاقات بين الأجهزة في البلدين للانطلاق إلى مرحلة جديدة قائمة على المصالح المشتركة وليس على العاطفة»، وأشار إلى أنه تم خلال القمة بحث الوضع الحالي للعلاقات الثنائية، وضرورة إزالة ما مر عليها مؤخراً، وكذا بحث كل القضايا التي طرحها الرئيس البشير.
وأضاف السفير السوداني أن الرئيسين اتفقا على تأسيس مرحلة جديدة من علاقات البلدين الشقيقين تتأسس على الشفافية والاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، وتابع قائلا: «تم الاتفاق بين الرئيسين على تشكيل لجنة تضم وزيري الخارجية ورئيسي المخابرات والأمن القومي في البلدين لوضع خريطة طريق تحدد كيفية معالجة هذه الشواغل والقضايا العالقة»، وأوضح أن هذه اللجنة ستجتمع قريباً لوضع خريطة الطريق المتوافق عليها حيز التنفيذ.
وحول التراشق الإعلامي الذي تم في البلدين خلال المرحلة الأخيرة، أعرب السفير السوداني عن أمله في أن يلتزم الإعلام في البلدين بالمهنية والاحترام، مضيفاً: «نأمل في أن يلتزم الإعلام في البلدين بعدم خلق أجواء سالبة، تسببت في أضرار كثيرة في علاقات البلدين».
وقال: «هناك مسؤولية مشتركة للإعلام المصري والسوداني في أن يكون منصة انطلاق للعلاقات وفاعلا رئيسيا في البناء لا الهدم، ونأمل أن تكون هذه الصفحة قد طويت بعد لقاء الرئيسين وتوجيهاتهما».
وحول موعد عودته لممارسة عملة مرة أخرى في القاهرة، قال: «لم يتم تحديد الموعد بصورة نهائية»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر تم بحثه على مستوى وزيري خارجية البلدين وعلى المستوى الرئاسي، وأنه بعد عودته إلى الخرطوم عقب انتهاء قمة الاتحاد الأفريقي سيتم تحديد موعد العودة».
وكان المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، قد أعلن أن وزيري خارجية البلدين اتفقا خلال لقائمها في أديس أبابا على ضرورة الحفاظ على العلاقات الثنائية بين البلدين، وعدم الانسياق خلف أي شائعات أو معلومات مغلوطة قد تسيء إلى تلك العلاقات، كما أكدا على المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق وسائل الإعلام في البلدين، وضرورة تجنبها لأي مظاهر للإساءة، مؤكدين على الاحترام الكامل للقيادة السياسية في البلدين.
في السياق ذاته، يعقد قادة مصر وإثيوبيا والسودان اجتماعا مرتقبا في أديس أبابا اليوم (الاثنين)، في محاولة لكسر جمود المفاوضات الفنية بشأن سد تبنيه إثيوبيا على نهر النيل لتوليد الكهرباء، وتقول مصر إنه يهدد حصتها من مياه النهر.
وتوقعت مصادر دبلوماسية، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أن «تحفظ إثيوبيا على تدخل البنك الدولي في المفاوضات، ليس نهاية المطاف، خصوصا أن ثمة أفكارا أخرى يمكن أن تحقق اختراقا في الملف إذا أخلصت النوايا».
وقال دبلوماسي يشارك في قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حيث وصل القادة الثلاثة، لـ«رويترز»: «الهدف هو الاتفاق على استئناف المشاورات». وطلب الدبلوماسي عدم نشر اسمه. وأكد مصدر بالحكومة المصرية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيشارك في الاجتماع، وقال إنه مدد إقامته لهذا الغرض.
وقال الدبلوماسي إن السيسي سيلتقي بالرئيس السوداني عمر حسن البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين. وكانت المباحثات وصلت إلى طريق مسدود منذ أشهر حول إجراء دراسة لمعرفة الأثر البيئي للسد.
ومن المسائل التي تختلف عليها إثيوبيا ومصر المدة التي سيتم خلالها ملء خزان السد. وسيولد السد، الذي تم بناء نحو 60 في المائة منه حتى الآن، 6000 ميغاواط عند اكتماله وهو محور خطة طموحة لتصدير الكهرباء.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.